كان الوزير نائبًا للقائد العام لقوات الثورة الفلسطينية، وكان له تأثير كبير على نشاط حركة فتح العسكري. يتولّى الوزير قيادة جهاز الأرض المحتلة (القطاع الغربي)، كما كان أحد أبرز قادة الانتفاضة الفلسطينية الأولى وأبرز القادة المُصممين على استمرار الكفاح المسلح. في 16 أبريل 1988، اغتالته إسرائيل في مقر إقامته بتونس بالتزامن مع أحداث الانتفاضة الفلسطينية الأولى.[8]
زار ياسر عرفاتغزة سنة 1954، وتعرف الوزير عليه كصحافي شاب، فقد كان الوزير مسؤولًا عن تحرير مجلة «فلسطيننا» الطلابية.[5][15] وبنفس العام اعتقلته السلطات المصرية.[5]
استثمر الوزير وجوده في الكويت لتعزيز علاقته بياسر عرفات وغيره من الفلسطينيين المنفيين والذين التقى بهم في مصر، واتفقوا في خريف 1957 على تأسيس تنظيم سري بهدف تحرير فلسطين عبر الكفاح المسلح. في نوفمبر 1959 عُقد اجتماع في الكويت ضم شبان فلسطينيين قدموا من عدة دول عربية، أُعلن فيه عن تأسيس حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح)، واُختير الوزير عضوًا في اللجنة المركزي الأولى للحركة، واستمر عضوًا حتى اغتياله عام 1988.[3][16] انتقل الوزير إلى بيروت في أكتوبر 1959 بعد تكليفه بتحرير المجلة الشهرية للحركة «فلسطيننا–نداء الحياة»، حيث كان الوحيد الذي عنده ميول للكتابة.[16]
ساهم الوزير بين عامي 1960 و 1962، في تشكيل خلايا سريّة لحركة فتح في الضفة الغربية، وساهم في شراء وتخزين السلاح لهم.[3]
في عام 1962 كان اللقاء الأول الذي جمع الوزير بتشي جيفارا في فندق اليتيه بمدينة الجزائر عندما كان يعمل جيفارا مترجمًا لدى المكتب.[16][18]
كُلف الوزير بسبب اعتماده للمقاتلين واتصالاته مع الدول الموردة للأسلحة بدور تجنيد وتدريب المقاتلين، وبالتالي إنشاء الجناح العسكري لحركة فتح، العاصفة.[19]
في مايو 1964، شارك في المؤتمر الوطني الفلسطيني الذي عقد في مدينة القدس، والذي أُعلن فيه تأسيس منظمة التحرير الفلسطينية، وكان عضوًا في اللجنة السياسية للمؤتمر.[3]
في 31 ديسمبر 1964، نفذت مجموعة مقاتلة من حركة فتح عملية نفق عيلبون فجروا فيه شبكة مياه إسرائيلية وجرحوا جنديين إسرائيليين، وكانت عملية رمزية أعلن بعدها عن انطلاقة حركة فتح.
سوريا وما بعد حرب النكسة
استقر الوزير وقيادة حركة فتح في دمشقبسوريا عام 1965؛ للاستفادة من العدد الكبير من أعضاء جيش التحرير الفلسطيني هناك، حيث أقام مقر القيادة العسكرية لقوات الثورة الفلسطينية، وكُلف بالعلاقات مع الخلايا الفدائية داخل فلسطين. في 9 مايو 1966، اعتقلت السلطات السورية الوزير وعرفاتومختار بعباع بعد مقتل الضابط البعثي الفلسطيني في الجيش السوري يوسف عرابي في 5 مايو 1966 بمخيم اليرموكللاجئين الفلسطينيين. كان عرابي مقربًا من وزير الدفاع في ذلك الحين حافظ الأسد. نُقل عرفات والوزير وبعباع إلى سجن المزة ومكثوا في الحبس الانفرادي. عيّن الأسد لجنة تحكيم من ثلاثة أشخاص للتحقيق في القضية التي وجدت أن عرفات مذنب وحكم عليه بالإعدام. نائب الأمين العام لرئيس سوريا آنذاك صلاح جديد عفا عنهما وأغلق الملف.[3][5][16][21][22]
ساهم الوزير في عملية أسر ثماني جنود إسرائيليين في لبنان وعقد صفقة تبادل بنحو 4,500 أسير لبناني وفلسطيني في جنوب لبنان ونحو 100 من أسرى الأرض المحتلة عام 1982.[30]
الانتفاضة الفلسطينية الأولى
في 7 يونيو 1986، قبل حوالي عام من بدء الانتفاضة، رُحل الوزير من عمّان إلى بغداد، وانتهى به المطاف إلى تونس بعد فشل خطة العمل المشترك الفلسطينية - الأردنية التي كان عرفاتوالحسين قد اتفقا بشأنها في فبراير 1985.[3][31] أغلقت السلطات الأردنية 25 مكتبًا من مكاتب المنظمة في الأردن وطَلبت منه المغادرة خلال 24 ساعة.[5][17] واصل عمله نائبًا للقائد العام من بغداد.[5] قاد وفد «فتح» في جلسات الحوار الوطني، ونجح في التوصل إلى اتفاق أتاح عقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني الثامنة عشرة في الجزائر عام 1987.[5]
بدأت الانتفاضة يوم 8 ديسمبر1987 في جباليا شمال قطاع غزة، ثمّ انتقلت إلى كل مدن وقرى ومخيّمات فلسطين. نُظمت الانتفاضة بواسطة القيادة الوطنية الموحدة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية. كان له دورًا هامًا في قيادة الانتفاضة الشعبية في الأرض المحتلة حيث قدم لها الدعم والإسناد بالإضافة إلى تنسيق فعالياتها.[5]
أطلقت بلدية سلفيت اسم أبو جهاد على أحد أبرز شوارعها الرئيسية في المدينة
بدأت إسرائيل عملية اغتيال الوزير في تمام الساعة 1:30 صباحًا من يوم 16 أبريل 1988 حيث كان الوزير في منزله الكائن في حي سيدي بوسعيد شمال شرق تونس العاصمة، وكان يبلغ من العمر 52 عامًا. تتهم إسرائيل الوزير بالمسؤولية عن تخطيط أعمال عسكرية وفدائية ضدها، كما برز نجمه كأحد المحركين للانتفاضة الفلسطينية الأولى.[32]
ما قبل الاغتيال
قادة عملية الاغتيال الإسرائيليين أثناء رحلتهم إلى تونس.
بعد فشل خطة العمل المشترك الفلسطينية - الأردنية، أغلقت الأردن عددًا كبيرًا من مكاتب المنظمة وطَلبت من الوزير مغادرتها.[17] استقر الوزير في العاصمة العراقية بغداد لكونها أكثر أمنًا من أي مكان آخر خصوصًا تونس التي يدخلها ملايين السياح سنويًا. كانت تقتصر زيارته لتونس أو أي مكان أخر لأيام قصيرة أقصاها 3 أيام.[33]
في 14 فبراير 1988، اغتالت إسرائيل في قبرص ثلاثة من مساعدي الوزير وهم: حمدي سلطان، ومروان الكياليومحمد حسن.[34] لاحقًا كُشف عن مجموعة تتدرب في «معسكر الأرض المحتلة» في بغداد كانت تخطط لاغتيال الوزير وسُلموا للأمن العراقي.
في 7/6 مارس 1988، انطلقت مجموعة فدائية فلسطينية مكونة من عبد الله كلاب، ومحمد الحنفي ومحمد عيسى لتنفيذ تفجير في مفاعل ديمونا. تزعم إسرائيل أن الوزير قام بتدريبهم عسكريًا وتخطيط العملية. استولى المنفذون على حافلة بداخلها علماء فنيين وعاملين في مفاعل ديمونا النووي الإسرائيلي قدر عددهم بـ 50 شخصًا، نتج عن العملية مقتل ثلاثة منهم بالإضافة إلى المنفذين. بعدها بأيام صادق رئيس الوزراء الإسرائيليإسحاق شامير على اغتيال الوزير.[33][35]
انتقل الوزير في مهمة إلى تونس، وحين صار هناك وصلته رسالة من المغربيمحمد البصري تُفيد بحصوله على معلومات أمنية حساسة. أرسل أبو جهاد نبيل أبو ردينة لإحضارها وكانت تتحدث عن تخطيط الموساد لتنفيذ عملية اغتيال لأحد الشخصيات البارزة الفلسطينية.[33][36] استبعد الوزير أن يكون هو، وبقي في تونس حيث كان يُحضر لاجتماع سيترأسه في بغداد لكوادر القوى الوطنية داخل الأرض المحتلة.[36] وعلى غير عادته بقي في تونس لنحو 14 يومًا حيث كان يتأجل سفره كل يوم.[33]
انقسمت المجموعة إلى جزئين، تولى الأول الذي تكون من 8 جنود مسؤولية تأمين الدخول للجزء الثاني للدخول إلى المنزل. الساعة الثانية صباحًا، توجه جنديان تنكر أحدهما بزي امرأة إلى سيارة بداخلها حارس أمام البيت وأطلقا النار عليه بواسطة مسدسٍ مزودٍ بكاتم صوت أُخفي داخل علبة للشوكولاتة. وجد الجنود شخصًا آخر كان يعمل عاملًا في حديقة البيت نائمًا في سرداب، فقتلوه ظنًا منهم أنه حارسٌ. دخل الجزء الآخر من المجموعة المنزل وصعدوا إلى الطابق العلوي.[36][39][40]
في وثائقي نشرته قناة الجزيرة قالت زوجة الوزير إنها سمعت صوت الباب ينكسر وصوت صراخ، تناول الوزير سلاحه وخرج إلى ردهة أمام غرفة مكتبه وبدأ بإطلاق النار نحوهم من مسافة قريبة. رد الجنود بإطلاق النار وبعد وقوع الوزير أرضًا تقدم جندي وأفرغ مخزنه في جسد الوزير، ثم كرر ثلاثة جنود آخرين ذلك، حيث وصل عدد الرصاصات إلى نحو 70.[31][41] ذكرت أيضًا قدوم شخصية رفيعة يُعتقد أنها «موشي يعالون» وأطلقت النار عليه في رأسه.[33][42] أطلق الجنود النار أيضًا في الغرفة كان يتواجد فيها طفل الوزير الصغير «نضال» الذي لم يصب.[31][38][41]
في 2019، بثت القناة الثالثة عشر العبرية تقريرًا مصورًا كشف عن تفاصيل جديدة حول «أكبر عملية اغتيال» وفق القناة قامت بها إسرائيل. بين التقرير أن القوات الإسرائيلية من الموساد، والشاباك، ووحدة سيرت متكال، وشايطيت 13، والقوات الجوية، والبحرية مكثت في البحر نحو 48 ساعة قبل بدء العملية التي شاركت فيها أربع سفن وغواصة إسرائيلية. تولى إيهود باراك مسؤولية العملية في البحر. ذكر التقرير أن الجنود تأخروا في تنفيذ العملية، حيث كان عليهم التأكد من وجود الهدف في البيت. لذلك اعتقل الجيش الإسرائيلي أحد معارف الوزير يُدعى «فايز أبو رحمة» من غزة وطلبوا منه الاتصال بالوزير تحت إدارة الموساد، كما أجرى الموساد مكالمةً أخرى من تل أبيب على أن تظهر أنها من أوروبا وعند تأكدهم من وجوده بالبيت بدأت العملية.[44][45]
بيته
مدخل بيت أبو جهاد في ضاحية سيدي بوسعيد
كان بيت أبي جهاد يقع في حي سيدي بوسعيد شمال شرق تونس العاصمة وهو قريب من الشاطئ. هذا الأمر دفع الوزير إلى نقل البيت إلى منطقة شعبية في المدينة لكن الأمن التونسي لم يسمح له لكون المنطقة غير آمنة. كان بالقرب من بيت الوزير قصر قرطاج الجمهوري، وبيت محمود عباس، وبيت هايل عبد الحميد كذلك بيت السفير الأمريكي والسفير العراقي وكان الأمن التونسي يعتبرها منطقة آمنة وهي مليئة بعناصره.[33]
تدربت الفرقة المنفذة للعملية لعدة شهور في منزل في حيفا صُمم كبيت الوزير. كما راقب عملاء الموساد البيت لشهور قبل الاغتيال.[43]
قبل تنفيذ الاغتيال بيوم، ذكرت انتصار الوزير أن التيار الكهربائي في سيدي بوسعيد انقطع لأول مرة منذ وجودهم هناك كما أن الحرس التونسي على البيت انسحب قبل أسبوع من موعد الاغتيال، ولم تُسير الدورية الأمنية التونسية الفلسطينية المشتركة في تلك الفترة ليلًا. كما ذكر شرطي متقاعد إنه طُلب من جميع رجال الشرطة مغادرة الحي والذهاب إلى بيوتهم في 15 أبريل.[33]
في 15 يونيو 2019، أثار دخول وفد من السيّاحالإسرائيليين إلى بيت الوزير في تونس غضب الأوساط الشعبيّة والسياسية التونسيّة والفلسطينية خلال تقرير بثّته القناة الإسرائيليّة الثانيّة. وزارة الداخلية التونسية نفت أن يكونوا قد دخلوا المنزل، وقالت إنّ المنزل الذي عُرض يبعد 4 كيلومترات عن المنزل الذي اغتيل فيه أبو جهاد.[46]
نفت إسرائيل مسؤوليتها عن العملية.[33] ولكنها في 1 نوفمبر 2012، اعترفت للمرة الأولى بمسؤوليتها بطريقة غير مباشرة عن عملية الاغتيال كما ورد في صحيفة «يديعوت أحرونوت».[52][53]
أطلقت عدة بلديات فلسطينية اسم الوزير على شوارع بارزة فيها مثل بلدية غزة، وبيت حانون، وجنين، وسلفيت، ورام اللهوعقربا.[55] كما أُسست مبان وكليات ومؤسسات باسمه مثل: «مؤسسة الشهيد أبو جهاد الوزير لتأهيل المعاقين»، و«مؤسسة خليل الوزير»،[56] وكلية الشهيد خليل الوزير للعلوم الإدارية والعسكرية في جامعة الاستقلال،[57] وكُلية الشَهيد أبو جهاد للتَدريب المِهني التابعة لجمعية نادي الأسير الفلسطيني.[58]
^ ابجد"Encyclopedia of the Palestinians (Facts on File Library of World History)". فيليب مطر. Facts on File. ج. 1. 2000. Excerpt provided by palestineremembered.com al-Wazir, Khalil
^ ابAnita Vitullo, 'Uprising in Gaza,' in Zachery Lockman, Joel Beinin (eds.), Intifada: The Palestinian Uprising Against Israeli Occupation,South End Press, p.50.