عماد عقل
عماد حسن إبراهيم عقل (أبو حسين) (1971 - 1993) مجاهد وقائد عسكري ميداني في كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، ومن مؤسسي كتائب عز الدين القسام في الضفة الغربية. استشهد في اشتباك مسلح مع جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد انكشاف مكان اختبائه. نشأته وتعليمهولد 19 يونيو (حزيران) من عام 1971 في مخيم جباليا الواقع شمال قطاع غزة، والده كان يعمل مؤذناً لمسجد الشهداء في المخيم، هاجر أهله بعد حرب 1948 من قرية برير القريبة من المجدل، اغتاله الجيش الإسرائيلي في 24 تشرين الثاني (نوفمبر) 1993.[2] درس في إحدى مدارس مخيم جباليا في المرحلتين الابتدائية ولإعدادية وعرف بتفوقه، وأنهى المرحلة الثانوية عام 1988 في ثانوية الفالوجة محرزاً المرتبة الأولى في بيت حانون والمخيم. تقدم بأوراقه وشهاداته العلمية إلى معهد الأمل في مدينة غزة لدراسة الصيدلة، إلا أنه ما أن تم إجراءات التسجيل، حتى اعتقلته قوات الاحتلال وتودعه السجن في 23 سبتمبر 1988 ليقدم للمحاكمة بتهمة الانتماء لحركة حماس والمشاركة في الانتفاضة الأولى، فقضى 18 شهراً في المعتقل ليخرج في مارس 1990. في العام الدراسي 1991-1992 قبل في قسم الشريعة في كلية حطين في عمّان، إلا أن سلطات الجيش الإسرائيلي منعته من السفر. نشاطهانتخب في بداية العام 1991 ضابط اتصال بين «مجموعة الشهداء»[3] -وهي أولى مجموعات كتائب القسام- وبين القيادة. وقد كانت «مجموعة الشهداء» هذه تعمل بشكل أساسي في قتل المتعاونين الخطرين، وتطورت أعمالها لاحقا إلى عمليات عسكرية ضد دوريات وجنود الاحتلال. وصفه رابين بالأسطورة[بحاجة لمصدر]
أمضى عامين مطاردا من قبل سلطات الاحتلال، وشارك في عدة عمليات، منها:
بالإضافة إلى عمليات أخرى نتج عنها العديد من القتلى والجرحى.[4] عملية مسجد مصعب بن عميرشكلت هذه العملية بداية مرحلة جديدة من عمليات مجموعة الشهداء في كتائب القسام؛ فقد كانت أول عملية مصورة في تاريخ المقاومة الفلسطينية، وأول عملية يتم التخطيط لها بشكل جيد، وموجهة ضد الآلة العسكرية الصهيونية، إذ اقتصر عمل المجموعة بعد المطاردة على العمليات التطهيرية للعملاء ومروجي الفساد والمخدرات، كما أنها شكلت أول حلقة من حلقات التعاون بين مجموعة الشهداء ورديفتها في مخيم الشاطئ والتي لم تكن مطاردة في ذلك الوقت. فقد أفادت المجموعة في مخيم الشاطئ والتي تولت رصد الهدف بأن سيارة من نوع فورد بيضاء مثبتاً عليها إشارة ضباط الشرطة اعتادت على المرور بشكل يومي ثابت في تمام الساعة السابعة وخمس دقائق صباحاً على طريق الشيخ عجلين باتجاه مقر الإدارة المدنية حيث قيادة شرطة القطاع تتبعها سيارة حراسة تقل عدداً من ضباط وأفراد جهاز مخابرات الأمن العام (الشاباك). عملية رصد هذا الهدف والتي استمرت حوالي الشهر، قررت قيادة كتائب عز الدين القسام وضع خطة محكمة لنصب كمين لهاتين السيارتين تشترك فيه مجموعة الشهداء ومجموعة الشاطئ على الرغم من الظروف الصعبة التي كانت تمر بها المجموعتان. وفي تمام الساعة السابعة وخمس دقائق من صباح يوم 4 مايو 1992، وكما أكد الرصد العسكري الذي سبق التنفيذ، مرت سيارة قائد الشرطة الجنرال يوسيف افني تتبعها سيارة الشاباك. وهنا حدث ما لم يكن ضمن الخطة حيث لم يبادروا بإطلاق النار فور استقبالهما للسيارتين وإنما بعد أن مرت السيارة الأولى، ولهذا نجا الجنرال يوسيف افني من الموت بينما تمكن المجاهدان من تحطيم زجاج السيارة الثانية بصليات من أسلحتهما الرشاشة موقعين إصابات محققة في ركابها بعد أن أصيبت بأربع وعشرين رصاصة، ودون أن يتمكنوا من الرد على مصدر النيران حيث استمرت السيارتان في طريقهما فيما غادرت المجموعة المكان باتجاه شارع صلاح الدين في حي الزيتون. ولم تعترف سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالعملية ولا بنتائجها رغم إغلاق قوات الجيش وحرس الحدود للمنطقة فيما بعد، ومداهمة حي الزيتون الذي اختفت فيه المجموعة حيث تم اعتقال عشرات الشبان للتحقيق معهم. والصحف الإسرائيلية كشفت النقاب عن تعرض قائد الشرطة لإطلاق النار، لم تشر لا من قريب ولا من بعيد إلى سيارة الشاباك التي كانت ترافقه وما حل بركابها. ولكن اكتفت صحيفة معاريف في عددها الصادر يوم 11 أيار (مايو)، بنقل تصريح للجنرال افني الذي قالت إنه لم يصب بأذى. فقال افني: «سافرت إلى غزة وعندما وصلنا إلى مفترق الشيخ عجلين سمعت صلية طويلة من الرصاص وصرخ السائق: إنهم يطلقون النار علينا فنظرت من النافذة ورأيت شاباً مكشوف الوجه يطلق النار وركب بعد ذلك سيارة وفر من المكان ولم نتمكن من إطلاق النار عليه أو مطاردته»، وأشارت الصحيفة نقلاً عن قائد الشرطة بأنه تم العثور على (24) رصاصة فارغة خلال عملية التمشيط التي قامت بها قوات الجيش والشرطة في وقت لاحق.[5] استشهاده واغتيالهحاولت إسرائيل اغتياله أكثر من مرة، وجندت العملاء ومخابراتها لذلك، فقد كان على رأس المطلوبين لديها. حتى تم اغتياله 24 نوفمبر 1993. في 24 نوفمبر 1993 وبعد أن تناول طعام الإفطار -إذ كان صائما-[4] مع بعض رفاقه في حي الشجاعية، وعند خروجه من المنزل الذي كان فيه، دل العميل «وليد حمدية» استخبارات الاحتلال على مكان تواجدهم، فحاصرت قوات الجيش الحي، وجرى اشتباك مسلح بين الجانبين، وقتل عماد عقل بعد إصابته بانفجار قذيفة إسرائيلية في وجهه. ويقول شاهد حضر دفنه: «وجدنا في جسمه 70 طلقة وعدة طعنات بالسكاكين».[بحاجة لمصدر] ردود فعل على اغتياله
تحركت الحركة في كل الميادين والمدن بمسيرات غضب ومواجهة مع الاحتلال، ثم كان رد حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حاسماً بعد ذلك بأسبوعين، حيث قامت بالرد في عملية أسمتها «عملية عماد عقل»، قامت فيها بقتل العقيد «مئير منتس» الذي تقول عنه جريدة معاريف الأسرائيلية: «القلب والعقل المفكر للحرب الخاصة ضد الأرهاب، ورمز من رموز الجيش الأسرائيلي ضد الأنتفاضة». دماؤه تشعل نار الانتفاضةما إن بدأت أنباء استشهاد القائد عماد عقل بالانتشار حتى اندفعت الجماهير الفلسطينية الغاضبة نحو منزل الشهيد في مخيم جباليا بالرغم من أوامر حظر التجوال الذي فرضه الاحتلال.كما قامت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بإعلان الحداد العام لمدة ثلاثة أيام في كافة أنحاء الضفة الغربية وقطاع غزة، شهدت المدن والقرى والمخيمات تصعيداً نوعياً في فعاليات الانتفاضة باعتراف كل وسائل الإعلام العالمية وحتى الإسرائيلية. فإلى جانب الإضراب الشامل الذي عم الضفة والقطاع خلال أيام 25، 26، 27 تشرين الثاني (نوة لدعوة حركتي حماس وفتح، غطت سماء القطاع سحابة سوداء من كثرة الإطارات المشتعلة وأغلقت المحال التجارية أبوابها وتوقفت حركة المواصلات ورفعت الأعلام السوداء وأغلق الشباب جميع الشوارع بالمتاريس والحواجز الحجرية وتعطلت الدراسة في جميع المدارس والمعاهد والجامعات. وتكونت المسيرات العشوائية الحاشدة من جميع فئات الشعب واتجاهاته لتشارك في عرس (عماد القسام) حيث انطلقت هتافات الجماهير أطفالاً ونساءً وشباناً وشيوخاً تدوي في سماء الوطن (نرفض السلام مع القتلة) بوحدة وطنية حقيقية لم تشهدها فلسطين المحتلة منذ توقيع اتفاق أوسلو. وفيما ظهرت مجموعات المطاردين من كتائب الشهيد عز الدين القسام التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وصقور فتح مع إطلالة فجر الخامس والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) تجوب الشوارع وهي تطلق النار في الهواء تحية للشهيد القائد معلنة أن عماد عقل هو قائدها الأعلى، صدحت مكبرات الصوت في المساجد بالقرآن الكريم ودعت السكان إلى «ذبح اليهود» و «تصعيد مقاومتهم للجنود الإسرائيليين» و «إحراق الأرض تحت أقدام الغزاة الصهاينة». وما هي إلا دقائق قليلة حتى تدفق مئات الشباب إلى الشوارع التي شهدت حرباً حقيقية بين حجارة الشباب الفلسطيني ورصاص قوات الاحتلال وتحول القطاع بأكمله إلى ساحة قتال تركز أعنفها في مخيم جباليا وفي حي الشيخ رضوان ومخيم الشاطئ وحي الشجاعية. وترافقت هذه المصادمات التي جرت بين جماهير القطاع وجنود الاحتلال الذين جابوا الشوارع بدوريات عسكرية مكثفة وتمركز عدد منهم فوق المباني المرتفعة وعلى الطرقات والشوارع والمحاور الرئيسية، مع الإضراب الشامل الذي شل مدن الخليل وبيت لحم ورام الله وجنين ونابلس والقدس حداداً على استشهاده حيث أغلقت المدارس والمؤسسات والمصانع والمتاجر أبوابها. وجاب ملثمو حماس في جميع أنحاء الضفة والقطاع يكتبون شعارات تنعى الشهيد القائد عماد عقل وتتعهد بالثأر والانتقام. وحال تساقط الأمطار في بعض المناطق من اتساع رقعة المواجهات. وفيما يلي تفاصيل أحداث الأيام الثلاث التي أعقبت استشهاد أسطورة غزة كما نُشرت في وسائل الإعلام المختلفة: غضب في مخيم جباليافرضت السلطات العسكرية الإسرائيلية حظر التجول منذ الساعة الأولى من فجر يوم الخميس الموافق 25 تشرين الثاني (نوفمبر) على المخيم وقامت قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود بعمليات مداهمة واقتحام للمنازل واحداً تلو الآخر تساندهم ثلاث طائرات مروحية وشرعت بحملة اعتقالات في صفوف السكان وأنصار حركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما كثف جنود الاحتلال من حضورهم في بلوك (7) في منطقة الفالوجة حيث منزل والدي الشهيد القائد الذي تعرض للاحتلال منذ ساعات الصباح. فقد رابطت مفرزة كبيرة من الجيش وحرس الحدود داخل المنزل ومنع أي شخص من مجرد الاقتراب منه مهما بلغت درجة قرابته للشهيد باستثناء والدي عماد وشقيقته في خطوة لتحطيم نفسية العائلة. وعلى الرغم من هذه الإجراءات، فإن جماهير المخيم خرقت حظر التجول وخرجت في تظاهرات حاشدة وخاضت مواجهات عنيفة مع جنود العدو الذين انسحبوا إلى مواقعهم العسكرية وتحصنوا فيها. وجرت مسيرات وتظاهرات أمام منزل الشهيد رغماً عن جنود الاحتلال الذين ردوا بإطلاق النار مما أسفر عن إصابة ستة مواطنين بالرصاص، كانت إصابة أحدهم خطرة. وفي اليوم التالي، استمر الإضراب الشامل وأضرمت النار في إطارات السيارات وأغلقت الطريق في حين كثفت قوات العدو من وجودها وخاصة حول المساجد بعد انتهاء صلاة الجمعة. واشتدت حدة المصادمات والاشتباكات بعد ساعات من رفع حظر التجول عن المخيم في الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) حيث جرت تظاهرات حاشدة سرعان ما تحولت إلى مواجهات ألقي خلالها الحجارة والزجاجات الفارغة على الجنود الإسرائيليين الذين انتشروا في شوارع وأزقة المخيم وأطلقوا الرصاص على المتظاهرين فأصابوا خمسة بجروح مختلفة في حين تعرض العديد من المواطنين للضرب من قبل قوات العدو. وشهد هذا اليوم تجمع مئات الأشخاص من مختلف الأعمار والاتجاهات السياسية أمام منزل الشهيد القائد مرددين الأناشيد والهتافات الإسلامية والوطنية. أما في الثلاثين من تشرين الثاني (نوفمبر)، فقد انطلقت منذ ساعات الصباح الباكر مسيرات حاشدة شاركت فيها كل التنظيمات الفلسطينية باتجاه منزل الشهيد عماد عقل رفع خلالها المتظاهرون الأعلام الفلسطينية وأطلقوا الهتافات الغاضبة بالثأر من قوات الجيش الصهيوني. وطافت المسيرات منطقة الفالوجة، مكان سكن الشهيد القائد، حيث هاجم الشباب الدوريات العسكرية بالحجارة ودارت اشتباكات عنيفة في محيط بيت العزاء مع الجنود الإسرائيليين الذين تحصنوا بسياراتهم ومواقعهم وأطلقوا النار بكثافة مما أدى إلى إصابة عشرة شبان بجروح نقلوا على أثرها إلى مستشفى الشفاء لتلقي العلاج. غضب في حي الشجاعيةأصاب سكان الشجاعية حالة من الذهول والغضب والحزن العميق إثر تأكيد نبأ استشهاد قائد القسام عماد عقل الذي عرفه أهالي الشجاعية جيداً فقد قضى فيه الجزء الأخير من حياته ووجد فيه الملجأ والمأمن. ومنذ بزوغ فجر يوم الخميس، توافد الآلاف من أبناء الحي ومن مناطق أخرى إلى مكان استشهاد البطل ليلقوا النظرة الأخيرة على بقايا جسده التي تناثرت وقاموا بجمعها ووضعها في نعش ولفوه بعلم فلسطيني كتب عليه (لا إله إلا الله) وانطلقوا بمسيرة حاشدة شارك فيها أكثر من خمسة آلاف شخص يرفعون نعش الشهيد ويهتفون لكتائب القسام ويقسمون على الثأر وعلا صوت أكثر من ثمانمائة امرأة شاركن في التظاهرة بالبكاء والحزن على الشهيد القائد. وطافت التظاهرة شوارع الشجاعية باتجاه مقبرة المنطار المحاذية لمسجد المنطار حيث ألقى أحد الملثمين عبر مكبر للصوت بياناً لحركة حماس أكد فيه أن عبد الفتاح السطري طليق ولم يعتقله جيش الاحتلال وأن الثأر للقائد عماد قريب. وأعلن الملثم عن إطلاق اسم الشهيد عماد عقل على مجموعة مدارس الحي وعلى الشارع الذي استشهد فيه. وخلال عملية دفن أشلاء الشهيد رحمه الله بكت السماء وانهمرت الأمطار بصورة مفاجئة كأنما تعبر بطريقها الخاصة عن حزنها الشديد. ولكن ذلك لم يمنع من خروج الشباب إلى الشوارع التي امتلأت بالمتاريس الحجرية والإطارات المشتعلة يرفعون الرايات السوداء، حيث اصطدموا مع جنود الاحتلال في شارعي صلاح الدين وبغداد إلا أنه لم يبلغ عن وقوع إصابات. كما ظهر ملثمون لحركة حماس وآخرون ينتمون لحركة فتح قاموا بكتابة شعارات على الجدران تنعى شهيد كتائب عز الدين القسام. وفي ظهر اليوم التالي، انطلقت مظاهرة شارك فيها أكثر من ألف شخص مطالبين بالثأر للشهيد القائد. وقد تدخلت قوة من جيش الاحتلال لتفريق هذه المظاهرة بعد أن أغلق المتظاهرون الطرق وأضرموا النار في إطارات السيارات ورشقوا جنود العدو ودورياته العسكرية بالحجارة، إلا أنه لم يبلغ عن وقوع إصابات. وكان خطيب مسجد الإصلاح بالشجاعية قد نعى الشهيد مهنئاً شعبنا الفلسطيني في الداخل والخارج بعماد عقل معلناً بأن تحرير فلسطين لن يكون عبر الفنادق والمفاوضات السرية وإنما عبر الجهاد والاستشهاد، وقال: «إذا استطاع دعاة السلام إلغاء بند الكفاح المسلح من الميثاق فإننا لن نلغي مبدأ الجهاد من القرآن». كما جرت مسيرة أخرى ضمت أيضاً حوالي ألف مواطن بعد صلاة الجمعة الموافق 4 كانون الأول (ديسمبر) انطلقت من مسجد الإصلاح بالشجاعية وحتى مكان استشهاد البطل عماد عقل ردد خلالها المشاركون الأناشيد والهتافات الحماسية. غضب في خان يونسكغيرها من مدن ومخيمات القطاع المجاهد شهدت منطقة خان يونس (المدينة والمخيم) إضراباً شاملاً ومواجهات ومسيرات حاشدة حيث خرج الملثمون يجوبون الشوارع والأزقة وهم يطلقون الشعارات ويهتفون للشهيد القائد ويرفعون الأعلام الفلسطينية والرايات السوداء وجريد النخيل. كما خرج الطلاب من مدارسهم وانضموا للمسيرات وأشعلوا إطارات السيارات ووضعوا الحواجز على الطرقات دون أن تتدخل قوات جيش الاحتلال. وتعرضت ثلاثة مساجد في المدينة للمداهمة والتفتيش في ساعة متأخر من مساء يوم الأربعاء الموافق 24 تشرين الثاني (نوفمبر)، فقد اقتحم جنود العدو مسجد الإمام الشافعي وقاموا بتفتيشه والعبث بمحتوياته وتمزيق اللوحات داخله. كما قامت سلطات الاحتلال بمداهمة مسجد الرحمة بحي الأمل وذلك للمرة الثالثة على التوالي خلال أسبوع إلى جانب اقتحام مسجد فلسطين حيث حطم الجنود الصهاينة محتويات المسجد وأتلفوا العديد من الكتب الإسلامية وأزالوا الشعارات المكتوبة على حائط المسجد. وتظاهر نحو (2000) شخص عقب صلاة الجمعة الموافق 26 تشرين الثاني (نوفمبر) احتجاجاً على استشهاد عماد عقل. وكان الشيخ أنور نصار خطيب مسجد الرحمة قد دعا في خطبته إلى الوحدة الوطنية والتمسك برص الصفوف وتوحيد الكلمة، وتقدم بالشكر إلى حركة فتح في القطاع لوقوفها إلى جانب حركة حماس وإعلانها الإضراب الشامل لمدة ثلاثة أيام. وفي نفس الوقت، أرسل الشيخ برقية طالب فيها ياسر عرفات بشجب قتل الفلسطينيين والشهيد عماد عقل كما قام بشجب واستنكار قتل الجنود والمستوطنين. غضب في حي الشيخ رضوان والنصر والرمالهب أهالي هذه الأحياء المناصرة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأعلنوا عبر مكبرات الصوت في المساجد الإضراب الشامل لمدة ثلاثة أيام حداداً على روح الشهيد عماد عقل وأغلقوا الطرقات بالكتل الإسمنتية والمتاريس وأشعلوا إطارات السيارات وهاجموا الدوريات العسكرية بالحجارة والقضبان الحديدية والزجاجات الفارغة. ورد جنود الاحتلال وحرس الحدود بإطلاق النار وقنابل الصوت وحاصروا مسجد الرضوان الذي تحصن فيه الشبان المتظاهرون ودارت اشتباكات واسعة أسفرت عن إصابة حوالي (15) شخصاً بجراح من جراء إطلاق النار من قبل قوات العدو تم نقلهم إلى مستشفى الشفاء لتلقي العلاج حيث صنفت إصابة ثلاثة منهم بأنها خطيرة. ولم يسلم المستشفى أيضاً من همجية جنود الاحتلال الذين حاصروه بأعداد كبيرة وقاموا بتفتيش جميع السيارات الداخلة والخارجة للمستشفى الأمر الذي أدى إلى إعاقة تقديم العلاج السريع للمصابين. كما أطلق جنود العدو النار على الشاب علاء النمر (24 عاماً)الذي كان يتحدث مع بعض الصحافيين الأجانب بالقرب من المستشفى فأصيب بجروح بالغة في رأسه حيث نقل لخطورة حالته إلى أحد المستشفيات الإسرائيلية . وقد فرضت سلطات الاحتلال العسكرية نظام منع التجول على حي الشيخ رضوان ابتداءً من صباح يوم الجمعة وحتى يوم الأحد الموافق 28 تشرين الثاني (نوفمبر). كما انطلقت مسيرات حاشدة من عدد من مدارس حي الرمال هتف خلالها المتظاهرون الذين قدر عددهم بحوالي ألف طالب بشعارات غاضبة تهدد بالانتقام لروح الشهيد القائد رحمه الله. غضب في مدينة غزةسحابة سوداء حزينة غطت سماء المدينة من كثرة الإطارات المشتعلة حيث وضع الشباب منذ ساعات الفجر الإطارات وأشعلوها في جميع الشوارع إلى جانب الحواجز والمتاريس الحجرية واندفع المتظاهرون في كل اتجاه يبحثون فيه عن الجنود وقوات حرس الحدود للاشتباك معها. وساد إضراب شامل شل جميع مرافق الحياة حداداً على روح الشهيد القائد فيما حلقت فوق المكان طائرة مروحية إسرائيلية لمراقبة الأوضاع المتوترة التي تهدد بالانفجار حيث أعلن الناطق العسكري الإسرائيلي أن منطقة قطاع غزة تعتبر منطقة عسكرية مغلقة أمام الصحافيين ووسائل الإعلام. وسارت في شوارع مدينة غزة سيارات لحركة فتح دعت عبر مكبرات الصوت المحمولة عليها إلى التضامن مع حركة حماس والإضراب الشامل والحداد الغاضب لمدة ثلاثة أيام تكريماً للشهيد عماد عقل. كما أغلقت حركة فتح المكاتب التي افتتحتها في المدينة وغيرها من المدن والمخيمات في القطاع إثر اتفاق (عرفات – رابين) لمدة ثلاثة أيام ونكست الأعلام الفلسطينية المرفوعة عليها ورفعت رايات الحداد السوداء. جنود الاحتلال فتحوا النار على جموع المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن غضبهم فأصيب ثلاثة فتيان بجروح مختلفة، فرد المتظاهرون بإلقاء زجاجة حارقة على دورية عسكرية كانت تمر بالقرب من مسجد الشيخ شعبان بميدان فلسطين مما أدى إلى إشعال مقدمة السيارة الجيب. وانتقم جنود الاحتلال الذين فشلوا في تعقب الذين ألقوا الزجاجة من المسجد الذي تعرض للاقتحام والتفتيش الدقيق مما أدى إلى إتلاف بعض محتوياته. وتدخل المطاردون الفلسطينيون في الأحداث، وقاموا بإطلاق النار على دورية عسكرية كانت تمر في شارع الثلاثين إلا أنه لم يبلغ عن إصابات. غضب في حي الصبرةفقد تدخلت قوة من الجيش الإسرائيلي لتفريق المتظاهرين الذين ألقوا الحجارة على دوريات الاحتلال العسكرية باستخدام الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية. ورد الشيخ يوسف الزهار خطيب مسجد فلسطين على فرح العدو وابتهاجه بمقتل عماد عقل بأن «مسيرة الجهاد والتضحية لا تتوقف على شخص وأن مسيرة الشهداء مستمرة». وأضاف خلال خطبة الجمعة التي ألقاها أمام (3000) من المصلين يوم 26 تشرين الثاني (نوفمبر) بأن أبناء الإسلام قدموا خلال الأسبوع الماضي ستة شهداء ثمناً «للسلام المزعوم» مطالباً قيادة منظمة التحرير الفلسطينية باستنكار قتل الشهيد عماد عقل كما استنكرت عملية قتل المستوطن حاييم مزراحي في مدينة رام الله على يد خلية تابعة لحركة فتح. غضب في مخيم الشاطئاندلعت مواجهات عنيفة منذ ساعات الفجر بين قوات الجيش الصهيوني وجموع المتظاهرين الغاضبين إثر سماعهم بنبأ استشهاد البطل عماد عقل. كما توجهت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) إلى عناصرها وخاصة (الصاعقة الإسلامية) بنداءات متكررة عبر مكبرات الصوت في جميع مساجد المخيم للقيام بعمليات تحرق الأرض تحت أقدام الصهاينة المجرمين. وأسفرت المواجهات عن إصابة أحد الشباب برصاص الاحتلال نقل على إثرها إلى مستشفى الشفاء لتلقي العلاج. وقامت قوات الجيش على مداخل المخيم بإيقاف صحفي فلسطيني يعمل مراسلاً لإحدى وكالات الأنباء الأجنبية ومنعته من الدخول عندما عرفوا أن اسمه عماد وأخذوا يستهزئون ويضحكون ويصرخون بأعلى صوتهم مرددين (…. مات عماد… قتلنا عماد!). وفي إطار التصعيد الذي شهدته الضفة الغربية وقطاع غزة في أعقاب صلاة الجمعة، عمّت المظاهرات مختلف أنحاء مخيم الشاطئ وأسفرت المواجهات عن إصابة ثلاثة من أهالي المخيم بجروح إثر إصابتهم برصاص جنود الاحتلال. غضب في مخيم البريجاندلعت مواجهات عنيفة في المخيم بين قوات الجيش والمواطنين حيث أطلق جنود الاحتلال النار باتجاه المتظاهرين الذين خرجوا للتعبير عن غضبهم من الممارسات الإسرائيلية الوحشية ورشقوا الدوريات العسكرية بالحجارة والزجاجات الفارغة. وتجمع أكثر من (1500) شخص في اليوم التالي في وسط المخيم وانطلقوا في مسيرة احتجاجية باتجاه قاعدة لجيش الاحتلال عند مدخل المخيم وهم يطالبون بالثأر لمقتل أسطورة غزة. وتفرق المتظاهرون بعد مواجهات مع قوات العدو التي استخدمت الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. كما نظم نشطاء حركة المقاومة الإسلامية في مخيم البريج مظاهرات في الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) والرابع من كانون الأول (ديسمبر) احتجاجاً على استشهاد القائد القسامي عماد عقل فرقتها قوات الاحتلال أيضاً باستخدام الغاز المسيل للدموع والطلقات المطاطية. غضب في رفحصدحت مكبرات الصوت في المساجد بآيات القرآن الكريم والأناشيد الإسلامية الثورية فيما شل مدينة رفح ومخيماتها الإضراب الشامل حداداً على الشهيد القائد. وأغلق الشباب الشوارع بالمتاريس والحواجز الحجرية والإطارات المشتعلة وعلت الرايات السوداء، وسجلت مسيرات لعشرات الملثمين الذين جابوا شوارع المدينة ولكن جنود الاحتلال آثروا عدم التدخل. كما ظهرت مجموعة من صقور فتح في المدينة وأطلقت النار من بنادقها بشكل عنيف واستفزازي في الهواء احتجاجاً على مقتل الشهيد عماد عقل، وقام الصقور بكتابة الشعارات على الجدران يحيّون فيها مناقب الشهيد معلنين بأنهم سينتقمون له وأعلنوا الإضراب الشامل في المدينة لمدة ثلاثة أيام حداداً على روح البطل القائد. وفي اليوم التالي، قام ملثمون ينتمون لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بكتابة شعارات على الجدران تطالب ياسر عرفات باستنكار قتل قائد الكتائب عماد عقل، ونظم نشطاء حماس في الثامن والعشرين من تشرين الثاني (نوفمبر) المظاهرات الاحتجاجية فرقتها قوات العدو مستخدمة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع. غضب في الخليلامتدت المظاهرات والمصادمات إلى مدن وقرى ومخيمات الضفة، كان أشدها في مدينة خليل الرحمن التي آوت الشهيد القائد أثناء وجوده في الضفة الغربية. فقد شهدت المدينة وقراها ومخيماتها حداداً وطنياً وإضراباً تجارياً شاملاً امتد يوماً رابعاً بعد ترجل الفارس المقدام خالد الزير قائد كتائب الشهيد عز الدين القسام في منطقة بيت لحم والخليل خلال اشتباك مع جنود الاحتلال في صور باهر القريبة من القدس. واصطدم المتظاهرون الذين استخدموا الحجارة والزجاجات الحارقة في مواجهة قوات الاحتلال مع المستوطنين اليهود الذين كانوا يعتدون على المنازل والسيارات العربية بالمدينة ويطلقون النار على مستشفى عالية دون أن تمنعهم قوات الجيش الصهيوني أو الإدارة المدنية. غضب في نابلسأشعل الشبان المتظاهرون الإطارات وسط المدينة وعلى مفارق الطرق وحدثت اشتباكات ومواجهات عنيفة مع جنود الاحتلال الذين أطلقوا العيارات النارية وقنابل الصوت. وشهدت المدينة إضراباً شاملاً استجابة لدعوة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) احتجاجاً على استشهاد البطل عماد عقل. كما ألقت زجاجة حارقة باتجاه دورية عسكرية لدى مرورها في مدينة نابلس، زعم العدو أن الزجاجة تحطمت واشتعلت على الطريق في حين رد الجنود بإطلاق النار. غضب في القدسساد إضراب شامل معظم أجزاء المدينة حداداً على الشهيد القائد رحمه الله فيما انتشرت قوات كبيرة من الجيش وحرس الحدود في مختلف شوارع المدينة المقدسة تحسباً للمصادمات. غضب في رام اللهأقامت قوات الاحتلال منذ الصباح الباكر حواجز عسكرية على مداخل المدينة من جميع الجهات ومنعت حملة هويات المدن الأخرى من دخولها وأعادتهم من حيث أتوا. وعلى الرغم من هذه الاجراءات، فقد تضامنت رام الله مع دعوة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) حيث شلَّ الإضراب التجاري الشامل حداداً على القائدين عماد عقل وخالد الزير مختلف أنحاء المدينة ومرافقها ومصانعها ومدارسها. غضب في جنينانتابت مشاعر السخط والغضب أهالي المدينة في أعقاب إذاعة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبر مكبرات الصوت بياناً تنعى فهيا القائد عماد عقل وتندد بممارسات الاحتلال وجرائمه مؤكدة في نفس الوقت أن عملياتها ستتواصل وأن سقوط الشهداء يعني الاستمرار بالمقاومة وليس الاستسلام. فأغلقت المحال التجارية أبوابها وعلق طلبة المدارس في المدينة والعديد من قرى جنين الدراسة وأعلنوا الحداد العام على روح الشهيد. وعبر أهالي جنين عن تضامنهم مع حماس بالهجمات الجريئة التي شنها الشباب على آليات جيش الاحتلال ودورياته التي ردت بإطلاق النار وملاحقة المحتجين واقتحام المباني السكنية في المدينة وتفتيشها واحتجاز العشرات من المواطنين. كما انطلقت المسيرات الطلابية من مدارس جنين ردد المشاركون فيها الهتافات المؤكدة على استمرار الانتفاضة والداعية إلى انسحاب الوفد الفلسطيني من مفاوضات السلام. وقد توقفت حركة السير بشكل تام في المدينة لمدة خمس دقائق حداداً على روح شهيد كتائب القسام. ونظمت حركة المقاومة الإسلامية في الرابع من كانون الأول (ديسمبر) مهرجانات طلابية في عدد من مدارس المدينة بمناسبة استشهاد القائدين عماد عقل وخالد الزير.[6] عماد عقل في السينماأنتجته شبكة الأقصى الإعلامية عام 2009 في فلسطين فيلم روائي سينمائي تاريخي تحت اسم «عماد عقل.. أسطورة المقاومة» تحدث فيه عن قصة حياته وما جرى فيها من أحداث. وهو من إخراج ماجد جندية[7]، وسيناريو القيادي في حركة المقاومة الإسلامية حماس محمود الزهار. ويستعرض الفيلم حياة واستشهاد قائد كتائب القسام عماد عقل منذ ميلاده في عام 1971 وحتى استشهاده في عملية اغتيال نفذها جيش الاحتلال في 23/11/1993. ردود فعل إسرائيلية على الفيلماحتل الفيلم عناوين الصحافة الصهيونية بعد يوم من افتتاح عرض الفلم في غزة. وركزت الصحافة الإسرائيلية على القيم الإسلامية بالفلم، وقدرة «حماس» على إنتاجه رغم الحصار المشدد على غزة. واختارت صحيفة يدعوت احرونوت من جملة «هذا ليس هوليوود..هذا حماس وود» عنواناً لتقريرها الذي نشر في موقعها الإلكتروني. وقالت إن حركة حماس استطاعت إنتاج الفيلم رغم عدم توفر دور عرض في قطاع غزة بعد أن تم تدميرها خلال الثمانينات من القرن الماضي مع اندلاع الانتفاضة الأولى. فيما طالب زوار موقع الصحيفة في تعليقهم على التقرير بعرض الفلم على القناتين الأولى والعاشرة الصهيونيتين، مثمنين لحماس «تقديرها للثقافة». وتمنى آخرون أن تنتقل الحرب بين حماس والاحتلال الصهيوني إلى حرب شاشات، وقال أحدهم:«تعالوا ننقل الحرب بيننا إلى حرب شاشات بدلا من الحرب الحقيقية». فيما قال إسرائيلي آخر ساخراً من معاناة الشعب الفلسطيني:«إذا لم تجدوا عندكم القمح فكلوا الأفلام». أما صحيفة معآريف فاتخذت أيضاً منحى ساخراً حين عنونة الموضوع بـ (رامبو نسخة غزة: قادة حماس ينتجون «فيلم أكشن»). وقالت إن قادة حركة حماس سيعملون على إخراج فيلم جديد حول حياة عز الدين القسام من إيرادات فيلم عقل. وعلقت الصحيفة -كاذبة- على فيلم الشهيد القسام قائلة:«قادة حماس يريدون إخراج فيلم حول القسام، ولكنه من مواليد حيفا، وحماس لا تستطيع التصوير في حيفا في الوقت الحالي»، والصحيح أن القسام من مواليد سوريا وليس من مواليد حيفا. ولفتت معآريف انتباه زوار موقعها الإلكتروني إلى أن جميع النساء اللواتي شاركن بالتمثيل في فيلم حماس كن يرتدين الملابس الطويلة وحجاب الرأس، وأن الممثلين كانوا يتحدثون اللغة العبرية بلهجة عربية ثقيلة. وركزت الصحيفة على دور رئيس الوزراء الصهيوني السابق إسحاق رابين وتمثيله بالفلم الذي يتحدث عن حقبة التسعينات من القرن الماضي. وأشارت الصحيفة إلى أن العديد من قادة حماس شاهدوا حفل افتتاح الفلم في الجامعة الإسلامية بغزة، وقالت:«بعد انتهاء العرض ضحك رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية للكاميرات وهنأ الممثلين». وكتبت الصحيفة تحت صورة القيادي في حماس محمود الزهار المنشورة في المقال معلقة:«رغم أن شخصية الزهار تبدو قوية ومخيفة إلا أنه وكما يبدو يمتلك روح فني».[8] انظر أيضاًمراجع
وصلات خارجية
|