القصيدة العمرية

القصيدة العُمرية
معلومات عامة
البلد
النوع الأدبي
تاريخ الإصدار

القصيدة العمرية هي قصيدة من البحر البسيط التام في مدح عمر بن الخطاب للشاعر حافظ إبراهيم، وتعد واحدة من أشهر القصائد في مدح عمر. ألقاها الشاعر في الحفل الذي أقيم بمدرج وزارة المعارف في درب الجماميز في القاهرة مساء الجمعة 8 فبراير سنة 1918م.[1]

مؤلف القصيدة

محمد حافظ بن إبراهيم ولد في محافظة أسيوط 24 فبراير 1872 وبعض المراجع تشير إلى أنه ولد في مدينة الإسكندرية 4 فبراير 1871[2] - 21 يونيو 1932م. شاعر مصري ذائع الصيت.

عاصر أحمد شوقي ولقب بشاعر النيل وبشاعر الشعب، تميز بجزالة شعره وقوة ذاكرته والتي قاومت السنين ولم يصبها الوهن والضعف على مر 60 سنة هي عمر حافظ إبراهيم، وكان باستطاعته – بشهادة أصدقائه – أن يقرأ كتاب أو ديوان شعر كامل في عده دقائق وبقراءة سريعة ثم بعد ذلك يتمثل ببعض فقرات هذا الكتاب أو أبيات ذاك الديوان. وروى عنه بعض أصدقائه أنه كان يسمع قارئ القرآن في بيت خاله يقرأ سورة الكهف أو مريم أو طه فيحفظ ما يقوله ويؤديه كما سمعه بالرواية التي سمع القارئ يقرأ بها.

يعتبر شعره سجل الأحداث، إنما يسجلها بدماء قلبه وأجزاء روحه ويصوغ منها أدبا قيما يحث النفوس ويدفعها إلى النهضة، سواء أضحك في شعره أم بكى وأمل أم يئس، فقد كان يتربص كل حادث هام يعرض فيخلق منه موضوعا لشعره ويملؤه بما يجيش في صدره.

مع تلك الهبة الرائعة، فإن حافظ أصابه - ومن فترة امتدت من 1911 إلى 1932 – داء اللامبالاة والكسل وعدم العناية بتنميه مخزونه الفكرى وبالرغم من إنه كان رئيساً للقسم الأدبى بدار الكتب إلا أنه لم يقرأ في هذه الفترة كتاباً واحداً من آلاف الكتب التي تزخر بها دار المعارف، الذي كان الوصول إليها يسير بالنسبة لحافظ، تقول بعض الآراء ان هذه الكتب المترامية الأطراف القت في سأم حافظ الملل، ومنهم من قال بأن نظر حافظ بدا بالذبول خلال فترة رئاسته لدار الكتب وخاف من المصير الذي لحق بالبارودى في أواخر أيامه. كان حافظ إبراهيم رجل مرح وابن نكتة وسريع البديهة يملأ المجلس ببشاشته وفكاهاته الطريفة التي لاتخطئ مرماها.

القصيدة كاملة مُقَطَعَة ومُعَنْوَنة

القصيدة العمرية
حافظ إبراهيم
[من بحر البسيط]
حَسْبُ القَوَافِي وَحَسْبِي حِينَ أُلْقِيهَا
أَنِّي إِلى سَاحَةِ الفَارُوقِ أُهْدِيهَا
لاهم هب لي بيانا أستعين به
على قضاء حقوق نام قاضـيها
قد نازعتني نفسي أن أوفيها
وليس في طوق مثلي أن يوفيها
فمر سري المعاني أن يواتيني
فيها فإني ضعيف الحال واهيها
عمر وعلي
و قولـة لعلـي قالـهـا عـمر
أكرم بسامعها أعظم بملقيـها
حرقتُ دارك لا أبقي عليك بها
إن لم تبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبى حفص يفوه بها
أمام فارس عدنـان وحامـيها
كلاهما في سبيل الحق عزمته
لا تـنثـني أو يكون الحق ثانيـها
فاذكرهما وترحم كلما ذكروا
أعاظما ألِّهوا في الكون تأليـها
مقتل عمر
مولى المغيرة لا جادتك غادية
من رحمة الله ما جادت غواديها
مزقت منه أديما حشوه همم
في ذمة الله عاليها وماضيها
طعنت خاصرة الفاروق منتقما
من الحنيفة في أعلى مجاليها
فأصبحت دولة الإسلام حائرة
تشكو الوجيعة لما مات آسيها
مضى وخلـّفها كالطود راسخة
وزان بالعدل والتقوى مغانيها
تنبو المعاول عنها وهي قائمة
والهادمون كثير في نواحيها
حتى إذا ما تولاها مهدمها
صاح الزوال بها فاندك عاليها
واها على دولة بالأمس قد ملأت
جوانب الشرق رغدا في أياديها
كم ظللتها وحاطتها بأجنحة
عن أعين الدهر قد كانت تواريها
من العناية قد ريشت قوادمها
ومن صميم التقى ريشت خوافيها
و الله ما غالها قدما وكاد لها
واجتـث دوحتها إلا مواليـها
لو أنها في صميم العرب ما بقيت
لما نعاها على الأيام ناعيها
ياليتهم سمعوا ما قاله عمـر
والروح قد بلغت منه تراقيـها
لا تكثروا من مواليكم فإن لهم
مطامع بَسَمَاتُ الضعف تخفيها
إسلام عمر
رأيت في الدين آراء موفقـة
فأنـزل الله قرآنـا يزكيـها
و كنت أول من قرت بصحبته
عين الحنيفة واجتازت أمانيها
قد كنت أعدى أعاديها فصرت لها
بنعمة الله حصنا من أعاديها
خرجت تبغي أذاها في محمدها
وللحنيـفة جبـار يواليها
فلم تكد تسمع الايات بالغة
حتى انكفأت تناوي من يناويـها
سمعت سورة طه من مرتلها
فزلزلت نية قد كنت تنويـها
و قلت فيها مقالا لا يطاوله
قول المحب الذي قد بات يطريها
و يوم أسلمت عز الحق وارتفعت
عن كاهل الدين أثقالا يعانيها
و صاح فيها بلال صيحة خشعت
لها القلوب ولبت أمر باريها
فأنت في زمن المختار منجدها
وأنت في زمن الصديق منجيها
كم استراك رسـول الله مغتبطا
بحكمـة لـك عند الرأي يلفيـها
عمر وبيعة أبي بكر
وموقف لك بعد المصطفى افترقت
فيه الصحابة لما غاب هاديها
بايعت فيـه أبا بكر فبايعـه
على الخلافة قاصـيها ودانـيها
و أطفئت فتنة لولاك لاستعرت
بين القبائل وانسابت أفاعيـها
بات النبي مسجا في حظـيرته
وأنت مستعـر الاحشـاء دامـيها
تهيم بين عجيج الناس في دهش
من نبأة قد سرى في الأرض ساريها
تصيح: من قال نفس المصطفى قبضت
علوت هامته بالسيف أبريها
أنسـاك حبك طـه أنه بشـر
يجري عليه شـؤون الكون مجـريها
وأنـه وارد لابـد موردهـا
من المنـية لا يعفـيه ساقيـها
نسيت في حق طه آية نزلت
وقد يذكـّـر بالايـات ناسيها
ذهلت يوما فكانت فتنة عـمم
وثاب رشدك فانجابت دياجيـها
فللسقيفـة يوم أنت صاحـبه
فيه الخلافة قد شيدت أواسيـها
مدت لها الأوس كفا كي تناوله
فمدت الخزرج الايدي تباريها
و ظـن كل فريـق أن صاحبهم
أولى بها وأتى الشحناء آتيها
حتى انبريت لهم فارتد طامعهم
عنها وآخى أبو بكر أواخيها
عمر وجبله بن الايهم
كم خفت في الله مضعوفا دعاك به
وكم أخفت قويـا ينثنـي تيها
و في حديث فتى غسان موعظة
لكــل ذي نعـرة يأبى تناسيـها
فما القوي قويا رغم عزته
عند الخصومة والفـاروق قاضـيها
وما الضعيف ضعيفا بعد حجته
وإن تخاصم واليها وراعيها
عمر وأبو سفيان
وما أقلت أبا سفيان حين طوى
عنك الهدية معتزا بمهديها
لم يغن عنه وقد حاسبته حسب
ولا معاوية بالشام يجبيها
قيدت منه جليلا شاب مفرقه
في عزة ليس من عز يدانيها
قد نوهوا باسمه في جاهليته
وزاده سيد الكونين تنويها
في فتح مكة كانت داره حرما
قد أمّن الله بعد البيت غاشيها
و كل ذلك لم يشفع لدى عمر
في هفوة لأبي سفيان يأتيها
تالله لو فعل الخطاب فعلته
لما ترخص فيها أو يجازيها
فلا الحسابة في حق يجاملها
ولا القرابة في بطل يحابيها
و تلك قوة نفس لو أراد بها
شم الجبال لما قرت رواسيها
عمر وخالد بن الوليد
سل قاهر الفرس والرومان هل شفعت
له الفتوح وهل أغنى تواليها
غزى فأبلى وخيل الله قد عقدت
باليمن والنصر والبشرى نواصيها
يرمي الأعادي بآراء مسـددة
وبالفـوارس قد سالت مذاكيـها
ما واقع الروم إلا فر قارحها
ولا رمى الفرس إلا طاش راميها
ولم يجز بلدة إلا سمعت بـها
الله أكبـر تـدْوي في نواحـيها
عشرون موقعة مرت محجلة
من بعد عشر بنان الفتح تحصيها
وخالد في سبيل الله موقـدها
وخالـد في سبيل الله صـاليها
أتاه أمر أبي حفـص فقبله
كمــا يقـبل آي الله تاليهــا
واستقبل العزل في إبان سطوته
ومجده مستريح النفس هاديها
فاعجب لسيد مخزوم وفارسها
يوم النزال إذا نادى مناديـها
يقوده حبشي في عمامته
ولا تحـرك مخزوم عواليـها
ألقى القياد إلى الجراح ممتثلا
وعزة النفس لم تجرح حواشيها
وانضم للجند يمشي تحت رايته
وبالحياة إذا مالت يفديها
وما عرته شكوك في خليفته
ولا ارتضى إمرة الجراح تمويها
فخالد كان يدري أن صاحبه
قد وجه النفس نحو الله توجيها
فما يعالج من قول ولا عـمل
إلا أراد به للنـاس ترفيـها
لذاك أوصى بأولاد له عمرا
لما دعاه إلى الفردوس داعيـها
و ما نهى عمر في يوم مصرعه
نساء مخزوم أن تبـكي بواكيـها
و قيل فارقت يا فاروق صاحبنا
فيه وقد كان أعطى القوس باريها
فقال خفت افتتان المسلمين به
وفتنة النفس أعيت من يداويها
هبوه أخطأ في تأويل مقصده
وأنها سقطة في عين ناعيها
فلن تعيب حصيف الرأي زلته
حتى يعيب سيوف الهند نابيها
تالله لم يتَّبع في ابن الوليد هوى
ولا شفى غلة في الصدر يطويها
لكنه قد رأى رأيا فأتبعه
عزيمـة منه لـم تثـلم مواضـيها
لم يرع في طاعة المولى خؤولته
ولا رعى غيرها فيما ينافيها
وما أصاب ابنه والسوط يأخذه
لديه من رأفة في الحد يبديها
إن الذي برأ الفاروق نزهه
عن النقائص والأغراض تنزيها
فذاك خلق من الفردوس طينته
الله أودع فيــها ما ينقيـها
لا الكبر يسكنها لا الظلم يصحبها
لا الحقد يعرفها لا الحرص يغويها
عمر وعمرو بن العاص
شاطرت داهية السواس ثروته
ولم تخفه بمصر وهو واليها
وأنت تعرف عمرا في حواضرها
ولست تجهل عمرا في بواديها
لم تنبت الأرض كابن العاص داهية
يرمي الخطوب برأي ليس يخطيها
فلم يرغ حيلة فيما أمرت به
وقام عمرو إلى الأجمال يزجيـها
ولم تقل عاملا منها وقد كثرت
أمواله وفشا في الأرض فاشيها
عمر وولده عبد الله
و ما وقى ابنك عبد الله أينقه
لما اطلعت عليها في مراعيها
رأيتها في حماه وهي سارحة
مثل القصور قد اهتزت أعاليها
فقلت ما كان عبد الله يشبعها
لو لم يكن ولدي أو كان يرويها
قد استعان بجاهي في تجارته
وبات باسم أبي حفص ينميها
ردوا النياق لبيت المال إن له
حق الزيادة فيها قبل شاريها
و هذه خطة لله واضعها
ردت حقوقا فأغنت مستميحيها
مالاشتراكية المنشود جانبها
بين الورى غير مبنى من مبانيها
فإن نكن نحن أهليها ومنبتها
فإنـهم عرفوها قـبل أهليـها
عمر ونصر بن حجاج
جنى الجمال على نصر فغـربه
عن المدينة تبكيـه ويبكيـها
و كم رمت قسمات الحسن صاحبها
وأتعبت قصبات السبق حاويها
و زهرة الروض لولا حسن رونقها
لما استطالت عليها كف جانيها
كانت له لمة فينانة عجب
علـى جبـين خليـق أن يحليـها
و كان أنى مشى مالت عقائلها
شوقا إليه وكاد الحسن يسبيها
هتفن تحت الليالي باسمه شغفا
وللحسان تمنٍّ في لياليها
جززت لمته لما أتيتَ به
ففاق عاطلها في الحسن حاليها
فصحت فيه تحول عن مدينتهم
فإنها فتنة أخشى تماديها
و فتنة الحسن إن هبت نوافحها
كفتنة الحرب إن هبت سوافيها
عمر ورسول كسرى
و راع صاحب كسرى أن رأى عمرا
بين الرعية عطلا وهو راعيها
و عهده بملوك الفرس أن لها
سورا من الجند والأحراس يحميها
رآه مستغرقا في نومه فرأى
فيه الجلالة في أسمى معانيها
فوق الثرى تحت ظل الدوح مشتملا
ببردة كاد طول العهد يبليها
فهان في عينه ما كان يكبره
من الأكاسر والدنيا بأيديها
و قال قولة حق أصبحت مثلا
وأصبح الجيل بعد الجيل يرويها
أمنت لما أقمت العدل بينهم
فنمت نوم قرير العين هانيها
عمر والشورى
يا رافعا راية الشورى وحارسها
جزاك ربك خيرا عن محبيها
لم يلهك النزع عن تأييد دولتها
وللمنـيـة آلام تعـانيـها
لم أنس أمرك للمقداد يحمله
إلى الجمـاعة إنذارا وتنبيـها
إن ظل بعد ثلاث رأيهم شعبا
فجرد السيف واضرب في هواديها
فاعجب لقوة نفس ليس يصرفها
طعم المنية مرا عن مراميها
درى عميد بني الشورى بموضعها
فعاش ما عاش يبنيها ويعليها
و ما استبد برأي في حكومته
إن الحكومـة تغري مسـتبديـها
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به
رغم الخلاف ورأي الفرد يشقيها
مثال من زهده
يا من صدفت عن الدنيا وزينتها
فلم يغرك من دنياك مغريها
ماذا رأيت بباب الشام حين رأوا
أن يلبسوك من الأثواب زاهيها
و يركبوك على البرذون تقدمه
خيل مطهمة تحـلو مرائيـها
مشى فهملج مختالا براكبه
وفي البراذين ما تزها بعاليـها
فصحت يا قوم كاد الزهو يقتلني
وداخلتني حال لست أدريها
و كاد يصبو إلى دنياكم عمر
ويرتضي بيـع باقيه بفانـيها
ردوا ركابي فلا أبغي به بدلا
ردوا ثيابي فحسبي اليوم باليها
مثال من رحمته
و من رآه أمام القدر منبطحا
والنار تأخذ منه وهو يذكيها
و قد تخلل في أثناء لحيته
منها الدخان وفوه غاب في فيها
رأى هناك أمير المؤمنين على
حال تروع لعمر الله رائيها
يستقبل النار خوف النار في غده
والعين من خشية سالت مآقيها
مثال من تقشفه وورعه
إن جاع في شدة قومٌ شركتهم
في الجوع أو تنجلي عنهم غواشيها
جوع الخليفة والدنيا بقبضته
في الزهد منزلة سبحان موليها
فمن يباري أبا حفص وسيرته
أو من يحاول للفاروق تشبيها
يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها
من أين لي ثمن الحلوى فأشريها
لا تمتطي شهوات النفس جامحة
فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها
و هل يفي بيت مال المسلمين بما
توحي إليك إذا طاوعت موحيها
قالت لك الله إني لست أرزؤه
مالا لحاجة نفـس كنـت أبغـيها
لكن أجنب شيأ من وظيفتنا
في كل يوم على حـال أسويـها
حتى إذا ما ملكنا ما يكافئـها
شـريتـها ثـم إنـي لا أثنـيها
قال اذهبي واعلمي إن كنت جاهلة
أن القناعة تغني نفس كاسيها
و أقبلت بعد خمس وهي حاملة
دريهمات لتقضي من تشهيها
فقال نبهت مني غافلا فدعي
هذي الدراهم إذ لا حق لي فيها
ويلي على عمر يرضى بموفية
على الكفاف وينهى مستزيدها
ما زاد عن قوتنا فالمسلمين به
أولى فقومي لبيت المال رديها
كذاك أخلاقه كانت وما عهدت
بعـد النبـوة أخلاق تحـاكيها
مثال من هيبته
في الجاهلية والإسلام هيبته
تثني الخطوب فلا تعدو عواديها
في طي شدته أسرار مرحمة
تثني الخطوب فلا تعدو عواديها
و بين جنبيه في أوفى صرامته
فـؤاد والـدة تـرعى ذراريـها
أغنت عن الصارم المصقول درته
فكم أخافت غوي النفس عاتيها
كانت له كعصى موسى لصاحبها
لا ينزل البطل مجتازا بواديها
أخاف حتى الذراري في ملاعبها
وراع حتى الغواني في ملاهيها
اريت تلك التي لله قد نذرت
انشــودة لرسـول الله تهديـها
قالت نذرت لئن عاد النبي لنا
من غزوة العلى دفي أغنيــها
و يممت حضرة الهادي وقد ملأت
أنور طلعته أرجاء ناديها
و استأذنت ومشت بالدف واندفعت
تشجي بألحانها ما شاء مشجيها
و المصطفى وأبو بكر بجانبه
لا ينكران عليها من أغانيـها
حتى إذا لاح من بعد لها عمر
خارت قواها وكاد الخوف يرديها
و خبأت دفها في ثوبها فرقا
منه وودت لو ان الأرض تطويها
قد كان حلم رسول الله يؤنسها
فجاء بطش أبي حفص يخشيها
فقال مهبط وحي الله مبتسما
وفي ابتسامته معنى يواسيها
قد فر شيطانها لما رأى عمر
إن الشياطين تخشى بأس مخزيها
مثال من رجوعه إلى الحق
و فتية ولعوا بالراح فانتبذوا
لهم مكانا وجدوا في تعاطيها
ظهرت حائطهم لما علمت بهم
والليل معتكر الأرجاء ساجيها
حتى تبينتهم والخمر قد أخذت
تعلو ذؤابة ساقيها وحاسيها
سفهت آراءهم فيها فما لبثوا
أن أوسعوك على ما جئت تسفيها
و رمت تفقيههم في دينهم فإذا
بالشرب قد برعوا الفاروق تفقيها
قالوا مكانك قد جئنا بواحدة
وجئتـنا بثـلاث لا تباليـها
فأت البيوت من الأبواب يا عمر
فقد يُزنُّ من الحيطان آتيها
و استأذن الناس أن تغشى بيوتهم
ولا تلم بدار أو تحييها
و لا تجسس فهذي الآي قد نزلت
بالنهي عنه فلم تذكر نواهيها
فعدت عنهم وقد أكبرت حجتهم
لما رأيت كتاب الله يمليها
و ما أنفت وإن كانوا على حرج
من أن يحجك بالآيات عاصيها
عمر وشجرة الرضوان
و سرحة في سماء السرح قد رفعت
ببيعة المصطفى من رأسها تيها
أزلتها حين غالوا في الطواف بها
وكان تطوافهـم للدين تشويـها
الخاتمة
هذي مناقبه في عهد دولته
للشاهدين وللأعقـاب أحكيـها
في كل واحدة منهن نابلة
من الطبائع تغذو نفـس واعـيها
لعل في أمة الإسلام نابتتة
تجلو لحاضرها مـرآة ماضيـها
حتى ترى بعض ما شادت أوائلها
من الصروح وما عاناه بانيها
وحسبها أن ترى ما كان من عمر
حتى ينبه منها عين غافـيها

نبذة عن عمر بن الخطاب

أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم. تولّى الخلافة الإسلامية بعد وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في 23 أغسطس سنة 634م، الموافق للثاني والعشرين من جمادى الثانية سنة 13 هـ كان ابن الخطّاب قاضيًا خبيرًا وقد اشتهر بعدله وإنصافه الناس من المظالم، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، وكان ذلك أحد أسباب تسميته بالفاروق، لتفريقه بين الحق والباطل.

هو مؤسس التقويم الهجري، وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية حتى شمل كامل العراق ومصر وليبيا والشام وفارس وخراسان وشرق الأناضول وجنوب أرمينية وسجستان، وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول مرة وهي ثالث أقدس المدن في الإسلام، وبهذا استوعبت الدولة الإسلامية كامل أراضي الإمبراطورية الفارسية الساسانية وحوالي ثلثيّ أراضي الامبراطورية البيزنطية تجلّت عبقرية عمر بن الخطاب العسكرية في حملاته المنظمة المتعددة التي وجهها لإخضاع الفرس الذين فاقوا المسلمين قوة، فتمكن من فتح كامل إمبراطوريتهم خلال أقل من سنتين، كما تجلّت قدرته وحنكته السياسية والإدارية عبر حفاظه على تماسك ووحدة دولة كان حجمها يتنامى يومًا بعد يوم ويزداد عدد سكانها وتتنوع أعراقها وكان الفاروق قوي جداً ورحيم وقائد بارع وشديد على الكفار رحيم بالمسلمين وكان إيمانه قوياً

اقرأ أيضاً

المراجع

  1. ^ "«العُمَريَّة» رائعة شاعر النيل حافظ إبراهيم". مؤرشف من الأصل في 2024-01-30.
  2. ^ علي، محمد كرد (1932). "حياة حافظ إبراهيم". مجلة المجمع العلمي العربي: المجمع العلمي العربي: 744–749. مؤرشف من الأصل في 2021-11-22. اطلع عليه بتاريخ 2021-11-22. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة)