ماكس شتيرنر
يوهان كاسبر شميتد (بالألمانية: Max Stirner) المعروف بـماكس شتيرنر فيلسوف ألماني، يعتبر من أحد آباء الفلسفة العدمية والوجودية وما بعد الحداثة واللاسلطوية وخاصة السلطوية الفردية. العمل الأساسي لشتيرنر هو الأنا العليا وذاتها، والتي طبعت لأول مرة سنة 1844 في لبسيا. سيرةولد ماكس شتيرنر ببايرويت عام 1806، توفي والده بعد عام من مولده بسبب السل.
البورتريه الأكثر شهرة لشتيرنر رسمه أنجلز بعد أربعين سنة من الذاكرة بعدما طلبه كاتب السيرة لشتيرنر جون هنري ماكاي، وليس واضحاً أن يكون هذا الرسم أو الرسم الذي يضم المجموعة بحانة هيبل الأولى والوحيدة لشتيرنر. عمل كمدرس في جمانيزيوم للبنات الصغيرة تملكه السيدة جروبيوس[4] وقتما كتب عمله الأساسي (الأنا العليا وذاتها)الذي كان جزءاً من سجال ضد قيادي الهيجليين الصغار لودفيج فويرباخ وبرونو بوير، وأيضا كان ضد الشيوعيين أمثال فيلهلم فايتلينج واللاسلطوي بيير جوزيف برودون، واستقال من مهنة التدريس بسبب الجدل والصخب العام الذي أدره مؤلَفه الأساسي المنشور في أكتوبر 1844. تزوج شتيرنر مرتين، الأولى كانت خادمة وقع في حبها في سنٍ صغير وماتت بعد زواجهما لتعقيدات خاصة بالحمل عام 1838. وفي عام 1843 تزوج مرة أخرى بفرد من جماعة الحرية وهي ماري داينهردت، وتطلقا عام 1846. وقد أهداه مؤلَفه الأساسي، ولاحقاً تحولت ماري للكاثوليكية وتوفيت عام 1902 بلندن.
خطط شتيرنر ومَوَل بميراث زوجته الأخيرة ماري محاولة بواسطة الهيجليين الصغار لامتلاك وتشغيل محل حليب على مبادئ تعاونية. وفشل جزئياً هذا العمل التجاري بسبب أن الفلاحين تشككوا من هؤلاء المتعلمين. كان المحل مجهز داخلياً بشكل راقي مما جعل عملاء المحل يشعروا بأنهم ليسوا على نفس المستوى الراقي لشراء حليبهم.
فلسفة شتيرنرصرح شتيرنر أن الدولة هي مؤسسة غير شرعية، مما جعله عاملاً مؤثراً في تراث اللاسلطوية؛ نظرته هي شكل مجرد للاسلطوية الفردية. لم يصرح شتيرنر بأنه لاسلطوي، وأدرج اللاسلطويين تحت قائمة الأحزاب الخاضعة للنقد. يسخر شتيرنر من الثورة بالحس التقليدي كشخص مدعم لفكرة الدولة. وذكرت استنتاجات ديفيد ليوبولد (في مقدمته لطبعة جامعة كامبريدج) أن شتيرنر وجد أن البشر منقوعين وسط الخرافات المظلمة، وأنكر التنوير والرفاهية. ومثل المشككون القدامى، كانت طريقة شتيرنر لتحرير النفس مخالفة لقواعد الإيمان، وكان مؤمناً بأن الحياة ليس بها أي افتراضات مبدئية دوغماتية.[5] أو أي فكرة ثابتة صلبة. ليست دوغماتية مسيحية مجردة[6] ولكن العديد من عقائديات الملحدين الأوروبيين تدينه لوضع أفكار لدورٍ مماثل. ماقترحه شتيرنر من مبادئ ليست مبادئ مقدمة لحكم الناس، ولكن الناس يجب أن تحكم المبادئ. نكران الحقيقة المطلقة هو جذر عدمية/فراغ النفس عند ستيرنر. قدم شتيرنر حياة منفصلة من اللادوغماتية وارتباطات منفتحة العقل مع العالم (كما هو، بدون أن يمسه الإيمان المسيحي أو الإنساني)، مرتبط بإدراك عدم وجود روح أو أي جوهر شخصي من أي نوع.
تأثير هيجل المحتمل على شتيرنرتجادل الباحثون أمثال كارل لوفيت ولورانس ستيبلفيتش عن إن كان هيغل قد أثر في العمل الأساسي لشتيرنر، ستيبلفيتش وضح أن هذا العمل ليس له بنيان ووتيرة هيغلية ككل، وأنه معاد بشكل أساسي لاستنتاجات هيغل عن الذات والعالم، ولكن كل ذلك لا يعني أن هيغل لم يؤثر في شتيرنر.
أعمالهالمفهوم الخاطئ للتعليم لديناعام 1842 نُشر هذا العمل في صحيفة راينشه تسايتونج التي كان يحررها ماركس في هذه الآونة.[9] كتب هذا العمل كرد لمقالة أوتو هاينسيوس الخاصة بالإنسانية ضد الواقعية. شرح شتيرنر في هذا العمل أن التعليم إما أن يكون بطريقة الإنساني القديمة أو الواقعي العملي الذي ما زال يفتقر للقيمة الحقيقية. التعليم نجح في أن يساعد الفرد بأن يكون فرداً. الفن والدينعام 1842 في الرابع عشر من شهر حزيران/يونيو نُشر هذا العمل في صحيفة راينشه تسايتونج. وجه هذا العمل لبوير ومنشوراته المضادة لهيغل والذي أطلق عليه بوير اسم عقيدة هيغل في الدين والفن المحكوم عليها من وجهة نظر الإيمان. الأنا العليا وذاتهاوكان هذا هو العمل الأساسي لستيرنر الذي ظهر في لبسيا في تشرين الأول/أكتوبر عام 1844 ونُشر في العام الذي يليه. أطلق فيه شتيرنر نقد فردي ومضاد للسلطوين بشكل أصولي للمجتمع البروسي المعاصر وبالمثل المجتمع الغربي الحديث. وفيه يعرض تقريب لوجودية الإنسان التي تصور الذات ليس لها كيان خلاقة لما بعد اللغة والواقع. هذا الكتاب يعلن أن كل الأديان والعقائديات ترتكز إلى مبادئ خاوية التي تمسك بمؤسسات المجتمع وتتدعى بأن لها سلطة على الفرد، وتكون دولةً أو تشريع أو كنيسة أو أنظمة تعليمية كالجامعات. حجة شتيرنر تكتشف وتمدد حدود النقد، ويصوب نقده تجاه معاصريه خصوصاً فويرباخ والعقائديات الشعبية التي تحوي الدين والتحررية والإنسانية (التي أرجعها إلى أنها مقابل للدين بتجريدية الإنسان أو الإنسانية ككينونة مطلقة)، والأممية والدولية والرأسمالية والاشتراكية والشيوعية للمنادي بالدولة أو المخطط للعموم.
نقاد شتيرنرنُشر بأيلول/سبتمبر عام 1845 في صحيفة فيجاندس فيرتليارهشريفت. كرد لشتيرنر يؤول به لشخص ثالث إلى ثلاثة اتعراضات نقدية لـ (لأنا العليا وذاتها) التي كتبها موسى هس في صحيفة آخر الفلاسفة بواسطة تسزليغا كاسم مستعار ملاصق لبرونو بوير في مقالة في صحيفة نوردويتش بلايتر، وبواسطة فويرباخ في مقالة جوهر المسيحية وعلاقتها بعمل ستيرنر الأنا العليا وذاتها. تاريخ رد الفعلنُشر هذا العمل على جزئين عام 1851 وتم حظره في النمسا.[11] ترجمها في سياق الثورات الحالية في الدول الألمانية كأعمال مختلفة لآخرين. المقدمة وبعض الفقرات الإضافية كتبها شتيرنر. وذكر فيها مقتبساً آراء أوجست كومت وإدموند بورك المتضادين عن الثورة. الاستقبال النقديلاحظ معاصروا شتيرنر عمله الفلسفي. حيث أن شتيرنر كان يهاجم العقائدية -خصوصا إنسانية فويرباخ- مما دفع فويرباخ إلى أن يرد عليه.
موسى هِس (في هذا الوقت كان قريبا من ماركس) وتسيلجا (الاسم المستعار لبرونو بوير) ردوا أيضاً على شتيرنر. أجاب شتيرنر النقد في مقالته نقاد شتيرنر عام 1945، مما توضح نقاط عديدة مهمة للكتاب الأساسي وخصوصا المتعلق بفويرباخ.
تأثير شتيرنر على الساحة الفكريةبينما حقق عمل شتيرنر (الانا العليا وذاتها) ناجحا باهر وجذب رد فعل كبير من الفلاسفة المشاهير بعد الطباعة، والأثر الذي خرج عن السياق وأنشأ سوء سمعة للكتاب اندثر قبل وفاة شتيرنر بأعوام عديدة.[12] كان لشتيرنر صدى مدمر على الهيغلية اليسارية على الرغم أن فلسفته كان لها أثر لايستهان به على ماركس وأعظم ماأبدع، فأصبح كتاباً من اسس اللاسلطوية الفردية.[12] ذكر إدموند هورسل مرة محذراً جمهور صغير من القوة المغرية لكتاب شتيرنر، ولكن لم يذكر ذلك أبداً في أي من كتابته.[13] كما لاحظ الناقد الفني والعاشق لشتيرنر هيربرت ريد أن الكتاب ظل في أحشاء الثقافة الغربية منذ وهلة ظهوره.[14]
ماركس وأنغلز![]() رسم كاريكاتيري لجماعة الحرية من رسم "فريدريك أنغلز" .علق انغلز على شتيرنر بالشعر في فترة الحرية:
ذكر مرةً ما كيف كانا صديقين حميمين. في تشرين الثاني/نوفمبر عام 1844، كتب انغلز رسالة لماركس، ذكر فيها أولاً زيارته لموسى هِس في كولونيا وأكمل إلى ملاحظة ذكر فيها انه خلال الزيارة أعطاه موسى نسخة من كتاب شتيرنر الجديد. وفي الرسالة وعد انغلز ماركس بأن يرسل له نسخة من نفس الكتاب ولذلك فالكتاب بالتاكيد حاز انتباههم، كما أن شتيرنر يحوز بوضوح وسط الأحرار بالمهوبة العظيمة والاستقلال والمثابرة. كان أنغلز متحمساً للكتاب، وعبر عن رأيه بحرية في رسائله لماركس:
ولاحقاً كتب ماركس وأنغلز نقد رئيسي لعمل شتيرنر. كرست عدد صفحات ماركس وانغلز لمهاجمة شتيرنر في (النص غير المُنقح) للعقائدية الألمانية حيث سخرا منه واصفينه بالقديس ماكس، عدد هذه الصفحات تعدت مجمل أعمال شتيرنر.[17] وصف إزايه برلين أن شتيرنر قد لوحق خلال خمسمائة صفحة من عيار السخرية والاستهزاء الثقيل.[18] هذا الكتاب كتب عامي 1845-1846 ولكن لم ينشر إلا عام 1932. مطولة ماركس الجدلية الشرسة تجاه شتيرنر تعتبر نقطة تحول مهمة في تطور ماركس الفكري من المثالية للمادية. يقال أن المادية التاريخية كان طريقة ماركس لتوفيق الشيوعية مع رفض شتيرنر للأخلاق.[19] تأثر نيتشه بشتيرنرعادة ماتقارن أفكار كل من ماكس شتيرنر وفريدريك نيتشه، والعديد من الكتاب ناقشوا التشابهات الظاهرة في كتاباتهما، فيصعد أحياناً السؤال على التأثر بشتيرنر. في ألمانيا خلال الأعوام المبكرة التي ظهر فيها نيتشه وأصبح معروفاً، المفكر الوحيد الذي ناقش صلته بأفكار شتيرنر كان آرثر شوبنهاور. من المؤكد أن نيتشه قرأ كتاب شتيرنر المهم حيث ذُكر في كتاب تاريخ المادية للانجه وفلسفة اللاوعي لإدوارد فون هارتمان كلاهما عرفهما نيتشه جيداً. ومع ذلك لايوجد أي إشارة أنه قرأه بالفعل، ولايوجد أي ذكر لشتيرنر في أي مما كتب نيتشه. في عام 2002 جعل اكتشاف سيرة من المحتمل أن يكون نيتشه قد صادف أفكار شتيرنر قبل أن يقرأ هارتمان ولانجه، وهذا بسبب أنه في عام 1865 قد قابل إدوارد موشاكه صديقٌ قديم لشتيرنر خلال الأربعينات من القرن الثامن عشر.
رودلف شتاينرفلسفة رودلف شتاينر المبكرة تميل للإتجاه اللاسلطوي الفردي قبل أن يتجه إلى الثيوصوفية عام 1900، وباعترافه تاثر شتاينر بمبدأ شتيرنر للأنا، ولهذا يقال أن شتيرنر قد أرسى قواعد وأُسس فلسفية. لاسلطويةفلسفة شتيرنر مهمة للاسلطوية. عادة ما يُلحق شتيرنر في اللاسلطوية باللاسلطوية الفردية ولكنه أُعجب في العموم باللاسلطويين الاشتراكيين أمثال النسوية اللاسلطوية إيما جولدمان وفيدريكا مونتسيني (كلاهما أيضاً أحبا نيتشه). أثر في أهم أنصار اللاسلطوية الفردية الأوروبية أمثال إيمل أرمان وهان رينر ورينزو نوفاتوري وجون هنري ماكاي وميجول غيمنيز إغولادا وليف تشيرني. في اللاسلطوية الفردية الاميريكية جاور اسمه بنيامين تاكر ومجلته (الحرية) بينما هُجرت الحقوق الطبيعية المواقف الأنانية. " تأثرت العديد من الدوريات بلا شك بطريقة تقديم مجلة الحرية للأنانية. وألحقوا: نشرتُ بواسطة سوارتز وحررها غورداك ولويد (كل مشاركين بالمجلة)؛ الأنا والأنانية، حرر كلاهما إدوارد فولتن. مابين أوراق الأنانية التي تلاها تاكر كانت النسخة الألمانية، حررها أدولف براند، و (الصقر والثعبان)، صادرة من لندن. الأخير، كانت أبرز صحيفة أنوية، نُشرت من 1898 إلى 1900 بعنوان ثانوي (صحيفة فلسفة وعلم اجتماع الأنانية). أما اللاسلطويون الأنويون الآخرين في بداية القرن العشرين هم امثال جايمس واكر وجورج شوم وجون بيفرلي روبنسون وستيفن بينغتون وإدوارد فولتون. أما في المملكة المتحدة فتأثر هيربرت ريد بشتيرنر لذكره اقتراب أنانية شتيرنر بالوجودية. وفي نهاية ستينات القرن التاسع عشر قال دانيال جويرن في اللاسلطوية في (من النظرية للتطبيق) عن شتيرنر أنه أعاد تأهيل الفرد في وقت كان الحقل الفلسفي قد سيطرت عليه الأفكار الهيغلية المضادة للفردية ومعظم الإصلاحيين في المجال الاجتماعي قد ضللتهم الأفعال الأنانية للبورجوازيين لتشديد ضديتها" وأشار إلى "جرأة ونطاق فكرته." في السبعينات وضعية جمعية أميريكية أطلقت على نفسها (لأجلنا) نشرت كتاباً تحت مسمى (الحق لتكون طماعاً: هذا للضرورات العملية لطلب كل شيء) حيث دافعوا عن شيوعية أنانية معتمدين على شتيرنر في شروحهم. مؤخراً في الولايات المتحدة ظهر ميل لليسار التقدمي اللاسلطوي حيث يعتمد بتعمق على شتيرنر في هيئات مثل نقد العقائدية. يقول جايسون ماكوين أنه "عندما هو (واللاسلطويون الرافضون للعقائدية) ينتقدوا العقائدية، كانت دائماً من وجهة نظر نقدية لاسلطوية متأصلة في الفلسفة التشككية واللاسلطوية الفردية لماكس شتيرنر.وأيضاً بوب بلاك وفيرال فاونن وولفي لاندشترايشر مهتمين بالأنانية الشتيرنرية. في هجين من البنيوية التقدمية واللاسلطوية تدعى لاسلطوية تقدمية. كتب ساول نيومان عن شتيرنر والتشابهات بينه وبين البنيوية التقدمية. أما اللاسلطوية التمردية لها علاقة وثيقة بشتيرنر كما يتضح في أعمال ولفي لاندشترايشر وألفريدو بونانو اللذان كتبا عنه أعمال مثل (ماكس شتيرنر) و (ماكس شتيرنر واللاسلطوية). الحب الحر والمثلية والنسويةأصدر الشتيرنري الألماني أدولف براند دورية مثلية تدعى "في الخاصة" عام 1896. وهذه أول دورية مثلية تنشر في العالم، وانتهت عام 1931. الاسم مأخوذ من أعمال شتيرنر الذي تأثر به براند وأرجع مافعل إلى مبدأ شتيرنر بامتلاك الفرد للنفس. وناشطٌ آخر مبكر للمثلية تأثر بشتيرنر هو جون ماكاي. أما المنادون بحقوق النساء تأثروا أيضاً بأفكار شتيرنر منهم دورا مارسدن التي حررت صحيفتي (المرأة المتحررة) و (المراة المتحررة الجديدة) والنسوية اللاسلطوية إيما جولدمان. واثر شتيرنر في الداعي للحب الحر والحب المتعدد إيمل أرمان في سياق اللاسلطوية الفردية الفرنسية لبداية القرن العشرين حيث كان معروفاً بـ (ندائه للتعري الطبيعي، والدفاع القوي عن طرق منع الحمل، وفكرة (اتحاد الأنويين) مع التبرير الوحيد لتعدد للممارسات الجنسية.) تعليقات معاصريهبعد ظهور كتاب شتيرنر بعشرين عاماً، الكاتب فريدريش ألبيرت لانجه كتب الآتي:
اعتقد الناس أن الجزء الثاني الإيجابي سيضعه لاحقاً، ولكن ليس بيد شتيرنر ولكن بيد نيتشه. يتضح أن العلاقة بين نيتشه وشتيرنر علاقة معقدة جداً.[21] طبقاً لجورج ستاك ونيتشه أن نيتشه قرأ (تاريخُ المادية) للانجه مراراً وتكراراً وهكذا مألوفٌ له جداً الفقرة التي تخص شتيرنر.[22] روابط خارجية
مصادر
|
Portal di Ensiklopedia Dunia