مجزرة مخيم النصيرات (8 يونيو 2024)
مجزرة النصيرات هي مجزرة ارتكبتها إسرائيل عبر سلاحها الجوي بالدرجة الأولى وبالشراكة مع سلاح المدفعيّة والسلاح البحري يوم 8 حزيران/يونيو 2024 وراحَ ضحّيتها 274 فلسطينيًا أغلبهم من المدنيين.[3] أعلن الجيش الإسرائيلي عن تحرير 4 من الأسرى الإسرائيليين ومقتل أحد ضباطه، وأعلنت حركة حماس مقتل 3 آخرين من الأسرى بينهم أمريكي أثناء الهجوم.[4] خلفيةشنََّت حركة حماس وباقي فصائل المقاومة في قطاع غزة عملية عسكريَة مفاجئة على إسرائيل صبيحة السابع من أكتوبر 2023 سمَّتها عملية طوفان الأقصى. نجحت فصائل المقاومة خلال هذه العمليّة في اقتحامِ عشرات المواقع العسكريّة الإسرائيلية وقتلت مئات الجنود والمستوطنين فضلًا عن أسر عشراتٍ آخرين. ونجحت الفصائل خلال هجومها في الوصولِ لعددٍ من المستوطَنات الإسرائيليّة وخاضت اشتباكات عنيفة مع الجيش الإسرائيلي داخلها وداخل مناطق عسكريّة أخرى تُحيط بكامل قطاع غزّة من كل الجوانب.[5] نتيجةً لكلّ هذا فقد قامت حربٌ شاملةٌ بين فلسطين ممثلة في فصائلِ المقاومة المتواجدة في غزّة وبين إسرائيل ممثلة في مختلف وحداتها العسكريّة. وشهدت الحرب الكثير من المعارك المتفرقة واجتياجًا كاملًا للقطاع من قِبل إسرائيل كما ارتُكبت خلالها الكثير من الفظائع والجرائم والمجازر فضلًا عن التضليل الإعلامي الذي مارسته عشرات وسائل الإعلام الغربيّة تجاه فلسطين وفصائلها المقاوِمة.[6] ووقعت هذه المجزرة في مخيم النصيرات للاجئين وهو مخيمٌ يقع في وسط قطاع غزة. وتعرَّض المخيم خلال هذه الحرب للقصفِ الإسرائيلي بشكل متكرر آخرها قبل أيامٍ قليلة من المجزرة حينما قتلت إسرائيل في مجزرة أخرى 33 فلسطينيًا على الأقل وجرحت عشرات آخرين لمَّا قصفت مدرسةً تتبعُ لوكالة الأونروا داخل المخيّم في جريمة حربٍ مكتملة الأركان رغم محاولات المخابرات الإسرائيليّة التستر عنها ونشر معطيات ومعلومات مغلوطة وغير دقيقة.[7][8] المجزرةالتمهيدبدأ الجيش الإسرائيلي قُبيل انتصاف النهار سلسلة غارات جويّة تركَّزت حول المنطقة المحيطة بمستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، وهي المنطقة التي كانت تعجُّ بعشرات الفلسطينيين من النازحين والمتسوّقين وغيرهم ما تسبَّبَ في وقوعِ عشرات الإصابات مع سقوطٍ لقتلى لم يُعرَف عددهم ولا هويّات الكثير منهم بسببِ شدّة القصف وفشل المشفى في التعامل معهم.[9] صعَّدت إسرائيل من نطاقِ استهدافها فكثَّفت القصف الجوي على عشرات المنازل والمناطق في كامل المنطقى الوُسطى. لم يقتصر هذا القصف على المقاتلات الحربيّة بل شاركَت زوارق حربية قصفت من بحر غزة.[10] القصف العنيفعلى مدارِ عشرات الدقائق استمرَّ الجيش الإسرائيلي في دكّ المنطقة الوسطى من قطاع غزة بعددٍ من الصواريخ وأظهرت مقاطع فيديو صوّرها فلسطينيون الصواريخ وهي تسقطُ على منازل الساكنين فيما استهدفت صواريخ أخرى سوقًا في المنطقة كان مكتظًا بالمدنيين وهو ما تسبَّب في حصولِ المجزرة.[11] بدأ من نجوا من هولِ المجزرة في محاولة إسعاف من يُمكن إسعافهم ونقل الجرحى وحتى القتلى صوبَ مستشفى شهداء الأقصى الذي يُعاني منذ أسابيع إن لم يكن أشهرًا من قلّة الموارد بسببِ الحصار الإسرائيلي المطبق فضلًا عن محاولته استيعاب عددٍ من الجرحى والذي يفوق قدرته بكثير، ثم تعقد الأمر أكثر في ظلِّ العدد الهائل من المصابين الذي وصل إثر المجزرة الإسرائيليّة وسط القطاع. نشر الجيش الإسرائيلي قُبيل الواحدة مساءً بقليل (توقيت فلسطين) بيانًا قالَ فيه إنّ قواته تقصفُ بنى تحتية في منطقة النصيرات وسط القطاع دون مزيدٍ من التوضيح.[12][13] تحرير أسرىبُعيد الواحدة والنصف مساءً بقليل نشر الجيش الإسرائيلي بيانًا جديدًا قال فيه إنّه نجحَ في «تحرير 4 مختطفين إسرائيليين من قلب النصيرات مُعلنًا عن هويّاتهم (3 رجال وامرأة واحدة) وهم: ألموغ مئير جان (22 عامًا) وأندريه كوزلوف (27 عامًا) وشلومي زيف (41 عامًا) ونوعا أرغاماني (26 عامًا) وهي مستوطِنة إسرائيليّة أُسرت من مهرجان رعيم الموسيقى. وحظيت نوعًا ما بشهرة كونها ظهرت في مقطع فيديو يوم السابع من أكتوبر 2023 أثناء أسرها حيث صُوّرت على دراجة نارية رفقة مقاومين من غزّة.[14] وكان لافتًا صحّة الأسرى الأربعة الذين بدوا في صحّة جيدة وهو ما أكده الجيش الإسرائيلي مُضيفًا أنهم نُقلوا للفحص الطبي في مستشفى تل هاشومير.[15][16] من جهته قالَ وزير الدفاع الإسرائيلي إنّه تابعَ من غرفة القيادة عملية تحرير المختطفين تحت إطلاق نار كثيف مُضيفًا أنّ المهمة نُفذت بشجاعة. ظهر المتحدث العسكري الإسرائيلي دانيال هاغاري في وقتٍ لاحقٍ ليُؤكّد العمليّة العسكرية الإسرائيليّة التي انتهت بتحريرِ 4 مختطفين دون أيّ إشارةٍ للمجزرة في المحافظة الوسطى.[17] وقال هغاري إنّ العملية الخاصة تمّت بشكلٍ مشتركٍ بين جيش الدفاع والشاباك وشرطة إسرائيل «نُفذت بناءً على ما قال إنها معلوماتٌ استخباريةٌ». وصفَ المتحدث العسكري بدورة العملية بالصعبة وأنها انطوت على مخاطر كبيرة، مسترسلًا أنها كانت قيدَ التخطيط منذ أسابيع وأنها تمّت بنجاح وأُصيب خلالها أحد عناصر وحدة يمام بجروح خطيرة قبل أن تُعلن الشرطة الإسرائيلية في الساعة اللاحقة مقتله وهو الضابط أرنون زامورا.[18] أعلنت حركة حماس في مقطعٍ مُصور أن ثلاثة من الأسرى المحتجزين في قطاع غزة قُتلوا خلال العملية التي نفذها جيش الاحتلال في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، وأن منهم أمريكيًا، لكن دون نشر أسمائهم.[4] الوضع الصحيعانى القطاع الصحي في قطاع غزة من تدهورٍ شديدٍ منذ بداية الحرب بعدما أطبقت إسرائيل حصارها الكلّي على القطاع مانعةً دخول أيّ من المواد بما في ذلك المواد الصحيّة الضروريّة. استمرَّ الوضع في التدهور في ظلّ العدد الكبير من الجرحى والقتلى الذي وقعوا جرّاء القصف العشوائي الإسرائيلي الذي طالَ المنازل والشقق السكنيّة والمخيمات والشوارع وكل شيء تقريبًا، وبل وقصفت إسرائيل في عددٍ من المرات المستشفيات نفسها وارتكبت عشرات المجازر في كل مكانٍ من كامل غزّة. أظهرت مقاطع فيديو صُوّرت من داخل مستشفى شهداء الأقصى عشرات المصابين يفترشون الأرض فيما تُحاول الطواقم الطبية جاهدةً إنقاذهم بما يتوفر من إمكانيات قليلة ولا تكفي.[19] الضحاياأعلنت وزارة الصحة في غزة بعد الواحدة مساءً وبشكل رسمي عجز منظومة الإسعاف والطوارئ عن الاستجابة لنداءات الاستغاثة لنقل الجرحى بالمحافظة الوسطى. في الإحصائيات الأوليّة بلغَ عدد ضحايا هذه المجزرة المرّوعة 30 قتيلًا على الأقل وعدد كبير من المصابين وكان واضحًا أنّ العدد سيكون أكبر من هذا بكثير في ظلِّ وجود عشرات الجثث الملقيّة في الشوارع وفي محيطِ مستشفى شهداء الأقصى.[20] مع مرور الساعات استمرَّ عدد ضحايا في الارتفاع إلى أن أعلنت وزارة الصحّة قُبيل الرابعة مساءً في حصيلة غير نهائيّة مقتل 150 فلسطينيًا في النصيرات، ثم ارتفعَ العدد في وقتٍ لاحقٍ إلى 210 قتلى وأكثر من 400 مصابً. ووجَّه الإعلام الحكومي بغزة نداء استغاثة للمجتمع الدولي لإنقاذ مستشفى شهداء الأقصى وإمداده بالمستلزمات خاصة بعدما اكتظَّ عن بكرة أبيه وسطَ هذه المجزرة ولم يعد قادرًا على استيعابِ مزيدٍ من المصابين.[21] ردود الفعلفلسطينياً
أدانت الرئاسة الفلسطينية المجزرة وحمَّلت الإدارة الأمريكية المسؤولية عنها، وقال الناطق الرسمي باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة: «إن مسلسل المجازر الدموية اليومية بحق شعبنا وآخرها ما جرى اليوم في مخيم النصيرات، والتي أدت إلى استشهاد عشرات المواطنين وجرح المئات هي استمرار لحرب الإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني» وأضاف: «نحمل الإدارة الأمريكية المسؤولية الكاملة عما يجري من مجازر من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ونطالبها بوقف هذه الحرب التي ستدمر كل شيء وتدفع بالأمور نحو مرحلة خطيرة لن تحقق الأمن أو السلام لأحد».[23] فيما تقدم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بطلب عقد «جلسة طارئة» لمجلس الأمن لبحث تداعيات مجزرة النصيرات، وقال «إن على المجتمع الدولي التدخل بشكل عاجل لوقف مأساة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، لأن الاحتلال الإسرائيلي يستغل الصمت الدولي والدعم الأميركي للاستمرار في جرائمه التي تنتهك جميع قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي».[24][25] عربيًاحمَّلت مصر عبرَ خارجيتها إسرائيل المسؤولية القانونية والأخلاقية على اعتدائها الذي وصفته بالسافر على مخيم النصيرات.[26] أدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية بدورها في بيانات شبه مكرّرةٍ ومعتادة الاعتداء الإسرائيلي واصفةً إيّاه بالوحشي.[27]
دوليًاأشادَ الرئيس الأمريكي خلال لقاءٍ له في باريس بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتحرير الأسرى الأربعة وإعادتهم إلى أُسرهم، كما أشاد مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان بعمل الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي نفذت ما سمَّاها العملية الجريئة لتخليص المحتجزين.[29] أدان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بشدة المجزرة، وألقى باللومِ على تقاعس حكومات العالم والهيئات الدولية المسؤولة بما في ذلك مجلس الأمن الدولي، كما ألقى باللوم على استمرار إمدادات الأسلحة للنظام من قبل أوروبا والولايات المتحدة، ودعا الدول الإسلامية «للإتحاد والوقوف ضد جرائم النظام الإسرائيلي» في الوقت الذي «تتقاعس فيه الهيئات الدولية عن الدفاع عن الشعب الفلسطيني».[30]
المنظمات
ملاحظاتمراجع
|