هو الحديث الذي يَروي الكلام المنسوب قوله إلى النبي ﷺ
مثله:
عن أنس بن مالك أن رسول الله ﷺ قال: «لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام»[5]
الحديث المرفوع الفعلي
هو الحديث الذي يَروي الأفعال المنسوبة إلى النبي ﷺ وسلوكياته، أو يَروي أحد أحواله
مثله:
عن عائشة: «أن النبي ﷺ كان إذا دخل بيته بدأ بالسواك»[6]
ومثله:
عن عائشة قالت: «كان النبي ﷺ إذا صلى ركعتي الفجر اضطجع على شقه الأيمن»[7]
الحديث المرفوع التقريري
التقرير هو إقرار النبي ﷺ بالموافقة على قول أو فعل صدر من غيره، كأن يفعل الصحابي شيئا أمام النبي ﷺ، فيسكت النبي ﷺ عنه، أو يضحك، أو يقول «صدق فلان».
مثله:
عن جابر قال: لما رَجَعَت إلى رسول الله ﷺ مهاجرة البحر، قال: «ألا تحدثوني بأعاجيب ما رأيتم بأرض الحبشة؟» قال فتية منهم: بلى يا رسول الله، بينا(1) نحن جلوس مرت بنا عجوز من عجائز رهابينهم، تحمل على رأسها قلة من ماء، فمرت بفتى منهم، فجعل إحدى يديه بين كتفيها، ثم دفعها فخرت على ركبتيها، فانكسرت قلتها، فلما ارتفعت التفتت إليه، فقالت: سوف تعلم يا غدر إذا وضع الله الكرسي، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل، بما كانوا يكسبون، فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غدا، قال: يقول رسول الله ﷺ: «صدقت، صدقت، كيف يقدس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم؟»[8]
ومثله:
عن عمرو بن العاص: احتلمت في ليلة باردة في غزوة ذات السلاسل فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، فتيممت، ثم صليت بأصحابي الصبح فذكروا ذلك للنبي ﷺ فقال: «يا عمرو صليت بأصحابك وأنت جنب؟» فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت الله يقول: «ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما»، فضحك رسول الله ﷺ ولم يقل شيئا[9]
الحديث المرفوع الوصفي
هو الحديث الذي يصف خُلُق النبي ﷺ أو شكله الخلْقي
وصف خُلُق النبي ﷺ
مثله:
عن أبي سعيد الخدري قال: «كان النبي ﷺ أشد حياء من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئا يكرهه عرفناه في وجهه»[10]
ومثله:
عن أبي هريرة قال: «ما عاب النبي ﷺ طعاما قط إن اشتهاه أكله وإلا تركه»[11]
ومثله:
عن جابر بن سمرة قال: «كان ﷺ طويل الصمت، قليل الضحك، وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وأشياء من أمورهم، فيضحكون، وربما تبسم»[12]
وصف شكل النبي ﷺ
مثله:
سُئل البراء أكان وجه النبي ﷺ مثل السيف؟ قال: لا، بل مثل القمر[13]
كل خبر من الصحابي فيه قرينة دلت على تلقيه من النبي
يُعد من الحديث المرفوع حكما كل ما أَخبَر به أحد الصحابة ووُجد فيه قرينة تدل على تلقيه هذا الخبر من النبي ﷺ، كأن يكون الخبر لا يُمكن معرفته إلا بالوحي، أو خبر لا يُعرف بالاجتهاد والرأي، وأن لا يكون من الإسرائيليات فيما يختص بأخبار أهل الكتاب، لأن بعض الصحابة قد عُرف بالتحديث عن أهل الكتاب منهم عبد الله بن عمرو بن العاص الذي كان قد حصل في معركة اليرموك على كتب كثيرة من أهل الكتاب، فكان يُحدث بما فيها، وأبو هريرة، وغيرهم من الصحابة الذين نزلوا بالشام، وقد يصعب أحيانا التثبت إن كان الصحابي روى الخبر عن أهل الكتاب، أو رواه عن رسول الله ﷺ، وهو ما يستلزم التحري في سياق الخبر عن قرينة تدل على ضعف احتمال أن يكون الخبر مروي عن أهل الكتاب.[16]
فأبو سعيد ليس معروفا بالتحديث بالإسرائيليات، وخبره متعلق بسورة من القرآن الذي لم يكن موجودا قبل النبي ﷺ، وذكر فيه البيت العتيق وليس لأهل الكتاب شأن في هذا.
ومثله:
عن حذيفة قال: «يا معشر القراء استقيموا، فقد سبقتم سبقا بعيدا، فإن أخذتم يمينا وشمالا، لقد ضللتم ضلالا بعيدا»[18]
فقوله هذا لا يُعلم إلا بالوحي.
ومثله:
عن سليم بن أسود بن حنظلة قال: سمعت أبا هريرة ورأى رجلا يجتاز المسجد خارجا بعد الأذان فقال: «أما هذا فقد عصى أبا القاسم ﷺ»[19]
فحُكْم الصحابي على شيء بأنه معصية بالجزم والتأكيد لا يمكن إلا إن كان أخذه عن النبي ﷺ.
ومما يجب أن يُحتاط فيه من هذه الصورة ما يقوله الصحابي من إثبات تحليل أو تحريم، فإن الصحابة كانوا يفتون الناس في الحلال والحرام، وكما وسع من بعدهم من العلماء أن يحلوا ويحرموا باجتهادهم فيما لا نص فيه، فعلماء الصحابة هم سادة المجتهدين لهذه الأمة، وقد سبقوا إلى أن قالوا باجتهادهم فأحلوا وحرموا، واختلفوا في المسائل بسبب ذلك.[16]
ألفاظ الصحابة التي تفيد علم النبي بما يفعلونه
كذلك من الحديث المرفوع حكما كل حديث ورد به ألفاظ مثل «أُمِرنا بكذا» و«نُهِينا عن كذا» و«كنا على عهد رسول الله ﷺ نفعل كذا» و«كنا نقول كذا ورسول الله ﷺ فينا» و«من السنة كذا» وغيرها من الألفاظ التي تفيد علم النبي ﷺ بفعل الصحابة، وذلك بناء على أن حكايه الصحابي إنما هي على سبيل بيان شرائع الدين، والتبليغ عن النبي ﷺ.[16]
مثله:
عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص قال: صليت إلى جنب أبي فطبقت بين كفي، ثم وضعتهما بين فخذي، فنهاني أبي وقال: «كنا نفعله فنُهينا عنه، وأُمرنا أن نضع أيدينا على الركب»[20]
ومثله:
عن أم عطية الأنصارية قالت: «أُمرنا أن نخرج، فنُخرِج الحيض، والعواتق، وذوات الخدور»[21]
ومثله:
عن أم عطية الأنصارية قالت: «نُهينا عن اتباع الجنائز، ولم يعزم علينا»[22]
أما إذا حكى الصحابي أمرا شائعا ونسبه إلى عامة الصحابة، كأن يقول: «كانوا يفعلون كذا» ولم يذكر فيه اطلاع النبي ﷺ أو إقراره لفعلهم، أو ما يدل على إرادة زمانه فهو موقوف.[27]
مثل أفعال الصحابة التي لم يطلع عليها النبي:
عن عمرو بن سلمة قال:... وبدر أبي قومي بإسلامهم، فلما قدم قال: جئتكم والله من عند النبي ﷺ حقا، فقال: صلوا صلاة كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكثركم قرآنا. فنظروا فلم يكن أحد أكثر قرآنا مني، لما كنت أتلقى من الركبان، فقدموني بين أيديهم، وأنا ابن ست أو سبع سنين، وكانت علي بردة، كنت إذا سجدت تقلصت عني، فقالت امرأة من الحي: ألا تغطوا عنا است قارئكم؟ فاشتروا فقطعوا لي قميصا، فما فرحت بشيء فرحي بذلك القميص[28]
فهذا حاصل في زمن النبي ﷺ لكن لم يُذكر فيه أن النبي ﷺ اطلع على ذلك أو أقره، وقد استدل بهذا الحديث طائفة من أهل العلم على صحة إمامة الصبي.[16]
مثل أفعال الصحابة في غير زمان النبي:
عن أبي سعيد الخدري قال: كان أصحاب رسول الله ﷺ إذا قعدوا يتحدثون كان حديثهم الفقه إلا أن يأمروا رجلا فيقرأ عليهم سورة أو يقرأ رجل سورة من القرآن[29]
ألفاظ الصحابة التي تفيد رفع الحديث إلى النبي
استخدام ألفاظ تفيد تلقي الحديث من النبي مثل «يرفعه» و«يبلغ به» و«ينميه» و«رِواية» و«مرفوعا» وما في معناه، دون ذكر النبي ﷺ
مثله:
عن محمد بن سعد عن أبيه ويرفع الحديث: «لا يحل لأحد أن يهجر أخاه فوق ثلاث»[30]
ومثله:
عن أبي هريرة رواية: «الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان، والاستحداد، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار، وقص الشارب»[31]