فيليب الثالث ملك إسبانيا
فيليب الثالث (بالإسبانية: Felipe III) ـ (14 أبريل 1578 - 31 مارس 1621) والمعروف أيضًا باسم فيليب الورع (بالإسبانية: el piadoso)، كان ملك إسبانيا (تحت اسم فيليب الثالث في قشتالة وفيليب الثاني في أراغون) وملك البرتغال والغرب وصقلية (حيث حكم باسم فيليب الثاني). ولد فيليب الثالث ـ الذي ينتمي إلى آل هابسبورغ ـ في مدريد لأبيه الملك فيليب الثاني وأمه الملكة آنا النمساوية ابنة الإمبراطور ماكسيميليان الثاني، وزوجة فيليب الثاني الرابعة. في 4 أبريل 1609، أصدر فيليب الثالث مرسومًا بطرد الموريسكيين من إسبانيا بإيعاز وتشجيع من كبير أساقفة بالنسية خوان دي ريبيرا، بعد اتهامهم بالبقاء على دين آبائهم ومساعدة مجاهدي البحر في غاراتهم على سواحل إسبانيا. أسلوب الحكمحُكم التاج الإسباني آنذاك من خلال نظام من المجالس الملكية. كان أهمها مجالس الدولة ومجلس الحرب التابع لها، الذين دُعموا بدورهم من قِبل مجالس الخبرة السبعة الخاصة بمختلف المناطق، وأربع مجالس متخصصة بمحاكم التفتيش والتنظيمات العسكرية الرهبانية، والمالية وضريبة الحملات الصليبية. رُفدت هذه المجالس بهيئات صغيرة، أو جونتاس (مجالس)، عند الضرورة، «كمجلس الليل» الذي مارس فيليب الثاني من خلاله سلطة شخصية مباشرة حتى نهاية حكمه. كسياسة عامة، حاول فيليب تجنب تعيين نبلاء من مراتب عالية في مناصب مهمة من السلطة ضمن حكومته واعتمد بشكل كبير على النبلاء من المراتب الأدنى، وهو ما يُدعى بنبالة «الخدمة». اتخذ فيليب الثاني النظام التقليدي للمجالس وطبق قدر كبير من الرقابة الشخصية عليها، خصوصًا فيما يتعلق بالأعمال المكتبية التي رفض تفويضها لأحد – نتج عن ذلك عملية «ثقيلة لدرجة السأم». كانت درجة الرقابة الشخصية التي مارسها على معاصريه مفرطة؛ لم يُعتبر دوره الذي «فرضه على نفسه كرئيس كتبة الإمبراطورية الإسبانية»، مناسبًا تمامًا. بدأ فيليب بالانخراط في السياسات الحكومية العملية بسن الخامسة عشرة، حين انضم إلى مجلس فيليب الثاني الخاص. [9][10] يبدو أن نهج فيليب الثالث المتبع إزاء الحكومة قد نشأ من ثلاث دوافع. أولًا، كان متأثرًا بشدة بالأفكار الإرينيكية التي كانت تُعمم في الأوساط الإيطالية ردًا على نظريات النهضة الإنسانية الجديدة المتعلقة بالحكم، والتي جسّد ماكيافيلي خصائصها. روج كُتّاب مثل غيرولامو فراشيتا، الذي أصبح مفضلًا لدى فيليب بشكل خاص، لتعريف محافظ «لمصلحة الدولة» والذي تمحور حول ممارسة تبصّر أميري وامتثال صارم لقوانين وعادات البلاد التي يحكمها الشخص. ثانيًا، يمكن أن يكون فيليب قد تشارك مع ليرما في وجهة نظره التي تقول بأن المنظومة الحكومية لفيليب الثاني كانت تُثبت عدم فعاليتها بسرعة وأنه استبعد نبلاء الممالك الكبار دون داع – كانت تئن [المنظومة الحكومية] بشكل سيئ في العقود الأخيرة من حياة والده. أخيرًا، كان لشخصية فيليب الخاصة وصداقته مع ليرما الأثر الكبير في تشكيل نهجه إزاء تقرير السياسات. كانت النتيجة تحول متطرف لدور التاج في الحكومة عن نموذج فيليب الثاني.[11][12] دوق ليرما كمفضل ملكي ( فاليدو)خلال عدة ساعات من اعتلاء فيليب للعرش، وُضع ليرما كمستشار ملكي من قِبل الملك الجديد وشرع بتثبيت نفسه كمفضل ملكي ( فاليدو) كامل الأهلية. نصّب ليرما نفسه على أنه منفذ الوصول إلى الملك، وقد أُعلن دوقًا بشكلٍ طبيعي. كانت كل أعمال الحكومة، التي كلّفها فيليب، تصل خطيًا وتُوجه من خلال ليرما قبل أن تصله. رغم أن فيليب لم يكن نشطَا بشكل كبير في نواحي حكومية أخرى، لكن تبين أنه حالما تصل إليه هذه المذكرات، أو الاستشارات، كان دؤوبًا في التعقيب عليها. باتت المناظرات في المجالس الملكية لا تبدأ إلا بناءً على التعليمات المكتوبة من الملك – أيضًا، عبر ليرما. أُمر جميع أعضاء المجالس الملكية بالحفاظ على الشفافية الكاملة مع ليرما باعتباره ممثل الملك الشخصي؛ بالفعل، في عام 1612 أُمر فيليب المجالس بإطاعة ليرما كما لو أنه الملك. كان مدى الدور الفعال الذي لعبه ليرما في الحكومة موضع خلاف. كان المعاصرون يميلون لرؤية يد ليرما في كل إجراء حكومي؛ اعتقد آخرون أن ليرما لم يمتلك «لا المزاج ولا القدرة» لفرض نفسه إلى حد كبير على أعمال الحكومة؛ يعتبر آخرون أيضًا أن ليرما حضر باهتمام مجالس الدولة التي تناولت أمور ذات أهمية عظمى للملك، مُهيّئً مجالًا لتوسيع نطاق احترافية الحكومة، وهو ما كان مفقودًا تحت حكم فيليب الثاني.[13][14] أصبح نظام الحكومة الجديد هذا غير مرغوبٍ به تدريجيًا. تعارضت الفكرة المبتكرة المتعلقة بممارسة الفاليدو للسلطة مع المبدأ العريق الشائع بأنه يجب على الملك ممارسة سلطته شخصيًا، وليس من خلال شخص آخر. سرعان ما أصبح نظام الحكومة الإسبانية مكتظًا بأقرباء ليرما وموظفيه وأصدقائه السياسيين، على حساب الآخرين. استجاب ليرما من خلال الحد من ظهوره العام في الحياة السياسية، متجنبًا التوقيع وكتابة الوثائق بشكل شخصي، وكان يشدد بشكل دائم أنه، وبكل تواضع، يعمل فقط بالنيابة عن سيده، فيليب الثالث.[15] الولاة الإمبراطوريونأصبح دور دي ليرما كمفضل ملكي في البلاط أكثر تعقيدًا من خلال ظهور «ولاة» مختلفين تحت حكم فيليب الثالث – جاء ممثلون إسبانيون بارزون في الخارج، ليمارسوا حكم مستقل وحتى سياسات مستقلة في ظل غياب قيادة قوية من المركز. شجعت التحديات الماثلة أمام التواصل الحكومي خلال تلك الفترة من مظاهر هذا الأمر، لكن اتضحت هذه الظاهرة تحت حكم فيليب الثالث بشكل أكبر مما اتضحت عليه تحت حكم أي من والده أو ابنه.[16] في هولندا، ورّث والده فيليب الثاني أراضيه الباقية في البلدان المنخفضة لابنته إيزابيلا أميرة إسبانيا وزوجها، الأرشيدوق ألبرت، بشرط أنها إذا توفيت دون ورَثة، فإن الولاية ستعود للتاج الإسباني. نظرًا لأنه كان معروفًا أن إيزابيلا لم تنجب أطفالًا، فقد كان واضحًا أنه لم يُقصد بهذا الأمر إلا أن يكون إجراءً مؤقتًا، وأن فيليب الثاني توخى تعديلًا مُسبقًا لفيليب الثالث. وبالتالي، ستُمارس سياسة فيليب الخارجية في هولندا من خلال حاملي لقب الأرشيدوق أصحاب النفوذ القوي، لكن مع معرفة أن هولندا الإسبانية ستعود إليه في النهاية بصفته الملك. في غضون ذلك، سيؤدي أمبروسيو سبينولا، إيطالي المولد، دور أساسي كجنرال إسباني في جيش الفلاندرز. بإظهار براعته العسكرية في حصار أوستند عام 1603، بدأ سبينولا باقتراح وتنفيذ سياسات مستقلة تقريبًا عن المجالس المركزية في مدريد. تمكّن بطريقة ما من تحقيق انتصارات عسكرية حتى دون الحصول على تمويل مركزي من إسبانيا. لم يكن دي ليرما واثقًا من كيفية التعامل مع سبينولا؛ من جهة، كان دي ليرما بأمس الحاجة لقائد عسكري ناجح في هولندا – من جهة أخرى كان دي ليرما يزدري أصول سبينولا المتدنية نسبيًا وخشي من إمكانياته بزعزعة استقرار دي ليرما في البلاط. خلال السنوات التي سبقت اندلاع الحرب عام 1618، كان سبينولا يعمل على وضع خطة لهزيمة الهولنديين أخيرًا، تضمنت هذه الخطة تدخلًا في الراينلاند يليها ممارسة أعمال عدائية جديدة تهدف إلى تقسيم الأراضي المنخفضة إلى قسمين: وُصفت في ذلك الوقت بأنها مبدأ «العنكبوت في الشبكة» التابع للسياسات الكاثوليكية في المنطقة، كان سبينولا يعمل دون مشاورات ملحوظة مع فيليب في مدريد.[17][18] ظهر في إيطاليا وضع مشابه. استغل الكونت فوينتس، بصفته حاكم لومبارديا، انعدام التوجيه من مدريد لتحقيق سياسته التدخلية للغاية عبر شمال إيطاليا، من ضمنها تقديم عروض مستقلة لدعم البابوية عن طريق غزو جمهورية البندقية عام 1607. ظل فوينتس في السلطة وواصل تنفيذ سياساته الخاصة حتى مماته. مارس ماركيز فيلافرانكا، باعتباره حاكم ميلان، بالمثل حكمه الواسع على السياسة الخارجية. أظهر دوق أوسونا، الذي تزوج من عائلة ساندوفل باعتبارها حليف مقرب من ليرما، استقلالًا كبيرًا بوصفه نائب الملك في نابولي حتى نهاية حكم فيليب. اتبع أوسونا بالتعاون مع السفير الإسباني إلى البندقية، ماركيز بيدمار صاحب الشخصية المؤثرة، سياسة يجري من خلالها جمع جيش كبير واعتراض النقل البحري الخاص بالبندقية وفرض ضرائب مرتفعة كثيرًا، مما أدى لبدء ظهور تهديدات بقيام ثورة. ازداد الأمر سوءًا حين تبين أن أوسونا قد منع النابوليين المحليين من تقديم التماس يشكون فيه إلى فيليب الثالث. لم يسقط أوسونا عن السلطة إلا بعد خسارة ليرما لمنصب المفضل الملكي، وبعد أن أصبح تأثيره [أوسونا] السلبي على خطط فيليب للتدخل في ألمانيا غير مقبولٍ. روابط خارجية
المراجع
النسبفي كومنز صور وملفات عن Philip III of Spain.
|