بيتر فيسل زابفه
بيتر فيسل زابفه 18 ديسمبر 1899 - 12 أكتوبر 1990 (بالنرويجية: Peter Wessel Zapffe) هو كاتب وفيلسوف نرويجي و هو أيضاً رجل قانون ومتسلق جبال؛ غالبا ما يشتهر برؤيته المتشائمة للوجود البشري؛ أفكاره الفلسفية تتماشى مع أعمال الكاتب الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور، الذي استلهم منه العديد من أفكاره وتأثر بدعوته لرفض الإنجاب؛ يتم عرض أفكاره المتعلقة بخطأ ومفارقة حياة الإنسان في مقال المسيح الأخير[2] الذي قام تأليفه في عام 1933، كما أنه قام بتأليف كتابه الشهير «عن المأساوي» "On the tragic" في عام 1941. حياته الشخصيةولد «بيتر فيسل فريتز غوتليب كارل يوهان زابفه» في يوم 18 ديسمبر 1899 في مدينة ترومسو النرويجية من أبوين من النرويج، والده هو «فريتز غوتليب كارل يوهان زابفه» توفي عام 1956 ووالدته هي «غودرون زابفه» توفيت عام 1950 وله أخت واحدة تدعي «سيغه زابفه» توفيت وهي شابة عام 1927 عن عمر يناهز واحد وعشرون عاماً، وربما كان لوفاة أخته المبكرة أثر كبير علي نظرته التشاؤمية إلي الوجود. يُنظر إلى زابفه على نطاق واسع على أنه «أقرب فيلسوف إيكولوجي في النرويج». كان أول مفكر نرويجي يطور نقدًا فلسفيًا لعلاقة الإنسان بالبيئة. لم يكن زابفه فيلسوفًا فحسب، بل كان أيضًا كاتبًا وناقدًا أدبيًا و رساماً و رجل قانون ومهتماً بالبيئة ومتسلقاً للجبال. نشأ بيتر وترعرع في بيئة برجوازية نوعًا ما في ترومسو في شمال النرويج. كان والده «فريتز غوتليب زابفه» صيدليًا ومستكشفاً قطبياً كما أنه معروف بأنه صديق مقرب للمستكشف القطبي «رولد أموندسن»؛ شارك فريتز غوتليب زابفه في رحلة رولد أموندسن الاستكشافية إلي القطب الشمالي في عام 1925 كمسعف ومدير تموين، ساعده فيرتز زابفه في حصص الإعاشة وأنواع أخرى من المواد لرحلاته حتى المناطق القطبية. اتسمت طفولة «بيتر زابفه» بالانضباط الصارم، ومنذ وقت مبكر استيقظ فيه نفور قوي ضد أي نوع من السُلطة والتسلط. بدأ بيتر، بعد أن ضغط عليه والده، بدراسة القانون في أوسلو في فترة ما بين الحربين (1918-1925). خلال دراسته الجامعية ، علم نفسه تسلق الجبال في Kolsås ، سلسلة جبال مشجرة في بلدية Bærum ، بالقرب من عاصمة النرويج، حيث نجح في تنفيذ أكثر من عشرين تسلقًا. عاد زابفه إلى مدينة ترومسو في عام 1925، حيث عمل لفترة كرجل قانون ، في المنطقة المحيطة بهذه المدينة الإسكندنافية ، وبفضل العديد من المساهمات الأدبية والرسومات الفكاهية، أصبح عضواً بارزاً في مجتمع التسلق النرويجي. وفي ثلاثينيات القرن العشرين ، سافر زابفه إلى أوسلو ، مع اهتمام شديد بدراسة الأدب المقارن. حفزته إعادة اكتشافه لأعمال هنريك إبسن في الدراما على الشروع في متابعة درجة الماجستير. تزوج زابفه أول مرة في عام 1935 بامرأة تدعي «بريجلوت جونسون» ثم انفصل عنها سنة 1941 ؛ ثم في سنة 1952 تزوج بامرأة أخرى تدعي «بيريت كريستينسين» - «بيريت زابفه» فيما بعد - وظلت معه حتي توفي زابفه سنة 1990 ثم توفيت هي في عام 2008 ؛ ولم يقم زابفه بالإنجاب من أي من زوجتيه بناء علي موقفه المعادي للإنجاب. كانت تجمع صداقة بين بيتر زابفه وبين الكاتب والفيلسوف النرويجي آرني نايس وكان الاثنان رفيقين في تسلق الجبال كذلك. نشر زابفه العديد من المقالات في مختلف المجلات والصحف، وفي سنة 1986، نشر كتابه الأخير، Hvordan jeg ble så flink («كيف أصبحت ذكيًا جدًا»). في العام التالي، 1987، حصل على جائزة Fritt Ord النرويجية («حرية التعبير»). كذلك كرمته مدينة ترومسو بتسمية أحد الجبال باسمه من بعده؛ توفي زابفه في 12 أكتوبر 1990 في مدينة أسكير النرويجية عن عمر ناهز التسعين عاماً. مقال المسيح الأخير«المسيح الأخير» (بالإنجليزية: "The Last Messiah") (بالنرويجية: "Den sidste Messias") هو مقال كتبه الفيلسوف النرويجي بيتر ڤيسل زابفه عام 1933. أحد أهم أعماله، يعد ملخصاً لأفكاره الخاصة والتي سيستخدمها كأعمدة من أجل تأليف كتابه فيما بعد «عن المأساوي» "Om det tragiske" في سنة 1941، وكذلك يحاول المقال إعادة تفسير أحد أفكار فريدريك نيتشه وهي فكرة «الإنسان الأعلى» "Übermensch". ويُلخص مقال المسيح الأخير كما يلي: يرى زابفه في مقاله المسيح الأخير أن الإنسان العاقل - الهوموسابينس - يمتلك وعيًا متطورًا زيادة عن اللازم وهو ما يميزه عن غيره من الكائنات الحية وهذا الوعي يوقع الإنسان في أشياء يحاول الهرب منها مثل القلق والاكتئاب والأزمات الوجودية، يتساءل زابفه: لماذا إذن لم ينقرض الجنس البشري منذ زمن بعيد في نوبات الجنون الكبيرة؟ لماذا لا يموت سوى عدد قليل نسبيًا من الأفراد لعجزهم عن تحمل وطأة الحياة لأن الوعي يمنحهم أكثر مما يحتملون؟ , ويرد علي نفسه بالإجابة قائلاً: يسمح لنا التاريخ الثقافي، وكذلك ملاحظتنا لأنفسنا والآخرين، بالإجابة التالية: يتعلم معظم البشر أن ينقذوا أنفسهم بطرق مصطنعة تقلل من محتوى وعيهم. ويقول زابفه أن الإنسان منذ قديم الأزل وهو يستخدم أربعة أساليب دفاعية أو ميكانيزمات دفاعية كردود أفعال على هذه المفارقة البيولوجية - Biological Paradox وأيضا يستخدمها الإنسان من أجل تحجيم هذا الوعي ويقول أن كل إنسان يستخدم بعض هذه الأساليب أو كلها يوميا سواء بطريقة واعية أو غير واعية، فيقول بيتر زابفه في مقاله المسيح الأخير «كل الحياة التي نراها أمام أعيننا اليوم معجونة، من أعمق أعماقها حتى أظهر مظاهرها، بميكانيزمات الكبت الفردية والاجتماعية التي يمكننا أن نرصدها حتى في أدق أشكال الحياة اليومية. ورغم أنها تتخذ أشكالاً كثيرة ومتشعبة، يبدو أن بوسعنا أن نميز على الأقل أربعة أشكال رئيسية، تظهر بطبيعة الحال بكل التوليفات الممكنة، وهي: العزل والإرتساء والإلهاء والتسامي.» وهذه الميكانيزمات الدفاعية هي كالتالي:
يقول بيتر زابفه في مقاله المسيح الأخير: " أما العلاج الرابع للذعر، وهو «التسامي»، فهو يتعلق بإعادة التشكيل بدلاً من الكبت. فمن خلال المواهب الفنية والأسلوبية، يمكن أحيانًا تحويل وجع الحياة إلى خبرات قيمة؛ حيث تَشتبك الاندفاعاتُ الإيجابية مع الشر وتستغله لتحقيق أهدافها، مستندة إلى جوانبها التصويرية أو الدرامية أو الملحمية أو الغنائية أو حتى الكوميدية. لكن ذلك الاستخدام لا يحدث على الأرجح، إلا إذا خفف الشخص لَسْعَة المعاناة القاسية بوسائل أخرى، أو لم يترك لها زمام السيطرة على العقل. (صورة: لن يستمتع متسلق الجبال برؤيته للهاوية إذا كان يختنق من الدوار؛ ولن يفعل إلا إذا تغلب على مشاعره نوعًا ما – أي نجح في أن «يرتسي» على شيء ما). لكي يكتب المرء عملاً تراجيديًا، فعليه أن يتخلص إلى حد ما من إحساسه الشخصي بالمأساة – أن يخونه – وينظر إليه من وجهة نظر خارجية، وجهة النظر الجمالية. وتختبئ هنا بالمناسبة فرصةٌ لجموح لا سقف له في اللعب مع المفارقات الساخرة، ينزلق للأسف إلى هوة جحيمية سحيقة. هنا يستطيع المرء أن يطارد أناهُ في ساحات كثيرة، مستمتعًا بقدرة طبقات الوعي المختلفة على تعرية بعضها البعض. هذا المقال هو محاولة نموذجية للتسامي. فالمؤلف لا يعاني، بل هو يُدبّج الصفحاتِ وسوف يحظى بالنشر في صحيفة ". ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ إذن وجهة نظر زابفه هي أن البشر يولدون بمهارة مفرطة التطور (وعي متطور زيادة عن اللزوم، استبصار داخلي عميق، معرفة ذاتية عميقة) لا يتشابه مع تصميم الوعي الذي صنعته الطبيعة مع باقي الكائنات ؛ إن الرغبة البشرية في التبرير في أمور مثل الحياة والموت لا يمكن إشباعها، وبالتالي فإن البشرية لديها احتياج معرفي لا يمكن ل الطبيعة أن تقوم بإشباعه ؛ المأساة - وفقًا لهذه النظرية - هي أن البشر يقضون كل وقتهم في محاولة ألا يكونوا بشرًا. لذلك فإن الطبيعة الإنسانية هي مفارقة - Paradox إن وعي الإنسان الذاتي يشارك بفاعلية في عملية «قمع فائض الوعي المدمر»، لذلك يصف زابفه أربعة ميكانيزمات دفاعية رئيسية تستخدمها البشرية لتجنب مواجهة هذه المفارقة، يُشيّدها الإنسان ليحمي نفسه من الوعي الإنساني الذي وصفه زابفه على أنه “أكثر تطورًا مما ينبغي، وذلك التطور التراجيدي يُفـضي لا محالة إلى الكآبة والقلق الوجودي. إن ذلك الوعي المتضارب المُبالغ فيه، مُجرد الوعي فقط، يعتدي على سلامنا النفسي، بحيث يدفعنا إلى الرد بمجموعةٍ من الوسائل والميكانيزمات الدفاعية التي أشرنا إليها بالأعلى التي هي وعلى حد تعبير زابفه «ضرورية للتأقلم الاجتماعي مع كل هذا الهراء الذي يسمونه صحةً نفسية وعقلية»؛ كذلك خَلُصَ زابفه إلى أنه «طالما استمر الجنس البشري بتهور في الوهم المشؤوم لكونه مقدراً بيولوجياً من أجل الانتصار، فلن يتغير شيء أساسي». ستصبح البشرية يائسة بشكل متزايد حتى وصول المسيح الأخير (ربما يشير زابفه هنا إلي نفسه)، «الرجل الذي تجرأ ، كأول شيء ، على تجريد روحه من ملابسها وتقديمها حية لأقصى فكرة عن النسب ، فكرة الموت. الذي أدرك الحياة وأرضها الكونية، وألمه هو ألم الأرض الجمعي»؛ يقارن زابفه مسيحه بـموسى النبي، لكنه يرفض في نهاية المطاف المبدأ الموجود في سفر التكوين في العهد القديم وهو «أثمروا وتكاثروا واملأوا الأرض ، وأخضعوها» بأن يقول في مقاله المسيح الأخير «اعرفوا أنفسكم - كونوا عقيمين ، ولتتركوا الأرض صامتة من بعدكم». لذلك فإن زابفه يرفض الإنجاب مثل آرثر شوبنهاور وإميل سيوران وغيرهما من الفلاسفة اللا إنجابيين. مؤلفاته الفلسفية وغير الفلسفيةنشر زابفه العديد من الكتب وكذلك العديد من المقالات في مختلف المجلات والصحف، وفي سنة 1986، نشر كتابه الأخير، Hvordan jeg ble så flink («كيف أصبحت ذكيًا جدًا»). وفي العام التالي، 1987، حصل على جائزة Fritt Ord النرويجية («حرية التعبير»). زابفه كان متسلق جبال ماهر وأخذ اهتماما مبكرا جدا بالبيئة؛ كان زابفه مؤلفا للعديد من القصص القصيرة المضحكة حول التسلق والمغامرات الأخرى في الطبيعة. بالإضافة إلى أن زابفه كان فناناً وله العديد من الرسومات، كما أنه قام بتأليف رواية مسرحية في عام 1951 باسم " The Prodigal Son " أو «الابن الضال» وهي تتحدث عن حياة يسوع المسيح ولكن من وجهة نظر مأساوية. روابط خارجية
المراجع
|
Portal di Ensiklopedia Dunia