عبد الله بن محمد بن عقيل التميمي
عبد الله بن محمد بن عقيِّل المشرفي الوهيبي التميمي (1295- 1385هـ / 1878-1965م)،[1] أحد أبرز شخصيات القرن العشرين في تاريخ المملكة العربية السعودية في مرحلة التأسيس، حقق الانتصارات المتلاحقة وساهم في استتباب الأمن في المملكة، لقب بأمير البيارق،[2] كلّفه الملك عبد العزيز إمارة جازان ورئاسة الوفد السعودي المكلف بلجنة ترسيم الحدود البريّة السعودية اليمنية عام 1935، وعينه أميراً على الجوف خلفاً لوالده.[1] اشتُهر بكرمه ومد يد العون للضعفاء والمحتاجين فلقب بهداج تيماء، برع في الشعر وكتب في الغزل العذري والحكمة والفراق، وله مجموعة من القصائد التي كان يلقيها ويسمعها في المناسبات الخاصة.[1][3][4] نشأته وطفولتهولد «عبد الله بن عقيّل» في بلدته (قصر بن عقيّل) غرب الرس بمنطقة القصيم،[5] إذ كان والده أول أميراً لها بتكليف من المؤسس الملك عبد العزيز. نشأ وتربى فـي كنف والده، تعلم الكتابة والقراءة عند معلمي وكُتّاب البلدة الموجودين آنذاك وحفظ القرآن على يد الشيخ «عبد الرحمن بن بطي» وتعلّم الفروسية وهو صغير السن وساعده في ذلك أنه نشأ في زمن كانت الحروب والمناوشات قائمة فيه بين القبائل بعضهم مع بعض من جهة وبين ابن سعود وخصومه من جهة أخرى.[1] جهاده ونشاطهبدأ اتصاله بالملك عبد العزيز قبل معركة الوادي (1) والمعروفة (معركة الشنانة) فــي رجـب 1322هـ واشترك فيها أثناء حصار قصر ابن عقيل والتي انتصر فيها ابن سعود على خصمه ابن رشيد وهي المعركة الحاسمة في تاريخ التأسيس. عمل مستشاراً للأمير تركي بن عبد العزيز أمير القصيم –الابن الأول للملك عبد العزيز– في 13/2/1324هـ واستمر لمدة سنتين. شارك في حصار بريدة عام 1326هـ. قام بجباية زكاة قبيلة حرب. وفي عام 1340هـ شارك في حصار حائل. وفي عام 1343هـ عينه الملك عبد العزيز أميراً على الجوف إلى عام 1345هـ قاد خلالها عدة سرايا لتأديب القبائل العراقية على الحدود المشتركة مع المملكة. وفي عام 1346هـ تولى قيادة عدة جيوش في شمال المملكة للقضاء على الحركات المناوئة مثل: حركة أبو طقيقة حاكم ضبا، وتمرد بنو عطية في تبوك، والحويطات وابن معتاد وغيرهم. وفي عام 1347هـ شارك في معركة السبلة. وفي عام 1348هـ شارك مع الأمير عبد العزيز بن مساعد في معركة الدبدبة. وفي عام 1350هـ كلّفه الملك عبد العزيز بجباية زكاة قبائل حرب وعتيبة ومطير وبني رشيد وما خالطهم من القبائل. كان من الرجال الموثوقين الذين يسند إليهم الملك عبد العزيز المهمات الصعبة: ففي عام 1351هـ كلفه الملك عبد العزيز بالقضاء على حركة حامد بن رفادة وخاض معه عدة معارك حتى هزمه. وفي عام 1353هـ ولاّه الملك عبد العزيز إمارة جازان وأثناء تلك الفترة كلفه برئاسة الوفد السعودي بلجنة ترسيم الحدود السعودية اليمنية عام 1354هـ (4). استمر في جازان حتى 21/5/1355هـ حيث استدعاه الأمير فيصل بن عبد العزيز أمير الحجاز في ذلك الوقت لأداء بعض المهام هناك. بعد تلك المهام الكثيرة التي قام بها الأمير عبد الله بن عقيّل بهمة قوية وعزيمة صادقة وولاء لولاة أمره عاد ليتولى القيام بإمارة بلدته قصر ابن عقيل حيث كان يشغلها منذ وفاة والده بتعيين من عبد العزيز آل سعود عام 1325هـ حتى: 29-11-1376هـ حيث استدعاه الملك سعود لتوجه إلى الرياض لتكليفه ببعض المهام فيها. وفي عام 1377هـ عيّنه الملك سعود مستشاراً برئاسة الحرس الوطني واستمر في ذلك حتى أحيل على التقاعد عام 1382هـ توليه إمارة الجوفذكر الرحّآلة محمد شفيق أفندي مصطفى في كتابه: في (قلب نجد والحجاز) بعض المواقف مع الأمير ابن عقيّل فقال:[6][7]«ووصلنا إلى بلدة الجوف فما علم رجال أميرها عبد الله بن محمد بن عقيل بقدومنا حتى خفوا إلى لقاءنا، وكان الأمير ذاته على أبواب المدينة في انتظارنا ليحيينا ويدعونا لضيافته باسم الملك ابن السعود، وهكذا لبينا الدعوة شاكرين» ويقول أيضا: قد قدّم لي أمير الجوف من لحم الغزال والنعام طعاماً على مائدته فلم أزدرده بشهية لعدم اعتيادي تناوله ولكنهم يعدونه أفخر اللحوم وأجلها شأناً في إكرام خاصة ضيوفهم. ولا يفوتني أن أذكر أن الأمير عبد الله ابن عقيّل لم يكن بدوياً قحاً كأكثر أمراء الجزيرة ولكنه على جانب من العلم والإطلاع غير قليل، وبلاده تحكم طبقاً لأحكام الشرع. على أن مما يوجب العجب أن جريمتي السرقة والزنا تكاد أن تكونا معدومتين قطعياً في تلك البلاد. وأذكر أن أحدهم حضر إلى مجلس الإمارة أمامنا وأبلغ أن كيساً من البُن ضاع منه على مسيرة أربعة أيام من الجوف وهو قادم من جهة حائل ومضى إلى حال سبيله، وحدث بعد يومين أن حضر رجل كان قد سلك هذا الطريق فسأله الأمير عما إذا كان قد وجد شيئاً في الطريق أثناء سفره؟ فقال أنه وجد كيساً من البُن، فسأله الأمير: ومن أين عرفت أن به بناً؟ فأجابه بأنه جسّه من الظاهر بعصاه ثم تركه مكانه، فما كان من الأمير إلاّ أن أمر بضربه خمسين عصا، وهنا رأيت أن أسأل الأمير عن سبب إنزال هذا العقاب بالرجل وهو لم يسرق. فأجابني قائلاً: كان يجب عليه أن يرى الكيس ولا يلمسه حتى يأتيه صاحبه فيأخذه. وقصّ عليّ الأمير على سبيل التدليل على أمانة أهل نجد وبعدهم عن اقتراف السرقة مهما بلغ شأنها أن يرى أحدهم الذهب في الطريق فلا تمسه يده مهما كان فقيراً معدماً. وقبل أن نغادر الجوف قص عليّ الأمير أن جماعة من السواح الأمريكان والإنجليز طالما حاولوا ارتياد ما بعد الجوف بحجة الاستطلاعات العلمية والجغرافية فلم يأذن لهم الملك ابن السعود مخافة أن يكون لهم شأن آخر كهاتيك الشئون الاستعمارية التي بدأها أمثال هؤلاء في غير بلاد العرب بمثل تلك الأسباب ثم كانت النتيجة بلاء على أهلها. انتهى كلام الرحّآلة. أمير البيارقلقب بأمير البيارق نظراً لكثرة الحروب والسرايا والجيوش التي قادها أيام توحيد المملكة العربية السعودية والتي من أهمها القضاء على ابن رفادة حيث تعددت البيارق والجيوش وتعددت القبائل في تلك المعركة. ويعتبر من مشاهير الجزيرة العربية، وهناك مثل يروى عن كثرة مشاركته وحضوره في المعارك (جيش عقيّل اللي لاينام ولا يقيّل) ويُعتبر عبد الله من مشاهير الجزيرة العربية ومنها انه سار بأمر الملك عبد العزيز لاخماد حركة ابن رفادة ومعه أكثر من عشرين بيرق لعدة قبائل أكثرها لقبيلة عنزة هذا خطابا لنائب الملك بتاريخ: 7 شوال 1344هـ يخبره بعدد القوم وكل بيرق باسمه، ونص الوثيقة ما يلي: (وردت إلينا برقية من ابن سلطان عطفا لأمر سموكم أننا نعرفكم بعدد القوم وكل بيرق باسمه.. موجودنا يا سيدي أربعة وعشرون بيرقا وباقي القوم بدون بيارق وهذا عموم البيان:
توقيع عبد الله بن محمد بن عقّيل وهذه أسماء أصحاب البيارق وأسماء الشيوخ التي وردت في وثيقة ابن عقيل الذي كتبها إلى الملك عبد العزيز في 7 شوال 1344 هـ
فيتضح من الوثيقة عدد بيارق كل قبيلة على النحو التالي:
وعدد الجيش 2183 الأشعارالجميع يعرف عبد الله بن عقيّل في مجال الإمارة والإدارة والتعامل مع الناس، ولكن القليل من يعرفون بأن عبد الله بن عقيّل من الذين يقرضون الشعر، ويقوله في مناسبات خاصة به ولكنه لم يشتهر بشعره. ومن خلال قراءتي لشعره وجدت فيه الغزل العفيف والعواطف الرقيقة والإحساس المرهف، وفي شعره الحكمة الجميلة والغزل اللطيف وكان له مجموعة من القصائد القصيرة التي قالها سوف نستعرض بعض ما قاله منها مما وصل إلينا. وهذه قصيدة يصف فيها حال الرجل عندما يمضي به العمر قال فيها ما يلي: البارحة ونيت تسعين ونّه واتبعت في تالي ونيني صياحي وأصبحت كني ظاهر من مجنّه يا خوي يا سليمان العمر راحي زجّيت عبرات الهوى مستكنّة أقول يا عصر مضى وين راحي كم خيّر غبر الليالي وطنّه وأصبح سواة الهرش وسط المراحي وأزرن عظام العَوْد لا ينهضنّه والطير ما يشهر بليا جناحي مرّ قويناهن ومرّ قونّه وكم ضربن درب الوعر والسماحي اعياله وأهل بيته يملّون منّه يقولون وش هالعَود ما له مراحي الله ذكر برضاه وأنته تملّه من قل دينك ما تعرف الصلاحي بعض العيال عقاب خلّه مضنّه وإلا بعضهم مثل طير المراحي عاق بأبوه وثانيا عاق بأمّه وكم ليلة سهروا ويقولون صاحي كما له قصيدة أخرى وهي: البارحة زارني منبوز الأرداف باغي يسلم علينا قرة العين أهلا هلا بك عدد ما هل هتّاف واعداد ما هب ريح ما بين نجمين يا زين ما أدري علامك ما أنت تنشافي إلاّ إلى نمت جيتن يا بعد عيني قالت من الجوف لك لفيت أنا حافي أخاف عقب البطا يا زين ناسيني يا هافي الوسط حبك لاجي خافي في حبة القلب ما والله يخليني حبك شربته كما نشرب الصافي ما يمحي حبكم يا مغيزل العين إلى ذكرته يصيب القلب خفخاف إلى حل طاريك حل النوم من عيني كذلك من قصائده تلك القصيدة يشكي من الغرام ويقول: يا مل قلب فرّ من بين الأضلاع أزريت أرد القلب لا واسفا به وأزرن يردّنه حنيّات الأضلاع يا من يعذل القلب يأخذ ثوابه قلبي ذلول للهوى صار مطواع والعين تقداني على ما لجى به حبك رمى يا زين قلبي بمرقاع لو هو على صمّ الصفا قد مضى به لو هو على ضلع طويل غدا قاع والعشب ينبت في مساهل ترابه يا حص يا ياقوت يا عنبر فاع يا لولو المرجان مسكن ترابه يا مشخص ما طاح في كف بيّاع وإلى طب بالمواسم كل يهابه يا زين لا تقفي ترى النفس مطواع تبع القفى ما فيه للنفس ثابه ومن شعر ابن عقيّل قصيدة قالها أثناء سفره إلى النمسا للعلاج عام 1383هـ وكان في خلوة فتذكّر دياره وأهله فأخذ يتوجّد يقول فيها: البارحة نوم الملا عن غايب والقلب من كثر الهواجيس وجعان ونّيت ونّة من رمته الركايب بأرض فلاة عنده الذيب سرحان ذكرت من شبّيت واليوم شايب أَدْلَه أنا وفلان وفلان وفلان واليوم عبد الله يجيب العجايب أبو فلاح إذا خزى كل شيطان نروح عن دار لدار الحبايب دار السخى والدِّين والضيف مجان نفرح إلى جا الضّيف وابليس غايب نقلّط الميسور كبش من الضأن وذات يوم كان في الحجاز بعيدا عن بلدته القصر واشتاق لها فتذكر مربى صباه وأهله وجماعته وطرا له جبل (أبان) فأحب أن يكون معهم فقال قصيدة مطلعها: لا واهني من شاف أبانات بالعين أقفى عن الحرّة وخلّى ترابه مراسلاته وخطاباتهتوثقت العلاقة بين الملك عبد العزيز وابن عقيّل بعد معركة الشنانة التي شارك فيها ابن عقيّل وانتصر فيها الملك عبد العزيز ومن معه من الرجال وكانت من المعارك الحاسمة في تاريخ تأسيس المملكة. وكانت بينهما مراسلات تنم عن العلاقة الطيبة بينهما ووجد الملك من شجاعة ابن عقيّل وأمانته وولائه ما جعله يكلفه بالأعمال الحكومية ثم بدأ بعدها عمله الرسمي في الدولة. من تلك المراسلات ما يلي: خطاب أرسله الملك عبد العزيز إلى من يراه يبين فيه حدود قصر ابن عقيّل حتى لا يخفى على أحد نصه ما يلي:[8]
خطاب أرسله الملك إلى ابن عقيّل يخبره فيه بأنه سوف يمر على الرس في سيره وسوف يحل ضيفاً عليه نصه ما يلي:[8]
حظي ابن عقيّل من الملك عبد العزيز بتأييد صريح على إمارته في بلدته فوجّه الملك عبد العزيز خطابا إلى من يراه يوضح فيه العلاقة الخاصة الوثيقة بينه وبين ابن عقيّل وأن لا يعارضه أحد في الإمارة يقول فيه:
كان الملك يراسل الأمير بعدة خطابات يخبره فيها بأحواله وأحوال الدولة والمعيشة ويطلب منه أن يتواصل معه ولا يطيل الغيبة والمراسلة عنه. كما كان الملك يطلب من ابن عقيّل أن يمده بالمال عند الحاجة في وقت الجهاد، من ذلك خطاب أرسله يكلّفه بتأمين نصف مؤنة الجهاد هذا نصّه
كان الملك يتواصل مع ابن عقيّل بالخطابات الكثيرة التي يبلغه فيها السلام منه ومن والده وإخوانه وأبنائه ويخبره عن أحوال الدولة والبلاد والشعب وكان يخاطبه بكلمة (الأخ) وكلمة (الأفخم) وهذا يدل على مكانة ابن عقيّل لدى الملك عبد العزيز منها هذا الخطاب:
عندما كان ابن عقيّل أميرا على الجوف كان الإمام يكلفه بإنجاز بعض المهام التي لا يقدر عليها إلاّ الكبار من الرجال، منها خطاب بعثه الملك يفيد الأمير عبد الله بن عقيّل عن حال القريات ووادي السرحان وأن الاتفاق بين حكومة المملكة وحكومة بريطانيا أنها تابعة للمملكة ويوصيه بالمحافظة على الأمن فيها هذا نصّه
خطاب كلّفه الملك بأن يرسل من قبله من يقوم باستلام القريات ونص الخطاب:
كتاب الملك عبد العزيز يخاطب فيه أخيه عبد الله بن عقيّل وما يفيده به من أخبار البلاد والعباد
كتاب الملك عبد العزيز وثيقة إثبات ملكية ابن عقيّل ملكه في القصر هذا نصّها
كتاب آخر يؤكد فيه ملكيتهم للقصر ونصّه:
قالوا عنه
ومطلع القصيدة ما يلي: ياراكب حمرا كما السّيد لا قاد يوم السباع من المذلّه ترادي خذا الفريسة وانتهى عقب ما صاد يبغي بها بعض الدعوب الصدادي حمرا ولكنه توعّد توعّاد إلى أقبلت عينه لراع الشّدادي حمرا من الخشّه إلى حد الإقلاد لفتة فريق الريم لا أوحى التنادي حمرا ترايبها كما الشري قعّاد حمرا ولا له بالمقادي مقادي ثم قال: وانحر سبند للمعاريف صياد مثل العقاب اللي على الصيد عادي ملفاك أبو صالح عما عين الأضداد مفتاح دولاب المعاني البعادي عدّ يصدّر كل ما جاه ورّاد كنّه على ناصيه يوم العيادي وبعدما أكمل القصيدة أعطاه ابن عقيّل الناقة التي وافقت وصف ناقته.
إن جنّ بهم للجوف هلهن يطقون رأس العصا والكرب طشو خلاله عند الأمير بهدفة الليل تلقون هداج يبشر بالروى من عناله إلى أن قال: عبد الله اللي بالضحا له يقرون سكان نجد ميدمه في سهاله وفاتهبعد إحالته إلى التقاعد، مرض ابن عقيّل فلزم الفراش وتخلى عن المسؤوليات، ثم سافر في رحلة علاجية إلى النمسا وعاد بعدها إلى الرياض واشتد عليه عليه المرض إلى أن توفي توفي في 20 جمادى الأولى 1385 الموافق 15 سبتمبر 1965 ودفن بمقبرة العود بالرياض.[1][9] حياته الخاصةأنجب من الأبناء 13 منهم ستة ذكور.
المراجع
|
Portal di Ensiklopedia Dunia