أهزوجة شعبيةتأثر الحياة الموسيقية في بلد ما بطبيعة ذلك البلد وتاريخه وعقائده وتراثه. فعلى سبيل المثال، الصحراء والبادية والبحر وحياة الأمم السابقه بكل تفاصيلها العميقه والغنية بكنوز من الثقافات أنتجت موروثا يمثل ويصور ويصف حياة الشعوب بشعره وألحانه ففي تكرار الألحان وامتداد بعض النغمات تعكس بامتدادها ومفاوزها ومسارات قوافلها تعكس كل المشاعر الإنسانية التي أطلقها ذلك الإنسان لحظت فرحه وحزنه وشكره وألمه بإيقاعات حيويّة وألحان مزيّنة وكلمات عذبه وبسيطه تصف بساطة الحياة وصفوها في ذلك الزمان. تعرف الأهازيج بأنها موروث شعبي قديم ونشيد شعبي في لغة العامة من الناس ينشده القرويون في كل الشعوب وفي مناسبات كثيرة ومتنوعة، مثل الحروب، وعند الوفاة، والاستعراض (العراضة) والأعراس، والاستقبال والتوديع ولعل الأهزوجة مأخوذة من (الهَزَج) وهو، كما يعرِّفه الفيروزأبادي في القاموس المحيط مادة (هـ-ز-ج): «الهَزَجُ، محرَّكَةً: من الأَغاني وفيه ترنُّمٌ. وقد هَزِجَ كفَرِحَ: إِذا تَغنَّى». والهزج فن قديم عرفه العرب منذ الجاهلية ولكنهم أطلقوا عليه مسميات مختلفة. فمن ذلك ما يعرف بترقيص الأطفال، ومنه الرجز الذي كانوا يتناشدونه في الحروب، ومنه الحُداء الذي كانوا يحثون به الإبل على السير. وفي منطقة الخليج والجزيرة العربية تطلق على الهزج مسميات مختلفة، حسب نوعها والغرض الذي تُنشد فيه. فأهازيج البحارة تُعرف بـ (النَّهْمة) بفتح وتشديد النون وإسكان الهاء، وتعني الطرب البحري، ويسمى المطرب البحري: النَّهَّام والجمع (النَّهَّأمة) بتشديد النون والهاء. «وفي اللغة النهام: الأسد بصوته، والناهم الصارخ. والظاهر من معنى النهمة أنه (الحداء)». وهناك أهازيج أخرى مثل العرضة والرزفة والشلة وغيرها كما سنبين ذلك بالتفصيل في الصفحات القادمة.[1] ومن الأهازيج الشعبية المعروفة باليمن ما يُعرف بـ (الزَّامل) وجمعها (زوامل). وكلمة زامل هي مرادف لكلمة أهزوجة والزوامل هي الأهازيج. قال الزمخشري: "زملت القوسُ، ولها أزْمَلٌ: صوتٌ. والسقاة يَزْمِلون، ولهم زَمَلٌ وهو الرَّجَز، وتزاملوا: تراجزوا. قال الشاعر:
الأهازيج عند العربعرف العرب منذ الجاهلية الأهازيج وردَّدوها في مناسبات مختلفة، وإن لم يطلقوا عليها هذا الاسم. ومن الأشعار التي كان العرب ينظمونها ويمكن أن تندرج تحت ما يعرف اليوم بالأهازيج الشعبية تلك الأشعار التي كان الآباء والأمهات يرددونها عند ترقيص أبنائهم، وتلك التي كان الرجال يرتجزونها في الحروب وأثناء ممارسة الأعمال، والحُداء الذي كانوا يغنونه للإبل لتسرع في المسير. وسنعرض لهذه الأنواع بشيء من التفصيل. أهازيج ترقيص الأطفالكان الآباء والأمهات يرقصون أطفالهم وينشدون أبياتاً تنم عن حبهم لأطفالهم وأملهم في أن يروههم وقد أصبحوا كباراً وبلغوا من المكارم والفضائل ما تقر به أعين آبائهم وأمهاتهم. ومن ذلك ما يروى أن هند بنت عتبة كانت ترقص ولدها بقولها: "لأنكحـن ببَّـه جاريـةً خَدبَّـه مُكرمَةً مُحبَّـه تجُبُّ أهل الكعبة أي تغلبهن حسناً". والببة: الشاب الممتلئ البدن نعمة. وقال أعرابي وهو يرقص ولده: أحبه حبَّ الشحيحِ مالَه قد ذاق طعم الفقر ثم نالَه إذا أراد بذلَه بدا لَه وكان الزبير (رضي الله عنه) يرقص ابنته أم حكيم بقوله: ياحبذا أم الحكمْ كأنها ريم أحـمْ يابعلها ماذا يشمْ ساهم فيها فَسَهمْ وقد تتخذ الأم من ترقيص طفلها وسيلة لإيصال رسالة للزوج، كما فعلت زوجة أبي حمزة الضَّبي التي هجرها زوجها لأنها وضعت أنثى وكان يقيم عند ضرتها في البيت المجاور لها، فأخذت ترقِّص ابنتها بأبيات تعمَّدت أن يسمعها أبو حمزة وهو في طريقه إلى البيت المجاور، فحنَّنت قلبه عليها فأقبل نحوها معتذراً، حيث كانت تردِّد: "ما لأبي حمزة لا يأتينا يظل في البيت الذي يلينا غضبانَ أن لا نلد البنينا تالله ما ذلك في أيدينا وإنما نأخذ ما أعطينا ونحن كالأرض لزارعينا نُنبتُ ما قد زرعوه فينا". أهازيج ألعاب الأطفالعرف الأطفال العرب كغيرهم من الأطفال الألعاب التي كانوا يمارسونها في صحرائهم وبيئتهم. وارتبطت ألعاب الأطفال بالشعر الذي كان ينظمه الصغار أو ينظمه لهم الكبار معبرين به عن ألعابهم. فمن ذلك ما قاله امرؤ القيس عن لعبة (الزُّحلوقة) وهي الأرجوحة: لمن زُحلوقةٌ زلُّ بها العينان تنهلُّ ينادي الآخرَ الألُّ ألا حَلُّوا ألا حَلُّوا ومعنى قوله: «ألا حَلُّوا»، أي خفِّفوا من عددكم، حيث كان الصبيان يجتمعون ويأخذون خشبة يضعونها على كومة رمل ويجلس على كل طرف جماعة منهم، فأي المجموعتين كانت أكثر ارتفع الطرف الثاني، فيقولون لهم: «ألا حَلُّوا» أي خفِّفوا من عددكم حتى نساويكم في العدد. وهناك لعبة أخرى تسمى (الحَدَبْدَبى)، ويُكنى بها عن الرغبة في تجميع الصبيان للاستماع إلى قصة أو قصيدة شعر أو لبدء لعبة أخرى. ومن الأشعار التي تروى عنها: حَدَبْدبى بَدَبْدَبى منك الآنْ استمعوا أنشدكم يا صبيانْ أهازيج العملكانت العرب ترتجز الشعر في مناسبات متعددة، منه ما يردَّد بشكل جماعي ومنه ما يردد بشكل فردي. من ذلك مثلاً أنهم كانوا يرتجزون الأشعار ويردِّدونها عندما يعملون عملاً جماعياً وذلك لتنشيط هممهم وترويح نفوسهم من عناء العمل، خاصة عندما يكون العمل شاقاً صعباً. فمن ذلك ما روي أن المسلمين كانوا يردِّدون الأرجاز وهم يحفرون الخندق حول المدينة عندما علموا بقدوم الأحزاب لغزوهم. فقد روى الإمام البخاري في صحيحه عن البراء بن عازب (رضي الله عنه)، أنه قال: "لما كان يوم الأحزاب، وخندق رسول الله صلى الله عليه وسلم، رأيته ينقل من تراب الخندق، حتى وارى عني الغبار جلدة بطنه، وكان كثير الشَّعر، فسمعته يرتجز بكلمات ابن رواحة، وهو ينقل من التراب يقول: لاهُمَّ لولا أنت ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا فأنزلن سكينـة علينـا وثبت الأقدام إن لاقينـا إن الألى قد بغوا علينـا وإن أرادوا فتنة أبينـا أراجيز الحربومن أكثر المواطن التي كانوا يرتجزون فيها الشعر هو عند اللقاء في الحروب. وقد تبدأ الأراجيز مع بداية نذر الحرب، إذ تستنفر العرب أحلافها للحرب بالرجز، كقول عمرو بن سالم وهو يستنفر المسلمين لنصرتهم بعد أن نقضت قريش عهدها مع النبي (صلى الله عليه وسلم)، فجاء عمرو بن سالم وأنشد الرسول قائلاً:
وحين يتبارزون يرتجزون، ومن ذلك قول ربيعة بن مكدم:
وكانت النساء يرددن الأهازيج يحفزن بها الرجال على القتال ويستثرن حميتهم، ومن ذلك قول هند بنت عتبة والنسوة يرددن من ورائها في معركة أحد:
وقولهن:
وحين جاء الإسلام أصبحت هذه الأراجيز تُنشد لتشجيع النفس على خوض غمار القتال وتذكيرها بما أعد الله للشهداء. فمن ذلك قول جعفر بن أبي طالب (رضي الله عنه) في معركة مؤتة:
وقول زيد بن حارثة (رضي الله عنه) في نفس الغزوة وهو يتولى القيادة بعد استشهاد جعفر:
ثم قول عبد الله بن رواحة (رضي الله)، مخاطباً نفسَه حين ترددت قليلاً بعد استشهاد جعفر وزيد قبله، فأحجم قليلاً ثم أقدم، وهو يقول: يا نفسُ إلا تُقتلي تموتـي هذا حِمامُ الموتِ قد صُليتِ وما تمنيتِ فقـد أعطيـتِ إن تفعلي فعلهمـا هُديـتِ الحُداءبضم الحاء أو بكسرها (الحِداء): سوق الإبل وزجرُها. وكانت العرب تغني للإبل لتستحثها على السرعة في السير، وتسمي ذلك الحُداء، وتُسمي مغني الركب حادياً والجمع حُداة. وكان لكل ركب حادٍ أو مجموعة حُداة يغنون للإبل، وكانت الإبل تطرب للحُداء وتغذ السير. ومن ذلك ما روي في السيرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان في سفر وكان حادي ركب النساء غلام يسمى أنجشة، وكان ذا صوت رخيم فأخذ أنجشة هذا يحدو وينشد فطربت الإبل وأغذَّت السير، حتى خشي النبي (صلى الله عليه وسلم) على النساء في الهوادج أن يقعن، فخاطبه عليه الصلاة والسلام قائلاً: «رويدك يا أنجشة، سوقك بالقوارير». وكان الحُداة يرتجلون الأشعار التي تناسب المقام أحياناً. ومن ذلك ما يروى أن عبد الله بن رواحة (رضي الله عنه) كان يردِّد وهو يقود ناقة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو داخل إلى مكة لأداء عمرة القضاء بعد صلح الحديبية:
وقد يصف الحادي ناقته، كقول أعرابي يصف ناقته التي أهزلها الظمأ وسير الليالي وسرعة الرحلة حتى صارت كالقوس:
وقد يعبر الحادي عن شوقه إلى أحبابه الذين فارقهم، ثم يخلع هذه المشاعر على ناقته فهي مثله في انفعالاتها ولكنه يكتم شوقها وهي تظهره:
أهازيج الحجكانت القبائل العربية تردَّد الأهازيج وهي قادمة للحج. وكان لكل قبيلة تلبية خاصة بها، فمن ذلك مثلاً أن قبيلة عكٍّ وهي من قبائل اليمن كانت إذا خرجت للحج قدَّمت في صدر الركب غلامين أسودين ليبدآ التلبية بقولهما:
فيرد عليهما الباقون:
أهازيج الماءكان العرب يردِّدون الأهازيج وهم يوردون إبلهم للماء، فمن ذلك قول الراجز:
يذكر أنه أعد لإبله الآتية للشرب دلواً طويلة الحبل، وبعيراً شديداً عظيماً، وساقياً لا يتعب إذا شد إزاره على حجزته، قوي العضلات كأن عضلاته حين تنفر الجرذان واليرابيع. أغاني الأعراسكانت النساء العربيات في الجاهلية يردِّدن الأهازيج ويضربن بالدُّف أثناء زفِّ العروس إلى زوجها. وقد أقر الإسلام ذلك وأباحه، فقد روت عائشة (رضي الله عنها) أنها زوَّجت إحدى قراباتها من رجل أنصاري، فسألها النَّبي (صلى الله عليه وسلم) قائلاً: "فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدُّف وتغنِّي؟" فقالت عائشة: "تقول ماذا ؟ فقال النَّبي (صلى الله عليه وسلم) تقول:
أراجيز النواحكانت النساء ينُحن على القتلى بأشعار يرتجلنها على بحر الرجز، فمن ذلك قول أم سعد بن معاذ (رضي الله عنه)، حين خرجوا بنعشه فخرجت خلفه تنوح عليه وتبكيه وتذكر مآثره وصفاته:
أهازيج المتسولينللمتسولين أيضاً أراجيزهم التي يستدرون بها عطف المحسنين. فمنهم من يشرح فقره وحال أسرته، ومنهم من يمدح من يتفضل عليه، كقول أحدهم:
الأهازيج في منطقة الخليج والجزيرة العربيةإن عرب منطقة الخليج والجزيرة العربية هم امتداد لتلك القبائل العربية التي سكنت هذه المنطقة منذ العصر الجاهلي. وقد ورث عرب هذه المنطقة عن أجدادهم الكثير من الفنون والأهازيج الشعبية وتوارثوها جيلاً بعد جيل. على أن اللغة قد اختلفت بعض الشيء إذ ظهرت اللهجات المحلية وحلَّت محل اللغة العربية الفصحى، لطول العهد وتباعد الديار، فصاغ أبناء هذه المنطقة أهازيجهم بلهجاتهم المحلية وإن احتفظوا بنفس عادات وتقاليد أجدادهم الأصيلة مثل الكرم والاعتداد بالنفس والحفاظ على الشرف وعلى مكارم الأخلاق. وقد تشابهت تلك الأهازيج الشعبية في مناطق الخليج والجزيرة العربية وإن اختلفت المسميات أو تغيرت بعض الألفاظ في الأهازيج تبعاً للهجة كل منطقة، مما يدل على وحدة وترابط أبناء هذه المنطقة وتواصلهم عبر الأحقاب. وسنحاول في الصفحات التالية أجلاء هذا الترابط من خلال دراسة مختصرة للأهازيج الشعبية في هذه المنطقة. وسنبدأ بذكر أنماط الشعر الشعبي الذي استخدم لصوغ هذه الأهازيج، ثم نستعرض الأغراض المختلفة التي شملتها هذه الأهازيج والتي عبَّرت عن هموم ومشاعر الإنسان العربي في هذه المنطقة من الوطن العربي الكبير. أنماط الشعر الشعبي الذي استخدم في الأهازيجتنوعت الأنماط الشعرية التي نظم فيها الشعراء في الخليج والجزيرة العربية أهازيجهم الشعبية وذلك تبعاً لأنواع الأهازيج ومناسباتها. وسنحاول في السطور التالية استعراض أهم وأشهر هذه الأنماط، خاصة تلك التي استخدمت في الأهازيج البحرية على وجه الخصوص. المواليايعد الموَّال من أهم أنواع الشعر الشعبي، ومن أكثر الأشكال التي تغنى بها الناس. وقد استغلت الأغنية البحرية في الخليج والجزيرة نصوص الموال وصاغت أغلب ألحانها عليه. ويعد الموال أو المواليا برزخاً بين الفصيح والعامي، وقد استخدم في الغناء وشاع في كافة الأقطار العربية. ويقال أن أول من تكلم بهذا النوع من النظم بعض أتباع البرامكة بعد نكبتهم، فكانوا ينوحون عليهم ويكثرون من قولهم (يا مَولي) أو (يا مواليَّا)، فصار يُعرف بهذا الاسم. وقيل إن أول ما جاء من هذا الفن قولُ جارية من إماء البرامكة ترثيهم:
وهناك من يرى أن أقدم من نطق بالموَّال هم أهل واسط زمن الحجاج بن يوسف الثقفي. وكان الموَّال في بداية نظمه معرباً اقتطعه الواسطيون من بحر البسيط وجعلوه بيتين فيه أربعة أقفال بقافية واحدة وسموا الأربعة (صوتاً). ومن أمثلته قولهم:
ونلاحظ أن الشاعر قد استخدم فيه الجناس التام في كلمة (غارت) حيث جاءت بمعنى مختلف في كل شطر، وذلك حسب الترتيب: هجمت، تناقصت، من الغَيرة، خبا ضوؤها. وفي أغاني النهمة البحرية ردد البحارة أشكالاً من المواويل رباعية وخماسية وسداسية وسباعية). وهناك أنواع من الموَّال، سنعرض لها بإيجاز. الزهيريمن أنواع الموَّال نوع يعرف بـ (الزهيري) نسبة إلى شخص من آل زهير، وقد ظهر الزهيري في العراق ومنها انتقل إلى دول الخليج والجزيرة العربية. والجناس التام ميزة غالبة في الزهيري. ومن أمثلة ذلك قول النهام مناجياً أحبابه:
وللموَّال الزهيري ثلاثة أشكال فمنه الرباعي الذي يتكون من أربعة أشطار تلتزم بوحدة اللفظ في كل قافيتين، مثل قولهم:
أما الشكل الثاني فيسمى الموال الأعرج وهو مؤلف من خمس شطرات تتحد الأولى والثانية والثالثة والخامسة في قوافيها وتأتي الشطرة الرابعة من قافية مختلفة، كقول الشاعر:
ويسمى الشكل الثالث من الموَّال الزهيري هو (النعماني) وهو موَّال سبعاوي تتفق شطراته الثلاث الأولى لفظاً وتختلف معنى (جناس تام) وتتفق الثلاثة الثانية أيضاً في قافية (مجنسة) ويأتي الشطر السابع على نفس قافية المجموعة الأولى ويكون بمثابة القفل للموال. وقد اعتنى شعراء الزهيري (بالرباط) وهو القفلة التي تأتي بعد الأشطار الثلاثة الثانية ويكون على وزن الأشطار الثلاثة الأولى، أكثر من اهتمامهم بشطرات الزهيرية لأنه في رأيهم الأساس والعمود الفقري لها. وخير أنواع الرباطات هو الذي يشتمل على حكمة أو قول مأثور أو خلاصة تجربة معينة، مثل هذا الزهيري:
فالشاعر هنا استعان بمثل مشهور وهو (خير البر عاجله) حين قال: (حلاة البر عاجلها) فجعله في الرباط. والرباط في الزهيري يشبه (الخرجة) في الموشحات الأندلسية من حيث اهتمام الشعراء به، وتضمينه حكمة أو بيتاً مشهوراً. وتتميز لغة الزهيري بالسلاسة وسهولة الجريان على لسان القائل لصدورها عن تجربة شعورية ومواقف إنسانية صادقة مؤثرة وموحية وتزخر أيضاً بالصور البلاغية كالاستعارات والتشبيهات والجناس والتورية. الريحاني والمذيلوهناك لون من الزهيري يسمى (الريحاني) أو الروحاني يحتوي على معاني خبيئة وألغاز الغرض منه اختبار الذكاء، ويقتصر تأليفه على ذوي المواهب لاحتياجه لقدرة خاصة على اختيار المصطلحات والمعاني وصياغتها لتؤدي إلى الغرض المطلوب. وتأتي الألغاز على شكل الزهيري وشكل (المذيل) وهو شكل من أشكال الموَّال يتكون من أربع شطرات تتفق فيها الشطرة الأولى والثالثة في القافية. ومن أمثلة الألغاز ما يعرف في الكويت (بالقطو) وجمعه (قطاوي): أسأل أهل المدن واللي ساكنين القـرى عن أربع بالبشـر دايـم لهـن وقـره افتح كتاب الذكـر فـي آيتـه واقـرا تلقى لهن آيـة فـي سـورة واحـدة يا راسخ بالعلم أيقـن بهـم وأوحـدة عن كل ثنتين منهن تكتفـي بواحـدة وإن ما حصلت واحده عيشتك لا تقرى والمعنى الذي قصده الشاعر هو العينان والأذنان). المويليوقد قام البحارة الكويتيون وبحارة بعض دول الخليج بتأليف لون من المواويل لا يتخذ شكلاً ثابتاً في الشكل والمحتوى أسموه (مويليات). وهو لون من المواويل مختلف عن الزهيري في الشكل والمحتوى ويسميه البحارة الكويتيون في بعض الأحيان (موَّال). ويمكن تعريف المويلي بأنه «شكل من أشكال الموال تشابكت وحداته النصية فغدا أكثر تداخلاً من اللون المعروف بالزهيري الذي اتخذ شكلاً ثابتاً في الوزن ونظام القافية». وبعضهم ينسب المويلي إلى شخص يسمى الحميدي، ويروون من ذلك قوله:
ولكن الدكتورة حصة الرفاعي ترى أن المويلي أقدم من ذلك وأن البحارة عرفوه منذ تعرفوا ركوب البحر. والملاحظ أن المويلي يتكون من أبيات لا تجمع شطراتها في أغلب الأحيان قافية ثابتة، مثل:
والملاحظة الأخرى هي أن هناك تداخلاً في نصوص المويلي، ولعل من أسبابها، كما ترى الدكتورة حصة الرفاعي، مصاحبة الأغنية للعمل مما يجعل النَّهام يستعين بما يحفظ من نصوص في ظرف يحتاج منه إلى التذكر السريع ليحفظ التوازن بين العمل والغناء، ويضيف إليها من شعره، وكذلك بسبب تنوع الأعمال على ظهر السفينة في الصعوبة واليسر والسرعة والتريث وكل منها يستدعي نصوصاً مختلفة، كذلك «يتبادل نهمة المويلي نهامان أو أكثر، وفي الغالب لا يعلم أحدهم ما سيغني زميله الذي يسبقه في الأداء، فإذا أنشد مويلية معروفة لديه فإنه يكملها عندما يأتي دوره في الغناء أما إذا غنى مقطوعة يجهلها فإنه مضطر لإنشاد نص آخر على نفس اللحن وله حرية اختيار الكلمات». الشيلاتالشِّيلات جمع (شيلة) وهي شكل آخر من أشكال النظم التي عرفتها الألحان البحرية في الخليج والجزيرة العربية وتغنى بها البحارة في كافة المناسبات. والشيلة من الأغاني التي لا يمكن فصلها عن النغم، ومن الجائز أن تكون ألحاناً شعبية عرفها الوجدان الجمعي وصاغ عليها كلماته. وتتألف (الشِّيلة) من فقرات غنائية قصيرة كان البحارة يرتجلونها ويغنونها بصورة جماعية، ولا تزيد الشِّيلة عن شطرة أو شطرتين يكررها البحارة إلى أن ينتهي العمل. وكان البحارة يتخذون من الشِّيلات وسيلة للتغلب على صعوبات العمل، فعندما تغوص قاعدة سفينتهم في الوحل (الطين) كانوا يهونون على أنفسهم مشقة العمل بغناء شيلة تصف الموقف: شوعينا غرّز بالطينة وفي مجتمع الإمارات يطلق على الأغنية (شلَّة) وجمعها (شلاَّت) وهي عبارة عن قصيدة شعبية ذات لحن مميز يتغنى بها الأفراد كباراً وصغاراً. وفي العراق يوجد نوع من الغناء الشعبي يشبه الشيلة يسمى (هَوسة) وفي مصر نمط قريب منها يسمى (طقطوقة). الجحيميةتنظم الأهزوجة في العراق على وزن الخبب من عروض الشعر العربي وقد تزداد تفعيلة خامسة في بعض أنواعها وأحياناً بست تفعيلات. وتنقسم الأهزوجة من حيث التركيب إلى قسمين: قسم يكون مقدمة تمهيدية لها يتكون من ثلاثة أشطر والرابع القفل أو اللازمة ويتغني به الهازجون ويكررونه على إيقاع خاص. ويراد بالمقدمة إيضاح الهدف منها وزيادة في إثارة المشاعر والعواطف مثل:
والقسم الآخر يكون الأهزوجة وحدها من غير مقدمة مثل:
وأشهر الأهازيج هي المعروفة بالجحيمية نسبة إلى بني جحيم وهذه تكون طويلة وموسيقاها أكثر إيقاعاً وتنغيماً والرقص عليها أجمل، وهي أكثر إثارة وتوهجاً للمشاعر، مثل:
الأغراض التي تناولتها المواويلتناولت المواويل خاصة التي كانت تُردَّد في أوقات السمر والراحة، تناولت العديد من الأغراض مثل المواعظ والغزل والشكوى والحكمة والرثاء. المواعظهناك الكثير من الأهازيج التي تحوي النصائح والمواعظ التي يلقيها ذوو الخبرة في الحياة على الأبناء، ويصوغونها شعراً ليسهل حفظها والتمثل بها عند الحاجة. وهي تأتي غالباً على شكل رباعيات وتصاغ صياغة شيقة في مبناها عميقة في معناها. وهي كثيرة وقد تردَّد في البحر أو في البر، وسنكتفي بنموذج واحد للتمثيل:
الغزلتناول شعراء الزهيري أغراضاً عديدة أهمها الغزل بنوعيه التشبيب والنسيب. ويتميز شعر الغزل بصدق معانيه وجمال أخيلته، فهو تعبير صادق عما يجيش في نفس الإنسان من مشاعر وانفعالات وقد اعتنى الشعراء في هذا المجال بإيراد صور البيان، فقوام المحبوبة كغصن البان وثغرها يضيء كالمصباح ووجهها كالبدر، ومن أمثلة ذلك قولهم:
وقولهم:
الشكوىيبرز غرض الشكوى كأهم الأغراض في الزهيري وأصدقها تعبيراً عن مشكلات البحارة وهمومهم ومتاعبهم. وقد جعلها النهام وعاء يصب فيه غضبه ويعلن فيه تذمره ورغبته في التخلص من حياة العبودية والاستغلال. وينسحب غرض الشكوى على كافة أغراض الزهيري فكل ما ينشده البحار يصدر ممتزجاً بالشكوى، حتى وهو يتناول أغراضاً أخرى مثل الغزل ومن أمثلة الشكوى: آه علـى الدهـر يـوم انقضـى وعـداي من يوم جندلت خصمي وأشوف درب عداي انتم أصحابـي ولاشـك بالقلـوب عـداي يمشون في زيكـم تخطـون درب العـدلْ إن قـدر الله لواريكـم طـريـق الـعـدلْ قومي العبي يا عزوتي ما دام راسي عـدلْ وإن مت يا عزوتي خلي الطـرب لاعـداي الحكمةمثال ذلك قول الشاعر:
الرثاءونماذجه كثيرة، ومن أمثلتها: سافر وليـف لنـا للآخـرة يـا ربْ يا رب تغفر ذنوبه وتمحي زلته يا ربْ عبدك المؤمن تبّـاع النبـي يـا ربْ تجعـل مسيـرة وليـفـي بالـهـونْ وتخف عنه العذاب وتحاسبه بالهـونْ نرجو العفو من الله كل يـوم يهـونْ حِنّا عبيدك ونرجي رحمتـك يـا ربْ وهناك الهجاء ولكن نماذجه قليلة. وكذلك تناول المويلي مختلف الأغراض كالدعاء والغزل، والوصف والهجاء.
أنواع الأهازيجتعددت أنواع الأهازيج الشعبية في الخليج والجزيرة العربية وتنوعت بتنوع نشاطات الإنسان وتعدد حالاته النفسية وهمومه وانفعالاته. والملاحظ أن الأهازيج الشعبية قد صاحبت الإنسان في الخليج والجزيرة العربية في مختلف أنشطته وفي معظم ساعات يومه. فهناك الأهازيج التي تردد أثناء العمل سواء العمل في البحر أم في البر. وهناك الأهازيج التي ترددها المرأة وهي تقوم بأعمال المنزل، أو وهي ترقص طفلها وتلاعبه. وللأطفال أهازيجهم التي يرددونها أثناء لعبهم، وللأعراس أهازيجها وللاحتفالات الأخرى أهازيجها، وهكذا. وسنحاول في السطور التالية التعرف على أهم هذه الأغراض مع ذكر نماذج لها للتمثيل. ولغرض الدراسة فقد قسمنا الأهازيج الشعبية إلى قسمين هما: الأهازيج البحرية، والأهازيج البرية. الأهازيج البحريةهناك العديد من الأهازيج التي يترنم بها البحارة أثناء رحلاتهم لاستخراج اللؤلؤ أو لصيد الأسماك. وتعرف هذه الأهازيج البحرية بـ (النَّهْمة) بفتح وتشديد النون وإسكان الهاء، وتعني الطرب البحري، ويسمى المطرب البحري: النَّهَّام والجمع (النَّهَّأمة) بتشديد النون والهاء. وينقسم فن النهامة إلى ثلاثة أنواع: اليامال، والخطفة، والحدادي. يختص اليامال بالخراب وهو حبل يمسك السفينة سواء كانت راسية في البندر أم كانت في مواقع الغوص (الهير). أما الخطفة فهو النَّهمة التي تقال عند إخراج الشراع من (خِن) السفينة ورفعه إلى أعلى الدقل. وأما الحدادي فهو ما يتغنى به البحارة في أوقات الراحة للترويح عن أنفسهم ولاستعادة نشاطهم. وتتشابه أقسام أغاني البحارة في الخليج مع أغاني البحارة في اليمن. حيث تنقسم أغاني البحارة في اليمن أيضاً إلى ثلاثة أنواع كل نوع يختلف عن الآخر من حيث النغم والمضمون. النوع الأول هو أغاني العمل أي الاستعداد بشباك الصيد ولوازمه، ويهدف هذا النوع إلى تنشيط البحارة ورفع همتهم في العمل، وتكون هذه الأغاني في الغالب فردية وقد تكون جماعية إذا كانوا يشتركون في عمل واحد. وهذا يشبه اليامال. النوع الثاني هي الأهازيج التي يغنيها البحارة أثناء الإبحار والتجديف ورحلة الذهاب إلى الصيد والعودة منه، وهذه تشبه الخطفة. ولها أنواع متعددة فهناك أغنية للتجديف يبدأها بقوله (هي لله شي) ثم يتلو أحدهم أبياتاً مسجعة تناسب النغم. وعندما يتوجه إلى داخل البحر يبدأ بقوله (هيله لقدوم) وإذا تعمقوا في غب البحر كانت لهم أغنية يبدأونها بقولهم (هيلي بانوش)، وحين يبدأون رحلة العودة يبدأون أغنيتهم بقولهم (هيلي عالبر)، وعند وصولهم بالسلامة يغنون أغنية (سوبان) وهي أغنية الحمد والشكر على سلامة الوصول، ثم أغنية التجلوب وهي للاستقبال بالأحضان، منها ما يردده البحارة مثل قولهم:
ومنها ما يردِّدنه النساء مع أطفالهن وهم يستقبلون البحارة بعد عودتهم من رحلة الصيد:
أما النوع الثالث فهو أغاني المساء أو السهرات والفرح، خاصة عندما يغنمون مغنماً بحرياً طيباً سواء كان من السمك أم غير ذلك. وهذه تشبه ما يسمى في الخليج بالحدادي ومن أمثلة ما يرددونه في هذه السهرات قولهم:
ومنها ما يتسم بالنصائح، مثل قولهم:
وهذا المعنى متكرر في أهازيج الخليج، ففي الإمارات مثلاً، يقولون:
أهازيج الخطفةوالخطفة هي عندما يخطف الشراع ويبحر نحو الغبيب بعيداً عن اليابسة فيتوارى عن الأنظار شيئاً فشيئاً. وهنا يردد الصبيان والفتيات الذين وقفوا على الشاطئ يودعونهم ببعض الأهازيج، كقولهم:
بينما يردِّد البحارة بعض الأهازيج أثناء الخطفة، مثل قولهم في الكويت:
ومن أهازيج الخطفة في البحرين قولهم:
وقولهم عند رفع الشراع:
وهذه أهزوجة تردد أثناء التجديف:
وتدور حول رحلة الصيد بعض الأغنيات الخفيفة، غايتها الترفيه والمتعة وكسر رتابة الحياة. يعتمد معظمها على الارتجال والألحان الخفيفة الجماعية، فهم يرددون أثناء الانتقال بالسفينة:
أهازيج الحداديومن أمثلة الأهازيج التي يرددونها في السمر وأوقات الراحة، هذا الموَّال: إجمال صبري على دار الحبيب ابراك ومن المدامع عيوني ترسن أبراك يا أريش العين عيني بالدجى تبراك والله لعصي جميع الناس واطيعك واحرم القوت وقوتي بين أصابيعك وان ردتني لك ولف يا حلة الأبراك أهازيج الشونةهناك أهازيج يردِّدها الأطفال وهم يشاهدون آباءهم يصلحون السفن على اليابسة أو يطلون النصف الأسفل من السفينة (الغاطس) وهو ما يسمى (بالخن)، وتسمى عملية الطلاء هذه (الشُّونة)، وتطلى السفن عادة بخليط من (الصِّل) وهو شحم الحوت والنورة وأصباغ ذات لون أخضر أو أزرق أو أبيض. ومن هذه الأهازيج: يدفوها على السِّيفْ تيرّ المياديفْ لا تطوّل عليهم يأثّر عليهم أم الحنايا يدفوها على السِّيفْ كلها اصبيان تيرّ المياديفْ يا نوخذاهم لا تطوّل عليهم خوفة البحر بارد يأثّر عليهم مواوويل الفراقومن الأهازيج تلك التي اعتاد البحارة أن يودعوا بها أهاليهم وأحباءهم الذين خرجوا لوداعهم على الشاطئ وهم في رحلتهم إلى الغوص، ومن ذلك قولهم: شدّن بسفن لهن قطعن بحـور وسِكَـن ما لوم من مثلي مفتون مـا لـه سَكَـن يا صاح راعي الهوى لولا بهن ما سكن أعض كفي ندم واصفق براحـه وكـف كم دوب اكف النفس ما عن هواهن اكف تجري دموعي لهن فوق الصفايح وكف أشوف حبي لهن بين الضمايـر سِكَـن أهازيج مبادئ الغوصهناك أهازيج كثيرة حول الغوص حفظها التراث الخليجي، بعضها قيلت بصيغ الدعاء بأن يحفظهم الله من شرور البحر وتقلبات الطقس وأن يوفقهم للرزق الوفير وأن يعودوا سالمين لأهاليهم. وبعضها أراجيز تحدد مسارات النجوم واتجاه الريح وبعضها لتحديد المواقع وإثبات الطرق والمسافات، وممن اشتهر بها الملاح أحمد بن ماجد. ومن أمثلة الأهازيج التي تحدد المواقع والطرق:
أهازيج الضَّغوةالضَّغوة هي إحدى طرق صيد الأسماك خاصة العُوم (السردين) التي تصطاد أسرابها بالأطنان، ويسمى الصيادون الذين يصطادونها (الضغاية)، ولهم أهازيجهم الشعبية التي يرددونها أثناء الصيد، فمن ذلك قولهم:
الحدوة البحريةالحدوة أوالعرضة هي امتداد للعرضة الحربية التي تقام في البر. وتمارس هذه العرضة عادة قبل دخول السفينة للميناء بنحو ثلاثة أيام. وتختلف عن العرضة البرية اختلافاً كلياً في الضربات الإيقاعية المعروفة في العرضة البرية وتتشابه معها في طريقة الصفوف وتبادل الأشعار. وعندما يبدأ الضرب نجد السفن الراسية في الميناء ترفع أعلامها تحية لمقدم السفينة القادمة. وتعبر هذه الرقصة عن الفرحة بسلامة الوصول وهي في نفس الوقت تعريف بجنسية السفينة، فتقوم السفن التي تنتمي لجنسيتها برفع أعلامها تحية لها. وتعد العرضة البحرية بالنسبة للبحارة خاتمة المطاف عند انتقالهم من ميناء لآخر. ومن الأهازيج التي تقال في هذه العرضة:
الآه هلّهوهو من الأهازيج المتعارف عليها في الإمارات العربية المتحدة. وهو فن يؤدى مثلما تؤدى العيالة أو العرضة، ولكن بدون آلات موسيقية مصاحبة له. ويجتمع فيه المؤدون على شكل فريقين وهم جلوس على الأرض وكل فريق يؤدي شطره ثم يرد عليه الفريق الآخر بصوت رخيم ذي إيقاع شجي هو قولهم (آها لله)، ومثال ذلك قولهم:
الأهازيج البريةهناك العديد من الأهازيج التي تُردَّد في البر، منها ما ينشد في الأعراس والمناسبات السعيدة ومنها ما يردِّده العمَّال والمزارعون أثناء القيام بأعمالهم، ومنها ما يردده الأطفال أثناء لعبهم. الأهازيج الوطنيةهناك الكثير من الأهازيج التي تعبر عن حب الوطن، والاعتزاز به والدفاع عنه. وعادة ما يخاطب الوطن بصيغة (يا دار)، والشاعر في هذه الحالة لا يخاطب الدار التي يسكنها بل يخاطب الوطن ككل، ومن ذلك قول الشاعر (134): يا دار اللي زانها العـزّ الشريـفْ أولاد وايـل من قديـم اركونهـا دار تعز اللي تنصاهـا امخيـفْ يامن بها الخاليف بظل احصونهـا ذي داركم يا بو حمد دار الضعيفْ يعتاش فيهـا والكـرم ماعونهـا ومن الأهازيح الوطنية في العراق ما قيل في معركة (جسر السوبر) ضد الاحتلال البريطاني (135): بي خير أو يجثر عسكر أوريـلات اسواريه اوبياده أوفـوك طيـارات ابعزم الله أو عزم حيدر أبو الحملات بتـوزيـع وطــروح الشـيـلـه ومعناها: فليكثر الإنجليز من جيوشهم المشاة والفرسان ويزيدوا من قاطراتهم وطائراتهم وليزجوا في المعركة بكل قواهم، فإننا معتمدون على الله والحق وسنوزع هذه القوى حصصاً بيننا ونقضي بها عليهم. العرضة الحربيةتختلف العرضة من مكان لآخر في الجزيرة العربية ولكنها تتوحد في الخليج العربي، فقد كان القوم يجتمعون حول البيرق المركوز ومن حوله صفان من الرجال غير محددي العدد، وكل منهم يحمل دفاً كل مقابل الآخر، ويتوسطهم ضارب الطبل، وأحياناً يكونان اثنين أو ثلاثة أو أربعة، ورجل منشد الشعر، يقول بيتاً فيكرره عليهم فينشد الصف الأول بالصدر ويجيب الصف المقابل بالعجز، وهكذا يضربون الطبل والدفوف ويلوحون بالسيوف أو البنادق وبعضهم بالعصي حتى تنتهي القصيدة فيأخذون قسطاً من الراحة ثم يعودون مرة أخرى للإنشاد، وتسمى الفرقة (العِدَّة) أو (الطقاقة). ومن أمثلة الأشعار التي تردد في العرضة الحربية قول الشاعر: قال منه بدى زين اللحن شلّـه يعجب اللي خفق بالطار ضرَّأبه كم خيل تنسف بالرَّسـن تلّـه لا عجبها صليب الصوت ندابـه اختلط عجَّهـا بالهـي مشتلّـه شب نار الحرايب من تمعنى به (فيصل) ابن الإمام ربنا جلّـه عمر الديـن والكفـار حرابـه والكفر لا له مديـن ولا قلِّـه كـود نـار توقـد زاد لهابـه راكب فوق حرنٍ يبـرِّد الفلِّـه ما يداني نتوش الرجل بجنابـه الزواملمن الأهازيج الشعبية المشهورة في اليمن ما يعرف بالزامل وجمعه زوامل. وكلمة زامل هي مرادف لكلمة أهزوجة والزوامل هي الأهازيج. وكانت هذه الزوامل تردَّد أكثر ما تردَّد في مجال التفاخر بين القبائل عندما تلتقي حيث يفخر شعراء كل قبيلة بأمجادها ومفاخرها، وتعيَّر القبيلة الأخرى بما يغمز من قناتها. وعادة ما يلقي الشاعر (البدّاع) أبياته ويكرِّرها حتى يحفظها الجمهور فيردِّدها من بعده في صوت جهوري. وتُنشد الزوامل أيضاً في الأعراس للترحيب بالعروسين والضيوف، ومن ذلك قولهم: يا مرحباً واهلا وسهـلاً بالضيف ذي جانا عنيِّـه فيرد الوافدون التحية: دام السرور يا سيد لعراسْ جينا لكم بالعين والـراسْ الرَّزفةيعتبر فن الرَّزيف من أبرز الفنون الخليجية وهو أحد أشكال الشعر النبطي الخاص بالرجال حيث يقفون في صفَّين متقابلين بزِّيهم التقليدي المتوارث والجيوب المحشوة بالرصاص في الحزام الملتف حول الوسط يتدلى منه الخنجر يلوحون بأيديهم بالعصي الخيزرانية ويميل الصف متلاحماً ناحية اليمين مرة وناحية اليسار مرة أخرى على حركات إيقاعية يصاحبها إطلاق الأعيرة النارية ويبدأ الصف الأول بالإنشاد ليكرره الصف الثاني وهكذا. ويؤدى الرَّزيف على الخصوص في أعراس البدو أو عند استقبال سمو الحاكم أو أحد الشيوخ ترحيباً به وتكريماً له كما يؤدى طيلة أيام الأعراس. ومن موضوعات الرَّزيف التفاخر مثل: ولـد اللاشـي يـوم التقيـنـا خاف من ضرب المشوق يصيبه والمشي جمعه لجمعـه زهينـا ثارن مشحون اللظـا بنصليبـه اطمحـي المعليلـن التراضـي بنت صياد النشامـه يصـادي ويقوم الفتية أيضاً بترديد الرَّزفة عند الأعراس مقلِّدين الكبار، ويردِّدون: مركب الاسات ما يانـا لي عليه الوصف يطرونه يلخضـر حبـك تبلانـا ما جفانا العذر من دونه العيَّالةالعيَّآلة بفتح العين وتشديد الياء وفتحها، من الرقصات الشعبية المعروفة في الإمارات العربية المتحدة، وقد يكون لفظ العيَّآلة محرفاً من لفظ (العجَّآلة) وربما تكون سُمِّيت بذلك للتعجيل باستثارة الهمم لملاقاة العدو ونزاله. وتُعرف العيَّآلة في بقية دول الخليج باسم العَرضة. وهناك العرضة البحرية أو العيَّآلة البحرية، ويعبِّر شعب الخليج عن تقديره للعيَّآلة فيصفها بأنها (الرقصة الشريفة) أي لا يؤديها إلا العرب الخلص الشرفاء. وتتضمن المدح للحاكم مثل:
الأهل أو الأهلَّةبفتح الهاء وسكون اللام أو تشديد اللام مع فتحها (الأهلة) من الفنون الخاصة ببادية الإمارات، ومؤدوها هم نفس مؤدوا العيَّآلة وهم أصلاً من البدو، وقديما عرفت باسم (الهاهله) وهي أحد اشكال الشعر النبطي. ولا تتناول إلا غرض الغزل، ومن أمثلتها:
المالدالمالد أو المولد ويؤدى في شتَّى المناسبات الدينية مثل مناسبة المولد النبوي وأحياناً ليلة السابع والعشرين من رجب وليلة النصف من شعبان، ويؤدى في المناسبات الاجتماعية مثل الأعراس وأحيانا في ختان الأطفال ومن القصائد التي يكثر أداؤها في المالد قصيدة البردة للبوصيري ونهجها لشوقي. الدان أو الميدانأصل فن الدان والميدان من عمان، ومنها انتقل إلى بقية دول الخليج، ومن أغراضه الغزل:
الهابَّانبفتح الهاء وتشديد الباء مع فتحها، وهو فن فارسي الأصل عرفته منطقة الخليج عن طريق القبائل العربية الأصل التي كانت لها بقايا تقطن منطقة الساحل الشرقي للخليج وهي الآن تابعة لإيران. هذه الرقصة تجمع الرقص والغناء حيث تُكوِّن مجموعتا النساء والرجال صفين متقابلين كل منهما مواجه الآخر فيغني أحد الرجال مطلع إحدى الأغاني فيلتقط عازف الهابَّان الكلام من المغني ويبدأ بعزف المقدمة الخاصة بالأغنية التي ذكر المغني مطلعها ويستمر العزف ثم تُدق الطبول على حسب لحن الهابَّان ويبدأ الرجال بغناء الأغنية ويبدأ الرقص الجماعي حيث تشارك النساء في الرقص دون الغناء. ومن أمثلة الأهازيج التي تردد فيها:
الليواالليوا فن أفريقي بكل ملامحه وأهازيجه وإيقاعاته وصل مع السلاسات الأفريقية التي نزحت من الساحل الشرقي لأفريقية. يجمع بين الرقص والغناء ونصوصه كلها باللغة السواحلية إلا عبارات قليلة مثل مدح الحاكم أو العبارات الدينية مثل (لا إله إلا الله)، ومن أمثلة الأهازيج التي تردد فيه:
ومعناها: سر يا حبيبي وسافر في أمان الله. فن النُّوبانفن النُّوبان من الفنون الوافدة التي امتزجت بالفنون المحلية، ويسمى كذلك نسبة إلى أصله الإفريقي لانتمائه إلى القبائل التي هاجرت من إقليم النوبة واستوطنت ضفاف الخليج ويسمى أيضا الطنبورة. ويجمع بين الغناء والرقص الجماعيين مثل الليوا ويتميز باشتراك العنصر النسائي في أداءه عكس الليوا. يتكون من ثلاث مجموعات، مجموعة النساء، ومجموعة الرجال وهم المؤدون للغناء والرقص، ومجموعة العازفين. أما الأغراض التي تتناولها تلك الأهازيج فهي متنوعة مثل النزعة الدينية والدعاء ونزعة التمرد على العبودية والاعتزاز بوطنهم والغزل والحديث عن الجن. ومن أمثلة أهازيج نزعة التمرد على العبودية:
أهازيج العملهناك أهازيج يرددها العمال وهم يمارسون أعمالهم لكي يحفِّزوا أنفسهم على النشاط والهمَّة. ولكل مهنة أهازيجها الخاصة، فللفلاحين أهازيجهم ولعمال البناء والنجارين أهازيجهم. ولكي لا نطيل في النماذج نكتفي ببيت شعري مشهور يردِّده النجارون في اليمن:
وحيث أن العمَّال عامة يبدأون أعمالهم في الصباح الباكر فإن الكثير من هذه الأهازيج تؤكد على هذا المعنى وأن العامل قد سبق الطيور في تبكيره، وهو معنى قديم طرقه امرؤ القيس في معلقته حين قال:
وتؤكد هذه الأهازيج أيضاً على أهمية البكور وما فيه من بركة، عملاً بالحديث الشريف "بورك لأمتي في بكورها. فمن ذلك قولهم:
أغاني الزراعةهناك الكثير من الأهازيج التي تردد عند القيام بأعمال الزراعة المختلفة من شق التربة وبذر البذور، وسقيها من البئر، ومواسم الحصاد وغيرها. ولن نتعرض لها كلها في هذه العجالة وإنما سنكتفي ببعض الأمثلة. فمن ذلك الأهازيج التي تحدد مواسم الزراعة حسب النجوم وتحديد موعد زراعة كل صنف. وأشهر الأهازيج في اليمن تلك القصيدة التي صاغها المزارع المشهور سعد السِّويني الذي عاش في القرن التاسع الهجري، وظلَّ المزارعون يردِّدونها من بعده حتى وقت قريب:
ومن هذه الأهازيج أيضاً تلك القصيدة التي حوت أنواع التمور في حضرموت وبينت فضيلة كل نوع منها، وقد نظمها الشاعر عبد الرحمن بن شهاب الدين في القرن الثالث عشر الهجري (التاسع عشر الميلادي)، ومطلعها يعدد فضائل النخل عموماً:
أهازيج التغرودةأشتقت كلمة التغرودة من التغريد، وعادة ما يستخدم هذا الفن في البادية حين يقوم شخصان أو ثلاثة بالبحث عن مطية ضائعة فيمتطون ركابهم ويبدأون بالتغريد لتخب الركاب أي تسرع في إثر الضائع كما تغنى التغرودة في الأعراس. وهي بهذا تشبه الحُداء المعروف عند العرب منذ القديم وهي الأهازيج التي يردِّدها الأعرابي وهو يقود جمله في الفلوات ليحثَّه على السير. ويسمى في بعض دول الخليج بركض الجمال أو ركض الركاب. وفي اليمن يطلق عليه الحُداء، ومن أمثلة ذلك قولهم:
وقولهم عندما تضع الجمال حملها:
أهازيج القنصاهتم أهل الخليج والجزيرة العربية منذ القدم بصيد البر أو القنص كما يسمى، إذ عادة ما يطلق لفظ الصيد في الخليج والجزيرة على صيد البحر، بينما يطلق القنص على صيد البر. على أن طرق القنص تختلف من منطقة لأخرى. ففي حين اشتهر أهل حضرموت (جنوب الجزيرة العربية) -حيث تكثر الجبال- بصيد الغزلان والوعول، بواسطة الشباك والأسلحة النارية، نرى أهل الخليج يستخدمون الصقور في القنص ويصطادون الحبارى والطيور. وما زال أهل حضرموت يمارسون هواية القنص حتى الآن. وهم يتفاخرون بالقنص ويعيِّرون الذين لا يمارسونه. فمن ذلك قولهم يعيِّرون أهل مدينة (الغُرَف) لأن بلدتهم مفتوحة لا جبال فيها لترعى فيها الوعول والظباء:
وكانت رحلة الصيد تستغرق خمسة أيام، ولكل يوم عاداته وطقوسه. وقد شرح شاعرهم المعلم عبد الحق هذه الطقوس في قصيدة يتغنى بها القنَّاصة. وسنكتفي بإيراد قوله في وصف اليوم الخامس وهو يوم عودتهم من القنص، وهو ما يعرف (بالزَّف)، حين يزّفون الوعل أو الظبي الذي اصطادوه وهم يردِّدون الأهازيج فرحاً وطرباً. وفي ذلك يقول المعلم عبد الحق:
وعادة ما تبدأ أهازيج القنص بعبارة (بني مغراه) وهي في الأصل السلسلة أو قطعة الجلد التي تربط في رقبة كلب الصيد، ثم أصبحت تطلق على أرباب كلاب الصيد. ومن تلك الأهازيج قول المعلم عبد الحق:
أهازيج المهوداهوهي الأناشيد التي تغنيها الأم لأطفالها خلال النوم خاصة في الليل لكي يستمتع بنوم عميق. وكان أبناء الخليج يصنعون لأبنائهم سريراً من جريد النخل يسمونه (المَنَزّ)، يُعلَّق في وسط الغرفة بحبال من جهاته الأربع ويُغطى بقطعة قماش بحيث يصبح على شكل خيمة. ومن هذه الأهازيج، قولهم:
وفي الإمارات تهدهد الأم طفلها لينام بقولها:
وفي اليمن تهدهد الأم طفلها لينام بقولها: ألا ارقد يا بني رقدة السلامة وجـاريــه خــدامــه تبكـر بــك المعـلامـه بـالـعـز والحـشـامـه ومن الأهازيج التي ترددها الأمهات في الإمارات، معبرة بها عن حبها الشديد لابنها:
ومن الأهازيج التي تردِّدها الأمهات للبنت دعاء لها بالزواج والذرية: يا رب سلِّـم بنتـي وايزهـا الحبنتـي واتعرِّس وامها حيَّه واتييب اصبي وابنيه ومن الأهازيج التي تقال للولد معبَّرة عن شوقه لأبيه وانتظاره لعودته ليقفز إليه معانقاً له: يمشي ويرن بحجيلـه –واحليلـه يرقب أبوه يجـي لـه- واحليلـه ايجي وعلى صدره ايشيله- واحليله ومن الأهازيج التي تردِّدها الأمهات والتي تعبِّر عن نظرة المجتمع الذكورية للأطفال وتفضيلهم على الإناث نظراً لاعتماد الآباء عليهم في العمل:
وتقول بعض الأمهات تمدح ابنها وابنتها بدون تفريق بينهم:
أهازيج الصباحوهي أهازيج تردِّدها الأم في الصباح لطفلها سواء كان في (المنز) أم في (الحوش) أو وهي ترضعه أو تطعمه، ومن أمثلتها (:
وفي الإمارات تدعو الأم لابنتها وترجو لها الخير على مدار اليوم من طلوعه حتى أفول شمسه:
أهزوجة الرحىهناك بعض الأهازيج التي كانت المرأة ترددها أثناء قيامها بأعمال المنزل مثل الطحن بالرحى، فمن ذلك قول إحداهن:
أهازيج الأعراسللأعراس وطقوسها أهازيج خاصة يرددها المحتفلون. ولكل يوم من أيام العرس أهازيجه الخاصة. ومن الأهازيج التي يرددها الرجال في الإمارات في الأعراس، قولهم:
ومن الأهازيج التي تصف محاسن العروسة، قولهم:
أهازيج التسليمةمن أهازيج الأعراس في البحرين، تلك التي تردد أثناء سير النساء إلى بيت المخطوبة حاملات المهر، وهو ما يعرف بموكب (التسليمة):
وبعد أن يسلمن المهر إلى والدة المخطوبة، يغنين بأغاني مختلفة، مثل قولهن:
الخيبعانومن الأهازيج التي تردَّد في الأعراس في اليمن ما يُعرف (بالخيبعان) وهي قصائد تقال في تعديد محاسن العروس وأهلها، ومن ذلك قولهم:
الجلواتوالخيبعان يشبه إلى حد كبير ما يعرف في البحرين (بالجلوات) التي تردَّد أثناء (التجليسة) وهي الحفلة التي تعقد للعروس عصر اليوم السابق للزفاف. وتردَّد هذه الجلوات مع قراءة المولد النبوي، وربما لذلك يغلب على كلماتها صبغة الفصيح، وإن كانت لا تخضع لقواعد النحو، ومن أمثلة الجلوات قولهم، في مدح محاسن العروس:
أهازيج الهيلالهيل من البهارات الطيبة التي يحرص أهل الخليج على استعمالها في القهوة وفي أغراض متعددة. وتتداول كلمة الهيل بشكل كبير في الأدب الشعبي، حيث ترد في أهازيح البحر وفي أهازيج الأعراس، حيث تشبه بها العروس، وأنها غالية كغلاء الهيل وطيبة الرائحة كالهيل، ومن هذه الأهازيج التي تردد في الأعراس وفيها ذكر الهيل، قولهم:
أهازيج الحنَّاءارتبط الحنّاء في الخليج بالمناسبات السعيدة كالأعياد والأعراس. وقد تكرر ذكر الحنّاء في الأهازيج الشعبية تعبيراً عن حبِّهم له واهتمامهم به. فمن ذلك قولهم في وصف الحناء على كف العروس:
وقولهم في وصف خضاب العروس:
ومن الأهازيج التي تقال عند خضاب العروس بالحناء في البحرين:
حنا العريسولا يقتصر الحنّاء على النساء فقط بل يستخدمه الرجال أيضاً، حيث تطلى أقدام العريس في اليمن بالحناء ومن حوله فرقة الطرب والأهل والأصدقاء، يغنون ويرقصون، ومن أمثلة هذه الأغاني التي تردَّد عند الحنّاء قولهم:
أهزوجة التنصورةويتغنى الأطفال في اليمن بأهزوجة (التنصورة) بعد رقصة الحناء للعريس وفيها يقولون وهم يرقصون ويطبلون:
أهازيج ختم القرآنيتجمع الأطفال بهذه المناسبة في الفريج مع المطوع مرتدين أجمل ملابسهم، احتفالاً بالطالب الذي ختم القرآن، ويدورون به في البلدة وكأنه عريس ليلة زفَّته، وهم ينشدون (التجاويد) أي التواشيح الدينية. وعند عودتهم من جولتهم داخل البلدة وتوجههم لبيت الشاب يرددون الأهازيج، مثل قولهم:
أهازيج حق الليلةيتجمهر الأطفال داخل الفريج ويبدأون بالطرق على أبواب المنازل يطلبون «من حق الله» الحلاوة بمناسبة ليلة النصف من شعبان، فرحين مبتهجين وهم يرددون:
وفي حال حصولهم على هذه الحلويات، يرددون:
وإذا لم يحصلوا على شيء يرددون:
أهزوجة الختماةوتسمى أهازيج حق الليلة في اليمن أهزوجة الختماة، وهي أغنية يغنيها الأطفال حين يطرقون أبواب الأسر التي رزقت بأطفال جدد، فيقفون على عتبة باب أهل المولود بفرح ويغنون:
فيعطونهم الحلويات وينصرف الأطفال. وقولهم: (ولاّ كسرنا الحديدة) هو تهديد لأهل المنزل إذا لم يعطوهم الحلوى أن يكسروا بوابتهم الحديدية، وهذا يشبه قولهم في الإمارات (ولاّ ذبحنا عييله). أهازيج صفراعتاد الأطفال في الخليج قديماً الاحتفال بانقضاء شهر صفر، حيث يقومون في آخر يوم من شهر صفر بحرق شجيرات (القضقاض) على شاطئ البحر وهم يردِّدون بعض الأهازيج، كقولهم:
أهازيج ربيع الأولوإذا دخل شهر ربيع الأول يردد الأطفال في العراق:
أهازيج رمضانهناك بعض الأهازيج التي يرددها الأطفال عند الغروب في رمضان فرحاً بانقضاء يوم الصيام، ومن ذلك قولهم:
أهازيج الكسوفعندما تنكسف الشمس أو ينخسف القمر يردِّد الأطفال في العراق أهازيج ليبعدوا عنه (الحوتة) التي يعتقدون أنها ابتلعته، فيرتقون إلى السطوح ويهرولون في الأزقة وهم يرددون:
أهازيج المحرولكان الأطفال قديماً يطوفون بالأحياء الشعبية وهم يحملون صبياً معوقاً يضعونه في إناء من الخوص يسمى (الزنبيل)، ويسمى هذا الصبي المعاق (المحرول) أو (المحرقل)، وهو الكسيح الذي لا يستطيع المشي. والهدف من التطواف به هو إدخال السرور على نفس هذا الصبي وجعله يشاركهم ألعابهم، وعادة ما يردِّدون بعض الأهازيج وهم يطوفون به، مثل قولهم إذا وقفوا على أبواب أحد الموسرين:
وقد يذهبون به إلى البحر ليستحم، وهم يرددون:
وشبيه بذلك ما يفعل في العراق إذا تأخر الطفل عن المشي، حيث يوضع في طبق مصنوع من سعف النخيل ويردد الجالسون حوله بعض الأهازيج مع التصفيق، مثل قولهم:
أهازيج المطرلسقوط زخات المطر فرحة عظيمة في نفوس أهل الخليج، خاصة أن مواسمه قليلة، فهم يستبشرون عند هطول الأمطار بالخير والنماء والبركة، ولهذا فهو يسمونه (الرَّحمة) ويتبادلون التحية عند هطول الغيث بقولهم (مبروك عليكم الرَّحمة). وللأطفال فرحهم الخاص بالمطر حيث يخرجون من بيوتهم بعد توقف المطر ويلعبون بماء المطر ويخوضون فيه وقد يستحمّون فيه إذا كان غزيراً. وعادة ما يردِّدون بعض الأهازيج التي تعبِّر عن فرحهم وسرورهم بهذا المطر، فمن ذلك قولهم:
وقولهم، في إشارة إلى بيوتهم الطينية التي كثيراً ما تتأثر بالمطر إذا كان غزيراً:
وفي الإمارات يردد الأطفال:
وفي اليمن يردد الأطفال أهازيج مشابهه، مثل قولهم:
أهزوجة التغفورةوهي أهزوجة يتغنى بها الأطفال في اليمن عند الميت لمدة ثلاثة أيام ويوزع عليهم بعدها النعنع والصُنبرة والحنظل (أي الحب) ثم ينصرفون:
أهازيج البناتهناك أهازيج تردِّدها الفتيات الصغيرات في اليمن وهنّ يلعبن، من ذلك قول إحداهن تقول وهي متذمرة من وضعها وتنادي أحد بحارة صور قائلة:
أي اعطني بيسة وأردي (وهما عملتان هنديتان كانتا تستعملان في الجنوب العربي والخليج) وخذني. وفي الإمارات تردِّد الفتيات الأهزوجة التالية:
وفي البحرين تردِّد الفتيات أهزوجة شبيهة ولكن مع وجود بعض الألفاظ المكشوفة:
أهازيج الأرجوحةمن الأهازيج المختصَّة بالفتيات أهازيج الأرجوحة، وتسمى في مناطق الخليج (المَرْيَحانة). وتعد المريحانة من وسائل الترفيه عند الفتيات وتحظى بإقبال كبير خاصة في مناسبة الأعياد، حيث تنصب في أماكن كثيرة وأحياناً في البيوت وعادة ما تردِّد الفتيات بعض الأهازيج أثناء لعبهن بالمريحانة. فمن ذلك قولهن:
وفي الإمارات يرددن نفس الأهزوجة مع تحوير بسيط:
ومن الأهازيج الأخرى التي تردِّدها الفتيات في الإمارات قولهن:
وفي العراق يمارس لعبة الأرجوحة الأطفال ذكوراً وإناثاً، ويطلب الطفل من صاحبه أن يهزَّه وتسمى هذه الحركة «الزوادة»، فيهزُّه وهو يردِّد:
أن الأهازيج فن شعبي قديم قدم الإنسان العربي، وأنَّه سجل حافل لتاريخ الأمة يعبِّر عن مشاعرها من أفراح وأحزان، وهو سجل لعاداتها وتقاليدها ودينها. وهو مصدر غني لدراسة الحياة الاجتماعية للإنسان العربي في منطقة الخليج والجزيرة العربية. كتب المراجع
مواد سمعية:
مراجع
|
Portal di Ensiklopedia Dunia