وهذا الجامع هو جزء من النسيج العمراني لمدينة «الناصرية» العتيقة التي كانت تضم، بالإضافة إلى عديد المساجد، كلا من الأسواقوالمستسشفيات التي كانت تلبي احتياجات نحو 8 000 عائلةبجائية من سكانها.
ذلك أن الإسبان لم يهدموه في ذلك اليوم الذي فجروا فيه مساجد بجاية كلها في وقت واحد احتفالا برأس السنة الميلادية.
وكان القراصنة الإسبان قد وصلوا إلى ميناء بجاية بتاريخ 5 جانفي1510م وبقوا أسبوعين كاملين يصارعون سكان المدينة حتى استولوا عليها، ثم أحرقوا مساجدها وقلاعها وحصونها وأسواقها وسرقوا منها حمولة تقدر بثلاثين سفينة محملة بخيراتها.[6]
ولما سقط حصن البريسيديو الإسباني، الذي كان الحصن الرئيسي في مدينة بجاية، بدأت مرحلة جديدة تم فيها ترميم «الجامع الأعظم»، وكذلك إعادة بناء مساجد بجاية التي هدمها الإسبان.
وقد تسبب هذا الاحتلالالاستيطاني في فقدان بجاية دورها العلمي الريادي في منطقة القبائل، بعد أن دمر الفرنسيون القصور ومعاهد العلم، وبنى مكانها الحصون والثكنات العسكرية.
ذلك أن الذاكرة المحلية قد احتفظت بجرائم الاحتلال الفرنسي الذي كان عسكره يتخذون من الجامع مكانا للنوم كشاليهومرقد، وكذلك للتعذيب وقتل المناضلين الجزائريين.
وبقي الجامع مدة سبع وخمسين سنة مغلقا وغير مستغل دينيا وثقافيا وسياحيا، مع المرافق الأخرى لقصبة بجاية مع انهيار جزئي لأسوار القصبة.
وصار هذا المعلم التاريخي الواقع بين «شارععيسات إيدير» شرقا، و«نهجمصطفى بن بولعيد» غربا، و«شارع أحمد أوقانة» جنوبا، ينتظر التفاتة جادة لإعادة إحياء أمجاده ووظيفته التنويرية والحضارية.
الترميم
تم ترميم الجامع الأعظم عدة مرات منذ إنشائه الأول في عهد الحماديين ثم توسيعه مع الموحدين.[8]
ذلك أن الموحدين قاموا بهدم بناية «الجامع الأعظم» التي أنشأها الحماديون قصد إعادة بنائه وتوسيعه وفق طراز أمازيغي مغاربي.[9]
كما أن الخشب الذي دعم به الإنكشاريون أعمدة وعرسات الجامع قد تآكلت ونُخِرَتْ بما هدد البناية كلية بالانهيار والاندثار.[11]
أعيد فتح «الجامع الأعظم» للزائرين في شهر جويلية2019م بالتزامن مع نهاية المرحلة الأولى لترميم قصبة بجاية التي انطلقت في عام 2014م لتستغرق خمس سنوات من الإنجاز والأشغال.[12]
«أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الوغليسي: كانت له نباهة ووجاهة ونزاهة ورفعة وهمة، وهو أحد المقتدى بهم والمعول عليهم، وكان عالما بالكتابتين الأدبية والشرعية متقدما عليها وعليه كان المعتمد في وقته في المخاطبات السلطانية إنشاء وجوابا، وعليه كان اعتماد القضاة في التسجيلات، وإليه كان يهرع أهل البلد فيما يحتاجون إليه من الوثائق المحكمات والأمور المستغربات. وولي الخطابة بـالجامع الأعظم في قصبة بجاية المحروسة من بجاية، وكان فصيح القلم واللسان بارع الخط. ولقي أبا محمد عبد الحق الإشبيلي والقاضي أبا علي المسيلي[14]» – عبد الحق الإشبيلي، الصلاة والتهجد