محمد بن أبي الحسن البكري
شمس الدين محمد بن أبي الحسن البَكْري (930 - 994 هـ = 1524 - 1586 م)[4] هو محدّث ومفسر وشاعر وفقيه شافعي أشعري صوفي،[1][5] لُقب بشيخ الإسلام في بلاد الحرمين ومصر والشام،[2][6][7] وهو صاحب الحزب الصوفي المعروف بـ«حزب البكري»،[8][9][10][11] والصلاة الصوفية المعروفة بـ«صلاة الفاتح».[3][12] اسمه ونسبههو: محمد بن أبي الحسن محمد بن محمد بن عبد الرحمن البَكْري الصدّيقي، أبو المكارم شمس الدين، ينتهي نسبه إلى أبي بكر الصديق.[8] قال مترجموه: هو المنعوت بأبيض الوجه، وحيثما أطلق في كتب التواريخ أو المناقب أو الطبقات اسم القطب البكري أو البكري الكبير أو سيدي محمد البكري فهو المعني.[2][13][14][15] قال مفتخراً بنسبه:[10] إذا افتخرت أبناء قوم أكارم وعزت وقد هزت متون الصوارم فلي بينهم فخر الأثير على الثرى وصديقه رب الندى والمكارم أما جدتي بنت البتول وجدتي لأمي من مخزوم هل من مساهم قال عبد الوهاب الشعراني: «فهو بكري بيقين، وأبو بكر لا يفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما لا يفارق الظل الشاخص، ومن كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم من منزلة لا تحصى مناقبه. ومما يدل على صحة نسبه إلى الإمام أبي بكر الصديق رضي الله عنه ما رأيته بمكة المشرفة، وذلك أن بعض الحسدة ذكر سيدي محمداً بغيبة، فزجرته عن ذلك فلم ينزجر، ثم رأيت الإمام أبا بكر الصديق رضي الله عنه وهو يقول: جزاك الله خيراً عن ولدي محمد، فعلمت صحة نسبه بذلك. وكذلك وقع أن شخصاً ذكرني بسوء بحضرة الشيخ أبي الحسن رضي الله عنه وهو ساكت، فبلغني ذلك فعتبت عليه في نفسي، فرأيت الإمام أبا بكر رضي الله عنه في المنام وهو يقول لي: استغفر الله عن ولدي أبي الحسن، فرضي الله تعالى عنه وعن والده آمين».[16][17][18] مولده ونشأته العلميةوُلِد ليلة الأربعاء الثالث عشر من ذي الحجة سنة 930 هـ، ونشأ وترعرع وسط عائلة علمية مرموقة؛ حيث كان والده أبو الحسن البَكْري من العلماء البارزين. وحفظ القرآن الكريم وهو ابن سبع سنين، وحفظ ألفية ابن مالك وعرضها على كبار علماء وشيوخ عصره، مثل: إسماعيل القيرواني الشافعي، ومحمد الخطاب الكبير المالكي، ومفتي الديار الحلبية ابن بلاد الحنفي. وأتم حفظ مؤلفات أبي إسحاق الشيرازي في الفقه الشافعي قبل تمام الثالثة عشرة من عمره، وعرضه على أعيان علماء مصر، مثل: شيخ الإسلام أبو العباس الرملي الشافعي، والعلامة اللقاني المالكي، وقاضي القضاة أبو الحسن علي الطرابلسي الحنبلي.[10] قال الشعراني في (الطبقات الصغرى): «ونشأ رضي الله عنه كنشأة والده على التقوى والورع والزهد وعزة النفس حتى أتته الدنيا وهي راغمة».[18] شيوخهأخذ علوم الشرع والتصوف عن أبيه شيخ الإسلام أبي الحسن البَكْري، وتفقه على جماعة منهم الشهاب عميرة البرلسي.[2][6] تلاميذهمن تلاميذه:[9]
وقد عدّه الملا علي القاري شيخاً له في كتاب (شم العوارض)، فقال: «وقال سبحانه: {وَلاَ تَسُبُّواْ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ فَيَسُبُّواْ ٱللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ}، واستدل بهذه الآية شيخنا المبرور المغفور محمد بن أبي الحسن البكري...».[1][8] دروسه ومجالسهجلس في التدريس بالجامع الأزهر، والمسجد الأقصى، والمسجد النبوي، والمسجد الحرام.[10] قال عنه الشعراني في (الطبقات الصغرى): «درس وأفتى في علم الظاهر والباطن، وأجمع أهل الأمصار على جلالته».[18] وجاء في ترجمته في كتاب «شذرات الذهب» لابن العماد الحنبلي: «وكان من آيات الله في الدرس والإملاء، يتكلم بما يحيّر العقول ويذهل الأفكار، بحيث لا يرتاب سامعه في أن ما يتكلم به ليس من جنس ما ينال بالكسب، وربما كان يتكلّم بكلام لا يفهمه أحد من أهل مجلسه، مع كون كثير منهم أو أكثرهم على الغاية من التمكن في سائر مراتب العلوم، وكان إليه النهاية في العلم، حتّى كان بعض الأجلاء ممن يحضر دروسه يقول: لولا أن باب النّبوة سدّ لاستدلّينا بما نسمعه منه على نبوته. وأما مجالسه في التفسير وما يقرّره فيها من المعاني الدقيقة والأبحاث الغامضة، مع استيعاب أقوال الأئمة، وذكر المناسبات بين السّور والآيات، وبين أسماء الذّات المقدس والصّفات، وما قاله أئمة الطريق في كل آية من علوم الإشارة، فمما يحيّر العقول ويدهش الخواطر، وجميع ما يلقيه بألفاظ مسجعة معربة موضوع كل لفظ في محلّه الذي لا أولى به. ولم يحفظ أحد له هفوة في لفظ من ألفاظه من جهة إعراب أو تصريف، أو تقديم، أو تأخير، أو غير ذلك من هفوات الألسن. وما من درس من دروسه إلّا وهو مفتتح بخطبة مشتملة على الإشارة إلى كل ما اشتمل عليه ذلك الدرس على طريق براعة الاستهلال، وهكذا كانت مجالسه في الفقه والحديث، وكل علم يتصدى لتقريره».[19] مؤلفاته
وكَتب أيضاً على أوائل «مَنْهَج الطلاب» لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري، وله رسائل في أنواع من العلوم والمعارف والآداب، كرسالته في الاسم الأعظم، ورسالته في الصلاة على النبي ﷺ ورسالته في السّماع، وله ديوان شعر كبير، وغير ذلك.[19] شِعرهله ديوان شعر كبير منه قوله:[19] ما أريض مُفتّح الأزهار وبَهيج مشعشع الأنوار ولآلٍ منظّمات عقوداً لغوانٍ عرائسٍ أبكار وشموس تضيء في أفق السّعْـ ـدِ زَهَا ضوؤها على الأقمار وغصون بأَيكِها تسجع الور ق فتُنْسي ترنّم الأوتار مثل قول الإله في حقّ جدّي (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما في الْغارِ) ومنه قصيدته الطويلة التي مطلعها:[19][24] ما أرسل الرّحمن أو يرسل من رحمة تصعد أو تنزل في ملكوت الله أو ملكه من كلّ ما يختصّ أو يشمل إلّا وطه المصطفى عبده نبيّه مختاره المرسل واسطة فيها وأصل لها يفهم هذا كلّ من يعقل ومنه:[19] إذا خطب ذنب علينا دجا أنرنا دجاه بنور الرّجا فكم شدّة من ذنوب عظام لها الله بالعفو قد فرّجا وكم ضقت ذرعا بجرمي فما وجدت سوى العفو لي مخرجا فلله فالجأ ولا تيأسن فما خاب عبد إليه التجا ومنه:[19] انظر إلى الماء الذي بيد النّسيم تجعّدا قد شبّهوه بمِبْرَدٍ فلأجل ذا يبري الصّدا ومن شِعره كذلك:[10] إلهي مهما أردت الحنو وجدتك أشفق مني علي ومهما أردت إليك المسير وجدتك أقرب مني إلي ومهما رجوتك في حاجة وجدت الذي ارتجيته لدي وأيضاً قوله:[10] إذا ضاق أمر فلا تيأسن وكن راجياً فضل رب مجيب فكم شدة وأتى بعدها من الله نصر وفتح قريب كراماتهقال يوسف النبهاني في (جامع كرامات الأولياء): «وقال الشيخ إبراهيم العبيدي في كتابه "عمدة التحقيق في بشائر آل الصديق": قال الشيخ أبو السرور البكري في كتابه "الكوكب الدري في مناقب الأستاذ محمد البكري": ومن كراماته رضي الله عنه ما ذكر عنه أنه حج وزار قبر النبي ﷺ، فلما جلس بين الروضة والمنبر خاطبه النبي ﷺ شفاهاً، وقال له: بارك الله فيك وفي ذريتك،[25][ملحوظة 1] ثم قال: لا يخفاك أن عمود بيتهم وبيت قصيدهم وقطب دائرتهم على الشمول والاستغراق الأستاذ محمد أبو المكارم البكري، فإن الأستاذ سيدي عبد الوهاب الشعراني ترجم عن كل من أكابر الأولياء إلا سيدي محمد البكري، فإنه اعترف بالعجز عن ترجمته، وقال عنه: هذا لا يظهر أمره إلا في الآخرة: قال صاحب "عمدة التحقيق" فلذلك أحببت أن أذكر شيئاً من تراجمه تبركاً به رضي الله عنه».[26] مكانته وأقوال العلماء فيه
وفاتهتوفى بالقاهرة ليلة الجمعة الرابع والعشرين من شهر صفر سنة 994 هـ، وقيل بل توفي في ربيع الثاني سنة 993 هـ،[1] والأولى أصح.[10] وذكره صديق حسن خان القِنَّوجي في كتابه (أبجد العلوم) في أثناء ترجمة والده أبو الحسن البكري وقال أنه توفي في سنة 991 هـ.[29] وقيل في تاريخ وفاته:[19] قال أحمد فريد المزيدي: «وزيارته حقاً مباركة يحصل به الأنوار وتمنح فيها الأسرار، فضريحه الشريف ملاصق لمسجد الإمام الشافعي، ضمن مدفن السادة البكرية، فالسعيد من وفق لزيارته، واستغاث به منادياً:»[2][3] يا أبيض الوجه مدداً مدداً يا أبيض الوجه ملاحظات
انظر أيضاً
مصادر
مراجع
وصلات خارجية |
Portal di Ensiklopedia Dunia