توجد أحفوريات من رئيسيات التارسيفورم (tarsiiform) في آسيا وأوروبا وأمريكا الشمالية، بالإضافة إلى أحفوريات غير مؤكدة من إفريقيا، ولكن يقتصر وجود الترسيرات الحالية على عدد من جزر جنوب شرق آسيا، من بينها الفلبينوسولاوسيوبورنيووسومطرة. ويشير السجل الأحفوري إلى أنه لم تتطرأ تغييرات كبيرة في تسنين هذه الحيوانات خلال الـ 45 مليون سنة الماضية، فيما عدا من حيث الحجم.
وقد تعرض جنسان من الفصيلة الترسيرية إلى الانقراض هما، زانثورسيس (Xanthorhysis) وأفروتارسيوس (Afrotarsius). ومع ذلك، فإن تصنيف جنس الأفروتارسيوس ضمن هذه الفصيلة ليس أمرًا مؤكدًا،[5] وأحيانًا يُدرج ضمن فصيلته،الأفروتارسيات (Afrotarsiidae)، في تحت الرتبة الفرعية Tarsiiformes،[6] أو تعتبر من رئيسيات الأنثروبويد (anthropoid).[7]
حتى الآن، تم التعرف على ثلاثة أنواع من حفريات جنس التراسيوس (Tarsius) من السجل الأحفوري:
يوجد سجل أحفوري لجنس التراسيوس أطول من أي جنس رئيسيات آخر، ولكن تصنيف أحفوريات عصر الإيوسين والميوسين ضمن هذا الجنس مسألة موضع شك.[10]
التصنيف
تم مناقشة الوضع الفيلوجيني للترسيرات الموجودة حاليًا داخل رتبة الرئيسيات خلال معظم القرن الماضي، وبدلاً من ذلك، تم تصنيف الترسيرات على أنها من رئيسيات الستريبسيرهيني (strepsirrhine) في الرتبة الفرعية البروسيمي، أو أنها المجموعة الشقيقة لمجموعة السيميان (=الأنثروبوديا) في تحت الرتبة الفرعية بسيطات الأنف. وثمة من يقول إن تحليل غرز العناصر المبعثرة القصيرة (SINE)، وهي نوع من الطفرات الكبيرة في الحمض النووي الريبي منقوص الأكسجين (دنا)، يقدم دليلاً مقنعًا للغاية على أحادية عرق بسيطات الأنف، حيث ما زالت هناك خطوط أخرى من الأدلة، مثل بيانات تسلسل حمض الدنا غامضة. وبالتالي، يجادل بعض علماء التصنيف بأن التسوية النهائية للنقاش كانت لصالح بسيطات الأنف أحادية العرق. وتشترك الترسيرات مع السيميان في طفرة جين إل-جلونولاكتون أكسيداز (GULO) الذي يلبي الحاجة إلى فيتامين ج في الغذاء. وبما أنه لا توجد هذه الطفرة في الستريبسيرهينيات واحتفظت بالقدرة على تصنيع فيتامين ج، فإنه يبدو أن السمة الجينية التي تلبي الحاجة إلى هذا الفيتامين في الغذاء تضع الترسيرات مع بسيطات الأنف.[11]
وعلى مستوى فيلوجيني أقل، فقد تم تصنيف جميع الترسيرات، حتى الآن، ضمن جنس التراسيوس، بينما أثيرت مناقشات حول ما إذا كان ينبغي تصنيف أنواع الترسير إلى جنسين منفصلين (مجموعة سولاوسي والمجموعة الفلبينية-الغربية) أو ثلاثة (مجموعة سولاسي والمجموعة الفلبينية والمجموعة الغربية).[12] يتسم علم تصنيفمستوى الأنواع بالتعقيد، إلى جانب محدودية استخدام المورفولوجيا مقارنةً بالتخاطب الصوتي.[بحاجة لمصدر] بالإضافة إلى حدوث المزيد من الالتباس بشأن مدى صحة أسماء معينة. ومن أمثلة ذلك، فقد ظهر أن اسم تي. ديناي (T. dianae) هو مرادف جديدلاسمتي. دينتاتوس (T. dentatus)، وبالمثل، فإن اسم تي. سبكتروم (T. spectrum) يعد الآن مرادفًا جديدًا لاسم تي. ترسير (T. tarsier).
في عام 2010، اقترح كولين جروفز (Colin Groves) وميرون شيكيل (Myron Shekelle) تقسيم جنسالتراسيوس إلى ثلاثة أجناس، هي: الترسيرات الفلبينية (جنس كارليتو) والترسيرات الغربية (جنس سيفالوباتشوز (Cephalopachus)) والترسيرات الغربية (جنس التراسيوس(Tarsius)). وقد اعتمد هذا التقسيم على اختلافات في التسنين وحجم العين وطول الأطراف واليدين وخصل شعر الذيل ووسائد الجلوس في منطقة الذيل وعدد الأثداء وعدد الكروموسومات وعلم البيئة الاجتماعية والتخاطب الصوتي والتوزيع. وفي الأصانيف القديمة للأنواع، اقتصر جنستي. ترسير (T. tarsier) على الحيوانات في جزيرة سيلايار، وهو ما تطلب بعد ذلك إحياء الأصنوفة المنقرضة تي. فوسكيوس (T. fuscus). ويتضمن تصنيفهم، الذي يضم العديد من الأنواع الموصوفة حديثًا، ما يلي:[13]
الترسيرات هي حيوانات صغيرة الحجم ذات عيون كبيرة؛ حيث يبلغ قطر كل مقلة عين حوالي 16 مم وهي في مثل حجم مخه بالكامل.[14] وتتميز الترسيرات أيضًا بقوائم خلفية طويلة جدًا، وذلك غالبًا بسبب عظامرسغ القدم الطويلة للغاية، وقد استمدت هذه الحيوانات اسمها منها (tarsus). ويتراوح طول الرأس والجسم من 10 إلى 15 سم، ولكن تبلغ القوائم الخلفية حوالي ضعف هذا الطول (بالإضافة إلى القدم)، ولها أيضًا ذيل رفيع يتراوح طوله من 20 إلى 25 سم. وأصابعها طويلة جدًا، كما أن الإصبع الثالث يبلغ تقريبًا نفس طول عضد الذراع. وتوجد أظافر في معظم الأصابع، ولكن يتميز إصبعا القدم الثاني والثالث للقوائم الخلفية بمخالب تستخدمها في تنظيف نفسها. ويتميز فراء الترسيرات بأنه ناعم للغاية وأملس، ولونه عمومًا لامع أو بيج أو أصفر مائل إلى البني.[15]
وبعكس العديد من الفقاريات الليلية، فإن الترسيرات تفتقر إلى المنطقة العاكسة للضوء (البساط الشفاف) في العين ويوجد بها نقرة.
يختلف مخ الترسير عن أنواع الرئيسيات الأخرى من حيث ترتيب الروابط بين العينين والنواة الركبية الوحشية، وهي المنطقة الرئيسية في المهاد التي تستقبل المعلومات البصرية. ويميز تسلسل الطبقات الخلوية المستقبلة للمعلومات من العين الجانبية (نفس جانب الرأس) والمقابلة (الجانب المقابل للرأس) في النواة الركبية الوحشية الترسيرات عن الليمورياتواللورسياتوالقرود، التي تتشابه كلها في هذه الصفة.[16] وقد أشار بعض علماء الأعصاب إلى أن «هذا الاختلاف الواضح يميز الترسيرات عن باقي الرئيسيات الأخرى، وهو ما يعزز الرأي القائل بأنها نشأت في سلالة مبكرة ومستقلة من تطور الرئيسيات.»[17]
إن الترسيرات قادرة على سماع ترددات عالية تصل إلى 91 كيلو هرتز. بالإضافة إلى أنها قادرة على التخاطب الصوتي بتواتر سائد يبلغ 70 كيلو هرتز.[18]
السلوك
الترسيرات هي الرئيسيات آكلات اللحوم الوحيدة فقط الموجودة: إنها آكلة حشرات بشكل رئيسي وتصطاد الحشرات عن طريق القفز عليها. ومعروفة أيضًا بافتراسها للطيور والثعابين والسحالي والخفافيش.[15] وبينما تقفز الترسيرات من شجرة إلى أخرى، فإنها تستطيع حتى أن تصطاد الطيور أثناء طيرانها.
إن كافة أنواع الترسيرات ليلية في عاداتها، ولكن مثلها مثل العديد من الكائنات الليلية، فإن بعضها قد يزيد أو يقل نشاطه خلال النهار.
تبلغ مدة الحمل حوالي ستة أشهر،[19] وتلد أنثى الترسير صغيرًا واحدًا. وتولد صغار الترسير مغطاة بالفرو وعيونها مفتوحة وتصبح قادرة على القفز بعد يوم واحد من الولادة. وتصل مرحلة النضوج الجنسي في نهاية عامها الثاني. ويتباين السلوك الاجتماعي ونظام التزاوج؛ حيث تعيش الترسيرات من سولاوسي في مجموعات مكونة من أسر صغيرة، بينما يُقال إن الترسيرات الفلبينية والغربية تنام وتأكل بمفردها.
وتميل الترسيرات إلى أن تكون حيوانات خجولة للغاية.
الحماية من خطر الانقراض
لم تستطع حيوانات الترسير تكوين مستعمرات تربية ناجحة في الحظيرة مطلقًا. وربما يكون ذلك جزئيًا بسبب المتطلبات الغذائية الخاصة اللازمة لها.[20][21][22][23][24]
تمكنت محمية موجودة بالقرب من مدينة كوريلا، على الجزيرة الفلبينية بوهول، من النجاح إلى حدٍ ما في إعادة حيوانات الترسير إلى أعدادها الأصلية. وقد أقامت منظمة الترسير الفلبيني (PTFI) حظيرة كبيرة وشبه برية معروفة باسم مركز أبحاث وتطوير الترسير (Tarsier Research and Development Center). وقام كارليتو بيزاراس (Carlito Pizarras)، المعروف أيضًا باسم «رجل الترسير» بإقامة هذه الحظيرة حيث يستطيع الزوار مشاهدة حيوانات الترسير عن قرب في البرية (بالطبع شك دون لمسها). ومنذ عام 2011، تولى كارليتو وأخوه رعاية المحمية. ويعيش في الأشجار الموجودة في المحمية حشرات ليلية تشكل غذاء الترسير.[25]
^ ابجGunnell، G.؛ Rose، K. (2002). "Tarsiiformes: Evolutionary History and Adaptation". في Hartwig، W.C. (المحرر). The Primate Fossil Record. Cambridge University Press. ISBN:0-521-66315-6.
^McKenna, M.C., and Bell, S.K. 1997. Classification of Mammals Above the Species Level. Columbia University Press, New York, 337–340 pp. ISBN 0-231-11013-8
^ ابChiamanee, Y., Lebrun, R., Yamee, C., and Jaeger, J.-J. (2010). "A new Middle Miocene tarsier from Thailand and the reconstruction of its orbital morphology using a geometric–morphometric method". Proceedings of the Royal Society B: Biological Sciences: –. DOI:10.1098/rspb.2010.2062.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: أسماء متعددة: قائمة المؤلفين (link)
^Simons، E.L. (2003). "The Fossil Record of Tarsier Evolution". في Wright، P.C.؛ Simons، E.L.؛ Gursky، S. (المحررون). Tarsiers: past, present, and future. ISBN:978-0-8135-3236-3.
^Rosa، M. G. (1996). "Unusual pattern of retinogeniculate projections in the controversial primateTarsius". Brain Behavior and Evolution. ج. 48 ع. 3: 121–129. DOI:10.1159/000113191. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Collins، C. E. (2005). "Overview of the visual system of tarsius". The Anatomical Record Part A. ج. 287 ع. 1: 1013–1025. DOI:10.1002/ar.a.20263. PMID:16200648. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Ramsier، Marissa A. (2012). "Primate communication in the pure ultrasound". Biology Letters. DOI:10.1098/rsbl.2011.1149. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Izard، Kay M. (1985). "Gestation length in Tarsius bancanus". Am J Primatology. ج. 4 ع. 4: 327–331. DOI:10.1002/ajp.1350090408. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Fitch-Snyder، H. (2003). "History of Captive Conservation of Tarsiers". في Wright، P.C.؛ Simons، E.L.؛ Gursky، S. (المحررون). Tarsiers: Past, Present, and Future. Rutgers University Press. ص. 227–295. ISBN:0-8135-3236-1.
^Jachowski، David S. (2005). "Introducing an innovative semi-captive environment for the Philippine tarsier (Tarsius syrichta)". Zoo Biology. ج. 24 ع. 1: 101–109. DOI:10.1002/zoo.20023. {{استشهاد بدورية محكمة}}: الوسيط author-name-list parameters تكرر أكثر من مرة (مساعدة)
^Shekelle، Myron؛ Salim، Agus. [<a href="http://www.primate-sg.org/siau07.htm%22>http://www.primate-sg.org/siau07.htm</a> "Siau Island Tarsier"]. IUCN/SSC Primate Specialist Group. اطلع عليه بتاريخ January 2010. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة) وتحقق من قيمة |مسار= (مساعدة)[وصلة مكسورة]
[<a href="http://www.tarsier.org%22>http://www.tarsier.org</a> "Tarsier.org"]. اطلع عليه بتاريخ January 2010. {{استشهاد ويب}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ الوصول= (مساعدة) وتحقق من قيمة |مسار= (مساعدة)
Gron، Kurt J. (يوليو 2008). [<a href="http://pin.primate.wisc.edu/factsheets/entry/tarsier%22>http://pin.primate.wisc.edu/factsheets/entry/tarsier</a> "Primate Factsheets: Tarsier (Tarsius) Taxonomy, Morphology, & Ecology"]. National Primate Research Center, University of Wisconsin - Madison. {{استشهاد ويب}}: تحقق من قيمة |مسار= (مساعدة)