فرط كوليسترول الدم العائلي
فَرْطُ كوليسترول الدَّم العائِلِيّ*[5][6][7] (بالإنجليزية: Familial hypercholesterolemia) ويُدعى اختصارًا FH[7]، هوَ اضطرابٌ جيني، يتميز بارتفاعِ مستوياتِ الكوليسترول في الدم وتحديدًا ارتفاعُ مستوياتِ البروتين الدُهني مُنخفض الكثافة (الكوليسترول السيء)ب بشكلٍ عالٍ، مما يُساعدُ على الظهورِ المُبكر للأمراضِ القلبية الوعائية. نظرًا للاختلافِ الطفيف بين الأفراد في كيميائية الجِسم الحيوية التابعة لفرطِ كوليسترول الدم العائلي؛ فإنَّ مستوياتِ الكوليسترول المرتفعة تكونُ أقل استجابةً لأساليبِ ضبطِ الكوليسترول، والتي عادةً ما تكونُ أكثرَ فعاليةً في الأشخاص غير المُصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي، ومن هذه الأساليب، تعديلُ النظام الغذائي أو أقراصِ الستاتين، ولكن على الرغمِ من ذلك، فإنَّ العلاجِ المُتضمن لجرعاتٍ عالية من الستاتين، عادةً ما يكون ناجعًا. يُصنف فرط كوليسترول الدم العائلي على أنهُ النمط الأول من النوعُ الثاني من اختلالِ دهونِ الدم العائلي، حيثُ يوجدُ خمسُ أنواعٍ من اختلالِ دهونِ الدم العائلي (لا تتضمن الأنواع الفرعية)،[8][9] ويُقسم كل نوعٍ وفقًا للملف الليبيدي المُتغير والاضطرابات الجينية، فمثلًا، يتصفُ النوع الثاني بارتفاعِ مستوياتِ البروتين الدُهني مُنخفض الكثافة، والذي عادةً ما يكونُ بسبب عيبٍ في مستقبل هذا البروتين الدهني، أما الأنواع الأخرى، فتتضمنُ عيبًا في أيضٍ كلٍ من الكيلومكرون وثلاثي الغليسريد والجُزيئات الأخرى المحتوية على الكوليسترول مثلَ، البروتينات الدهنية متوسطة الكثافة والبروتينات الدهنية منخفضة الكثافة جدًا.[10] شَخصٌ واحد في كل 300 إلى 500 شَخص لديهِ طفراتٌ في جين مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDLR) والذي يُشفر بروتين هذا المُستقبل، والذي عادةً ما يُزيل البروتين الدهني مُنخفض الكثافة من الدورة الدموية، أو يُزيل صميم البروتين الدهني بي، والذي يُعتبر جزءًا من البروتين الدهني مُنخفض الكثافة، والذي يرتبطُ مع المُستقبل، أما الطفراتُ في الجيناتِ الأخرى فهي نادرة الحدوث.[11] الأشخاص الذين يمتلكونُ نسخةً واحدة شاذة (مُتغايري الزيجوت) من الجين، قد تتطورُ لديهم أمراضٌ قلبية وعائية مُبكرة ما بين سن 30 إلى 40 عامًا، أما من يمتلكون نُسختين شاذتين (متماثلي الزيجوت) فإنهُ قد يحدثُ لديهم أمراضٌ قلبية وعائية شديدة في مرحلةِ الطفولة. يُعتبر فرط كوليسترول الدم العائلي مُتغاير الزيجوت من الاضطرابات الجينية الشائعة، ويورثُ بنمطِ الوراثة الجسمية السائدة، ويحدثُ بنسبة 1:500 شخص في مُعظم الدول،[12] أما النوع مُتماثل الزيجوت فهو نادرُ الحدوث، ولكن يحدث في حوالي 1 لكل مليون ولادة.[12][13] يُعالج فرط كوليسترول الدم العائلي مُتغاير الزيجوت عادةً باستخدامِ الستاتين أو منحيات حامض الصفراء أو الأدوية الأُخرى الخافِضة لشحمياتِ الدِم والتي تعملُ على تقليل مستوياتِ الكوليسترول، كما يُقدم للحالات الجديدة استشارة وراثية، أما فرط كوليسترول الدم العائلي مُتماثل الزيجوت، فعادةً لا يستجيبُ للعلاجِ الطبي، وقد يتطلبُ علاجاتٍ أُخرى، مثل فِصادَة البروتين الدهني مُنخفض الكثافة (إزالةُ البروتين الدهني منخفض الكثافة بطريقةٍ تُشبهُ الغسيل الكلوي)، أو في بعضِ الأحيان قد يُضطرُ إلى زراعة الكبد.[12] الأعراض والعلاماتالعلامات الجسميةطبيعيًا، لا يُسبب ارتفاع مستويات الكوليسترول أيَ أعراضٍ، ولكن يُمكن ملاحظةُ ترسباتٍ صفراءَ من الدُهون الغَنية بالكوليسترول في أماكنَ مُختلفة من الجسم، مثلً حولَ الجفون والتي تُعرف باسم اللويحات الصفراء الجفنية، وهي تجمعاتٌ صفراء من الكوليسترول تحت الجلد، وهي غيرُ مؤذيةٍ للجلد وليست مؤلمة.[14] أيضًا يُمكن أن تظهر هذه الترسبات في الحافةِ الخارجية من القزحية وتعرف باسم قوس الشيخوخة، أو قد تظهر في أوتارِ اليدين والمرفقين والركبتين والقدمين، وخاصةً وتر أخيل، وتُعرف الحالة باسم الورم الأصفر الوتري.[12][15]
الأمراض القلبية الوعائيةتَحدث الأمراضُ القلبية الوعائية بسببِ الترسُبِ السريع للكوليسترول في جُدرانِ الشرايين، مؤديةً إلى تصلبٍ عصيدي. المُشكلة الأكثر شيوعًا في فرط كوليسترول الدم العائلي هي حدوثُ مرض الشريان التاجي (تصلبُ الشرايين التاجية التي تُغذي القلب) في فئاتٍ عمرية أصغرُ مما هو مُتوقعٌ في المجتمع. قد يؤدي هذا المرض إلى حدوثِ ذبحةٍ صدرية (ألم أو ضيق في الصدر عندَ بذلٍ مجهودٍ ما) أو نوبةٍ قلبية. قد تتأثرُ شرايين الدماغ أيضًا، ولكن بدرجةٍ أقلُ شيوعًا، وتأثُرها قد يؤدي إلى نوباتٍ إقفاريةٍ عابرة (نوباتٍ قصيرة من ضعفٍ جانبٍ واحدٍ من الجسم أو عدمِ القدرة على الكلام) أو سكتةٍ أحيانًا.[13] يحدثُ مرض انسداد الشريان المُحيطي بشكلٍ رئيسيٍ في المُدخنين المُصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي، وهذا قد يؤدي إلى ألمٍ في عضلاتٍ بطن الساق أثناءَ المشي، ويذهبُ مع الراحة، ويُعرف باسم العرج المُتقطع، كما قد يؤدي إلى مشاكلَ أُخرى ناجمة عن انخفاضِ تدفقِ الدمِ إلى القدمين، مثل الغنغرينا.[13] يزدادُ خطرُ الإصابة بالتصلبُ العصيدي مع ازديادِ العمرِ ولدى المُدخنين، ومرضى السكري وارتفاع ضغط الدم، وفي حال وجودِ تاريخٍ عائلي للإصابةِ بالأمراض القلبية الوعائية.[12][16] التشخيص
حوالي 85% من الأشخاصِ المُصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي لم يُشخصوا وبالتالي لا يتلقونَ علاجاتِ خفضِ الدهون.[18] قد تُساعدُ نتائجُ الفحص الجِسمي الطَبيبَ على تشخيص فرط كوليسترول الدم العائلي، حيثُ يحدث الورم الأصفر الوتري في حوالي 20-40% من الحالات، ويُعتبرَ واصمًا مرضيًا للحالة،[18] وأيضًا قد يظهرُ لدى المُصابين لويحاتٌ صَفراء أو قوسُ الشيخوخة. جميع هذه العلامات الجسمية تُدعم التشخيص بفرط كوليسترول الدم العائلي، ولكنها غيرُ خاصةٍ لفرط كوليسترول الدم العائلي فقط.[18] قياسات الليبيداتيُمكن اعتبارُ تحديد مُستويات الكوليسترول جزءًا من فحصِ التأمين الصحي أو الصحة المهنية، وذلكَ في حال لوحِظت العلاماتُ الجسمية الخارجية مثل اللويحات الصفراء وقوس الشيخوخة وغيرها، أو في حالِ ظهورِ أعراض الأمراض القلبية الوعائية، أو وجودِ تاريخٍ لفردٍ من العائلةِ مُصابٌ بفرط كوليسترول الدم العائلي. عادةً ما يُوجد نمطٌ مُتوافقٌ مع فرط بروتينات الدم الشحمية من النمط IIa وذلك وفقَ تصنيف فريدريكسون، وهو: ارتفاعُ مستوى الكوليسترول الكُلي (أو الإجمالي)، وزيادةٌ ملحوظة في مستوى البروتين الدهني مُنخفض الكثافة، ومستوًى طبيعي من البروتين الدُهني مرتفع الكثافة ومن ثلاثي الغليسريد. يبلغ مستوى الكوليسترول الكُلي حوالي 350-550 مغ/دل في النوعِ مُتغاير الزيجوت، أما النوع مُتماثل الزيجوت، فيبلغُ مستوى الكوليسترول الكُلي فيه حوالي 650-1000 مغ/دل.[18] عادةً ما يكون البروتين الدهني مُنخفض الكثافة أعلى من 75 مئين؛ أي أنَّ 75% من السُكان الأصِحاء سيكون لديهم مستوًى مُنخض من البروتين الدهني مُنخفض الكثافة.[12] يُمكن أن تكون مُستويات الكوليسترول عالية كثيرًا في الأشخاص الذين يُعانون من السمنة.[13] تحليل الطفرةاعتمادًا على عزلِ البروتين الدهني منخفض الكثافة وعلى المقاييسِ السريرية (والتي تختلفُ بين الدُول)، يُمكن إجراء الاختبارات الجينية لطفراتِ مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة وطفراتِ صميم البروتين الدهني بي.[19] عادةً تُكتشفُ الطفرات في 50-80% من الحالات، أما من لم تظهر لديهم الطفرات، فعادةً يكون لديهم مستوياتٌ مرتفعة من ثلاثي الغليسريد، وقد يكونُ لديهم أسبابٌ أخرى لارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم، مثل فرط دهنيات الدم المركب والناتجِ عن المتلازمة الأيضية.[19] على الرغم من ذلك، فإنه ليست جميعُ الطفراتِ المعروفة للجين المُشفرِ لمستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة تُسببُ آثارًا مؤذيةً على مستويات كوليسترول الأفراد، حيثُ توجدُ طفراتٌ يُمكن وصفها بالمُفيدة في ضبطِ وتعديل مستويات الكوليسترول في البلازما، ومن الأمثلة عليها طفرةُ استبدال الفالين بواحدٍ من الألانين في موضعِ 578 لمستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة (Val578Ala)، والتي تحدثُ في السردينيين، مما يؤدي إلى تقليل مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة ومستوى الكوليسترول الكُلي في حاملي المرض.[20] التشخيص التفريقييجبُ تمييزُ فرط كوليسترول الدم العائلي عن فرط دُهنيات الدم المركب وفرط كوليسترول الدم متعدد الجينات، حيثُ أنَّ مستوى الليبيدات ووجودُ الورم الأصفر يُساعد في تأكيد التشخيصِ بفرط كوليسترول الدم العائلي.[21] حالات وجود السيتوستيرول في الدم وداء الأورام الصفر المنتشرة الدماغية الوترية، وهي حالاتٌ طبية نادرة، قد تترافق مع الورم الأصفر وتصلبٍ عصيدي المُبكر، كما أنَّ داء الأورام الصُفر المُنتشرة الدماغية الوترية قد يُتضمنُ أعراضًا عصبية أو نفسية، وعتامة عدسة العين وإسهال واضطراباتٍ هيكلية.[21] علم الوراثةتُعتبر طفراتُ جين مستقبل البرتين الدهني منخفض الكثافة (LDLR) من أكثرِ العيوبِ الوراثية شيوعًا في فرط كوليسترول الدم العائلي، حيثُ أنَّ انتشارها 1 لكل 500 شخص، ويعتمدُ الأمر على السكان. ومن الطفراتِ الأخرى، طفراتُ صميم البروتين الدهني بي (ApoB)، وانتشارها 1 لكل 1000، وطفراتُ جين النوعِ التاسع سبتيليزين/كيكسين كونفيرتاز طليعة البروتين (PCSK9) وانتشاره أقلُ من 1 لكل 2500، وقد تحدث أيضًا طفراتُ جين LDLRAP1 (LDLRAP1). مرضَ وجود السيتوستيرول في الدم والذي يمتلكُ تشابهاتٍ عديدة مع فرط كوليسترول الدم العائلي، ويمتلكُ ميزاتِ تراكم الكوليسترول في الأنسجة، فإنه يحدثُ نتيجةً لطفراتِ جين الأدينوسين ثلاثي الفوسفات المرتبط بحافظة العضو الثامن من فصيلة جي (ABCG8) وجين المرتبطة بحافظة العضو الخامس من فصيلة جي (ABCG5).[12] مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافةيقعُ جين مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة على الذراعِ القصيرة للصبغي 19 (19p13.1-13.3)،[18] ويتألفُ الجين من 18 إكسون ويتسع إلى 45 كيلو زوج قاعدي (كيلوبيز)، كما أنَّ البروتين المُنتج من الجين في شكلهِ الناضج يحتوي على 839 حمض أميني. تُسبب نُسخة واحدة شاذة (مُتغاير الزيجوت) من فرط كوليسترول الدم العائلي أمراضًا قلبية وعائية في سن الخمسين لدى حوالي 40% من الحالات، ووجودُ نسختين شاذتين (مُتماثل الزيجوت) تُسبب تُسارعًا في حدوثِ التصلب العصيدي في مرحلةِ الطفولة، ويشملُ أيضًا ما يترتب عليه من مُضاعفاتٍ. تَتَناسَبُ مُستويات البروتين الدهني منخفض الكثافة في البلازما عكسيًا مع نشاط مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة. يبلغَ نشاطُ مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة في متماثلِ الزيجوت أقل من 2%، أما في مُتغاير الزيجوت فهُناك عيبٌ في معالجة البروتين الدهني منخفض الكثافة ويبلغُ نشاط المستقبل ما بين 2-25%، وهذا يعتمدُ على طبيعة الطفرة. هُناك أكثر من 1000 طفرة مُختلفة معروفة.[12] هُناك خمسُ أصنافٍ رئيسية من فرط كوليسترول الدم العائلي نتيجةً لطفرات البروتين الدهني منخفض الكثافة:[22]
صميم البروتين الدهني بييُعتبر الشكل (ApoB100) من صميم البروتين الدهني بي، الجزء البروتيني في الجسيم البروتيني الدهني أو الصميم البروتين الدهني الرئيسي. يقعُ جين صميم البروتين الدهني بي على الصبغي الثاني (2p24-p23)، وطولهُ ما بين 21.08 و21.12 ميجا زوج قاعدي (ميجابيز).[23] عادةً يرتبطُ فرط كوليسترول الدم العائلي مع طفرةٍ في R3500Q، والتي تؤدي إلى استبدالِ الأرجنين بالجلوتامين في الموضع 3500، حيثُ تقع الطفرة على جزءٍ من البروتين الذي عادةً ما يرتبطُ بمستقبل البروتين الدهني مُنخفض الكثافة، ويقلُ هذا الارتباط نتيجةً للفطرة. كما هوَ الحال في جين مستقبل البروتين الدهني مُنخفض الكثافة، فإنَّ عدد النسخات الشاذة يُحدد شدة فرط كوليسترول الدم.[12][23] PCSK9ترتبطُ طفراتُ النوعِ التاسع سبتيليزين/كيكسين كونفيرتاز طليعة البروتين مع فرط كوليسترول الدم العائلي الجسمي السائد وراثيًا (أي يحتاجُ نسخةً شاذة واحدة) وذلك حسب تقرير عام 2003.[12][24] يقعُ هذا الجين على الصبغي الأول (1p34.1-p32)، ويُشَفِر بروتينًا طولهُ 666 حمضًا أمينيًا والذي يُعبرُ عنه في الكبد. اقتُرحَ أنَّ PCSK9 يُسبب فرط كوليسترول الدم العائلي رئيسيًا عبر تقليل عدد مستقبلات البروتين الدهني منخفض الكثافة في خلايا الكبد.[25] LDLRAP1أُبلغ عن اضطرابات البروتين الأول الملئم لمستقبل البرتين الدهني منخفض الكثافة (LDLRAP1) للمرةِ الأولى في عائلةٍ عام 1973،[26] وعلى عكسِ الطفراتِ الأخرى، فإنهُ يجب وجود نسختين شاذتين من الجين لحصولِ فرط كوليسترول الدم العائلي (وراثة جسمية متنحية). تؤدي الطفرات في البروتين إلى إنتاجِ بروتين قصير، كما أنَّ وظيفته الحَقيقة غير واضحة حتى الآن، لكنه يبدو أنهُ يلعبُ دورًا في العلاقة ما بينَ مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة ووهداتِ الكلاثرين المُغطاة. المُصابين بفرط كوليسترول الدم الجسمي المُتنحي يميلون لحدوثِ أمراضِ شديدة لديهم أكثر من مُتغايري زيجوت مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة ولكنَّ أقلُ من مُتماثلي زيجوت المستقبل.[12] جيناتٌ أخرىنُشرت دراسةٌ حديثة في دورية نيتشر جيناتكس (Nature Genetics)، ذُكرَ فيها أنَّ طفرة β039 ترتبطُ مع انخفاضِ مستويات الكوليسترول الكُلي وكوليسترول البروتين الدهني مُنخفض الكثافة في البلازما.[20] الأمرُ الغريب، أنَّ هذه الطفرة تقع على جين بيتا غلوبين (HBB) والذي يُشَفِرُ سلسلة بيتا في الغلوبين، وهو السبب الرئيسي لحدوثِ مرضِ بيتا ثلاسيميا (يُورث بنمطِ الوراثة الجسمية السائدة) في سكانُ جزيرة سردينيا.[20] الفيزيولوجيا المَرضيّةطبيعيًا، يَدورُ كوليسترول البروتين الدهني مُنخفض الكثافة في الجسم لمدة يومين ونصف اليوم، وفيما بعد يرتبطُ جزء صميم البروتين الدهني بي الخاص بكوليسترول البروتين الدهني مُنخفض الكثافة معَ مستقبل البروتين الدهني مُنخفض الكثافة الموجود على خلايا الكبد، محفزًا امتصاصه وهضمه.[18] ينتجُ عن هذه العملية، إزالةُ البروتين الدهني منخفض الكثافة من الدورة الدموية. يُثبَطُ تَخليق الكبد للكوليسترول في مسار الميفالونات (مسار مختزلة 3-هيدروكسي-3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ).[27] تتأثر وظيفة مستقبل البروتين الدهني مُنخفض الكثافة في فرط كوليسترول الدم العائلي، حيث قد تنخفض أو تختفي تمامًا،[18] كما أنَّ البروتين الدهني مُنخفض الكثافة يدورُ في الجسم لمدةٍ متوسطها أربعُ أيامٍ ونصف اليوم، مما يؤدي إلى زيادةٍ كبيرة في مستوى كوليسترول البروتين الدهني مُنخفض الكثافة في الدم مع مستوياتٍ طبيعية للبروتينات الدُهنية الأخرى.[13] في طفراتِ صميم البروتين الدهني بي، يؤدي انخفاضُ ارتباط جزئيات البروتين الدهني مُنخفض الكثافة مع المُستَقبِل إلى زيادةِ مستوى كوليسترول البروتين الدهني مُنخفض الكثافة. من غيرِ المعروف كيف تُسبب طفراتُ PCSK9 وLDLRAP1 اختلالًا في المستقبل.[12] على الرغمِ من أنَّ التصلب العصيدي يحدثُ في جميع الأشخاصِ بدرجةٍ مُعينة، إلا أنَّ المُصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي يتسارعُ لديهم حدوثُ هذا التصلب؛ بسببِ مستوى البروتين الدهني مُنخفض الكثافة المُرتفع. تعتمد درجةُ التصلب العصيدي تقريبًا على عددِ مستقبلات البروتين الدهني منخفض الكثافة التي لا زالَ يُعبر عنها، كما ويعتمدُ على وظائفِ هذه المستقبلات. في العديد من حالاتِ فرط كوليسترول الدم العائلي مُتغاير الزيجوت، تكونُ وظيفة المستقبلات ضعيفةٍ قليلًا، ومستويات البروتين الدهني مُنخفض الكثافة مُنخفضة نسبيًا، أما في حالات متماثلي الزيجوت، فإنَّ لا يُعبر عن المستقبل نهائيًا.[12] تُشير بعضُ دراسات الأترابِ حول فرط كوليسترول الدم العائلي إلى وجودِ عوامل خطرٍ إضافية تلعبُ دورًا عندما يُصاب الشخص بالتصلب العصيدي،[28][29] إضافةً إلى ذلك، توجدُ عواملُ خطرٍ تقليدية مثل التدخين وارتفاعِ ضغط الدم والسكري، وأظهرت دراساتٌ جينية أنَّ اضطرابًا شائع في جين الثرومبين (G20210A) يزيد من خطرِ حدوث الأمراض القلبية الوعائية في مرضى فرط كوليسترول الدم العائلي.[30] وجدت دراساتٌ مُتعددة أنَّ ارتفاعَ مستوى البروتين الدهني(a) يُشكلُ عاملَ خطرٍ إضافيًا لحدوث مرض القلب الإقفاري.[31][32] كما أنهُ يزدادُ الخطر في الأشخاص الذين يمتلكون أنماطًا جينية مُحددة من الإنزيم المحول للأنجيوتنسين.[33] الكشفيُعتبر فحصُ (كشف) أفرادِ العائلة المعروفٌ إصابتهم بفرط كوليسترول الدم العائلي ذا تكلفةٍ فعالة.[34] في عام 2001، اقتُرح استخدامُ إستراتيجياتٍ أُخرى مثل إجراءِ كشفٍ شامل في سن 16 عامًا،[35][36] ولكنهُ قد يكونُ أقلَ فعاليةً من حيث التكلفة على المدى القصير.[37] يؤدي الكشفُ في سنٍ أقلُ من 16 عامًا إلى معدلٍ مرتفع غيرُ مقبولٍ من النتائج الإيجابية الزائفة.[13] وجدَ تحليلٌ تلوي أجريَ في عام 2007 أنَّ «الإستراتيجية المُقترحة للكشف على الأطفال والآباء لفرط كوليسترول الدم العائلي، قد يكونُ لها تأثيرٌ هامٌ في منع الآثار الطبية لهذا الاضطراب في جيلين ضمنَ وقتٍ واحد»،[38] كما أنَّ «استخدام الكوليسترول الكُلي لوحدهِ قد يُميز بين الأشخاص الذين يعانون من فرط كوليسترول الدم العائلي والذين لا يعانون منه بين سن سنةٍ إلى 9 سنواتٍ».[38][39] اقتُرحَ أن يُكشف على الأطفالِ المُتهادين، وفي عام 2016 نُشرت نتائجُ تجربةٍ على 10,000 طفلٍ في سنِ عامٍ واحد، ولكن هُناك حاجةٌ للعلم على إيجاد ما إذا كانَ الكشفُ عليهم فعالًا من حيث التكلفة ومقبولًا للأُسر.[40][41] العلاجمتغايرو الزيجوتغالبًا يُعالج فرط كوليسترول الدم العائلي بواسطة الستاتين،[18] والذي يعملُ على تثبيطِ إنزيم مختزلة 3-هيدروكسي-3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ (HMG-CoA-reductase) في الكبد، وردًا على ذلك، يقومُ الكبد بإنتاجِ مستقبلات البروتين الدهني مُنخفض الكثافة، والتي تُزيل البروتين الدُهني منخفض الكثافة من الدم. يُقلل الستاتين مستوياتِ الكوليسترول والبروتين الدهني منخفض الكثافة بفعاليةٍ، ومع ذلك، فإنَّ إضافةً أدويةٍ أخرى للعلاج قد يكونُ مطلوبًا أحيانًا، ومنها منحيات حامض الصفراء (كوليسترامين أو كوليستيبول) ومُستحضراتُ حمض النيكوتينك أو الفايبرات.[12] أيضًا يجبُ ضبطُ عواملِ الخطرِ الأخرى للأمراضِ القلبية الوعائية، حيثُ يبقى الخطرُ مرتفعًا إلى حدٍ ما حتى لو ضُبطت مستوياتُ الكوليسترول. تُوصي التوجيهاتُ المهنية، بأنَّ اتخاذ القرار لمعالجةِ شخصٍ مُصابٍ بفرط كوليسترول الدم العائلي بواسطة الستاتين يجب أن لا يعتمدَ على الأدواتِ المُعتادة للتنبؤ بالمخاطر (مثل تلكَ المُستمدة من دراسة فرامنغهام للقلب)؛ وذلك لأنه من المُحتمل أن لا يأخذ بعينِ الاعتبار خطرَ حدوث الأمراض القلبية الوعائية. المُصاب بفرط كوليسترول الدم العائلي يكونُ عكس أفرادِ المجتمع الآخرين، حيثُ يمتلكُ مستوياتٍ عالية من الكوليسترول منذُ الودلاة، مما قد يزيدُ من خطرها النسبي.[42] قبل دخولِ الستاتين حيزَ الاستخدام، كانت تستعمل أدويةٌ أخرى لخفضِ مستويات كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة، وهي الكلوفايبرات (فايبرات قديم، يُسبب حصواتٍ صفراوية) والبروبوكول (خاصةً عندَ وجودِ ورمٍ أصفر كبير) والثيروكسين. تُعتبر إضافةُ الإزيتمايب للعلاجِ مثيرةً للجدل، حيثُ يثبطُ امتصاص الكوليسترول في القناةِ الهضمية، وعلى الرغمِ من أنهُ يقللُ كوليسترول البروتين الدهني مُنخفض الكثافة إلا أنه لم يظهرُ أيُ تحسنٍ في علامة التصلب العصيدي المعروفة باسم سماكة الغلالة الباطانة-الوسطانية، ومن غيرِ المعروف ما إذا كان هذا الأمر يعني أنَّ الإزيتمايب ليسَ له فائدةٌ عامة.[43] لا تُوجد دراسات تداخلية تُظهر مباشرةً فوائدِ انخفاض الكوليسترول على الوفاة لدى مرضى فرط كوليسترول الدم العائلي. بدلًا من ذلك، استُمدت أدلةٌ على الفائدة من تجاربَ متعددة أُجريت على الأشخاص الذي يعانون من فرط كوليسترول الدم متعدد الجينات (حيثُ تلعب الوراثة فيه دورًا أقل). على الرغم من ذلك، في عام 1999 أظهرت دراسةٌ رصدية على سجلٍ بريطانيٍ كبير، أنهُ قد بدأ مُعدل الوفيات بين مُصابي فرط كوليسترول الدم العائلي بالتحسُن في أوائل التسعينات عندما أُدخلَ الستاتين.[44] اقترحت دراسةٌ أترابية أنَّ علاجَ فرط كوليسترول الدم العائلي بالستاتين يؤدي إلى انخفاضٍ بنسبة 48% في الوفاةِ الناجمة عن مرضِ القلب التاجي إلى نقطةٍ ينعدمُ الموت فيها بسبب مرض القلب التاجي مقارنةً مع باقي السُكان، ولكن إذا كانَ الشخص يعاني بالفعلِ من مرض القلب التاجي فإنَّ الانخفاضَ يكونُ بنسبةِ 25%. تؤكد النتائج على ضرورةِ التحديدِ المُبكر لفرط كوليسترول الدم العائلي وعلاجه بالستاتين.[45] الأليروكوماب والإيفولوكوماب، هما نوعان من الأجسامِ المُضادة أحادية النسيلة ضد النوعِ التاسع سبتيليزين/كيكسين كونفيرتاز طليعة البروتين (PCSK9)، ويوصفانِ خصوصًا كإضافةٍ للنظام الغذائي وللعلاج المُقاوم الأقصى للستاتين في البالغين المُصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي مُتغاير الزيجوت، حيثُ يحتاجون إلى خفضٍ إضافي في كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة.[46] متماثلو الزيجوتعلاجُ مُتماثلي الزيجوت أصعبُ من متغايري الزيجوت، حيثُ أنَّ مستقبلاتِ البروتين الدهني مُنخفض الكثافة تعملُ بشكلٍ طفيف أو رُبما لا تعمل. يحتاجُ مُتماثلي الزيجوت إلى جرعاتٍ عالية من الستاتين، وتكونُ في تركيبةٍ مع أدويةٍ أُخرى، حيثُ تساعد قليلًا على تحسين مستويات الليبيدات.[47] إذا لم ينجحِ العلاج بالأدوية على تخفيض مستويات الكوليسترول، فيُمكن استعمالُ فصادة البروتين الدهني منخفض الكثافة، والتي ترشح البروتين الدهني منخفض الكثافة من مجرى الدم، في عمليةٍ مُشابهةٍ للغسيل الكلوي.[12] الحالاتُ الشديدة من فرط كوليسترول الدم العائلي تُوضع لزراعة الكبد، حيثُ يُوفرُ كبد بمستقبلاتِ وظيفية للبروتين الدهني منخفض الكثافة، وهذا يؤدي إلى تحسنٍ سريع في مستويات الكوليسترول، ولكنَه في خطرٍ من حدوث مضاعفاتِ زراعة الأعضاء الصلبة (مثل رفضِ الزراعة والعدوى والآثار الجانبية للأدوية الضرورية لكبتِ الرفض).[48][49] تتضمن التقنياتُ الجراحية الأخرى، جراحة تجاوز الأمعاء اللفائفية الجزئية، والتي فيها يُتجاوز جزءٌ من الأمعاء الدقيقة لتقليلِ امتصاص العناصر الغذائية والتي تتضمن الكوليسترول، وأيضًا يُمكن إجراء جراحة التحويلة البابية الأجوفية، والتي فيها يُربط الوريد البابي مع الوريد الأجوف مما يسمحُ للدم مع العناصر الغذائية في الأمعاء بتجاوزِ الكبد.[50][51][52] اللوميتابيد هو مُثبطٌ للبروتين الناقل لثلاثي الغليسريد الصغروري،[53] وقد وافقت عليه إدارة الغذاء والدواء الأمريكية في ديسمبر 2012، وذلك ليُستَعمل كدواءٍ يتيم في علاجِ فرط كوليسترول الدم العائلي متماثل الزيجوت.[54] في يناير 2013، وافقت إدارة الغذاء والدواء على دواءِ ميبومرسين، والذي يثبطُ عملَ جين صميم البروتين الدهني بي، مما يساعدُ في علاجِ فرط كوليسترول الدم العائلي متماثل الزيجوت.[55][56] يُعتبر العلاج الجيني البديل المُستقبلي المُحتمل.[57] الأطفالبما أنَّ فرط كوليسترول الدم العائلي قد يحدثُ منذُ الولادة وقد تبدأ علاماتُ التصلب العصيدي بالظهورِ مبكرًا،[58] فمن الضروري أحيانًا علاجُ اليافِعين وحتى المراهقين بأدويةٍ وعواملَ طُورتَ أصلًا لعلاجِ البالغين. يُفضل العديدُ من الأطباء استخدام منحيات حامض الصفراء والفينوفايبرات، وذلك لأنها مُرخصةٌ للاستعمال في الأطفال، ولمخاوفِ تتعلق بسلامة استعمال الأدويةِ الأخرى،[59] وعلى الرغم من هذا، فإنَّ الستاتين يبدو آمنًا وفعالًا،[60][61] ويُمكن استعمالهُ في الأطفال الأكبرِ سنًا كما في البالغين.[13][59] في بدايةِ 2006، أوصت لجنةٌ من الخبراءِ بالعلاجِ المركب مبكرًا بفصادة البروتين الدهني منخفض الكثافة والستاتين ومثبطاتِ امتصاص الكوليسترول في الأطفال ذوي الخطرِ الأعلى من فرط كوليسترول الدم العائلي متماثل الزيجوت.[62] الانتشارحسبَ علم الوبائيات، فإنَّ الانتشار العالمي لفرط كوليسترول الدم العائلي حوالي 10 ملايين شخص.[18] حسبُ مُعظم الدراساتِ السُكانية، فإنَّ فرط كوليسترول الدم العائلي مُتغاير الزيجوت يحدثُ بحوالي 1:500 شَخص، وليسَ شرطًا تتطورُ جميعِ الأعراض،[12] أما النوعُ متماثل الزيجوت، فإنهُ يحدث بحوالي 1:1,000,000 شخص.[12][13] يزدادُ شيوعُ طفراتِ مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة في مجموعاتٍ سُكانية مُعينة، ويُفترضُ أنَّ هذا الأمر بسببِ ظاهرة جينية تُعرف باسم تأثير المؤسس، والتي تأسست من قبلِ مجموعةٍ صغيرة من الأفراد، واحدٌ منهم أو أكثر حاملٌ للطفرة. يمتلكُ الأفريقان والكنديون الفرنسيون واللبنانيون والفنلنديون والمسيحيون معدلاتٍ عالية من الطفراتِ الخاصة والتي تجعلُ فرط كوليسترول الدم العائلي شائعًا بينهم، أما طفراتُ صميم البروتين الدُهني بي فهيَ شائعةٌ في أوروبا الوسطى.[12] التاريخيُعتبر الطبيب النَرويجي كارل مولر أولَ من ربطَ بين العلاماتِ الجسمية وارتفاعِ مستويات الكوليسترول والوراثة الصبغية الجسدية السائدة، وكانَ ذلك عام 1938.[63] في أوائلِ سبعيناتِ وثمانيناتِ القرن العشرين، وصفَ الطبيبان جوزف غولدشتاين ومايكل براون السبب الجيني لفرط كوليسترول الدم العائلي، حيثُ وجدا في البداية زيادةً في نشاطِ مختزلة 3-هيدروكسي-3-ميثيل جلوتاريل تميم الإنزيم أ (HMG-CoA reductase)، إلا أنَّ الدراساتِ أظهرت أنَّ هذا لم يُفسر مستوياتِ الكوليسترول الشاذة جدًا لدى المُصابين بفرط كوليسترول الدم العائلي،[64] ثُمَ تحولَ التركيزُ إلى دراسةِ ارتباطِ البروتين الدهني مُنخفض الكثافة معَ مُستقبله، وآثارِ ضعفِ الارتباط على الأيض، وثبتَ أنَّ هذا الأمر يتعلق بالآلية الكامنة وراء فرط كوليسترول الدم العائلي.[65] فيما بعد، حُددت العديد من الطفراتِ في البروتين عن طريقِ تسلسله،[22] وفي عام 1985، حصلا على جائزة نوبل في الطب لاكتشافهما مستقبل البروتين الدهني منخفض الكثافة وتأثيره على أيض البروتينات الدُهنية.[66]
ملاحظات
انظر أيضًاالمراجع
وصلات خارجية
|