شِعار القبائل هو كل عِبارة خاصة بين أفراد قبيلة أو فئة مقاتلة ليتعرّف بها بعضهم على بعض وليُحرّض بعضهم بعضًا ولإخافة عدوهم، وهي الأصل القديم للكلمات السرية والرموز بين الجنود في الحروب المعاصرة،[1][2] وما زالت لعشائر العرب شعارات يُسمّونها نخوة.[3]
الشعار في اللغة
اسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار في الحرب؛ وقال النابغة الذبياني:
مُستَشعِرينَ قدَ الفَوا في ديارِهِمُ
دُعاءَ سُوعٍ، ودُعميٍّ، وأيّوبِ
يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بِشعارهم، وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بشعارهم.[4]
الشعار في الفقه
تقال كلمة الشعار بمعنى «علامة» لثلاثة استعمالات:
الراية التي تحملها كل فئة أو عشيرة ويسيرون تحتها إلى الحروب وتتميز كل فئة برايتها.
علامة تتميز بها كل فئة، كأن يتوشّحوا بخِرقٍ ذات ألوان تميّزهم من غيرهم.
نداء تتعارف به كل قبيلة، فإذا قال بعضهم لبعض يا آل فلان اجتمَعوا أو دافَعَ بعضُهم عن بعض وتضافروا، فهذا كله وإن لم يكن فقهًا فهو سياسة لحفظ مصالح الجيش.[5]
و قال الحجاوي «ويجعل الأميرُ لكل طائفة شعارًا يتداعون به عند الحرب»،[6] وذُكِرَ في بيان واجبات أمير الجيش «أن يجعل لكل طائفة شعارًا يتداعون به، ليصيروا به متميزين، وبالاجتماع به متظافرين».[7]
روى البيهقي في السنن الكبرى عدة أحاديث في «باب ما جاء في شعار القبائل ونداء كل قبيلة بشعارها»، وذكر شعارات قيلت في العهد النبوي:
عن عروة بن الزبير قال: جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعار المهاجرين يوم بدر: يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بني عبد الله، وشعار الأوس: يا بني عبيد الله، وسمّى خيلَه يا خيل الله.[10]
عن سلمة بن الأكوع قال: غزوت مع أبي بكر - رضي الله عنه - زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكان شعارنا: يا منصور أَمِتْ أَمِتْ[11] (تحريض على إماتة الأعداء وتفاؤل بموت الخصم).[12]
روى أبو صفرة أنّ الرسول محمدًا قال: إن بَيّتُّم فْليَكُنْ شعارُكم «حم لا ينصرون»[13] (التبييت هو الإغارة والمباغتة ليلًا).[12]
ذكر الحافظ ابن كثير أن شعار المسلمين في موقعة اليمامة سنة 11 الهجرية كان [محمداه]"،[14] قال ابن الأثير في كتابه الكامل في التاريخ "ثم برز خالد ودعا إلى البراز ونادى بشعارهم، وكان شعارهم: يا محمداه! فلم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله. ودارت رحا المسلمين".[15]
المرابطون
المرابطون اسمٌ كان في أصله شعارًا للقبائل الصنهاجية التي تصدّت للدعوة في المغرب والصحراء في القرن الهجري الخامس، فكانت كلمة «مرابطون» شعارَ الملتحقين بلواء الحركة.[16]
المغول
حين تقاتل الملك طقطا بن منكوتمر بن هولاكو مع نوغيه، قُتلَ نوغيه، وهُزمَ جيشُه، واستتروا بظلام الليل واختفوا في غمار جيش طقطا، وتنادوا بشعارهم ليظنوا أنهم من أصحابهم، وكان شعارهم على ما حكاه من شهد الوقعة معهم: اتلَ بايق، فسلموا في تلك الليلة.[2]
مقاصد الشعار
ليتعارف الحلفاء والمنتمون لفئة واحدة ويتعاونوا على غيرهم لأن المتقاتلين في الحروب يتلثمون فلا يُعرف أحدهم بهيئته بل بالشعار والنخوة المُسمّاة المتفق عليها بينهم، وإذا انتخى رجل فيجب على رجال عشيرته أن يستجيبوا له ما لم يكن مقصود النخوة هو تحريض بعض العشيرة على بعض.[3]
ما زال حتى الآن شعار القبائل متوارثاً بين العرب، وله عدة أسماء مترادفة أو متقاربة المعاني، كالعَزْوة والنخوة والصيحة والندبة،[1] قال شكيب أرسلان «جرت العادات عند العرب بأن يتخذ عشائرهم أسماء خاصة يتنادون بها في ميادين القتال، فهؤلاء يقال لهم «إخوة بلجاء» وهؤلاء يقال لهم «إخوة شيخة» وأولئك يقال لهم «رعاة العليا» أو «فرسان الصباح» وما أشبه ذلك من الألقاب والكُنى»،[19] وقد استقصى شكيب أرسلان النخوات بين عشائر الشام، واعتقدَ أنّ اسم النخوة القديم هو الاكتناء، غيرَ أنه لم يذكر مصدر هذه التسمية، وقال «إنه لمعلوم أن لكل مبارز شعارا ينادي به في ميدان الحرب، وهذا هو المسمى عند الماضيين بالاكتناء وعند المعاصرين بالنخوة، وهي في اللغة العظمة والفخر: يقولون انتخى عليه افتخر وتعظم. وحيث كان المنتخي أكثر ما ينتخي على طريق الكنية كأن يقول: أنا أبو فلان وأخو فلان جعل هذا المذهب من الفخر في ساحة القتال اكتناء وسمي هذا الاكتناء انتخاء. ومنه قول الإمام علي رضي الله عنه: أنا أبو حسن القرم ومنه: أنا الغلام الغفاري. وقد ورد في الحديث: رأيت علجا في القادسية وقد تكنى وتحجى والتكني هو هذا والتحجي هو الزمزمة على عادة الفرس.»،[20] والنخوة هي شعار ونداء لطلب المساعدة بين أفراد القبيلة وللتفاخر بينها، ولكل عشيرة نخوة واحدة أو أكثر يتعارفون ويتنادون بها، كأنها كلمة سرّ، وكثيرًا ما يكون لفظ النخوة مشتقًّا من اسم أسلاف وجهاء العشيرة، وإذا نُودِيَ بالنخوة استجاب كل أفراد العشيرة ولو كان بينهم خصومات خاصة، ولا يسألون المستغيث بهم عن دليل صدقه، بل يهبّون لنجدته فوراً.[3][21][22]، والظاهر أن كلمة «نخوة» أصلها «إنّا إخوة»، وأصبحت النخوة من علامات وجود قرابة بين العشائر، فإذا أشكل على عشيرة صلتها بعشيرة أخرى فإن اتحاد النخوة يُعدّ علامة على أنهما من أصل واحد، ولكن لا يكون تشابه النخوة وحده دليلاً على القرابة.[21][23][24]
صِيغ النخوات
أخو فلان وأخو فلانة، وابن كذا، وولد كذا، وأهل كذا، وراعي كذا، ومن يقول ذلك يُسمّى قولُه نخوة وانتخاء، يقولون انتخى فلان: أي نادى بمثل هذه الصيغ.[3]
أنواع النخوة
نخوة خاصة تدلّ على نسب العشيرة، يتنادي بها أهل العشيرة فيما بينهم.
آلاد سالم معناها أولاد سالم، وقد كانت هذه نخوةً لكل العتوب إلى أن سكنوا في الكويت، وبقيت حتى بعد انتصار آل صباح في معركة الرقة.[27][28] قالت ميمونة خليفة الصباح "يقول الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة، في رسالة جوابية للاستاذ سيف مرزوق الشملان بتاريخ 4 ذي الحجة 1374هـ «إننا آل خليفة وآل الصباح كلنا عنزة من قبيلة العمارات أبناء تغلب بن وائل، ونستطيع أن نذهب أكثر من ذلك فنقول إن للأسرتين رباط قربى أكبر من اعتبارهم من قبيلة واحدة، فهما تنتميان إلى نفس الفخذ (جميلة) وإلى نفس الفرع (شملان)، ولا نستبعد أن يربطهم جد واحد، حيث كانت عزوتهم وشهرتهم عند هجرتهم من موطنهم (الهدار) (ألاد سالم - أي أولاد سالم) كما يقول الشيخ عبدالله بن خالد آل خليفة وزير العدل والشؤون الإسلامية السابق رئيس مركز الوثيقة بالبحرين.[29]
نخوة العوجا هي نخوة الدولة السعودية، يذكرها السعوديون في أهازيجهم الوطنية، والعوجا هي اسم لبلدة الدرعية، عاصمة إمارة الدرعية التي سُميت في العصر الحديث الدولة السعودية الأولى.[30][31]
العقيلات جمع عقيلي، وهي كانت اسم مهنة تجار القصيم، وللمشاركين للتجار في الرحلة إلى العراق والشام ومصر لبيع منتجاتهم الصحراوية كالإبل والغنم ومنتجاتها، وشراء الأطعمة من تلك البلدان وجلبها إلى إقليم نجد، لا ينتسب العقيلات إلى عشيرة واحدة، بل هم عدة أسر، كل أسرة تنستب إلى قبيلة، نخوة العقيلات أولاد علي، قيل: إن عليّاً من أجداد آل أبو عليان حكام بريدة السابقين، وقيل: إنها أولاد علي هي نخوة الدهامشة من عنزة، وكان آل عليان قد تحالفوا مع الدهامشة وتآزروا في معارك، فاشتركوا في نخوة أولاد علي، ثم أصبح النخوة لأهل القصيم عموماً.[37]
قيل إن معنى سناعيس هو سنا العيس، أي سوقها بشدة، وقال أنستاس الكرملي "أصلها (قناعيس) ومفردها قنعاس وهو الرجل الشديد وان القاف يبدل بالسين في بعض اللهجات مثل ساحة، و (قاحة)".[65]
نورة هي أخت الملك عبد العزيز، وكانت تشجعه على القتال وترفع هِمّته، وفي ساعات التحدي والصعاب كان عبد العزيز ينتخي فيقول "أنا أخو نورة"، وقد أصبح اسم نورة أول أسماء الإناث في السعودية عام 1436 هـ، إعجاباً بأخت الملك عبد العزيز.[71] وسُمّيتْ جامعة الأميرة نورة على اسم نورة أخت عبد العزيز.[72]
مريم هي ابنة عبدالله بن صباح بن جابر الصباح الحاكم الثاني للكويت، خطبها ابن شيخ بني كعب فرفض آل صباح طلبه، فقام بنو كعب بشنّ غارة على الكويت فتصدّى لهم أهل الكويت في معركة الرقة وجعلوا نخوتهم منذئذٍ "إخوان مريم"، وأُنتج مسلسل كويتي اسمه إخوان مريم.[78]
رُوي أن معركة حدثت بين جنود من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وعشيرة الشعيطات التي هي إحدى عشائر العقيدات، فكان الشعيطات يهتفون بنخوتهم "عيال الأبرز"، وكان بعض جنود داعش التونسيين يتساءلون عن "عيال الأبرز"، ما هم؟، فقال لهم جنود سوريون من داعش، إن ذلك وثن تعبده تلك العشيرة، وقد قالوا ذلك لأنهم يعلمون أن اللهجة لا يفهمها البعيدون عن المنطقة، وليحرضوهم على القتال.[81]