الغارة على خط السكة الحديدية من بئر السبع إلى عوجة الحفير
وقعت الغارة على خط السكة الحديدية من بئر السبع إلى عوجة الحفير في 23 مايو 1917 بعد معركة غزة الثانية وقبل معركة بئر السبع أثناء حالة الجمود في جنوب فلسطين ضمن حملة سيناء وفلسطين في الحرب العالمية الأولى. تعرضت أجزاء كبيرة من خط السكة الحديدية العثماني، الذي كان يمتد جنوباً من بئر السبع إلى عوجة الحفير، للهجوم والتخريب على يد الفرق العاملة التابعة للمهندسين الملكيين من فرق الأنزاك والخيالة الإمبراطورية ولواء فيلق الجمال الإمبراطوري المعزز برجال من لواء الخيول الخفيفة الأول. حيث دمرت الجسور والسكك الحديدية بين أصلوج وقاعدة الصحراء العثمانية الرئيسية في حافر العوجة المعروفة أيضاً باسم عوجة الحفير في الجنوب. وبينما كانت قوة الهدم تتابع عملها، تظاهرت فرقة الخيالة الإمبراطورية ضد بئر السبع التي تغطيها فرقة الخيالة أنزاك على يمينهم. خلفية تاريخيةعلى الرغم من أن جسر السكة الحديدية في أبو رقيق شمال غرب بئر السبع تعرض للقصف جواً في 22 ديسمبر 1916 وبعدما أصابت القنابل هدفها، تبين أن الجسر الصلب والمبني بكفاءة غير قابل للتدمير من الجو.[1] هاجمت السريتان الثانية والسادسة عشر، ولواء الجِمال الإمبراطوري، ومفارز من القوات الميدانية وسيارتي إسعاف، خط السكة الحديد بين بئر السبع وعوجة الحفير أثناء الإغارة على الآبار الواقعة جنوب بئر السبع بين 7 و14 مايو 1917. خرج راكبو الجِمال من قوة دفاعات خطوط الاتصال عبر القسيمة وخربوا آباراً وجسراً حجرياً. كما هاجموا قطاراً بالقرب من عوجة الحفير وأسروا خمسة من عمال السكك الحديدية العثمانيين.[2] وقال هؤلاء الأسرى إنهم تلقوا أوامر برفع القضبان جنوب عوجة الحفير لاستخدامها في «خط جديد [خط سكة حديد] من التينة لإمداد الجبهة في غزة»، تاركين السكة الحديد بين عوجة الحفير وبئر السبع دون مساس.[3] كان الخط الجنوبي من عوجة الحفير قد وصل تقريباً إلى وادي العريش بحلول ديسمبر 1916.[ا][4] مثل خط السكة الحديدية السليم جنوب بئر السبع إلى عوجة الحفير تهديداً مستمراً لخطوط الاتصال الطويلة للإمبراطورية البريطانية الممتدة من مصر عبر سيناء إلى 5 أميال (8.0 كم) جنوب غزة من العريش.[4][5] شيد مايسنر، الذي شارك في بناء سكة حديد بغداد، خط السكة الحديدية هذا والذي يعبر العديد من الوديان على «جسور مقوسة جميلة من الحجر المصقول».[6] يمكن استخدام هذه السكة الحديدية بسرعة كبيرة وفي أي وقت لنقل أعداد كبيرة من القوات العثمانية إلى عوجة الحفير التي ظلت متاحة للاستخدام كقاعدة. عثرت دورية أوائل شهر مايو على مباني حجرية متينة البناء وثكنات ومستشفى وخزان مياه كبير في عوجة الحفير،[7] والتي أُجبر كريس فون كرسنشتاين على هجرها في يناير مع تقدم قوة التجريدة المصرية على طول الساحل إلى رفح.[8] كان بإمكان العثمانيين توفير قوة مهاجمة كبيرة من قاعدتهم في عوجة الحفير، عن طريق السكك الحديدية وإيواءها على بعد أميال عديدة خلف الخط الأمامي لقوة التجريدة المصرية.[3] مقدمةأمر الفريق فيليب تشيتود قائد القوة الشرقية،[9] بتدمير أجزاء كبيرة من هذا الخط.[5] القوة الهجوميةنُظمت القوة المهاجمة في رتلين:
توجهت فرقة الخيالة الإمبراطورية بمظاهرة نحو الجنوب الغربي من بئر السبع أثناء حدوث الغارة، فيما وُجه قصف لقطع الأسلاك الشائكة المقامة على دفاعات غزة.[3][8] المظاهرة جنوب غرب بئر السبعتلقى اللواء الثالث من الخيول الخفيفة (فرقة الخيالة الإمبراطورية) أوامراً في 20 مايو، «باستدراج انتباه العدو في بئر السبع بغارة على خط السكة الحديدية». وأُلحقت بطارية مدفعية مدقة 60 [الإنجليزية] على الفرقة.[14] سار اللواء مع سرب المدافع الرشاشة وبطارية نوتس ورتل الذخيرة وسيارات الإسعاف الميدانية من عبسان الكبيرة إلى القملي في 21 مايو وهم يحملون ستراتهم الصوفية وبطانيات الجنود تحت السروج وحصص إعاشة وعلف ليوم واحد على الخيول. وكان من المقرر إخفاء الإمدادات ليوم واحد «حسب نطاق التحرك» في القملي لاستلامها في طريق العودة. بينما كان من المقرر الحصول على المياه في القملي و«[تقرر]... الاستفادة الكاملة... من أي مياه يُعثر عليها أثناء العمليات». وتوجب على جميع الرتب التأكد من بقاء المياه التي يحملونها لـ«طوال اليوم»، على الرغم من أن صهاريج المياه الممتلئة رافقت الغارة.[15] «في 22 مايو 1917، كنت أنا وقسمنا، بوب لودن، وباسل كريغ، وبيل مارتن، مع الملازم أول. ريكيبي نبحث عن معبر مناسب للواء والوحدات الأخرى فوق وادي غزة. كانت الضفاف شديدة الانحدار في بعض الأماكن - يصل عمقها إلى 60 قدماً. بعد أن وجدنا معبراً مناسباً، توجهنا بعد ذلك إلى التل 680، وفي وقت لاحق من المساء، قدنا اللواء إلى هذا الموقع. كان الجو غائماً ورطباً مع ضباب كثيف على غير العادة، لكننا وصلنا إلى نقطة الهجوم عند الفجر. ثم تقدمنا باتجاه بئر السبع في أقصى الجهة اليمنى. لقد اشتبكنا مع دوريات فرسان العدو عدة مرات وتعرضنا لنيرانهم، لكننا أبعدناها وواصلنا طريقنا. كان من الممكن أن يحاولوا قطع الطريق علينا، لكنهم عادةً ما يتجنبون هذه التكتيكات، وأتوقع أن البلاد سهلة المسالك للغاية. قاد قسمنا اللواء إلى تل الفارعة بعد حلول الظلام. لقد اعتدنا على قضاء ساعات طويلة جداً ممتطين خيولنا.
» – هاري ب. بوستوك، كشاف[16]
فرق التخريبتدربت فرق التخريب الخاصة ضمن اللواء الأول من الخيول الخفيفة وألوية الجِمال الإمبراطورية لمساعدة المهندسين الملكيين. عُزز سلاح المهندسين في أسراب الأنزاك وفرق الخيالة الإمبراطورية، والقوات الميدانية الأسترالية الملحقة بلواء فيلق الجمال الإمبراطوري، بحوالي 100 رجل من فوج الخيالة الذين تلقوا تدريباً مكثفاً على نسف السكك الحديدية على مدار بضعة أيام.[8][17] تشكلت قوة التخريب لسرب الأنزاك على النحو التالي: التقدم نحو السكك الحديدية العثمانيةانطلق كلا الرتلين ليلة 22/23 مايو.[8] انطلق رتل تشايتور في الساعة 19:00 يوم 22 مايو، حيث كان تشايتور يسافر في عربة مغطاة لاعتلال صحته. وأثناء سيرهم خلال الليل، هبت رياح الخماسين مليئة بالغبار والكهرباء من الجنوب على وجوههم، مما جعل القوات تواجه صعوبة في الرؤية والتنفس. «ما أن تربت على لبدة الحصان حتى تُخرج وابلاً من الشرر.»[11] غادر رتل تشايتور المؤلف من لواء الخيول الخفيفة الأول، وفوج الخيول الخفيفة السادس، وأسراب التخريب الميدانية التابعة لفرقتي الأنزاك والخيالة الإمبراطورية وعربة اتصالات تخص رتل الصحراء والتي كان من المقرر أن تمد سلك التلغراف إلى التل 820، المعسكر في تل الفارعة الساعة 15:00 يوم 22 مايو للوصول إلى عساني الساعة 18:00 حيث استراحوا لمدة ساعتين. (خلال النهار كان الاتصال بالمبرقة يمثل مشكلة ولكن سلك الاتصال مع رتل الصحراء عمل على نحو جيد.) غادرت فرقة الأنزاك الراكبة، دون رتل تشايتور، عساني إلى نقطة التجمع بالقرب من القملي في الساعة 19:30.[19] انقسمت فرق التخريب في عساني إلى مجموعات منفصلة وغادرت عساني مع أفواج الحماية المخصصة لها في الساعة 20:00 للسفر إلى خط السكة الحديدية من عسلوج إلى عوجة الحفير عبر مركز الشرطة في عسلوج.[18][20] وصلت فرقة الأنزاك الراكبة بالقرب من التل 820 في الساعة 02:00 لكنها لم تتمكن من تحديد موقعها. بدلاً من ذلك، أقامت الفرقة، دون لواء الخيول الخفيفة الأول وفريق التخريب، في التل 770 على بعد ميلين (3.2 كم) إلى الجنوب من التل 820. اكتُشف الخطأ لاحقاً لكن الفرقة بقيت عند التل 770 طوال اليوم.[20] اتخذ لواء بنادق الخيالة النيوزيلندي واللواء الثاني من الخيول الخفيفة موقعهما في الساعة 02:30 في مواجهة الشرق على الجانب الآخر من وادي غزة. كانت الخلصة محاصرة ومحمية بينما تحركت الفرقة بعيداً وبعد ذلك أخذ اللواء الثاني من الخيول الخفيفة خط عسلوج إلى جوز الشهيلي مع الاتصال باللواء الأول من الخيول الخفيفة على يمينه ولواء بنادق الخيالة النيوزيلندي على يساره وهو اللواء الذي كان على اتصال مع اللواء الثاني من الخيول الخفيفة. وجد اللواء الثاني من الخيول الخفيفة في النهاية على اتصال مع اللواء الثالث من الخيول الخفيفة، وفرقة الخيالة الإمبراطورية على يساره. ولم يشتبك سوى اللواء الثاني من الخيول الخفيفة بعد طلوع النهار مع مسلحين من البدو، حيث قُتل أحدهم وأُسر الآخرين.[20] تخريب السكك الحديديةتمركز لواء البنادق النيوزيلندية شمال موقع التخريب المخطط له في وضح نهار يوم 23 مايو، وكان على اتصال مع فرقة الخيالة الإمبراطورية، التي كان من المقرر أن تنفذ مظاهرة ضد خط بئر السبع وتمنع أي قوات عثمانية تحاول منع تدمير السكة الحديدية.[21] ولم يحاول سوى عدد قليل من القناصين تعطيل ذلك.[20] وصل رتل تشايتور الشمالي إلى عسلوج في الساعة 07:00 يوم 23 مايو وبحلول الساعة 10:00 كانت الشحنات قد انفجرت وقطعت إلى نصفين القضبان البديلة على جانبي خط السكة الحديد لمسافة 7 أميال (11 كم). كما نُسف الجسر الحجري المكون من 18 قوساً في عسلوج. مع تفجير كل قوس على حدة.[3] في هذه الأثناء، تأخر لواء الجمال الإمبراطوري، الذي كان يتبع خط الحدود إلى عوجة الحفير. حتى وصل الساعة 11:45 لبدء عمليات النسف على طول 13 ميلاً (21 كم) من خط السكة الحديدية بما في ذلك سبعة جسور.[22] تبع الخيول المقودة فريقان من رجال التخريب الراجلين الذين يتحركون في رتل واحد بخُطى سريعة. بدأ ضبط الشحنات الناسفة بتثبيت القائد لكتلةً من القطن المتفجر في منتصف القضبان ويهمل الآخر، ليكرر عمله. بينما يثبت قائد الفريق الثاني كتلةً من القطن المتفجر في منتصف القضبان على جانبه والمقابل للقضبان التي تركها الفريق الآخر. ثم يوصل الرجل التالي من كلا الفريقين بعد ذلك القطن المتفجر بالأسلاك إلى القضبان ويسيران إلى القضبان المُعد التالي، بينما يضع الرجل الثالث المفجر والصمام في القطن المتفجر ويفجر الرجل الرابع الشحنة الناسفة. نسف كل سرب مسافة من القضبان بمقياس 12-15 بوصة (30-38 سم) على طول 5 أميال (8.0 كم). وبهذه الطريقة دُمر حوالي 15 ميلاً (24 كم) من خط السكة الحديدية.[23] دُمرت الجسور بوضع شحنات من القطن المتفجر على الأقواس التبادلية وتفجير الشحنات كهربائياً. اكتملت جميع عمليات النسف بحلول الساعة 13:00 عندما عادت الوحدات إلى معسكراتها المؤقتة.[24] فجر لواء الجمال الإمبراطوري صمامات التفجير الموقوتة واللحظية معاً لتدمير «ما يقرب من 7600 ياردة (6900 م) من المسار الفردي (فُجر كل قضبان في منتصفه) بدءًا من حوالي ميل واحد (1.6 كم) شرق العوجة وتفجير القضبان على مسافة ميل واحد (1.6 كم) من جسر وادي أبيض.» كما «نُسف الجسر ذو الستة أقواس على وادي حسنية "تماماً"» في حين نُسفت سبع دعامات وثمانية أقواس من الجسر المكون من اثني عشر قوساً على وادي أبيض. واستمروا في مهمتهم حتى الساعة 17:00، عندما انسحبوا مع مرافقيهم.[25] خُرب 13 ميلاً (21 كم) من خط السكة الحديدية وستة جسور قبل ظهر يوم 23 مايو. وكانت الغارة ناجحة تماماً. عاد كلا الرتلين إلى قاعدتهما دون أن يتعرضا للهجوم.[8] هُدم جسر سكة حديدية حجري كبير ذو أقواس عديدة تماماً بالمتفجرات، ودُمرت عدة أميال من الخط بنفس الطريقة، وبالتالي عُزل ما بقي سليماً من السكة الحديدية جنوباً.[26] النتائجاكتملت جميع أعمال التخريب لرتل تشايتور بحلول الساعة 10:20 عندما انسحب. وشوهدت فرق التخريب التابعة له واللواء الأول من الخيول الخفيفة وهي مارة على التل 860 شمال الخلصة بحلول الساعة 14:20. بدأ اللواء الثاني من الخيول الخفيفة في الانسحاب عبر الخلصة بعد جلائه من الخط، مع لواء بنادق الخيالة النيوزيلندي الذي غطي الانسحاب إلى عساني حيث ارتوت القوة وتغذت قبل العودة مع لواء بنادق الخيالة النيوزيلندي كحرس مؤخرة. وعادت القوة بأكملها إلى معسكر تل الفارعة. حرق اللواء الثاني من الخيول الخفيفة ولواء بنادق الخيالة النيوزيلندية المحاصيل المقدرة بنحو 110 ملايين طن خلال انسحابهما، مع أسر ثلاثة عشر سجيناً.[20][ب] «[عندنا] للتو من مشهد مثير للاهتمام استمر لمدة يومين. انطلقنا راكبين إلى خط السكة الحديد التركي خلف بئر السبع، ووصلنا هناك عند الفجر وفجرنا حوالي أربعة عشر ميلاً منها تماماً بالإضافة إلى ثلاثة جسور صغيرة. لا أعرف ما إذا كنا قد فاجأناهم أو أنهم كانوا يخشونا، لكننا لم نواجه أي مقاومة غالباً وعدنا بأمان في الليلة التالية دون وقوع خسائر تقريباً في الفرقتين.» – روبرت ويلسون، الفوج الأول، كتيبة بيركشاير يومانري الملكية،[28] لواء الخيالة السادس، فرقة الخيالة الإمبراطورية.[29]
الملاحظات
المراجعفهرس المراجع
المعلومات الكاملة للمراجع
وصلات خارجية |