العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية (كتاب)
العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية كتاب في العقيدة الإسلامية وعلم الكلام من تأليف إمام الحرمين أبي المعالي الجويني، وهو آخر مؤلفاته، وقد لاقى الكتاب قبولاً واهتماماً كبيراً عند الأشاعرة.[1] وقد حققه الإمام الكوثري نظراً لموضوعاته الدينية الهامة في العقائد والإلهيات والكلام عن الله وأحكامه ثم في العبودية والنبوات والمعجزات والكرامات وإثبات نبوة الرسول ﷺ ثم عذاب القبر وسؤال الملكين والجنة والنار والصراط والشفاعة، وغيرها من الموضوعات.[2] سبب تسمية الكتابترجع تسمية الكتاب بهذا الاسم نسبة إلى الوزير "نظام الملك"، ولهذا سمّاه الجويني بالنظامية، والوزير نظام الملك أشعري المعتقد، قال عنه الحافظ الذهبي بعد أن أثنى عليه: «وكان شافعيا أشعريا.»[3] وهذا الكتاب جزء من مصنف كبير للإمام الجويني، اسمه «الرسالة النظامية في الأركان الإسلامية» ويعرف أيضا بالنظامي، ويحتوي على العقيدة وأحكام الصلاة والصيام والزكاة والحج، وقد فصل أبو بكر بن العربي قسم العقيدة عن باقي الأقسام وجعلها في كتاب مستقل سماه «العقيدة النظامية»،[4] لأن باقي الكتاب في أحكام الفقه[؟] على المذهب الشافعي، وهذا ما صرح به القاضي أبو بكر بن العربي في النسخة المخطوطة التي رواها عن الغزالي عن المؤلف نفسه، فقال عن سبب فصله مباحث العقيدة عن مباحث الأحكام: «تركت باقي الكتاب لأنه على المذهب الشافعي رضي الله عنه.»[5] مقدمة الكتابيقول الدكتور محمد الزحيلي شقيق الشيخ وهبة الزحيلي في كتابه «إمام الحرمين، الإمام الجويني» في تعريفه بكتاب العقيدة النظامية: «بيّن الشيخ الكوثري رحمه الله في المقدمة (أي مقدمة كتاب العقيدة النظامية) فضل علم أصول الدين وعلم الكلام وشرفه وجدواه لأن معلومه يتعلق بالإيمان واليقين، وصون عقائد المسلمين من الشكوك، مبيناً منهج السلف فيه «الاقتصاد في المعقول والاقتصار على ما في الكتاب والسنة من الأدلة جرياً مع حاجة الزمن»، ولما استفحل شر الفتن، واتسعت الفتوحات وكثر الاتصال بأرباب الأديان والنحل وصنوف أهل الأهواء والملل، أوجب ذلك الرد على أهوائهم «بطرق عقلية يعترفون بها، ويخضعون لأحكامها» وهو ما فعله الخلف في هذا العلم، وليس ذلك تطوراً في عقيدة الإسلام أصلاً في صميمها، لكنه تطور في طريق الدفاع عنها، ثم بيّن الكوثري مكانة إمام الحرمين في هذا المضمار، وأن له القدْحُ المعلّى فيه، وأن مؤلفاته همزة وصل بين منهج السلف[؟] والخلف.»[6] مضمون الكتابيبحث الجويني في هذا الكتاب ما يجب لله من صفات، كما تصدى للمعتزلة في موضوع صفة كلام الله التي هي عند أهل السنة صفة ذاتية أزلية من صفاته تعالى، ثم انتقل بعد ذلك إلى الكلام في مسألة رؤية الله بالنسبة للمؤمنين في الجنة حيث التزم بما قرره الأشاعرة، وهي عنده جائزة وقد أجمعت الأمة الإسلامية على جواز ذلك من غير تشبيه أو تعطيل خلافا للمعتزلة الذين أنكروا الرؤية، كما خصص فصلا للوحدانية ثم عقد بابا مطولا لبحث مسألة خلق أفعال العباد وهو بعنوان العبودية، ثم تكلم عن إثبات النبوة وإعجاز القرآن وعن الإيمان وختم الكتاب بفصل في أحكام التوبة وماهيتها وشروطها ووجوبها.[7] الباب الأولوفيه القول في حدث العالم: وهو وإن كان مندرجا تحت الباب إلا أن الجويني اعتبره تمهيدا لما يلي ذكره من قواعد الدين. وفي هذا التمهيد انطلق الجويني من أن العالم هو كل موجود سوى الله ليثبت أن الله موجود قبل العالم، فالله قديم والعالم حادث، واستدل على وجود الله تعالى وأنه هو وحده خالق العالم بدليل الحدوث والإمكان. الباب الثانيفي الإلهيات؛ ومدارك هذا الباب تؤول إلى الوجوب والاستحالة والجواز، فصدر الجويني الباب بتمهيد أثبت فيه بدليل التسلسل والدور أن الله سبحانه واجب الوجود، لينتقل إلى الكلام في ثلاثة فصول عن المستحيل والواجب والجائز في حقه تعالى:
وأثبت أيضا أن الله ـ عز وجل ـ سميع بصير، يدرك المبصر والمسموع على الحقيقة، منزه عما تتصف به الحواس والحدق والأصمخة. ثم أوجب القطع بأن الله ـ سبحانه ـ باق، فمن وجب قدمه استحال عدمه. وقد رأى الجويني عدم تأويل ما ورد في الكتاب والسنة من المتشابهات، مع اعتقاد تنزه الباري عن صفات المحدثين، وتفويض معناها إلى الله تعالى. قال الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة الإمام الجويني: «قال أبو المعالي في كتاب "الرسالة النظامية": اختلفت مسالك العلماء في الظواهر التي وردت في الكتاب والسنة، وامتنع على أهل الحق فحواها فرأى بعضهم تأويلها، والتزم ذلك في القرآن، وما يصح من السنن، وذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الرب - تعالى - والذي نرتضيه رأيا، وندين الله به عقدا اتباع سلف الأمة، فالأولى الاتباع، والدليل السمعي القاطع في ذلك أن إجماع الأمة حجة متبعة، وهو مستند معظم الشريعة، وقد درج صحب الرسول - صلى الله عليه وسلم - على ترك التعرض لمعانيها ودرك ما فيها وهم صفوة الإسلام المستقلون بأعباء الشريعة، وكانوا لا يألون جهدا في ضبط قواعد الملة والتواصي بحفظها، وتعليم الناس ما يحتاجون إليه منها، فلو كان تأويل هذه الظواهر مسوغا أو محتوما; لأوشك أن يكون اهتمامهم بها فوق اهتمامهم بفروع الشريعة، فإذا تصرم عصرهم وعصر التابعين على الإضراب عن التأويل; كان ذلك قاطعا بأنه الوجه المتبع، فحق على ذي الدين أن يعتقد تنزه الباري عن صفات المحدثين، ولا يخوض في تأويل المشكلات، ويكل معناها إلى الرب...»[10] والذي ذكره الإمام الجويني من ترجيح التفويض على التأويل هو أحد مسلكي الأشاعرة مع نصوص المتشابه، وهو ثابت أيضا عن أئمة من السلف. يقول تاج الدين السبكي في كتابه طبقات الشافعية الكبرى:
الباب الثالثفي العبودية، والصفات المرعية في ثبوت الطلبات التكليفية؛ وفيه الكلام عن أربعة أركان متعلقة بإمكان التكليف وجوازه عقلا:
وهذه الأركان الثلاثة خرجت على أصل واحد هو قاعدة العقيدة: وهو أن العبد مطالب بالجائز دون المستحيل، فإنه مطالب بفعل أو ترك فعل، وكلاهما جائزان، وكما لا يجري على العبد من تقدير بارئه إلا ما يجوز، فكذلك لا يطالبه إلا بما يجوز.
الباب الرابعفي النبوات؛ والنبوة هي تعريف الله تبارك وتعالى عبدا من عباده أمره أن يبلغ رسالته إلى عباده وهو من الجائزات، وبناء على هذا التقرير ذكر الجويني فصلا في دلالة ثبوت النبوة ووقوعها وهي المعجزة فذكر شرائطها، وخص فصلا في وجوه دلالتها على صدق الرسل، وذكر فصلا في إثبات الكرامات، ثم فصلا في إثبات نبوة النبي محمد ﷺ. الباب الخامسفي السمعيات؛ وحاصله أن كل ما نقل عن النبي ﷺ بطرق صحيحة، مرتضاه عند أهل الإثبات، وكان ممكنا غير مستحيل، فإذا كان النقل تواترا، علم قطعا على حد العلم بالسمعيات، وإن نقل آحادا ثبت ذلك المظنون في مأثور الأخبار، وتلقى بالقبول، ولم يعارض بالاستبعاد.
انظر أيضًامصادر
المصادر |