المجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية تونسية ضامنة في نطاق صلاحياتها حسن سير القضاء واستقلالية السلطة القضائية طبق أحكام الدستور والمعاهدات الدولية المصادق عليها.
في دستور تونس 2014، تنص الفصول بين 112 و117 على مهام المجلس وصلاحياته ومكوناته وطرق انتخابها وتعيينها.
أول انتخابات للمجلس نظمت في 23 أكتوبر2016.
تتمثل مهام المجلس فيما يلي:[6]
يتولى المجلس إعداد النظام الداخلي للمجلس، وضبط المنح المسندة للأعضاء في إطار أحكام الميزانية المصادق عليها من قبل مجلس نواب الشعب، وتعيين أربعة أعضاء بالمحكمة الدستورية، وإصدار الرأي المطابق وتقديم الترشيح الحصري طبقا لمقتضيات الفصل 106 من الدستور، ومناقشة مشروع الميزانية والمصادقة عليه، ومناقشة التقرير السنوي والمصادقة عليه، واقتراح الإصلاحات الضرورية لضمان حسن سير القضاء واحترام استقلاله، وإبداء الرأي بخصوص مشاريع ومقترحات القوانين المتعلقة خاصة بتنظيم العدالة وإدارة القضاء واختصاصات المحاكم والإجراأت المتبعة لديها والأنظمة الخاصة بالقضاة والقوانين المنظمة للمهن ذات الصلة بالقضاء التي تعرض عليها وجوبا، وإبداء الرأي في مشروع قرار وزير العدل المتعلق ببرنامج مناظرة انتداب الملحقين القضائيين، وإبداء الرأي في ضبط برامج تكوين الملحقين القضائيين والقضاة بالمعهد الأعلى للقضاء، وإعداد مدوّنة أخلاقيات القاضي. يعد المجلس تقريرا سنويا يحيله إلى كل من رئيس الجمهورية التونسيةورئيس مجلس نواب الشعبورئيس الحكومة التونسية.
الصلاحيات
تتمثل صلاحيات المجلس فيما يلي:[6]
يتداول كل مجلس قضائي في جميع المسائل الراجعة إليه بالنظر بمقتضى الدستور والقانون وفي كلّ ما يخص سير العمل القضائي في نطاق اختصاصه، كما يتولى ضبط حاجياته في إطار إعداد مشروع ميزانية المجلس الأعلى للقضاء.
يبتّ كل مجلس قضائي في المسار المهني للقضاة الراجعين إليه بالنظر من تسمية وترقية ونقلة، كما يبتّ في مطالب رفع الحصانة ومطالب الاستقالة والإلحاق والإحالة على التقاعد المبكّر والإحالة على عدم المباشرة وفق أحكام الأنظمة الأساسية للقضاة.
يعتمد المجلس القضائي عند النظر في المسار المهني للقضاة على مبادئ تكافؤ الفرص والشفافية والكفاءة والحياد والاستقلالية. ويراعي لهذه الغاية المقتضيات والمبادئ الواردة بالدستور والمعاهدات الدولية والمعايير والشروط المنصوص عليها بالأنظمة الأساسية للقضاة.
تحدّد المجالس القضائية الثلاثة كل فيما يخصه احتياجات المحاكم من القضاة والشغورات الحاصلة في الخطط والوظائف القضائية وتنظر في مطالب النقل والترقيات، ويعلن المجلس الأعلى للقضاء عن الحركة القضائية مرة واحدة في السنة في أجل أقصاه موفى يوليو من كل سنة ويمكن للمجلس عند الاقتضاء إجراء حركة استثنائية خلال السنة القضائية.
لا يمكن نقلة القاضي خارج مركز عمله ولو في إطار ترقية دون رضاه المعبّر عنه كتابة. ولا تحول هذه الأحكام دون نقلة القاضي بموجب قرار معلّل صادر عن المجلس القضائي مراعاة لمصلحة العمل الناشئة عن: ضرورة تسديد الشغورات بالمحاكم، توفير الإطار القضائي بمناسبة إحداث محاكم أو دوائر جديدة، تعزيز المحاكم لمجابهة ارتفاع بيّن في حجم العمل.
ولا يجوز أن تتجاوز مدة المباشرة في مركز النقلة تلبية لمتطلبات مصلحة العمل ثلاث سنوات إلاّ إذا عبّر القاضي المعني عن رغبة صريحة في البقاء بذات المركز. يتساوى جميع القضاة أمام مقتضيات النقلة لحسن سير القضاء.
يتولّى كل من المجالس القضائية الثلاثة إعداد جداول سنوية للترقية وفقا لأحكام الأنظمة الأساسية للقضاة. ترفع إلى المجلس القضائي المعني مطالب الترقية والنقل والترشح للخطط والوظائف القضائية في أجل أقصاه شهر من تاريخ الإعلان عن قائمة الشغورات. تنظر المجالس القضائية الثلاثة كل فيما يخصه في مطالب الاستقالة وتبت فيها، بأغلبية أعضائها، في أجل أقصاه ستون يوما من تاريخ تقديمها. ولا يمكن للمجلس رفض استقالة قاض، غير أنه يمكنه تحديد قبولها بنهاية السنة القضائية. ويعدّ عدم البتّ في مطالب الاستقالة، خلال الأجل المذكور، قبولا للطلب. ولا يمكن الرجوع في الاستقالة المقبولة كما أن ذلك لا يحول دون المساءلة التأديبية عند الاقتضاء.
تنظر المجالس القضائية الثلاثة كل فيما يخصه في مطالب الإلحاق. تعرض على المجالس القضائية الثلاثة كل فيما يخصه مطالب الإحالة على التقاعد المبكّر وتبت فيها طبق الشروط المحددة بالأنظمة الأساسية للقضاة. لا يمكن إعفاء القاضي من مباشرة مهامه إلا بموجب قرار معلل من المجلس الأعلى للقضاء يتم نشره بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية.
تضبط الأنظمة الأساسية للقضاة الحالات التي يمكن بمقتضاها إعفاء القاضي من مباشرة مهامه. ينظر المجلس وهياكله في كل ما يتعلق بالإجراءات التأديبية تجاه القضاة.
مدرس باحث برتبة أستاذ تعليم عالي أو أستاذ محاضر مختص في المالية العمومية والجباية من غير المحامين منتخب من نظرائه.
الجلسة العامة للمجالس القضائية الثلاثة
تتكون من الأعضاء ال45 المجالس القضائية العدلية والإدارية والمالية.
الانتخابات
الشروط والتنظيم
يعهد تنظيم الانتخابات إلى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وهو ما يعتبر نادرا في مثل هذه الحالة في العالم إذ توجد 5 دول فقط تستعمل هذه الطريقة. تنظم الانتخابات خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من المدة النيابية للمجلس.[6]
الأشخاص الذين يمكنهم الانتخاب هم:[6]
كل مدرس باحث قار ومباشر من ذوي الاختصاصات بمؤسسات التعليم العالي وليس له أي انتماء حزبي ويكون مختصا في المجال القانوني أو المالي أو الجبائي أو المحاسبي بحسب المجلس القضائي الذي ينتمي إليه.
بالنسبة للمترشحين لعضوية المجلس، فيجب أن تتوفر فيهم عدة شروط:[6] أن يكونون ناخبين على معنى هذا القانون، النزاهة والكفاءة والحياد، نقاوة سوابقهم العدلية من الجرائم القصدية، الإدلاء بما يفيد التصريح السنوي بالضريبة على الدخل للسنة المنقضية، ألاّ يكون قد صدرت في حقّهم عقوبة تأديبية، ولا يقبل ترشح أعضاء المكاتب التنفيذية أو الهيئات المديرة بإحدى الجمعيات أو الهيئات المهنية أو النقابات للقطاعات المعنية إلا بعد الاستقالة منها.
يضاف للمترشحين القضاة شرط المباشرة في العمل، وأقدمية خمس سنوات بالنسبة للقضاة العدليين، وأقدمية ثلاث سنوات بالنسبة للقضاة الإداريين والماليين.
كذلك يضاف للمترشحين المحامين شرط المباشرة والترسيم بجدول المحامين لدى التعقيب، إلى جانب الأقدمية الفعلية في المهنة التي لا تقل عن خمس عشرة سنة في تاريخ تقديم الترشح.
يشترط في المدرس الباحث المترشح لعضوية المجلس أن يكون: مباشراً وقارا من ذوي الاختصاصات المذكورة بالفصل 2 من قانون المجلس والمذكورة أعلاه بمؤسسات التعليم العالي، وله أقدمية في التدريس الجامعي لمدّة خمس عشرة سنة على الأقل في تاريخ تقديم الترشح.
يشترط في الخبير المحاسب المترشح لعضوية المجلس أن يكون مباشرا لعمله، ومرسما بجدول الخبراء المحاسبين منذ خمس سنوات على الأقل في تاريخ تقديم الترشح.
يشترط في العدل المنفذ المترشح لعضوية المجلس أن يكون مباشرا لعمله، ومرسما بجدول العدول المنفذين منذ خمس عشرة سنة على الأقل في تاريخ تقديم الترشح.
لا يجوز الترشح لعضوية أكثر من مجلس قضائي واحد. يكون الانتخاب حرا ومباشرا ونزيها وسريا في دورة انتخابية واحدة باعتماد طريقة الاقتراع على الأفراد، ويختار الناخب ممثليه من الصنف الذي ينتمي إليه، ويختار القضاة ممثليهم من نفس الصنف والرتبة.[6]
الانتخابات
انتخابات 23 أكتوبر 2016
تعتبر هذه أول انتخابات في تاريخ المجلس ككل، وستنتخب المجلس الأول بعد الثورة التونسية في 2011 واعتمادا على دستور تونس 2014. تم تنظيم هذه الانتخابات في 23 أكتوبر2016.
يبلغ عدد الناخبين في هذه الانتخابات 376 13 ناخب من جميع الأصناف القضائية والمتصلة بها موزعين على 106 مكتب اقتراع موزعة على 13 دائرة انتخابية في كامل الجمهورية التونسية، بينما يبلغ عدد المترشحين للمجلس 179 مرشحا، سينتخب منهم 33 شخصا من جملة 45 عضوا في المجلس (ال12 البقية معينون بالصفة). بلغ عدد الملاحظين في هذه الانتخابات 211 1 ملاحظا ينتمون إلى 8 جمعيات ومنظمات من المجتمع المدني.[8][9]
بلغت نسبة المشاركة في هذه الانتخابات 46.9% أي 275 6 ناخب.[10]
مند قرارات 25 يوليو 2021، دخل الرئيس قيس سعيد صراعا مع المجلس الأعلى للقضاء منتقدا آداءه وتعاطيه مع قضايا الفساد في البلاد.[11] وفي 5 فبراير2022، وبعد تصريحاته المتكررة ضد المجلس، أعلن قيس سعيد عن حل المجلس الأعلى للقضاء معتبرا أنه «بات في عداد الماضي» حسب قوله.[12] الأمر الذين رفضه أعضاء المجلس.[13][14] كما أعلن رئيس المجلس يوسف بوزاخر عن منع قوات الأمن، الاثنين 7 فبراير2022، الاداريين والأعوان من دخول مقر المجلس، مؤكدا انه وأعضاء المجلس سيواصلون عملهم بالوسائل التي انطلقوا بها سواء بالمقر أو خارجه.[15][16] رغم ذلك لم يصدر أي قرار رئاسي بصفة رسمية في الرائد الرسمي يقضي بحل المجلس الأعلى للقضاء.[17]
ويأتي قرار حل المجلس أيضا بعد إلغاء الرئيس قيس سعيد للمنح والامتيازات المسنودة للأعضاء وبعد دعوة صريحة وجهها سعيد لأنصاره للتظاهر يوم الأحد 6 فبراير2022 ضد المجلس الأعلى للقضاء والدعوة إلى «تطهير القضاء من الفاسدين».[18][19][20]
قال رئيس الجمهورية قيس سعيد خلال لقاءه برئيسة الحكومة نجلاء بودن، الاثنين 7 فبراير2022، أن مشروع حل المجلس الأعلى للقضاء جاهز وستتم مناقشته، قائلاً إنه ضروري. كما صرح سعيد: «المجلس الأعلى للقضاء تم حله، لكنني لن اتدخل في القضاء أبداً، وقد تم اللجوء إلى الحل لأنه بات ضرورياً، وحان الوقت لوضع حد للمهازل التي تحصل ونستمع إليها».[21]
في 10 فبراير2022، تظاهر مجموعة كبيرة من القضاة المناهضين لحل المجلس الأعلى للقضاء أمام قصر العدالة بالعاصمة تونس تزامنا مع إضراب عام يخوضه القضاة بعد دعوة وجهتها جمعية القضاة التونسيين في كامل أنحاء البلاد، مرددين شعارات من قبيل «الشعب يريد قضاء مستقل».[22][23]
ردود الفعل
الدولية
الأمم المتحدة: حثت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت، الثلاثاء 8 فبراير2022، الرئيس التونسي على استعادة مجلس القضاء الأعلى، محذرة من أن حله سيقوض بشكل خطير سيادة القانون وفصل السلطات واستقلال القضاء في البلاد.[24][25] وقالت ميشال باشليت في بيان: «هذه خطوة كبيرة في الاتجاه الخاطئ، فحل مجلس القضاء الأعلى يعد انتهاكا واضحا لالتزامات تونس بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان».[26]
لجنة الحقوقيين الدولية: قالت لجنة الحقوقيين الدولية الإثنين 7فبراير2022 إن مقترح حل المجلس الأعلى للقضاء بمرسوم رئاسي يجب التخلي عنه لأنه سيشكل ضربة قاتلة لا رجعة فيها على استقلال القضاء والفصل بين السلطات وسيادة القانون.[34][35]
المحلية
حركة النهضة: أعلنت الحركة رفضها القاطع لهذا القرار الذي وصفه بيان مكتبها التنفيذي برئاسة راشد الغنوشي بـ«اللادستوري والرامي إلى استحواذ رئيس الجمهورية على مرفق العدالة والتحكم في مفاصله من أجل استخدامه كأداة لتصفية الخصوم السياسيين، وإغلاق الفضاء العمومي، وتركيز منظومة للحكم الفردي المطلق».[36]
عميد المحامين: قال ابراهيم بودربالة عميد المحامين التونسيين، أن «المجلس الاعلى للقضاء لم يتم إلغاءه إنما إعادة النظر في تركيبته» كما عبر عن «مساندته لكل ما يستوجب الإصلاح» موجها انتقادات لأداء المجلس الأعلى للقضاء.[41] ورجح بودربالة في تصريح إذاعي إمكانية ترأس رئيس الجمهورية قيس سعيد المجلس الأعلى للقضاء.[42][43]
أحمد نجيب الشابي: دعا رئيس الهيئة السياسية لحزب الأمل أحمد نجيب الشابي، التونسيين للدفاع عن استقلالية القضاء، كما توجه لمن وصفهم بأصحاب الضمائر الحرة إلى الوقوف جميعا للدفاع عن استقلال القضاء وعن تونس الآن وليس بعد فوات الأوان، حسب تعبيره.[44]
جمعية القضاة التونسيين: دعت جمعية القضاة التونسيين كافة القضاة إلى التعليق التام للعمل بكافة محاكم الجمهورية يومي 9و10 فبراير2022 احتجاجا على ما وصفته بـ«الانتهاك الصارخ لاستقلالية السلطة القضائية من قبل رئيس الجمهورية وحل المجلس الأعلى للقضاء كآخر ضمانة للفصل بين السلط وتحقيق التوازن بينها».[45][46]
نقابة القضاة التونسيين: قالت رئيسة نقابة القضاة التونسيين أميرة العمري، أنه تم التفاعل إيجابيا مع دعوة رئيس الجمهورية قيس سعيد مؤخرا لوزيرة العدل لإصدار مرسوم لإصلاح القضاء وتمت مساندة هذا القرار وتقديم تصور عام له وليس مجرد كلام هلامي، حسب تعبيرها.[47] وشدّدت النقابة في بلاغ لها مساء 8 فبراير2022، تمسّكها بمؤسسة المجلس الأعلى للقضاء كهيئة تمثّل السلطة القضائية مع إدخال تغيير في خصوص تركيبتها وصلاحياتها، مؤكّدة على ضرورة عدم خضوع هذه المؤسسة القضائية للسلطة التنفيذية من حيث الترأس وتكريس استقلاليتها الهيكلية كمكسب للقضاء التونسي.[48][49]
الجمعية التونسية للقضاة الشبان: قالت الجمعية أن الرئيس قيس سعيد «لا يملك أي سند قانوني أو سلطة أو شرعية لحل المجلس الأعلى للقضاء المنتخب من القضاة». كما أعلنت عن إدانتها لما قالت إنه «سعي النظام إلى تشويه القضاة والإيهام بفساد المنظومة القضائية». كما أعلن رئيس الجمعية مراد المسعودي تقديم شكاية ضد الحكومة التونسية لدى الأمم المتحدة بالإضافة إلى دعوته القضاة للإضراب وإغلاق المحاكم.[50][51][52][53]