مسيحي الثقافة أو المسيحية الثقافية هو مصطلح واسع يستخدم لوصف أفراد غير ملتزمين دينيًا أو علمانيين أوملحدين أو لادينيين ذوي خلفية تراثية وحضارية مسيحية؛ ويعود انتمائهم للمسيحية إلى الناحية الدينية أو العرقية أو الثقافية أو التعليمية أو بسبب الروابط العائلية وقد لا يؤمنون بالمعتقدات الدينية المسيحية، ولكن يعرّفون أنفسهم كمسيحيين لارتباطهم بالمسيحية وراثيًا وحضاريًا، وبسبب البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأوا فيها.[1]
يختلف التفسيرات حول مصطلح مسيحي الثقافة إلا أنه غالبًا ما يوصف الشخص المولود لأسرة مسيحية وقد تم تعميدُه إلا أنه غير ممارس دينيًا وغير ملتزم حسب الشعائر الدينية،[11] وأحيانًا لمن يولد في مجتمع ذات تراث وثقافة مسيحية وحيث المسيحية هي الدين السائد، وبسبب تشبُعه من التاريخ والحضارة والثقافة المسيحية والتي هي جزء من ثقافته المحلية فيطلق عليه مسيحي أسميًا وثقافيًا،[11] على الرغم من عدم تدينه أو التزامه الديني.
بالنسبة للمسيحيين الثقافة إن الحفاظ على العادات والتقاليد المسيحية متعلق بالقيم الأسرية، وينظر الكثير إلى الحفاظ على العادات والتقاليد بأنها قيم عائلية وتعليمية مهمة، فضلًا عن ذلك بالنسبة للمسيحيين ثقافيًا أن تكون مسيحيًا تعني أن تكون جزء حيوي من الثقافة المحلية المشبعة في المسيحية دون العيش بالضرورة في الالتزام الديني.[12] يظهر ذلك في الذهاب إلى الكنيسة في الأعياد الدينية والمناسبات الاجتماعية والعائلية مثل حفلات الزفافوالعمادوالجنازة وزيارة قبور الأقارب ووضع رموز دينية مثل الصليبوالأيقونات وحمل أسماء مسيحية وممارسة طقوس مثل العمادوأول قربانةوالأسرار السبعة المقدسة والاحتفال في الأعياد المسيحية خاصًة العائلية منها مثل عشية عيد الميلاد وتلوين بيض عيد الفصح والمشاركة في التطوافات الدينية مثل تطوافات الأسبوع المقدس أو عادة الصيام عن اللحوم يوم الجمعة أو الصلاة قبل الطعام.[13][14] في عيد الميلاد يحافظ المسيحيين ثقافيًا على مظاهره والتي تكون على شكل إعطاء الهدايا ووضع شجرة الميلاد ووجود شخصية بابا نويل الأسطورية وعشاء الميلاد والاجتماعات العائلية.[15]
المسيحيين ثقافيًا غالبًا ما يُعَمِّدون أبنائهم باعتباره نوع من القيم التقليدية المسيحية والتي هي جزء من هويتهم الثقافية، هذا بالإضافة إلى اعتبارهم الكتاب المقدسوالليتورجيا والفن والموسيقى الكنسية جزء من ثقافتهم وقيمهم.[13]
مصطلح مسيحي الثقافة يتوافق مع مصطلحات مثل يهودي الثقافة، مسلم الثقافة وهندوسي الثقافة لأنها لها جذور في ثقافة وحضارة معينة، وليس بالضرورة أن يكون أتباعها ممارسين وملتزمين دينيًا.[16]
وفقًا للمؤرخ الفرنسي فرناند بروديل فالإنسان الأوروبي متدينًا كان أو ملحدًا فإنّ ردود فعله النفسيّة، وسلوكه، وأخلاقيته، ظلت متجذّرة في التّراث المسيحي الذي طبع الحياة الأوروبيّة بطابعه على مدار القرون المتطاولة. وقد وصف المؤرخ بروديل الإنسان الأوروبي على إنّه من «دم مسيحيّ»؛ يُذكر أن الكاتب الفرنسي هنري مونترلان قدّم نفسه بأنّه من دم كاثوليكي على الرّغم من أنّه كان ملحدًا.[17]
وقد يوصف ملحدونولادينيون أنفسهم مسيحيون الثقافة مثل إخصائي السلوك البريطاني ومؤلف عدة كتب؛ ريتشارد دوكينز فعلى الرغم من كونه معروف بآرائه في الإلحاد فقد وصف نفسه كمسيحي الثقافة.[18] وقد يصف عدد من الملحدين ذوي الخلفية المسيحية أنفسهم كملحدين مسيحيين ويعني ذلك عدم إيمانهم بالله أو الوهيةيسوع لكنّهم يعتبرونه مَثَل أعلى ويلتزمون بتعاليمه الأخلاقية، ويلتزمون ببعض الشعائر المسيحية كنوع من تراث ثقافي وحضاري.
مصطلحات أخرى
بالمقابل يُطلق على المسيحيين المتبِّعين لاهوت والدوغماتية المسيحية عدد من المصطلحات مثل المسيحي الكتابي،[19]المسيحي المتلزم،[20]معتنق المسيحية والمسيحي المؤمن.[21] وتُلقى هذه المصطلحات رواج بين المسيحيين الأصوليينوالإنجيليين حيث يعتبرون المسيحي الحق هو الشخص المؤمن بيسوع المسيح ويقبله مخلصًا شخصيًا لنفسه وممارس لدينه بشكل يومي ولا يكفي أن يكون الشخص مولود كمسيحي ولا يزاول الطقوس الدينية لذلك فالمسيحيين الإنجيليين يشجّعون مسيحيين الثقافة أو المسيحيين الإسميًا الغير الملتزمين على على إعادة الولادة كمسيحيين مرة أخرى أو ما يعرف بالولادة الجديدة.
صور
ترتبط عدد من الطقوس المسيحية بالثقافة الغربية والشعبية، ويُمارسها العديد من المسيحيين إسميًا وثقافيًا بغض النظر عن مدى الالتزام الديني.
تطواف جمعة الآلام، تعتبر التطوافات جزء من الثقافة المسيحية الشعبية.
ديموغرافيا
وفقا لمركز بيو، يميل أغلب المسيحيين في أوروبا الغربية إلى امتلاك مستويات منخفضة أو متوسطة من الالتزام الديني، حيث في الدنمارك يحظى فقط 11% من المسيحيين بمستوى عال من الالتزام الديني، وتبلغ النسبة 13% في كل من فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة، و14% في كل من بلجيكاوسويسرا، و15% في النمسا، و16% في فنلندا، و18% في السويد، و27% في جمهورية أيرلندا، و29% في النرويج، و31% في كل من إسبانياوإيطاليا، و35% في هولندا و43% في البرتغال.[13]
المعتقدات والميول لدى المسيحيين
أجرت مجلة المسيحية اليوم دراسة واسعة لفهم نطاق الاختلافات بين المسيحيين الأمريكيين والتي تنطبق بشكل أو بآخر على مجمل المسيحيين في العالم. وقد وجدت الدراسة الاستقصائية مواقف وسلوكيات مختلفة تنقسم إلى خمسة قطاعات متمبيزة. إذ تتنوع الميول الدينية بالنسبة للمسيحيين فمثلًا بدلًا من حضور الكنيسة صباح يوم الأحد والطقوس الجماعيَّة، يختار العديد من المسيحيين خاصًة الشباب طرق أخرى قد تكون أكثر شخصية وفردية. يتنوع أيضًا المسيحيون لاهوتيًا علمًا أنًّ الغالبيَّة العظمى من المسيحيين يؤمنون بألوهية المسيح لكن هناك أقلية تنكر ألوهة المسيح وترى أنه كائن روحي أشبه بالله.[22]
يُعتبر سر العماد، «الأساس والمقدمة لسائر الأسرار»، وهو علامة الدخول في الدين المسيحي، ومشاركة المسيح، وقبول عمله في سر الفداء، ويتم غالبًا بسكب الماء ثلاثًا على رأس المعمد. تمارس الكنيسة الكاثوليكية وسائر الكنائس الأرثوذكسية وقسم هام من الكنائس البروتستانتية عماد الأطفال وبالتالي حسب المعتقدات المسيحية يعتبر العماد ختم أبدي وبالتالي إن حصل الشخص على سر العماد يعتبر مسيحي بغض النظر عن مدى ايمانه أو التزامه بالطقوس المسيحية. في حين أنّ العديد من الكنائس البروتستانتية تعتبر المسيحي الحقيقي من يقبل يسوع كمخلص شخصي. وقد وجدت دراسات مختلفة أنًّ المسيحيين في أفريقياوآسياوأمريكا اللاتينية هم أكثر التزامًا من الناحية الدينية وأكثر تدينًا مقارنًة بمسيحيي العالم الغربي وينطبق ذلك أيضًا على الشباب المسيحي إذ يميل الشباب في نصف الكرة الأرضية الجنوبي أن يكون أكثر تدينًّا والتزامًا من الناحية الدينيًَة.
وجدت الدراسة تقسيمات المسيحيين الاميريكيين والتي قد تنطبق على مجمل المسيحيين:
«مسيحيين فعالين وملتزمين» حيث يؤمن هؤلاء أن الخلاص يأتي من خلال يسوع، ويلتزمون في حضور الكنيسة بشكل منتظم، ويداومون على قراءة الكتاب المقدس، وعلى الإستمرار في التنمية الروحيّة من خلال الإيمان الشخصي في كنيستهم، وقبول مناصب قيادية في الكنيسة، ويلتزم العديد منهم في التبشير بين الآخرين.
«مسيحيين من دون طائفة» تلتزم هذه المجموعة في «قبول المسيح كمخلص ورب» وذلك كمفتاح لكونه مسيحيًا وفقًا لهم، يكون التركيز لدى هذه المجموعة أكثر على العلاقات الشخصية مع اللهويسوع أكثر مما هو على الكنيسة، أو على قراءة الكتاب المقدس أو التبشير.
«مسيحيين خاصيين» يملك هؤلاء الكتاب المقدس ولكن لا يميلون إلى قراءته. وهم أقل التزامًا في حضور الصلوات في الكنيسة. يؤمن أتباع هذا التصنيف بالله والقيام بأشياء جيدة، ولكن ليس بالضرورة في سياق الكنيسة. هذه الفئة بشكل عام فيها تواجد ملحوظ للشباب.
«مسيحيين ثقافيًا» هم أشخاص ذوي خلفية تراثية وحضارية مسيحية من ناحية عرقية أو ثقافية أو دينية أو تعليمية والروابط العائليَّة وقد لا يؤمنون بالمعتقدات الدينية المسيحية، ولكن يعرفون أنفسهم كمسيحيين لارتباطهم بالمسيحية وراثيًا وحضاريًا، وبسبب البيئة الاجتماعية والثقافية التي نشأوا فيها. شريحة واسعة من المسيحيين الثقافة قد يصنفوّن كعلمانيين أو غير ملتزمين دينيًا.
«مسيحيين ملحدين» لا يؤمن هؤلاء بإله المسيحية ولكن على الرغم من عدم اتباعهم للعقائد اللاهوتية المسيحية الاّ أنهم يتبعون تعاليم المسيح الأخلاقيّة والإنسانيّة وبالتالي يعرفون أنفسهم كمسيحيين. على الرغم من عدم ايمان الملحدين المسيحيين بالوهية يسوع الاّ أنه يحتل نقطه مركزية في مفهومهم حيث أنّ معظم الملحدين المسيحيين يعتبرون يسوع معلم أخلاقي ومثال أعلى ويتقبلوا تعاليمه لكن مع رفض لفكرة ألوهيته إذ أنهم لا يؤمنون بالله. وقد يوصف ملحدونولادينيون أنفسهم مسيحيون مثل إخصائي السلوك البريطاني ومؤلف عدة كتب؛ ريتشارد دوكينز فعلى الرغم من كونه معروف بآرائه في الإلحاد فقد وصف نفسه كمسيحي.
قصر أسرة فاندربيلت، في رود آيلاند، يُعتبر الواسب النخبة السياسية والثريَّة والمتعلمَّة في الولايات المتحدة؛ وهم الذين أعطوا الولايات المتحدة هويتها السياسيَّة والثقافيَّة والدينيَّة والإقتصادية.[40]
أيقونة ملائكة إبراهيم الثلاثة، بريشة أندريا روبلوف؛ وتجمع بين الفن البيزنطي والبروسلافيّ.
الحرس السويسري وتُلخًّص مهمتها في حفظ سلامة البابا وحفظ سلامة القصر البابوي، كما تقوم بأداء مهام التشريفات لدى استقبال إحدى الشخصيات المهمة في الفاتيكان.
راهبة تعتني بمريض في باكستان، كانت للمفاهيم المسيحية من الرعاية ومساعدة المرضى دور في تطوير الأخلاق الطبيَّة؛ تدير الكنيسة الكاثوليكيَّة 26% من مرافق الرعاية الصحيّة في العالم.[24]
جعة الفرنسيسكان؛ أسسها رهبان الفرنسيسكان في بافاريا، لا تحرّم المسيحية أي نوع من الشراب، غير أنّ بعض الكنائس الرديكاليّة البروتستانتية في الولايات المتحدة، تحرم الخمر أو تدعو للإبتعاد عنه.
تفاصيل من قبر البابا غريغوريوس الثالث عشر يظهر الإحتفل ببداية الجدول الزمني للتقويم الغريغوري؛ بات التقويم الميلادي التقويم الأكثر انتشارًا في العالم ويعتبر التقويم الدولي في العصر الحديث.
أوغسطينوس؛ كاتبوفيلسوف وهو شخصية مركزية في المسيحية وتاريخ الفكر الغربي على حد السواء.
كاتدرائية كوردوبا في الأرجنتين، رافق اليسوعيون المستكشفين خلال عصر الاستكشاف وأقاموا العديد من المستوطنات حيث عملوا على تحوّل أجزاءً كبيرة من الأقوام الأصلية إلى المسيحية.
اجتماع لحركة التقوية؛ يرى عدد من علماء الإجتماع أن ظهور حركة التقوى كان لها أثر كبير في نشوء الثورة العلمية، فقد وجدوا علاقة ايجابية بين ظهور حركة التقوى والعلم التجريبي.
تحول بولس إلى المسيحية، غدت رمزًا في الثقافة الغربية، "للتحول العميق والجوهري في حياة ومواقف الإنسان". أما في الفن فقد أنتجت عبر القرون أعمال عديدة تخلّد التحول البولسي.
غلاف كتاب القانون الكنسي، وهو النظام الأساسي القانوني لمجموعة القوانين والأنظمة الصادرة أو التي اعتمدتها السلطة الكنسية.
مدّرس وطالبات في مدرسة يونانية أرثوذكسية في مدينة طرابزون أوائل القرن العشرين، حيث عاشت في الأناضول جماعات مسيحيّة برجوازية مزدهرة.
رجال أعمال أرمن مسيحيين في باكو، كانت الجاليّة الأرمنيّة الأرثوذكسيّة في باكو تشكل إحدى المراكز الثقافيّة والإقتصاديّة والسياسيّة في القوقاز في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
حسن بولي وهي شخصية مركزية في الفلكلور القبرصي يمثل مجتمع لينوبامباكي، وهو مجتمع مسيحي متخفي.
مجموعة من جيش الخلاص وقد اتخدت نظام عسكري لمحاربة الفقر والبؤس، وبنت مراكز تأهيل لمدمني الكحول والمخدرات، وكان لها دور في نشر والتوعية عن النظافة الشخصية.
أطلال كاتدرائية القديس بولس في المركز التاريخي، في ماكاو؛ وهي من الكنوز الوطنيَّة فيها.
مراجع
^Patrick Johnstone and Jason Mandryk, Operation World: 21st Century Edition (Paternoster, 2001), 13–14.
^Dawson، Christopher (1961). Crisis in Western Education (ط. reprint). ص. 108. ISBN:9780813216836. {{استشهاد بكتاب}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^ ابCaltron J.H Hayas, Christianity and Western Civilization (1953),Stanford University Press, p.2:
That certain distinctive features of our Western civilization — the civilization of western Europe and of America— have been shaped chiefly by Judaeo - Graeco - Christianity, Catholic and Protestant.
^Jayne، Allen (2000)، Jefferson's Declaration of Independence: Origins, Philosophy and Theology traces TJ's sources and emphasizes his incorporation of Deist theology into the Declaration.
^Franklin، Benjamin (1958) [1771]. Autobiography and other writings. Cambridge: Riverside. ص. 52.
^Boller، Paul F (1996)، Not so!: popular myths about America from Columbus to Clinton، ص. 31
^Boller، Paul F (1963)، George Washington & religion، ص. 16، مؤرشف من الأصل في 2014-06-26، اطلع عليه بتاريخ 2011-03-05، ...the father of his country... died as he had lived, in dignity and peace; but he left behind him not one word to warrant the belief that he was other than a sincere deist
^Brighton، Stephen A. (2009). Historical Archaeology of the Irish Diaspora: A Transnational Approach. University of Tennessee Press. ص. 41. ISBN:978-1-57233-667-4.
^كتاب 100 عام على جوائز نوبل (2003)، صفحة 57: ينتمي حوالي 65.4% من الحاصلين على جائزة نوبل إلى الديانة المسيحية بطوائفها المتعددة (بين السنوات 1901-2000). أي حصل المسيحيين على 423 جائزة من أصل 654 بين السنوات 1901-2000.
^كارلتون هاريس، المسيحية والحضارة الغربية (1953)، مطبعة جامعة ستانفورد ص.50: إن السمات المميزة لحضارتنا الغربية، حضارة أوروبا الغربيّة والأمريكيتين؛ تشكلّت بشكل كبير من خلال الإرث الثقافي الروماني-اليوناني واليهودية والمسيحية بشكليها الكاثوليكية والبروتستانتية.(بالإنجليزية)