الناصر بن علناس بن حماد
الناصر بن علناس بن حماد ، رابع ملوك الدولة الحمادية، حكم بين 454-461هـ/1062-1088م، وصل للحكم بعد انتقامه من بلكين بن محمد بن حماد، الذي قتل أخته، يُعتبر الناصر أعظم الملوك الحماديين، حيث بلغت الدولة في عهده أقصى إتساعها و ذروة قوتها و نهضتها الحضارية ، و دام حُكمه 27 عاماً.
ساءت العلاقات بين تميم بن المعز وابن عمه الناصر في 457هـ، بسبب تدخل هذا الأخير في شؤون أفريقية، حيث وصل بتميم أن الناصر بن علناس يذمه في مجلسه وأنه عزم على المسير إليه ليحاصره بالمهدية برفقة بعض صنهاجة وزناته وبني هلال ليعينوه على الحصار. فاستدرج تميم بن المعز عرب رياح الهلالية، وأعطاهم السلاح والمال والعتاد، واستطاع أن يقضي على جيش الناصر، وقتل منهم 24 ألفًا، وترك الغنائم والأموال للعرب التي استغنت بذلك، وقال تميم: يقبح بي أن آخذ سلب ابن عمي فأرضى العرب بذلك. وكان ذلك سنة 457هـ /1065م ناحية سبيبة. إثر هزيمة الناصر بلغت دولة بني حماد كثيرا من السوء وأصبحت بلاد المغرب الأوسط مفتوحة أمام القبائل العربية، فسارع الناصر إلى الصلح وأرسل له تميم رسوله محمد بن بعيع وهو أحد رجاله لإجراء وإتمام الصلح بينهما. وعمق الناصر صلته بقبيلة الأثبج الهلالية لكن ما لبث إن سيطر العرب على بلاد الحماديون حتى اختط الناصر بجاية فرارا منهم.[1] وكان مبعوث تميم، محمد بن بعيع، هو من أشار على الناصر ببناء بجاية.[2] وتزوج الناصر بٌلارة ابنت تميم بن المعز، التي ابتنى لها قصر سماه قصر بٌلارة. عهد الناصربعد قتل الناصر بن علناس بلقين بن محمد وخلفه على رأس الدولة الحمادية سنة 1062م. كان الناصر على قول ابن خطيب غيورا وسافكا للدماء.[3] وفي عهده الذي إمتد لسبع وعشرين سنة شاهد المغرب الأوسط (الجزائر حاليا) أحداث كثيرة أهمها تأسيس مدينة بجاية. تنظيم الدولة وثورة أهل بسكرة ومقتل الوزير «خلف بن أبي حيدرة» وتولية «أبي بكر بن أبي الفتوح» مكانه، وهجوم علي بن رقان على قلعة بني حماد وهجوم الحماديون على إفريقية وخضوع ثلاث مناطق منها لناصر. إزدهار الدولة: بعد الإصلاحات الواسعة التي أجراها الناصر على مؤسسات دولته و إقتصاده و كذلك تقوية جيشه، بلغت الدولة أوج مجدها و عظمتها ،ورقيها وازدهارها وتوسعت رُقعة حُكمها، فيقول ابن خلدون : "في أيام الناصر هذا عظم شأنهم، فبنى المباني العجيبة المؤّنقة، وشيد المدائن العظيمة ورد الغزو إلى المغرب، وتوَّغل فيهم".
تنظيم الدولة الحماديةإن أول عمر قام به الناصر بن علناس كان تنظيم الدولة الحمادية. فذكر ابن خلدون في هذا الشآن أن الناصر «عقد على المغرب لاخيه كباب وأنزله مليانة وعلى حمزة لاخيه رومان وعلى نصوص لاخيه خزر وكان المعز قد هدم صورها فسطلحه الناصر، وعقد على قسنطينة لاخيه بلبار، وعلى الجزائر ومرسى الدجاج لبنه عبد الله وعلى أشير لبنه يوسف».[4] ثورة أهل بسكرةكان أهل بسكرة قد ثاروو على الأمير الحمادي بلقين وأن هذا الأخير قتل شيوخ بني رمان وعين مكانهم شيخ بني سندي، فتفق أنه بعد قتل بلقين تولى بن رمان الأمر من جديد بسكرة وخلعو طاعة الحماديون، فكلف الناصر وزيره خلف بن أبي حيدرة بقمع هذه الثورة. فنزل الوزير بسكرة وعلى قول ابن خلدون «افتتحها عنوة واحتمل بني جعفر في جماعة من رؤوسهم إلى القلعة فقتلهم الناصر وصلبهم».[5] قتل الوزير خلف بن أبي حيدرة وتولية أبي بكر بن أبي الفتح مكانهذكر ابن خلدون أن شيوخ صنهاجة أخبر الناصر بأن لحلف بن أبي حيدرة، بعد مقتل بلقين، كان «أراد تولية معمر أخي بلقين، وشاورهم في ذلك».[5] فبعد أن ذلك قتل الناصر وزيره وولى مكانه أحمد بن جعفر ابن أفلح المعروف بأبي بكر بن أبي الفتوح. هجوم علي بن رقان على قلعة بني حمادبعد مقتل خلف بن أبي حيدرة وتولية أبي بكر بن أبي الفتح مكانه، قام الناصر برحلة تفقدية في غربي مملكته، فهجم علي بن رقان على تاقربوست وهو جبل قلعة بني حماد، ولما وردت هذه الأخبار على الناصر، رجع من المسيلة وحسب بين خلدون "فتح قلعة بني حماد عنوة وذبح علي بن رقان نفسه بيده.[6] خضوع ثلاث مناطق من إفريقية لناصربعدما إضطر المعز بن باديس أمير بني زيري للإنسحاب إلى المهدية، فعند ذلك خلعت عدة مناطق من إفريقية سلطته، منها صفاقس وقسنطينة و مدينة تونس، والتي بايعت بعدها للأمير الحمادي الناصر بن علناس . خضوع صفاقسكان خضوع صفاقس لناصر على قول ابن خلدون أن حمو بن مليل البرغواطي أمير صفاقس، كتب إلى الأمير الناصر و تعهد له بالطاعة و الولاء وبعث إليه بالمنصورية . خضوع قسنطينةو كان خضوع قسنطينة من جهة أخرى أنّ أهلها و أعيان المدينة بعثوا إلى الناصر وفدا على رأسه مقدمهم يحيى بن واطاس «فأعلنوا بطاعته، وأجزل بصلتهم وردهم إلى أماكنهم» وعقد الولاية على قسنطينة ليوسف ابن خلف وهو من صنهاجة . خضوع تونسحول خضوع تونس لناصر هناك روايتان: رواية لإبن خلدون وأخرى لإبن عذاري فقال ابن خلدون أنّ مدينة تونس إنقطعت عن ملك المعز بن باديس بعدما فتح بنو هلال القيروان، فخرج وفد من تونس بايع الملك الناصر الحمّادي«ووفد مشيخته على الناصر فولى عليهم بنو خراسان». و أما ابن عذاري فذكر أن الملك الزيري إنقطع "عن تونس وغيرها وضعفت دولتهم بالمهدية عن حمايتها فمشى أشياخ من أهلها إلى الناصر بن علناس". وهو إذا داك في القلعة دار ملكهم وناظمة سلخم، فاستدعو منه النظر إلى مدينتهم وتقديم وال من قبله إليهم. فيقال أنهم رامو تقديم كبير منهم، فاستعفى وتوقف. فوليها من قبل الناصر عبد الحق بن عبد العزيز ابن خرسان". إذن حسب ابن خلدون الناصر هو الدي ولى ابن خرسان أثناء الزيارة التي قام بها مشيخة تونس إلى قلعة بني حماد. أما في راي ابن عذارى، ما ولا الناصر ابن خرسان إلا بعد فشل أهل تونس في محاولتهم لاختيار وال لمدينتهم. مراجع
|