تبصرة الأدلة في أصول الدين
تبصرة الأدلة في أصول الدين هو كتاب في أصول الدين وعلم الكلام من تأليف الإمام أبو المعين النسفي الحنفي (ت 508هـ)، أحد أشهر علماء الماتريدية. وهو من أهم كتبه الكلامية وأكبرها حجماً وأكثرها توسعاً وأشهرها بين علماء الكلام، حتى أصبح يطلق على أبي المعين صاحب التبصرة. يُعد هذا الكتاب أصلاً أصيلاً من كتب العقيدة الإسلامية على مذهب أهل السنة والجماعة، وطريقة الإمام أبي منصور الماتريدي، كما يُعد المرجع الثاني في معرفة عقيدة الماتريدية بعد كتاب التوحيد لمؤسس المذهب أبي منصور الماتريدي. ولكن كتاب التبصرة أكثر شمولاً وتفصيلاً وأوضح أسلوباً. وهو عبارة عن عرض لعقائد الماتريدية، ورد على مخالفيهم، وخصوصاً المعتزلة والكرامية. وقد حوى الكتاب جزءاً كبيراً تم تخصيصه للنقاش مع المعتزلة والرد على مقولاتهم، التي أثاروها منذ نشأة علم الكلام، وفي الكتاب ما يشير إلى استمرار وجود المعتزلة إلى زمن المؤلف، حيث يذكر أحياناً عبارة «بعض المعتزلة في زماننا» أو «في ديارنا». كما أن المؤلف في كثير من المواضع يتصدّى للرد على الأشاعرة والنقاش معهم، مبدياً توافقاً أحياناً واختلافاً أحياناً أخرى بينه وبينهم، كما يرد على كثير من الفرق الكلامية والمذاهب غير الإسلامية.[1] أهمية الكتابترجع أهمية هذا الكتاب لأمور كثيرة، منها:[2]
ولأهمية مخطوط تبصرة الأدلة في الدراسات العقدية المقارنة وأهمية مؤلفه في جمع وتنظيم وتوضيح الفكر الماتريدي، والدفاع عن مذهب أهل السنة والجماعة، قام الأستاذ الدكتور/ محمد الأنور حامد عيسى (أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر) بتحقيق الكتاب، وتقدم به لنيل الدكتوراه من قسم العقيدة والفلسفة - بكلية أصول الدين بالقاهرة - جامعة الأزهر، وأجيزت الرسالة، وحصل بها على درجة الدكتوراه مع مرتبة الشرف من لجنة المناقشة بالكلية، وذلك في عام 1977م. وكان المناقشان لها هما:
وكان المشرف هو: أ.د/ محمد شمس الدين إبراهيم - الأستاذ المتفرغ بقسم العقيدة والفلسفة، وعضو مجمع البحوث الإسلامية. والذي يوضح أهميته أيضاً ما قاله حاجي خليفة في كتابه كشف الظنون: «تبصرة الأدلة في الكلام: مجلد ضخم للشيخ الإمام أبي المعين ميمون بن محمد النسفي المتوفى سنة ثمان وخمسمائة. أوله: (أحمد الله تعالى على مننه... الخ). جمع فيه ما جل من الدلائل في المسائل الاعتقادية، وبين ما كان عليه مشايخ أهل السنة، وأبطل مذاهب خصومهم، معرضاً عن الاشتغال بإيراد ما دق من الدلائل، سالكاً طريقة التوسط في العبارة، بين الإطناب والإشارة، فجاء كتاباً مفيداً إلى الغاية، ومن نظر فيه علم أن متن العقائد لعمر النسفي، كالفهرس لهذا الكتاب».[3] ويمكن القول: إن كتب علم الكلام الماتريدي التي أتت بعده لم تبلغ منزلته في الأهمية والشمول، وإن جاءت ببعض التفصيلات الهامة هنا وهناك. ويعتبر أبو الميعن النفسي من أفضل من عَرَض المذهب الماتريدي متميزاً عن بقية المذاهب السنية بشكل واضح وواع لهذا المذهب، وإن كان في بعض الأحيان يخالف الماتريدي في بعض آرائه. إلى جانب ذلك، يُعد كتاب التبصرة مصدراً هاماً لعرض آراء كثير من المتكلمين من الفرق الكلامية السابقة والمعاصرة له. فمؤلفه أبو المعين النسفي توفي عام 508هـ في زمن وصل فيه علم الكلام إلى مرحلة النضوج بعد أن اجتاز مرحلة التأسيس ومرحلة قيام الفرق الكلامية المختلفة.[1] نبذة عن المؤلفلقد كان أبو المعين النسفي من العلماء الأعلام المشهود لهم بغزارة العلم وكان أصولياً فقيهاً متبحراً في العلوم والمعارف، ويعد من أهم وأبرز علماء علم الكلام على مر العصور. فقد حظي بمكانة عالية في علم الكلام والمناظرة ومؤلفاته تشهد بذلك كتبصرة الأدلة، وبحر الكلام، والتمهيد لقواعد التوحيد. واعترف معاصروه بفضله، وكان همزة الوصل بين السلف والخلف، نقل عن السلف كالماتريدي والأشعري، وأخذ عنه الخلف كالإيجي والتفتازاني وغيرهما.[4] ويعتبر الإمام أبو المعين النسفي علماً من الأعلام الذين تخرجوا من مدرسة أبي منصور الماتريدي، ونهجوا منهجه في الاحتجاج، وسلكوا مسلكه في سبيل إعلاء كلمة الحق، فهو يدحض شبه المخالفين وانحرافاتهم بالدليل العقلي والنقلي، وكثيرا ما يتصدى للمعتزلة وبقية الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة، ويستشهد لمعتقده بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية وأقوال الصحابة والأئمة المجتهدين. ويعد أبو المعين النسفي من أهم وأشهر علماء الماتريدية من بعد مؤسسها أبو منصور الماتريدي، وهو المدافع الأول عن آراء الماتريدي، وهو في الماتريدية كالباقلاني والجويني والغزالي والفخر الرازي في الأشعرية، كما أن كتبه في الماتريدية تأخذ أهمية كتب الشهرستاني في المذهب الأشعري، وقد ناصر مذهب الماتريدي بقوة، وزاد المذهب شرحاً وتفصيلاً، واهتم بالدفاع عنه ورد على آراء خصوم الماتريدية من معتزلة وجهمية وكرامية وباطنية وغيرهم، وقد ذكره رفيع الدين الشرواني في الطبقة السادسة في «طبقات أصحاب الإمام الأعظم أبي حنيفة»، ومن أهم كتبه: تبصرة الأدلة، والتمهيد، وبحر الكلام.[5] ولأبي المعين مؤلفات كثيرة إلا أنه اشتهر بين المترجمين له، والمتعاملين مع علم الكلام الأشعري والماتريدي بصاحب التبصرة أو تبصرة الأدلة. وممن ترجم له: عبد القادر القرشي في «الجواهر المضية في طبقات الحنفية»، وعبد الحي اللكنوي في «الفوائد البهية في تراجم الحنفية»، وابن قطلوبغا في «تاج التراجم»، والكفوي في «كتائب أعلام الأخيار من فقهاء مذهب النعمان المختار»، وحاجي خليفة في «كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون»، والباباني البغدادي في «هدية العارفين»، وغيرهم.[6] عاش الإمام أبو المعين النسفي في القرن الخامس وأوائل القرن السادس الهجري في بلاد ما وراء النهر (آسيا الوسطى حالياً) من بلاد المشرق الإسلامي. كان عصره من أزهى العصور الإسلامية علما في الشرق، فقد كثر فيه النبغاء في كل علم وفن والسبب في ذلك أن الدولة العباسية قد شجعت على العلم بمختلف أنواعه لا سيما حرية الفكر والنظر، فكثرت المذاهب واختلفت الآراء وظهرت الفرق، ولعل هذا كان هو السبب في شحذ همة أبي المعين لتأليف عدة كتب في علم الكلام للرد على الفرق المخالفة لمذهب أهل السنة والجماعة.[7] ويعتبر أبو المعين النسفي من أهم علماء المدرسة الماتريدية لما يلي:[6]
وبنظرة فاحصة ومتأنية في تراث من جاء بعد الإمام أبي منصور الماتريدي يتأكد ذلك حيث قام الجميع بتلخيص فكره، وعلى رأسهم الإمام نجم الدين عمر النسفي صاحب العقائد النسفية، وعبد الله النسفي في عقائده، ونور الدين الصابوني في البداية في أصول الدين. أما أبو المعين النسفي فقد شرح وأضاف ونظم وناقش وحلل الأفكار، وتعامل مع الجزئيات والكليات بعقلانية وموضوعية، مع استرشاد واع وأمين بالقرآن والسنة. وبعمله هذا وضّح المذهب الماتريدي، مما أدى إلى انتشاره في كثير من بلدان العالم، وبخاصة: تركيا وباكستان وأفغانستان والهند وماليزيا وإندونيسيا وألبانيا ومقدونيا وأوزبكستان وغيرها من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق. فهرس موضوعات الكتاب
انظر أيضاً
المصادر
وصلات خارجية |
Portal di Ensiklopedia Dunia