المرشد المعين على الضروري من علوم الدين
متن ابن عاشر المسمى (المرشد المعين على الضروري من علوم الدين) هو كتاب للإمام عبد الواحد بن عاشر المالكي الأشعري الصوفي (ت 1040هـ = 1631م) عبارة عن منظومة في أصول الدين على مذهب الإمام مالك ضمّت 317 بيتاً من بحر الرجز في العقيدة والفقه والسلوك ، وهي منظومة ذاع صيتها وتلقتها الأمة الإسلامية بالقبول حتى اعتبرت درَّة من دُرر الفقه المالكي. والمنظومة وإن كانت صغيرة الحجم، فقد جمعت أصول الدين وفروعه، مما لا يسع المسلم جهله، في أوجز لفظ، وأوضح عبارة، تقيد فيها ابن عاشر بالمذهب المالكي، ولم يخرج عن المشهور، والراجح، والمعمول به، والمنظومة كذلك لا تخلو من دليل يرتكز على الكتاب والسنة والأصول التي اعتمدها المالكية في مذهبهم، لذلك ظلت المنظومة ولا تزال المنطلق الأول لمن أراد دراسة الفقه المالكي.[1][2] كما اتسمت العناية بالنظم من لدن العلماء بالوفرة والتنوع، إذ منهم من خصه بالشرح المطول لسائر أبواب النظم، ومنهم من أفرد أحد الأبواب الثلاثة بالشرح المستفيض أي العقيدة أو الفقه أو التصوف، ومنهم من اكتفى بالشرح المختصر، ومنهم من اتجهت عنايته إلى شرحه شرحاً إشارياً على اصطلاح أهل التصوف. ولقد خص العلامة ابن عاشر علم الاعتقاد بكتاب مستقل من منظومته المذكورة، قصد فيه إلى بيان أمهات العقائد على مذهب الإمام المجدد أبي الحسن الأشعري (ت 324هـ)، حيث جاءت مقاصده معربة عن التوجهات الأصلية الكبرى للمذهب الأشعري، والتي ينتظمها أصل التنزيه والتعظيم مقصداً، وأصل الوسطية والاعتدال منهجاً.[3][4] نبذة عن المؤلفهو أبي محمد عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر الأنصاري نسباً، الأندلسي أصلاً، نشأ بفاس التي ولد بها سنة 990هـ، وبها تلقى تعليمه. ذكر الفضيلي أنه من حفدة الشيخ أبي العباس أحمد بن محمد بن عمر ابن عاشر السلاوي المتوفى سنة 765هـ. وقد تصدَّر للتدريس والمشيخة والخطابة، وشارك في جل العلوم وخصوصاً في علم القراءات والرسم والضبط والنحو والإعراب وعلم الكلام والأصول والفقه. وتوفي بفاس سنة 1040هـ بعد مرض مفاجئ أصابه.[5][6] قال عنه الصغير الإفراني: كان ذا سمت حسن، مثابراً في تعليم الناس زاهداً في الدنيا، يأكل من كد يمينه، يضرب في الأرض على طلب الحلال، متواضعاً حسن الأخلاق، كثير الإنصاف في المباحثة، يأخد العلم ممن هو دونه، يتولى جميع أموره بيده ويباشر شراء حوائجه من السوق بيده.[7] وقال عنه صاحب سلوة الأنفاس: كان -رحمه الله- ممن له التبحر في العلوم، والمشاركة في الفنون، عالماً عاملاً، عابداً ورعاً زاهداً... وله اليد الطولى في علم القراءة، يبحث مع الجعبري، وله حاشية عليه، وانفرد في عصره بعلم الرسم، وله شرح عجيب على «مورد الظمآن»، سماه «فتح المنان»، وأدرج فيه تأليفاً آخر سماه: «الإعلان بتكميل مورد الظمآن» في كيفية رسم قراءة غير نافع من بقية السبعة في نحو خمسين بيتاً وشرحه، وله أيضاً الباع الطويل في النحو والصرف والتفسير، والفقه والتصوف والأصلين، والمنطق والبيان والعروض، والطب والتوقيت والتعديل، والحساب والفرائض... وغير ذلك. وألف - رحمه الله – تآليف عديدة في غاية التحرير والإتقان، منها: نظمه المشهور في قواعد الإسلام الخمس ومبادئ التصوف، وهو المسمى «بالمرشد المعين على الضروري من علوم الدين»، ابتدأ نظمه حين أحرم بالحج، فنظم أفعال الحج مرتبة من قوله: وإن تُرد ترتيب حجك...إلى آخره. ثم لما انفصل عن حجه، كمل ما يتعلق بالقواعد الخمس.[8] وإلى جانب تأليفه للمرشد المعين، ألف الشيخ ابن عاشر مجموعة من الكتب، منها:[6][9]
محتوى الكتابيمهد في فاتحتها بخمسة أبيات يذكر فيها مقصوده من نظمها، وأنه شرع فيها حين أحرامه بالحج، ثم لما انفصل عن حجه كمَّل ما يتعلق بقواعد الإسلام الخمس، ولخص هدفه منها بقوله: وأتبع هذا التمهيد، مقدمة عقدية بين فيها العقيدة الأشعرية، وقواعد الإسلام الخمس في حدود 42 بيتاً، ثم أعقبها بمقدمة أخرى في علم أصول الفقه في 6 أبيات بيَّن فيها الحكم الشرعي وأقسامه وشروطه، ثم أحكام الطهارة بما يشمله من وضوء، وغسل، وتيمم في 45 بيتاً بيَّن فيها فرائض الوضوء وسننه ونواقضه، وفرائض الغسل ومندوباته وموجباته، والتيمم وأحكامه، ثم نظم أحكام الصلاة وما يتعلق بها في حدود 85 بيتاً ذكر فيها فرائضها وشروطها وسننها ومندوباتها ومكروهاتها، وأحكام الأذان والقصر في السفر، ثم ذكر الصلوات الخمس المفروضة والصلوات المسنونة والمستحبة، وأحكام سجود السهو وصلاة الجمعة وشروط الإمام، ثم أحكام الزكاة وأنواعها ومصارفها في 29 بيتاً، ثم أحكام الصيام الفرض منه والمستحب في 18 بيتاً، ثم أحكام الحج والعمرة في 62 بيتاً، ثم ختم نظمه بالتصوف ومبادئه في 27 بيتاً على طريقة الإمام الجنيد البغدادي فيما يخص التوبة والاستغفار والكف عن المحارم وتطهير القلب من الأدران ومحاسبة النفس.[1][2] شروحه ومختصراتهتلقت الأمة هذه المنظومة بالقبول والاستحسان، حيث أفردها علماء الغرب الإسلامي على الخصوص بالشروح حتى أصبحت مستنداً لكل طالب علم، وتصدَّر تدريسها الحلقات العلمية بالمساجد والمعاهد، ووجَّه العلماء طلبتهم لحفظها ومدارستها. فكثرت شروحها ومختصراتها، والتي منها:
بالإضافة إلى بعض الحواشي والمختصرات، كمختصر الدر الثمين للشيخ محمد ميارة، وشرح الشيخ الطيب بن كيران، وحاشية الفقيه الطالب بن الحاج على شرح ميارة، وشرح الشيخ علي بن عبد الصادق العبادي، وسمى شرحه: (إرشاد المريدين لفهم معاني المرشد المعين).[1][2] ثناء العلماء عليهاقد عرف العلماء لهذه المنظومة قدرها، فأقبلوا على تدريسها في حلقاتهم العلمية، ووجهوا طلبتهم إلى حفظها، ووضعوا عليها التقاييد والشروح والختمات التي لا تحصى كثرة، ومن ثنائهم عليها وامتداحهم لها، ما أنشده العلامة أبو عبد الله محمد بن أحمد العياشي؛ إذ قال: عليك إذا رمت الهدى وطريقه وبالدين للمولى الكريم تدين بحفظ لنظم كالجمان فصوله وما هو إلا مرشد ومعين كأن المعاني تحت ألفاظه وقد بدت سلسبيلا بالرياض معين وعنها يقول تلميذه العلامة محمد ميارة (ت 1072هـ)، وهو يعدد تآليف الإمام ابن عاشر: «ألف تآليف عديدة، منها هذه المنظومة العديمة المثال في الاختصار، وكثرة الفوائد والتحقيق، ومحاذاة مختصر الشيخ خليل، والجمع بين أصول الدين وفروعه، بحيث إن من قرأها وفهم مسائلها، خرج قطعاً من ربقة التقليد والمختلف في صحة إيمان صاحبه، وأدى ما أوجب الله عليه تعلمه من العلم الواجب على الأعيان».[10] واعتباراً لقيمة هذه المنظومة، نجدها معتمدة من كبار الفقهاء المالكية؛ فالإمام أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي (ت 1203هـ) ينقل عنها في أكثر من 83 موضعاً من حاشيته على أحمد الدردير في شرح مختصر خليل، وبلغت النقول عنها عند العلامة محمد عليش (ت 1299هـ) إلى مائة نقل في منح الجليل شرح مختصر خليل، وحوالي ثلاثة عشر نقلاً عند الإمام أحمد الصاوي (ت 1241هـ) في كتابه بلغة السالك لأقرب المسالك.[1][2] طبعاتهطبع هذا الكتاب عدة طبعات من مختلف دور النشر العربية، سواء بمفرده أو مع شروحه وخاصة شرح الإمام محمد ميارة الفاسي، وطبع متنه مستقلاً عام 1262هـ بفاس، ثم بمصر عام 1300هـ، وتوالت طبعاته منها: طبعة مكتبة دار إحياء الكتب العربية عيسى البابي الحلبي وشركاه، ثم طبعة دار الفكر، ومنها طبعة وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية بمناسبة مطلع القرن الخامس عشر الهجري -مطبعة فضالة- المغرب.[1][2] انظر أيضًا
المصادر
وصلات خارجية |