علم النفس القومييشير مصطلح علم النفس القومي إلى تكوين نفسي مميز (حقيقي أو مزعوم) لأمم أو مجموعات عرقية أو شعوب معينة ودراسة مقارنة لتلك الخصائص في علم النفس الاجتماعي وعلم الاجتماع والعلوم السياسية وعلم الإنسان. يفترض علم النفس القومي بأن المجموعات العرقية المختلفة أو الأفراد الذين يعيشون على أراضٍ وطنية يتسمون «بمزيج» من الصفات المميزة الاتجاهات والقيم والمشاعر الوجدانية والدوافع والقدرات الإنسانية والتي يتم تعزيزها ثقافيًا عن طريق اللغة، الأسرة، المدرسة، الدولة والوسائط الإعلامية. ويرى عالم النفس الرائد فيلهلم فونت، أن محاولة وضع نظرية علمية لعلم النفس القومي تعود إلى منتصف القرن التاسع عشر [2]. وفي عام 1900 تقريبًا تم قبول علم النفس القومي كموضوع للدراسة في العلوم الاجتماعية في جامعات أوروبا الغربية وأمريكا الشمالية. استخدامات علم النفس القومييلعب علم النفس القومي دورًا سياسيًا من خلال أيديولوجية القومية. فالسياسيون سوف يخاطبون، على سبيل المثال «الشعب الفرنسي» أو «الشعب الأمريكي» أو «الشعب الروسي»، وفكرة أن يكون أعضاء أمة من الأمم المذكورة أعلاه لديهم هوية قومية مشتركة وجزء من المجتمع الوطني ولهم مصالح مشتركة («المصلحة الوطنية»). كما يجب على السياسيين محاولة توحيد وتجميع الناس للعمل معًا من أجل أهداف مشتركة وغالبًا ما يكون مناشدة الخصائص الوطنية المشتركة جزءًا من هذا العمل. وهناك فكرة وثيقة الصلة بذلك وهي الطابع الوطني والتي تشير إلى القيم والأعراف والتقاليد التي يتمسك بها شعب من الشعوب واستجاباتهم العاطفية النمطية وما يعتبرونه فضيلة والعكس - وكافة العوامل التي تحدد كيف يستجيبون عادة للمواقف. ويرى البعض أنه من الممكن تحديد (رصد وقياس) بعض السمات الشخصية «معدل مشروط» بين شعب الأمة الواحدة. وهذا لا يعني أن كل المواطنين من الضروري أن يتشاركوا (كافة) السمات القومية لكن عدد الأشخاص الذين تتجسد فيهم «الثقافة الوطنية» كثير بما يكفي ليصبحوا «نماذج نمطية» في البلاد ولهم تأثير حقيقي على الحياة الاجتماعية. يمكن أن تكون بعض السمات المشتركة فريدة إلى حد كبير بالنسبة للبلد، ويمكن لبعض السمات الأخرى المشتركة أن تشترك معها فيها إلى حد ما بلدان أخرى. وتهدف الوطنية إلى توحيد الشعب كأفراد أمة واحدة ولأغراض الإيمان بأنهم بالفعل لديهم خصائص وطنية مشتركة مفيدة إفادة بينة وحتى هذه الخصائص المشتركة لا يمكن إثباتها بتجاوز اللغة المشتركة والمظهر الخارجي المتشابه. وكثيرا ما تستخدم المنافسة الودية بين الفرق الرياضية الوطنية والتي ترمز إلى الهوية الوطنية أو التعبير عن الوطنية. على سبيل المثال، في جنوب إفريقيا الرياضة هي «الدين القومي. وتوحد الرياضة البلاد وتتجاوز العرق أو السياسة أو مجموعة اللغات - وليس النصف الذكوري فقط.»[1]
يستخدم علم النفس القومي أحيانًا في توضيح أسباب حدوث التنمية الاقتصادية بطرق مختلفة في البلدان المختلفة أو سبب وقوع بعض الأحداث السياسية بالطريقة التي حدثت بها. وأحيانًا ما يشار إلى «الحالة النفسية الوطنية» أو «روح» الأمة، لمعرفة السبب الذي يجعل بعض الأحداث العامة تؤدي إلى اضطراب أو غضب في بلد ما أو سبب تحمس أمة معينة أو هوسها بـالرياضة أو الممارسة الثقافية. وفكرة أن أمة ما تشترك في عقلية ثقافية معينة أو خلق أو تفكير تتضمنه لغتها ومؤسساتها مما يجعل رد فعلها لمواقف معينة أقوى أو أقل حدة عن أمة أخرى، وأن الناس من الأمم المختلفة لديها إستراتيجيات مختلفة لحل المشكلات. النقد الموجه للمفهومبالرغم من ذلك وجه انتقاد حول صلاحية فكرة «علم النفس القومي» لأسباب سياسية/أخلاقية وعلمية.
كما أن جزءًا من المشكلة أن الباحثين دائمًا ما يفسرون الثقافة الأخرى من وجهة نظر ثقافتهم المعتادين عليها (يعتبر هذا «أمرًا طبيعيًا»). حتى إن اشترك الكثير من الناس في بلد ما في خصائص نفسية وبيولوجية عامة فإن البعض الآخر من أهل هذا البلد قد لا يشتركون بهذه الخصائص على الإطلاق. وقد تفوق الطرق الهامة التي يختلف بها الناس الخصائص التي يمكن إثبات اشتراكهم بها. ووجد علماء النفس في بحث لهم أنه عندما يطلب من بعض الأشخاص تحديد عرق أو جنسية عن طريق ملاحظة بعض الأفراد من شعوب مختلفة والمصطفين في خط، حيث لا يستطيعون التعرف بدقة على عرقهم أو جنسيتهم. واكتشف خبراء التسويق والإعلام أن غالبية الناس يمكنهم التعرف على الصورة النمطية أو النموذج الأصلي أو صورة كاريكاتيرية والتي ترمز لجماعة عرقية معينة أو طرق مميزة من الترابط في أمة ما. وهناك المزيد من التعقيدات حيث إنه:
وبسبب كل هذه الصعوبات الموجودة عند تعريف علم النفس القومي، غالبًا ما تكون صوره المرسومة من البصيرة غير «علمية» في الواقع لكن بالأحرى توجد في الاستعارات النابعة من الخيال كما في الروايات والأفلام على سبيل المثال. والتي يمكن أن تقدم رؤية ثاقبة للعالم «النمطي» والعاطفي والعقلي للناس دون التظاهر بأنه ينطبق على كافة أعضاء المجتمع. العولمة وما بعد الحداثةيرى بعض الكتاب أنه في عصر العولمة، تتضاءل قدرة الاختلافات القومية والعرقية يومًا بعدد يوم على تفسير سلوك الناس بطريقة ما، بالإضافة إلى أن الكثيرين لا يربطون أنفسهم بالأمة التي هم جزء منها بل يريدون أن يشار إليهم فقط على أنهم بشر لهم حقوق إنسانية. فقد يعتزون بموضع مولدهم لكن مع ذلك لا يشعرون بالوطنية بشكل خاص. بينما غيرهم من المؤلفين يرون أن مناشدة الهوية الوطنية يمكن إحياؤها واستخدامها كرد على كراهية الأجانب لتصورهم أن البلد أو المنطقة قد «استولت عليها» الشركات الأجنبية أو «اجتاحها» المهاجرون الأجانب. وفي أوروبا خاصة وكثير من أجزاء العالم عامة تراجع الالتزام الديني إلى حد بعيد؛ لذلك فإن وجهة النظر المشتركة حول الأخلاق والطبيعة البشرية التي قدمتها المرجعيات الدينية من قبل لم تعد مقبولة. كان للدين تأثير قوي على تشكيل الهوية الوطنية وحيث إن هذا التأثير قد تراجع لم يعد بالإمكان تعريف علم النفس القومي بالتعريف المعتاد. ومع ذلك فقد ازداد تأثير الدين في مناطق أخرى من العالم وبالتالي يمكن أن تؤثر الهوية الوطنية والهوية الدينية كل منهم على الآخر بشكل ملحوظ. وفي بعض فروع ما بعد الحداثة، لم يعد يُنظر إلى الأمم على أنها أراضٍ لها قوانين ملزمة بل على أنها مجتماعات تخيلية أصبحت الهوية الوطنية بها أكثر غموضًا. وبالتالي ادعى ميشيل فوكو، على سبيل المثال، أنه في الغرب، "انجذب مشروع العلم الخاص بهذا الموضوع لينحسر في دوائر أكثر ضيقًا حول سؤال عن الجنس" (فوكو، تاريخ الحياة الجنسية، مجلد 1، قديم، صفحة 70). ويمكن فهم هذا على أنه يعني تعرف الناس بالفعل بصورة أكبر على الحياة الجنسية من الوطنية في الوقت الحاضر. ومع ذلك، وبالرغم من هذا الخلاف لايزال مفهوم «علم النفس القومي» قائمًا طالما يستطيع الناس عمليًا ملاحظة - على سبيل المثال - من خلال السياحة والتلفزيون أنه لا شك في وجود اختلافات في أساليب عيش الناس لحيواتهم وطريقة تفكيرهم بها في مختلف البلاد بصرف النظر عن الاختلافات في المظهر واللغة. وتوجد حاليًا كتب حول الطابع الوطني لكل من يعيش بالفعل على الأرض. الدراسات الحديثةحاولت الدراسات العلمية الحديثة لعلم النفس القومي تجنب الوقوع في فخاخ التحيز والتميز والتركيز بشكل أساسي وصارم على ما يمكن قياسه بالفعل واختباره وإثباته بموضوعية وكذلك تبني رؤية إيجابية (أو على الأقل محايدة) للثقافة القومية. وحاليًا يتم التركيز على ما إذا كان من الممكن إثبات الأنماط المنهجية للتباينات الوطنية وجودها في الواقع وماهيتها وطريقة تفسيرها. ويعتبر هذا النهج إلى حد ما أكثر نجاحًا من علم النفس القديم؛ لأن الكثير من الجهود بذلت للتحقق من الافتراضات عن طريق أدلة شاملة بدلا من التخمينات المتضاربة أو النظريات القائمة على أدلة عبارة عن حكايات ونوادر. وحتى الآن لا يستطيع الباحثون التجنب التام للانجرار إلى الدخول في خلافات حول المشاعر الوطنية مما يجعل من الصعب في بعض الأحيان البقاء على الحياد والانفصال عن المشاعر الوطنية والحفاظ على الموضوعية. المراجع
انظر أيضًا |
Portal di Ensiklopedia Dunia