الأول (أسماء الله الحسنى)
الأول هو من أسماء الله الحسنى، ومعناه: الذي لم يسبقه شيء[1]، فلا شيء قبله، فعن عمران بن الحصين أن النبي قَال: «كَانَ اللهُ وَلمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلهُ ، وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاءِ ، ثُمَّ خَلقَ السَّمَأوَاتِ وَالأرْض ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُل شَيْءٍ»[2]وهذا الترتيب لوجود المخلوقات في متوالية مستمرة غير متناهية من الأزل والأبد يسمى في باب العقيدة بالتسلسل ومعتقد السلف وأهل السنة والجماعة أن التسلسل في الأزل جائز ممكن ولا يلزم من ذلك أن الخلق يشارك الله في الأزلية والأولية[3] في القرآن الكريمسمى الله نفسه الأول على سبيل الإطلاق مرادًا به العلمية ودالًا على كمال الوصفية في نص واحد من النصوص القرآنية، قال تعالى: ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣﴾ سورة الحديد:3 في السنة النبويةكان التابعيُّ سهيلُ بن أبي صالحٍ يقول:[4] الأقوال في معناه
معنى اسم الله الأولفي اللغة الأول على وزن أفعل، تأسيس فعله من همزة وواو ولام، آل يؤول أوْلا وقد قيل من واوين ولام، والأول أفصح وهو في اللغة صفة مشبهة للموصوف بالأولية وهو الذي يترتب عليه غيره، والأولية أيضا الرجوع إلى أول الشيء ومبدؤه أو مصدره وأصله، ويستعمل الأول للمتقدم بالزمان كقولك عبد الملك أولا ثم المنصور، والمتقدم بالرياسة في الشيء وكون غيره محتذيا به نحو الأمير أولا ثم الوزير والمتقدم بالنظام الصناعي نحو أن يقال: الأساس أولا ثم البناء .[11] والأول سبحانه هو الذي لم يسبقه في الوجود شيء، وهو الذي علا بذاته وشأنه فوق كل شيء، وهو الذي لا يحتاج إلى غيره في شيء، وهو المستغني بنفسه عن كل شيء،[12] فالأول اسم دل على وصف الأولية، وأولية الله تقدمه على كل من سواه في الزمان، فهي بمعنى القَبلية خلاف البعدية، أو التقدم خلاف التأخر، وهذه أولية زمانية، ومن الأولية أيضا تقدمه سبحانه على غيره تقدما مطلقا في كل وصف كمال وهذا معنى الكمال في الذات والصفات في مقابل العجز والقصور لغيره من المخلوقات فلا يدانيه ولا يساويه أحد من خلقه لأنه سبحانه منفرد بذاته ووصفه وفعله، فالأول هو المتصف بالأولية، والأولية وصف لله وليست لأحد سواه[13] التعبد باسم الله الأوليذكر ابن القيم أن التعبد لله باسمه الأول له رتبتان: الرتبة الأولى: أن تشهد الأولية منه - سبحانه وتعالى - في كل شيء والرتبة الأخرى: أن يعامل كل اسم بمقتضاه، فيعامل سبقه تعالى بأوليته لكل شيء وسبقه بفضله وإحسانه الأسباب كلها بما يقتضيه ذلك من أفراده، وعدم الالتفات إلى غيره، أو الوثوق بسواه أو التوكل عليه وفي قول الله تعالى ﴿هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣﴾ [الحديد:3] ذكر ابن القيم رحمه الله أن معرفة الأسماء الأربعة التي تقدمت وهي الأول والآخر والظاهر والباطن هي أركان العلم والمعرفة، فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث ينتهي به قواه وفهمه، فالعبد له أول وآخر وظاهر وباطن، بل كل شيء له أول وآخر وظاهر وباطن، حتى الخطرة واللحظة والنفس وأدنى من ذلك وأكثر، فأولية الله عز وجل سابقة على أولية كل ما سواه، وآخريته ثابتة بعد آخرية كل ما سواه، فأوليته سبقه لكل شيء، وآخريته بقاؤه بعد كل شيء.[14] ويظهر أثر التعبد لله بإسمه الأول في سلوكية العبد من خلال طلب الأسبقية في التزام الأمر، ومحبة الأولية في طلب الخير والحرص على المزيد من الأجر من سلوكه هذا ليكون كما وصف الله عباده الموحدين في قوله: ﴿أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ٦١﴾ المؤمنون:61 كذلك يكون توحيد العبد لله في اسمه الأول يظهر عند مداومته على الصلاة في أول الوقت، عملا بقول النبي محمد ﷺ: «الصَّلاَةُ لوَقْتِهَا»،[15] وكذلك حرصه على الصف الأول ومسابقة الآخرين إليه روي عن أَبِي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: في صحيح البخاري[16]: وممن عُبِّدَ لله بإضافته لهذا الاسم الإمام أبو الوقت عبد الأول بن عيسى، قال محمد بن طاهر القيسراني في وفيات سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة: «وفيها مات مسند زمانه الإمام أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي ببغداد عن خمس وتسعين سنة»[17] وصلات خارجيةمصادر
|
Portal di Ensiklopedia Dunia