آمنة بنت وهب
آمنة بنت وهب بن عبد مناف الزهرية القرشية هي أمُّ النبي محمد بن عبد الله، مات عنها زوجها عبد الله بن عبد المطلب والنبي محمد ما يزال جنيناً في بطنها. توفيت نحو سنة 47 ق.هـ الموافق 577م[2] والرسول مُحمَّد ابن ست سنوات. دُفنت في الأبواء وهي موضع بين مكة والمدينة المنورة. نسبها
تندرج «آمنة بنت وهب» من بني زهرة بن كلاب وهم أحد بطون قريش ذات المكانة العظيمة فقد كان أبوها وهب بن عبد مناف سيد بني زهرة شرفا وحسبا، وفيه يقول الشاعر: وكذلك نسبها من أمها، فهي ابنة برة بنت عبد العزى من بني عبد الدار بن قصي بن كلاب أحد بطون قريش. نشأتهانشأت في أسرة عريقة النسب، مشهود لها بالشرف والأدب، ورباها عمها وهيب بن عبد مناف، وكانت تعرف «بزهرة قريش» فهي بنت بني زهرة. وقيل إنها عندما خطبت لـعبد الله بن عبد المطلب كانت حينها أفضل فتاة في قريش نسبًا وموضعًا. زواجهاقصة فداء عبد اللهكان عبد المطلب قد نذر لله إن رزقه الله عشرة من الذكور لينحرن أحدهم شكرًا لله وتقربًا إليه. وقد صار لـعبد المطلب عشرة ذكور، وعزم على تنفيذ نذره، فأقرع بين أولاده ليعلم أيهم سينحر، وخرج القدح على عبد الله بن عبد المطلب، أحبهم إليه، فأشار عليه وجوه القوم أن يفديه بعشرة من الإبل، وقدم الإبل ثم أقرع بينها وبين ولده، فخرج سهم عبد الله بن عبد المطلب، فقالوا لعبد المطلب: زدها عشراً ثم اقرع، ففعل، فخرج سهم عبد الله، وظل يزيد في كل مرة عشراً من الإبل حتى بلغت المائة، وعندما أقرع بينها وبين ولده، وقعت القرعة على الإبل، فسرّ عبد المطلب بذلك سروراً عظيماً ونحر الإبل المائة فداء ولده. الزواجذهب عبد المطلب بابنه عبد الله حتى أتى وهب بن عبد مناف، وهو يومئذ سيد بني زهرة سنًا وشرفُا، فزوجه ابنته آمنة بنت وهب وهي يومئذ سيدة نساء قومها.[4] ولما تزوجها عبد الله أقام عندها ثلاثة أيام، وكانت تلك العادة عندهم،[5] وحملت آمنة بالنبي محمد. وفاة زوجهاخرج عبد الله من مكة متوجهًا إلى غزة في الشام في قافلة بهدف التجارة بأموال قريش، وفي طريق عودتهم وأثناء مرورهم بالمدينة المنورة مرض عبد الله، فقرر البقاء عند أخواله من بني النّجّار على أمل اللحاق بالقافلة إلى مكة عندما يشفى من مرضه، فمكث عندهم شهرًا، وتوفي بعدها عن عمر 25 سنة، ودفن في دار تُسمّى «دار النابغة» (وهو رجل من بني عديّ بن النّجار)، وكانت زوجته آمنة بنت وهب يومئذٍ حامل بالنبي محمد لشهرين. وقد ترك عبد الله وراءه خمسة أجمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها «بركة» وكنيتها أم أيمن.[6] ولادتها للنبيكانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها «إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي "أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد"، ثم سمّيه "محمدًا"».[7]، وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملّاً،[8] وُلد في مكة في شعب أبي طالب، في الدار التي صارت تُعرف بدار «ابن يوسف».[9] وتولّت ولادته «الشِّفاء» أم عبد الرحمن بن عوف.[10] وقد كان مولده يوم الإثنين،[11] 8 ربيع الأول،[12] أو 9 ربيع الأول[13] أو 12 ربيع الأول (المشهور عند المسلمين)،[14][15] أو 17 ربيع الأول (المشهور عند الشيعة)،[16] من عام الفيل، بعدما حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، قيل بعده بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا (وهو المشهور).[17] وكانت آمنة تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء،[14] مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها.[18] وأنّها رأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام.[19] قالت أمّ عثمان بن أبي العاص «حضرتُ ولادة رسول الله ﷺ، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ».[18] وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به الكعبة شاكرًا الله،[20] وقال «ليكوننّ لابني هذا شأن»،[21] واختار له اسم «محمّد» ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في تهامة فيكون ولدًا لهم.[18] وقد علمت اليهود آنذاك بولادة محمد، يقول حسان بن ثابت «والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد الذي ولد به».[22] ما روي في أحداث الولادة
وفاتها![]() توفيت وهي بنت عشرين سنة،[25] قد وافتها المنية قافلة من زيارتها لأقاربها بيثرب (المدينة المنورة حاليا) بالأبواء (وهي منطقة على بعد 190 كم عن مدينة جدة بالسعودية اليوم)، فلما بلغ الرسول محمد ست سنين خرجت به إلى أخواله بني عدي بن النجار بيثرب تزورهم به، ومعه أم أيمن تحضنه، وهم على بعيرين، فنزلت به في دار النابغة عند قبر أبيه عبد الله بن عبد المطلب، فأقامت به عندهم شهرا، ثم رجعت به أمه إلى مكة فلما كانوا بالأبواء توفيت آمنة بنت وهب، وقبرها هناك، ورجعت به أم أيمن على البعيرين إلى مكة.[26] اختلفت الأراء حول قبرها، وهناك رواية تقول بأنها دفنت في مقبرة الحجون،[27] والمشهور أن قبرها على جبل.[28] وكان القبر معروف بين الناس، إلا أنه أُزِيلَ.[29] وكان قديمًا على القبر بناء،[30][31] وقيل أن قبرها في مقبرة أم عثمان.[32] وهناك قبور تنتسب لها في الأبواء. حادثة الاستغفار
ما روى في قصة إحيائهارُوِى حديثًا عن النبي أن الله أحيي أمه آمنة ثم آمنت به،[39] وضعفه ابن كثير فقال:[40] «إنه حديث منكر جدًّا»، والملا علي القاري، وابن دحية[41] وابن الجوزي فقال: «هذا حديث موضوع بلا شك، والذي وضعه قليل الفهم عديم العلم، إذ لو كان له علم لعلم أن من مات كافرًا لا ينفعه أن يؤمن بعد الرجعة، لا؛ بل لو آمن عند المعاينة لم ينتفع، ويكفي رد هذا الحديث قوله تعالى: ﴿فيمت وهو كافر﴾ وقوله في الصحيح: «استأذنت ربي في أن أستغفر لأمي فلم يأذن لي» وقد كان أقوام يضعون أحاديث ويدسونها في كتب المغفلين فيرويها أولئك، قال شيخنا أبو الفضل بن ناصر: هذا حديث موضوع وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم ماتت بالأبواء بين مكة والمدينة ودفنت هناك وليست بالحجون» وممن احتج بالحديث ابن حجر فقال: «ولعل حكمة عدم الإذن في الاستغفار لها إتمام النعمة عليه بإحيائها له بعد ذلك حتى تصير من أكابر المؤمنين، أو الإمهال إلى إحيائها لتؤمن به فتستحق الاستغفار الكامل حينئذ وفيه أن قبل الإيمان لا تستحق الاستغفار مطلقًا. وحديث إحيائهما حتى آمنا به ثم توفيا حديث صحيح، وممن صححه الإمام القرطبي، والحافظ ابن ناصر الدين.»[42] قال محمد شمس الحق العظيم آبادي في عون المعبود على سنن أبي داود:[38]
آراء المعارضين لهذا الحكمرأى عدد من العلماء بأن الحكم في أبوَي النبي أنهما ناجيان وليسا من أهل النار، ومنهم جلال الدين السيوطي فقد صنف ست رسائل في نجاة والديه. وذكر أن دليله على ذلك: أنهما مِن أهل الفَترة؛ لأنهما ماتا ولم تبلغهما الدعوة ولا تعذيب قبلها؛ لتأخر زمانهما وبُعدِه عن زمان آخر الأنبياء وهو عيسى، ولإطباق الجهل في عصرهما، وقال البعض: إن أهل الفترة يُمتَحَنُون على الصراط فإن أطاعوا دخلوا الجنة، وقال البعض الآخر: لو قيل بامتحانهما فإنهما من أهل الطاعة، قال الحافظ ابن حجر: «إن الظن بهما أن يطيعا عند الامتحان»، نقله السيوطي عنه. وأن مَن مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيًا، ومِمَّن صرح بذلك الأجهوري فيما نقله عنه شهاب الدين النفراوي في «الفواكه الدواني»، وشرف الدين المناوي فيما نقله عنه السيوطي في «الحاوي»، ونقل هذا القول سبط ابن الجوزي عن جماعة من العلماء منهم جده، وجزم بهذا القول الآبي في شرحه على صحيح مسلم، ومال إليه الحافظ ابن حجر في بعض كتبه كما نقل عنه السيوطي في «مسالك الحنفا». واستدلوا على ما ذهبوا إليه بقوله تعالى: ﴿وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً﴾ [الإسراء:15]، وقوله: ﴿ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ ١٣١﴾ [الأنعام:131]، وقوله ﴿لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ ٦﴾ [يس:6]، وبآيات وأحاديث أخرى.[43] المراجع
كتب
وصلات خارجية |
Portal di Ensiklopedia Dunia