هو عدي بن زيد العبادي، أشهر شعراء النصارى الجاهليين، كان عدي ترجمان أبرواز ملك فارس وكاتبه بالعربيّة، فلما قتل عمرو بن هند وصف له عدي بن زيد النعمان بن المنذر بن امرئ القيس، وأشار عليه بتوليته العرب، واحتال في ذلك حتى ولّاه من بين إخوته، وكان أدمّهم وأقبحهم. ثم بلغ النعمان عن عدي شىء فخافه، فاحتال حتى وقع في يده فحبسه، فقال في الحبس أشعارا وبعث بها إليه، فمنها قوله:
ألا من مبلغ النّعمان عنّي
علانية، وما يغني السّرار
بأنّ المرء لم يخلق حديد
ولا هضبا توقّله الوبار
ولكن كالشهاب سناه يخبو
وحادي الموت عنه ما يحار
فهل من خالد إمّا هلكنا
وهل بالموت، ياللنّاس! عار
ومنها قوله:
أبلغ النّعمان عنّي مألكا
أنني قد طال حبسي وانتظاري
لو بغير الماء حلقي شرق
كنت كالغصّان بالماء اعتصاري
فلم يزل في حبسه حتّى مات، ويقال إنه قتله.
البناء
نُظمت القصيدة على بحر الطويل، وهو بحر مركّب على وزن «فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ فَعُولُنْ مَفَاعِيلُنْ». حرف الروي في القصيدة هو الدال «دِ». من ناحية الشكل الفني، أخذت القصيدة موضوع الأغراض المتعددة بدءًا بالوقوف على الأطلال كعادة العرب الجاهلين، وأكثرها في الزهد.