نقش ترنيمة الشمسنقش القصيدة الحِميَريّة أو كما يعرف بترنيمة الشمس هو إحدى الشواهد القليلة الباقية من أدب اليمن القديم، اكتشفه ودرسه الدكتور يوسف محمد عبد الله في رحلة أثرية عام 1977 في وادي «قانية» بناحية السوادية، ورغم التشوّه الذي أصاب الجانب الأيمن من النقش، إلا أن الدكتور لاحظ على الفور القافية الموحدة (𐩢𐩫) التي ينتهي بها النقش بوضوح على الجانب الأيسر منه، فعكف على دراسته مدة عشرة سنوات، يتعهده بالرعاية من حين إلى آخر.[1] محتوى النقش
قصة الاكتشاففي الأول من أغسطس عام 1973 توجه الدكتور يوسف محمد عبد الله على رأس بعثة أثرية مشتركة من جامعة صنعاء والهيئة العامة للآثار إلى لواء البيضاء لمسح المواقع الأثرية في ناحية السوادية من طريق (صنعاء - ذمار - رداع)، وكان هدف الرحلة بالدرجة الأولى هو وادي قانية. ويطل على وادي قانية من ناحية الجنوب جبل عال يسمى محجان تؤدي مياه مساقطه إلى الوادي. وفي سفح هذا الجبل وعلى مقربة من «قرية الجذمة» شمالاً وقرية الأعبلي وهجر قانية غرباً تقع «ضاحة الجذمة» (والضاحة بلهجة اليمن منحدر حلوق صعب المرتقى) حيث يشاهد المرء صخرتين عاتيتين نقش عليها كتابات ومخربشات بخط المسند ورسوم حيوانية وآدمية كصورة الوعل وصورة شخص يحمل رمحاً. على أن ما يلفت النظر حقاً من بين تلك الكتابات هو ذلك النقش الكبير المحفور بعناية على الصخرة الجنوبية. وهو نقش يتألف من 27 سطراً وفي خاتمة كل سطر حرفان مكرران هما الحاء والكاف، ومما يدعو للأسف أن الجانب الأيمن من النص قد تلف وأصيب بالتشوه، ويكاد أن يشمل التشويه نصف النقش، ويبدو أن التشويه كان بفعل فاعل وليس بسبب عوامل طبيعية. وتبين للباحثين صعوبة التأكد من بقايا الحروف المخدوشة وهي كثيرة كما أن الواضح منها لا ينبئ وحده بالمفيد. فعلى رغم أن النص منقوش بخط المسند كغيره من آلاف النقوش، إلا أن معظم مفرداته بل وتراكيبه غير معهودة لدى دارسي النقوش اليمنية. وقد توجه مكتشف النقش (د.يوسف عبد الله) بعرض محتواه على كلاً من والتر موللر وبيستون ومطهر الإرياني ومحمود الغول وكريستيان روبان، على أن ذلك لم يسفر إلى خطوة أساسية واحدة في سبيل حل لغز تلك الكتابة العجيبة، قبل أن يكرس الدكتور يوسف عبد الله عشرة سنوات في دراسته حتى انفكت له مغاليق هذه القصيدة ونشر دراسته لها في مجلة ريدان عام 1988.[2] شرح أبرز المفرداتالقراءة التالية بحسب دراسة د. يوسف عبدالله، وثمة قراءة أخرى للفرنسي كرستيان روبان[3] وأخرى لبيتر شتاين[4] والمخلافي[5] وغيرهم.[6] السطر الأول: نشترن: فعل مضارع من الفعل المجرد شري، بمعنى حفظ وحمى. هقح: فعل متعد بالهاء من الفعل المجرد قيح أو قوح بمعنى سوّى، أتم صنع. السطر الثاني: خنون: اسم شهر معروف في النقوش بتخصيصه للصيد. نسح: سفحَ، أسالَ. السطر الثالث: قرنو: الرأس والتاج. ذقسد: قبيلة ذي قسد. قسح: مصدر بمعنى شدة وقسوة. السطر الرابع: ذيحر: قبيلة ذو يحير. فقح: وسّع ومدّ الريّ. السطر الخامس: عيلت: جمع عيلة بمعنى الفقراء والمحتاجين. أأدب: جمع أدب، مأدبة. صلع: جمع صلعه ومعناها في لهجة اليمن: رغيف الخبز. فذح: على وزن فعّل تأتي في اللهجة بمعنى بدأ الأكل، طعِم، ذاق واستطعم. السطر السادس: هنبحر: «هن» أداة تعريف، والبحر هو السهل والوادي. وصح: أوصل، بلغ. السطر السابع: ضرم: حرب. ودأ: الحق الشر والأذى، والمصدر من الفعل المزيد اتداء. السطر الثامن: مهسع: من الفعل وسع بمعنى قضى وحكم. والمهسع والهاس من أولاد الهميسع بن حمير. كشح: طعنه في كشحه. السطر التاسع: نوي: أخدود، خندق. تفض اسم مكان أو اسم النوي أو الغدير. والغدير هو مستنقع ماء المطر صغيراً كان أو كبيراً، غير أنه لا يبقى إلى القيظ. ظن: ماء ظنون. ربح: الرِبح. السطر العاشر: صرف: فضة خالصة، صريف، نوع من البخور. السطر الحادي عشر: جهنللت: ظلام الليل. صنق: ضيقة، زقاق ضيق، انطباق. السطر الثاني عشر: تصخّب: الصخب هو الصياح والجلبة وشدة الصوت واختلاطه. هعسم: أعاد فعل شيء، كرر. عسم: مقدار وافر. السطر الثالث عشر: وين: كرم عنب. مزر: نبيذ. شقح: لمع وعكس النور، سطع. السطر الرابع عشر: رسل: قطيع من الإبل. لثم ورم: اللام حرف جر والرم والثم البنت الذي يرعى. فسح: وسع، كبّر. السطر الخامس عشر: سن: سنّة، عُرف. هصحح: حفظ في حالة صحيحة. السطر السادس عشر: يرس: يثبت، يتبين. تعرب: جمع عربت، موثق، تعهد، والإعراب في البيع هو أن تقدم عربوناً. فشح: أبهج وأفرح. فشحت: من نعوت الشمس في النقوش اليمنية. السطر السابع عشر: أخوت: أحلاف. هبصح: أوصل أحدث، وهي من الحبشية بصح فعل بمعنى وصل، حدث، بصح أحضر (فلاناً) أمام القاضي. السطر الثامن عشر: للي: ليل، ليلة. شظم: ضغينة، حقد. السطر التاسع عشر: عدو: اعتدى. عبرن: على، ضد. نوح: دمّر، أتلف. السطر العشرون: هنحظي: صاحب قوس، رامٍ حظي: حظوة عند سيد. تحظين: حصل على فأل حسن. السطر الحادي والعشرون: أك: طابت نفنسه، رضي. ذتعكد: العكدة هي العقدة. أرأ: جمع رأي من الفعل رأ بمعنى رأى. ومنه هرأيت بمعنى رؤيا بفأل أو كشف أو استخارة. فقح: قسم له. السطر الثاني والعشرون: شعيب: تصغير شعب بمعنى ناحية أو اسم مكان. والشعيب اسم مكان معروف يتكرر في اليمن. عرأن: أو عرون أرض ذات شجر. والعراء ممدوداً هو ما اتسع من فضاء الأرض. والعرو الناحية. وأرض عروة وذروة وعصمة إذا كانت خصيبة خصباً يبقى، والعروة من النبات ما بقي له حضرة في الشتاء وتتعلق به الإبل حتى تدرك الربيع. هلجح: اللجح في اللغة شيء يكون في أسفل البئر والجبل كأنه نقب. وفي اللهجة يقال لجحب الريح السحاب أو شآبيب المطر المنهمرة بمعنى أزجتها ودفعتها. ولجح فلان انطلق لا يلوي على شيء كأنه بلا هدف. السطر الثالث والعشرون: شعيب: جب: بئر. ميح: المّيح في اللغة أن تدخل البئر فتملأ الدلو لقلة مائها، وماح ويميح في اللهجة غطس، يغطس، والمِيَّاح هو رقصة البَرَع. السطر الرابع والعشرون: عسي: فعل، عمل. توح: تهيأ، وأتاحه الله، هيأه السطر الخامس والعشرون: هنشم: من الفعل شيم، ومن معانيه: وعد، تعهد بشيء. السطر السادس والعشرون: هردأ: أعان. تنضح: نضح ماء أو شيئاً منه. منضحت: من نعوت الشمس التي تنضح بالماء فهي إلهة السقي والمطر. السطر السابع والعشرون: تبهل: التبهل هو العناء بالطلب، والمتبهل المسبح الذاكر لله. عد: حرف جر: حتى. أيسي: جمع أيس، بمعنى إنسان. مشح: أمشحت السنة أي أجدبت وصعبت. نقوش قصائد أخرىبعد اكتشاف نقش ترنيمة الشمس الأدبي، تتالت اكتشافات بضعة نقوش قصائد أثرية من اليمن، لا تقل تعقيداً سابقتها وهي بحسب رموزها ما يلي: ZI 11 ؛ Ja 2353؛ MS Šiğaʿ 2 ؛ X.BSB 187؛ MA 16. انظر أيضاًالمراجع
|