ترامبية

دونالد ترامب يتحدث مع مؤيديه في تجمع انتخابي.

الترامبية أو الترمبية (بالإنجليزية: Trumpism)‏؛ مصطلح سياسي يُشار به الظاهرة والأيديولوجيا السياسية التي خلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وهي شكل من أشكال الحكم[1] والحركات السياسية ومجموعة من الآليات لاكتساب السلطة والحفاظ عليها.[2][3] الترامبية نسخة أمريكية من التيارات اليمينية المحافظة والشعبوية القومية التي تُشاهد في دول عدة حول العالم[4] وتتضمن بعض جوانب الديمقراطية غير الليبرالية.[5]

بدأ المصطلح الأمريكي بالظهور في عام 2016، بصعود دونالد ترامب شعبيًا مع بدء حملته الانتخابية وفوزه بترشيح الحزب الجمهوري لخوض الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016، وبفوزه برئاسة الولايات المتحدة ضد مرشحة الحزب الديمقراطي هيلاري كلينتون، التي كانت تشير استطلاعات الرأي بفوزها بفارق كبير عن منافسها ترامب.

الأيديولوجيات والمواضيع

بدأت الترامبية بالنمو بشكل رئيسي أثناء حملة دونالد ترامب الرئاسية لعام 2016. تشير هذه الحركة إلى أسلوب سياسي شعبوي يقترح إجابات قومية على المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية. تنعكس هذه الميول في تفضيلات السياسة العامة مثل تقييد الهجرة والحمائية التجارية والانعزالية عن الدخول في العلاقات الخارجية والمعارضة لإصلاح الاستحقاق.[6] باعتبارها أسلوبًا سياسيًا، فإن الشعوبية لا تُعتبر مدفوعة بأي أيديولوجية معينة.[7] يزعم مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق ومستشار ترامب الخاص جون بولتون صحة كل ما يتعلق بشأن ترامب، مدعيًا أن «الترامبية غير موجودة في الأساس وليس لها أي معنى فلسفي ذي مغزى»، مشددًا على أن «ترامب لا يملك أي فلسفة خاصة به». «ويمكن للناس أن يحاولوا الربط بين مجموع قراراته. لكنهم سوف يفشلون».[8]

في دليل روتليدج للشعوبية العالمية (2019)، يلاحظ العديد من المؤلفين المشاركين أن الزعماء الشعبويين يمكن تصنيفهم من بين البراغماتيين والانتهازيين فيما يتعلق بالمواضيع والأفكار والمعتقدات التي يتردد صداها بقوة لدى أتباعهم.[9] وتشير بيانات الاقتراع إلى أن الحملة قد نجحت في حشد «أنصار الحركة الارتجاعية للبيض»[10] من الأوروبيين الأمريكيين من الطبقة الدنيا إلى الطبقة العاملة ممن يعانون من التفاوت الاجتماعي المتزايد والذين كثيرًا ما أعلنوا معارضتهم للمؤسسة السياسية الحاكمة. ومن الناحية الإيديولوجية، تتمتع الترامبية بطابع شعبوي يميني.[11][12]

تختلف الترامبية عن سياسة الحزب الجمهوري تحت زعامة أبراهام لينكون في العديد من النواحي فيما يتعلق بالتجارة الحرة والهجرة والمساواة والضوابط والميزانيات في الحكومة الاتحادية والفصل بين الكنيسة والدولة.[13] يرى بيتر كاتزنشتاين من مركز العلوم الاجتماعية في برلين (دبليو زيد بي) أن الترامبية تستند إلى ثلاثة أعمدة وهي القومية والدين والعِرق.[14]

خلفية تاريخية في أمريكا

من الممكن تتبع جذور الترامبية في الولايات المتحدة إلى عصر الديمقراطية الجاكسونية وفقًا للباحثين والتر راسيل ميد[15] وبيتر كاتزنشتاين[14] وإدوين كينت موريس.[16] يقول إريك راوتشواي: «أن الترامبية - الأهلانية وسيادة البيض - لها جذور عميقة في التاريخ الأمريكي. لكن ترامب وضع بنفسه غرض جديد وخبيث لها».[17]

اعتبرت الديمقراطية الجاكسونية في كثير من الأحيان حركة سياسية «للبيض فقط» معادية للأجانب.

كان أتباع أندرو جاكسون يشعرون بأنه واحدًا منهم وكانوا يدعمون بقوة تحديَه للصوابية السياسية في القرن التاسع عشر حتى في القانون الدستوري عندما وقفوا في وجه السياسة العامة الشعبية. تجاهل جاكسون قرار المحكمة العليا للولايات المتحدة في قضية ورسيستر ضد جورجيا وسرعان ماشرع في عملية النقل القسري لشعب شيروكي خارج أراضيهم المحمية من المعاهدة لصالح السكان المحليين البيض على حساب ما يقارب 2000 إلى 6,000 من القتلى من الرجال والنساء والأطفال. وعلى الرغم من مثل هذه الحالات الجاكسونية اللاإنسانية، فإن ميد يرى أن الجاكسونية تقدم السابقة التاريخية التي تفسر حركة أتباع ترامب فيما يتعلق بازدراء القاعدة الشعبية والشك العميق في العلاقات الخارجية والهوس بالسلطة والسيادة الأمريكية. يعتقد ميد أن هذه «الرغبة القاتلة في أمريكا لوجود شخصية جاكسونية» تدفع أتباعها نحو ترامب لكنه يحذر أيضًا من أن «ترامب، من الناحية التاريخية، لا يعدّ الخليف الثاني لأندرو جاكسون»، مع التنويه على أن «مقترحاته تميل إلى أن تكون غامضة ومتناقضة في كثير من الأحيان»، معلنًا عن الضعف المشترك للقادة الشعبويين المنتخبين حديثًا من خلال تعليقه في وقت مبكر من رئاسته قائلًا: «يعاني ترامب الآن من صعوبة في، كما تعلمون، «كيف يشكل الحكومة؟».[15]

يتفق موريس مع ميد في تحديد جذور الترامبية في عهد الديمقراطية الجاكسونية من عام 1828 حتى عام 1848 تحت رئاسة جاكسون ومارتن فان بيورين وجيمس بوك. ومن وجهة نظر موريس، فإنه يعتقد أن الترامبية تتشاطر أيضًا أوجه التشابه مع فصيل ما بعد الحرب العالمية الأولى من الحركة التقدمية الذي خلق حركة ارتداد شعبوية محافظة عن الأخلاق المتساهلة في المدن العالمية وتغير الطبيعة العِرقية في أمريكا.[16] في كتابه عصر الإصلاح (1955)، حدَّد المؤرخ ريتشارد هوفستاتر ظهور هذا الفصيل عندما «تدهور جزء كبير من التقليد التقدمي الشعبوي وأصبح متعصبًا وغير معتدل».[18]

قبل الحرب العالمية الثانية، تم التعبير عن العقائد المحافِظة للترامبية من قِبَل لجنة أمريكا أولًا في أوائل القرن العشرين، وبعد الحرب العالمية الثانية تم نسبها إلى فصيل الحزب الجمهوري المعروف باسم اليمين القديم. وبحلول تسعينيات القرن العشرين، أصبح يُشار إليها باسم حركة «المحافظون الأصليون»، والتي وفقًا لموريس أعيد وصفها الآن تحت اسم الترامبية.[19] وقد لخَّص ليو لوفينتال في كتابه: أنبياء الخداع (1949)، السرد المشترك في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية من هذه الهوية الشعبوية، وعلى وجه التحديد دراسة الدمقرطة الأمريكية في الفترة التي كانت تتمتع فيها وسائل الإعلام الحديثة بنفس الأسلوب المدمر من السياسة التي يعتقد المؤرخ تشارلز كلافي أن الترامبية تمثلها في الأصل. وفقًا لكلافي، فإن كتاب لوفينتال يفسر على أفضل وجه جاذبية الحركة الترامبية الدائمة ويقدم أكثر الرؤى التاريخية اللافتة للنظر للحركة.[20]

يقول الصحفي نيكولاس ليمان، الذي كتب في النيويوركر، أن أيديولوجية الحزب الجمهوري في مرحلة ما بعد الحرب العالمية هي عبارة عن اندماج بين مؤسسة حزبية مؤيدة للأعمال التجارية وعناصر منعزلة أهلانية تنجذب نحو الحزب الجمهوري وليس الحزب الديمقراطي، والتي انضم إليها فيما بعد الإنجيليون المسيحيون «خوفًا من تصاعد الحركة العلمانية»، الأمر الذي أصبح ممكنًا بسبب الحرب الباردة و«الخوف والكراهية المتبادلين لانتشار الشيوعية».[21][22]

في عام 1980، بتأييد من ويليام ف. باكلي إلى جانب رونالد ريغان، خسر الاندماج بسبب تفكك الاتحاد السوفييتي، الذي أعقبه نمو التفاوت في الدخل والعولمة اللذان «خلقا استياء كبير بين البيض من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض» داخل الحزب الجمهوري ودونه». بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة عام 2012 التي شهدت هزيمة ميت رومني أمام باراك أوباما، تبنت المؤسسة الحزبية تقرير «التشريح»، تحت عنوان مشروع النمو والفرص الذي دعا الحزب إلى إعادة تأكيد هويته باعتبارها مؤيدة للسوق، ومتشككة في الحكومة وشاملة عرقيًا وثقافيًا». مع تجاهل نتائج التقرير وتأسيس الحزب في حملته الانتخابية، كان ترامب «يتمتع بمعارضة كبيرة من قِبل بعض المسؤولين في حزبه [...] أكثر من أي مرشح للرئاسة في التاريخ الأمريكي الحديث»، لكنه في الوقت ذاته، فاز «بعدد أكبر من الأصوات» في الانتخابات التمهيدية الجمهورية من أي مرشح رئاسي سابق. بحلول عام 2016، «أراد الناس أن يقوم شخص ما بالمبادرة بحركة ارتدادية»، على حد تعبير المحلل السياسي كارل روف.[22] وصل نجاحه في الحزب إلى درجة أن استطلاعات الرأي التي أجريت في أكتوبر من عام 2020 أظهرت أن 58% من الجمهوريين والمستقلين الذين يميلون إلى الجمهوريين والذين شملهم الاستطلاع اعتبروا أنفسهم مؤيدين لترامب بدلًا من الحزب الجمهوري.[23]

المراجع

  1. ^ Katzenstein 2017.
  2. ^ Reicher & Haslam 2016.
  3. ^ Dean Altemeyer، صفحة 11.
  4. ^ Lebow 2019.
  5. ^ Isaac 2017.
  6. ^ Continetti 2020.
  7. ^ de la Torre et al. 2019، صفحة 6.
  8. ^ Brewster 2020.
  9. ^ de la Torre et al. 2019، صفحات 6, 37, 50, 102, 206.
  10. ^ Fuchs 2018، صفحات 83–84.
  11. ^ Kuhn 2017.
  12. ^ Serwer 2017.
  13. ^ Brazile 2020.
  14. ^ ا ب Katzenstein 2019.
  15. ^ ا ب Glasser 2018.
  16. ^ ا ب Morris 2019، صفحة 20.
  17. ^ Lyall 2021.
  18. ^ Greenberg 2016.
  19. ^ Morris 2019، صفحة 21.
  20. ^ Clavey 2020.
  21. ^ Macwilliams, Matthew C. "Trump Is an Authoritarian. So Are Millions of Americans". POLITICO (بالإنجليزية). Archived from the original on 2021-02-09. Retrieved 2021-02-09.
  22. ^ ا ب Lemann 2020.
  23. ^ Peters 2020.

المعلومات الكاملة للمراجع

باللغة الإنجليزية
الكتب
المقالات