داء الليشمانيات
داء الليشمانيات[2] (الاسم العلمي: Leishmaniasis)، هي مجموعة من الأمراض الطفيلية يسببها عدد من أنواع الأوالي من جنس الليشمانيا.[3] تتفاوت تظاهرات المرض من آفات جلدية تشفى عفوياً (داء الليشمانيات الجلدي) إلى مرض جهازي فتّاك (داء الليشمانيات الحشوي).[4][5] ينتقل داء الليشمانيات عن طريق لدغة أنثى حشرات من أسرة (تحت عائلة) الفواصد.[6] الوبائياتحلقة العدوى![]() مشروحة بتفصيل أكثر في فقرة دورة حياة الليشمانيا. عندما تلدغ أنثى الفواصد حيواناً مصاباً بداء الليشمانيات لتحصل على وجبة الدم الضرورية لنضوج بيوضها، فإنها تبتلع مع الدم الخلايا التي تحوي الشكل اللاسوطي لليشمانيا، فتتحول الخلايا في معيها إلى سوطيات تلتصق بجدار المعي وتتكاثر حتى تكاد تسده، ثم تهاجر إلى خرطومها؛ وعندما تلدغ الحشرة المضيف التالي يحدث لديها قلس فتدخل السوطيات مع لعابها إلى دم المضيف الفقاري الجديد حيث تغزو البلعميات وتتحول إلى الشكل اللاسوطي وتتكاثر ضمن الخلايا. الحدوثتنتشر أدواء الليشمانيات في المناطق المدارية وشبه المدارية من كل القارات المأهولة عدا أستراليا. المرض متوطِّن في 88 بلداً (21 بلداً في العالم الجديد و67 بلداً في العالم القديم). وبين هذه البلدان 16 بلداً متطوراً و72 بلداً نامياً، ومن بين هذه الأخيرة يدخل 13 بلداً في عداد البلدان الأقل نماءً. تقدّر منظمة الصحة العالمية الوقوع السنوي بنحو مليوني حالة، نصف مليون حالة من داء الليشمانيات الحشوي ومليون ونصف حالة من داء الليشمانيات الجلدي. ويُقدَّر الانتشار بنحو 12 مليون حالة، وحجم الجمهرة تحت الخطر 350 مليون شخص.[4][5] يزداد انتشار المرض في الفئات الفقيرة من المجتمع[7]، نتيجة الاكتظاظ وعدم إتاحة خدمات الوقاية والتشخيص والعلاج ونقص الوعي الصحي. داء الليشمانيات مرض حيواني المنشأ في الأصل، والمستودع (أو الخازن) الطبيعي لأغلب أنواع الطفيلي أنواع مختلفة من الحيوانات. ولكل نوع من الليشمانيات طيف من الحيوانات الخازنة. وبناءً على هذا يُقسم داء الليشمانيات وبائياً إلى داء الليشمانيات حيواني المنشأ (جلدي وحشوي) وداء الليشمانيات بشري المنشأ (جلدي وحشوي).[4] تصنف منظمة الصحة العالمية داء الليشمانيات بين الأمراض المهملة.[8] داء الليشمانيات الجلدييُقدَّر انتشاره بنحو 10 ملايين شخص في 82 بلداً، ووقوعه في بلدان الشرق الأوسط والمغرب العربي نحو 350 ألف حالة.[9] أكثر من 90% من حالات داء الليشمانيات الجلدي تحدث في أفغانستان وإيران والمملكة العربية السعودية والجمهورية العربية السورية في العالم القديم، وفي البرازيل وبيرو في العالم الجديد.[5] ويدخل ضمن هذا التصنيف، مع الشكل الجلدي، داء الليشمانيات الجلدي المخاطي. داء الليشمانيات الجلدي حيواني المنشأالليشمانيا الكبيرة أهم مسبب له في العالم القديم، ومستودعها بعض القوارض الصحراوية وشبه الصحراوية، خاصة من أسرة اليرابيع. تعيش هذه القوارض في جحور عميقة الجو فيها دافئ ورطب يساعد على تكاثر الحشرة الناقلة للمرض.[5] ويسرى المرض بشكل طبيعي بين القوارض ويصيب الإنسان عندما يعمل أو يعيش في المناطق المسكونة بالحيوانات المستودعة. ولا يكون الإنسان في هذه الحالة مصدراً للعدوى. ينتشر هذا الشكل من المرض بالدرجة الأولى في المناطق الريفية من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى. أما في العالم الجديد فهناك العديد من أنواع الليشمانيات التي تسبب الشكل الجلدي أو الجلدي المخاطي، وتُجمع في معقد (أي مجموعة أنواع متقاربة) الليشمانيا البرازيلية L. braziliensis complex ومعقّد الليشمانيا المكسيكية L. mexicana complex. مستودعها القوارض الصغيرة وبعض الحيوانات البرية الكبيرة.[4] تم الإبلاغ عن إصابات جلدية أولية بالليشمانيا الطفلية من لبنان[10] وفرنسا.[11] داء الليشمانيات الجلدي بشري المنشأينحصر في العالم القديم، والمسبب الرئيسي له هو الليشمانيا المدارية، مصدر العدوى الإنسان. يمكن أن يصيب الكلاب[12] والقوارض[13] والوَبْر[14]، لكن لم يثبت دورها كمصدر للعدوى، مع أنه لا يمكن استبعاد هذا الاحتمال تماماً[15]، ففي تجارب مخبرية أمكن نقل العدوى من الجرذان إلى الفواصد، حتى عندما كانت الجرذان المصابة خالية من علامات واضحة للمرض.[16] وهذا الشكل يمكن أن يسبب أوبئة، حيث يكفي أن ينتقل أشخاص مصابون إلى منطقة خالية من المرض سابقاً، بشرط أن تكون الحشرات الناقلة متوفرة، كي تبدأ السراية هناك، كما حصل في مخيمات اللاجئين الأفغان في الباكستان. ينتشر بالدرجة الأولى في المدن والتجمعات السكانية الكبيرة نسبياً، مثل كابول عاصمة أفغانستان ومشهد في إيران وحلب في سوريا. وكابول من أكبر بؤر المرض في السنوات الأخيرة، حيث قدّرت منظمة الصحة العالمية في سنة 2002 عدد الإصابات فيها بـ200 ألف حالة، ومعدل الانتشار بـ12% من السكان، ويعزى هذا إلى كثرة الهجرة أو عودة المهاجرين مع وفود مستمر لأشخاص جدد ليس لديهم أي مناعة ضد المرض.[17] بلغ عدد الحالات المسجلة في مشهد في سنة 2002 نحو 5000 حالة[18]، وفي حلب في سنة 2007 أكثر من عشرة آلاف حالة.[19] من الأشكال النادرة نسبياً الإصابات الجلدية الأولية الناجمة عن الليشمانيا الدونوفانية، والتي تسبب عادةً داء الليشمانيات الحشوي في الهند والسودان.[20] [21] داء الليشمانيات الجلدي التالي لكالا آزار شكل آخر لهذا المرض، ويتظاهر بآفات جلدية منتشرة تظهر عادةً بعد عدة سنوات من الشفاء من داء الليشمانيات الحشوي بشري المنشأ المعالج بمركبات الأنتيمون في نحو 50-60% من حالات كالا آزار في أفريقيا الشرقية ونحو 5-10% من الحالات في الهند.[22] داء الليشمانيات الحشويوله شكلان، حيواني المنشأ وبشري المنشأ. أكثر من 90% من حالاته تقع في البرازيل وبنغلاديش والسودان ونيبال والهند.[5] داء الليشمانيات الحشوي حيواني المنشأتسببه الليشمانيا الطفلية، ومستودعه حيوانات من فصيلة الكلبيات، كالكلاب المنزلية والشاردة والثعالب وبنات آوى. ينتشر في حوض البحر الأبيض المتوسط ويصيب بالدرجة الأولى الأطفال دون العاشرة من العمر. وفي أمريكا الجنوبية يسمى مسببه الليشمانيا الشاغاسية، وهي تُعتبر حالياً مرادفاً لليشمانيا الطفلية للعالم القديم.[23] داء الليشمانيات الحشوي بشري المنشأتسببه الليشمانيا الدونوفانية، ويسبب أوبئة خطيرة في شبه القارة الهندية وبلاد شرق أفريقيا مع معدلات إماتة عالية. يتظاهر بحمى (لهذا يسمى باللغة الهندية كالا آزار، أي الحمى السوداء) وضخامة كبد وطحال وفقر دم. المرض مميت إذا لم يُعالَج. تتعقد مكافحته بزيادة معدلات فشل العلاج بمركبات الأنتيمون، دواء الصف الأول؛ ففي الهند قدّرت دراسات مختلفة معدلات الفشل في منتصف التسعينات من القرن العشرين بين ثلث وثلثي المرضى.[24] تتكاثر السوطيات في المعي المتوسط للفاصدة، وتنتشر تدريجياً خلال ما يقارب أسبوع إلى الأجزاء العليا من سبيلها الهضمي فتسدّه بأجسامها وبهلامة تفرزها. وإنثاء لدغ الفاصدة لمضيفها، فإنها لا تستطيع البلع، فيحدث عندها قلس فتحقن السوطيات في جلد المضيف[25]؟ لا يتجاوز عدد السوطيات المحقونة في أغلب الأحيان 600 طفيلي، ولكن في ربع الحالات تقريباً يزيد عددها على الألف وقد يصل إلى مئة ألف.[26] تصل العدلات إلى مكان اللدغة أولاً، فتبتلع السوطيات. لا تتغير الليشمانيات داخل العدلات ولا تتكاثر؛ وعندما تصل العدلات إلى مرحلة الاستماتة يتخلص الجسم منها بواسطة البلاعم، وبذلك تصل الليشمانيات إلى داخل البلاعم ضمن العدلات دون أن تؤدي إلى تفاعل مناعي.[27] البلاعم هي الخلايا المضيفة الرئيسية لليشمانيا في الفقاريات، وبداخلها تتحول السوطيات إلى شكلها اللاسوطي. تمكث اللاسوطيات داخل البلاعم في ما يسمى بالفجوة الحاملة للطفيلي، وتتشكل هذه الفجوة من اندماج اليبلوع باليحلول والدخلول، وفيها تتحول السوطيات إلى لاسوطيات. وتحدث خلال هذا التحول تغيرات في شكل الطفيلي حيث تتحول السوطيات المتطاولة ذات سوط طويل إلى خلايا بيضوية ذات سوط قصير، وفي استقلابه من أجل التكيف مع الوسط الحامضي داخل الفجوة، وفي التركيب البيوكيميائي لغشاء الخلية. يستغرق هذا التحول بين يومين إلى خمسة أيام. تستطيع اللاسوطيات أن تعيش في الوسط الحامض لهذه الفجوات وأن تتغذى على محتوياتها. تتكاثر اللاسوطيات ببطء، حيث تستغرق دورة الانقسام نحو 24 ساعة. يتشكل الارتشاح في داء الليشمانيات الجلدي في الجلد مكان اللدغة ويحوي البلاعم بالدرجة الأولى، وكذلك خلايا لمفانية وخلايا بلازمية[28]، أما في داء الليشمانيات الحشوي فتتشكل بؤر العدوى في أعضاء الجملة الشبكية البطانية. التشخيصيعتمد التشخيص على القصة المرضية والفحص السريري، ويتم تأكيده بكشف الطفيلي. في داء الليشمانيات الجلدي:
العلاجتختلف حساسية مختلف أنواع الليشمانيات للأدوية المختلفة، ولذلك لا يمكن تعميم المعلومات من تجارب على نوع معين من الليشمانيات على غيره من الأنواع؛ كما أن البحوث في مجال المعالجة قليلة، والكثير من التجارب السريرية يجرى بدون تحديد النوع المسبب، خاصةً في داء الليشمانيات الجلدي، لأن مناطق توطن مختلف أنواع مسببات الليشمانيا الجلدية يمكن أن تتطابق، بخلاف داء الليشمانيات الحشوي. يمكن تقسيم خيارات العلاج إلى دوائية ولادوائية، والدوائية إلى مجموعية وموضعية. يتطلب داء الليشمانيات الحشوي معالجات دوائية مجموعية حتماً. المعالجات الدوائية المجموعية
المعالجات الدوائية الموضعيةهذه لا تُستخدم إلاّ في داء الليشمانيات الجلدي
المعالجات اللادوائية
الإنذارالتواجد في الاحياء والغابات التي قد يوجد فيها هذا النوع من الحشرات المسببة لداء الليشمانيات مثل الفاصدة الباباتاسية وبعش الحيوانات البرية مثل القردة. الوقاية والمكافحةتستعمل اللقاحات في بعض البلدان للوقاية من انتشار المرض. انظر أيضًاوصلات خارجية
المراجع
![]() في كومنز صور وملفات عن Leishmaniasis. |
Portal di Ensiklopedia Dunia