في أكتوبر عام 2012، نشرت صحيفة الغارديان مقابلة مع منى الطحاوي حول ظاهرة التحرش الجنسي في مصر، قالت فيها: «إن الرجال في مصر سواء كانوا فقراء أو أغنياء، دينيين أو علمانيين، فإنهم يقومون بالتحرش بالنساء بشكل روتيني، والهجمات غالبًا ما تكون عنيفة ونادرًا ما يكون هناك عقاب عليها». وتحدثت منى الطحاوي عن واقعة الاعتداء عليها والتحرش بها بميدان التحرير في عام 2011، ودعت إلى إصلاح القوانين والاتجاهات في مصر إزاء مسألة التحرش الجنسي. كما تحدثت الطحاوي عن تعرض مراسلات القنوات الأجنبية والصحفيات على وجه الخصوص للتحرش في ميدان التحرير، وكان آخرها ما تعرضت له مراسلة قناة فرانس 24 من اعتداء وتحرش في ميدان التحرير قبل أن ينقذها زميلها أشرف خليل. وألقت الطحاوي بمسؤولية تفاقم التحرش الجنسي على النظام، وقالت إن عدم وجود محاكمات للجناة يزيد من الأوضاع سوءًا، مشيرة إلى أن من اعتدوا على المراسلة لارا لوجان في ليلة تنحي مبارك، أو من اعتدوا عليها هي شخصيًا لم يتم محاكمتهم، وأنها حاولت أن تقاضى النظام لمسئوليته، قائلة «إن النظام يعطي ضوءًا أخضرا للرجال في الشوارع بالتحرشبالنساء لأنه يفعل ذلك». وانتقدت الكاتبة الفكرة الخاطئة بأن المتحرشين هم من الفقراء غير المتعلمين، وقالت: «إن كل من يقومون بالتحرش أو يمارسون العنف الجنسي ضد نساء مصر من كل الطبقات سواء كانوا أغنياء أو فقراء متعلمين أو غير متعلمين، متدينين أو علمانيين».[13]
في مارس 2014، قابلت «الطحاوي» عشرات النساء في مصروالأردنوليبياوتونس، من أجل فيلم وثائقي لهيئة الإذاعة البريطانية بعنوان «المرأة في الربيع العربي»، وقلن لها إن عددًا قليلاً من النساء تحسنت حياتهن منذ الانتفاضات التي بدأت في تونس 2010، ولكن الثورات خلقت قوة جديدة قابلة للاشتعال: قوة الغضب والحاجة إلى استخدامها. ومن هؤلاء الفتيات، نسمة الخطاب، 24 عاماً، تعمل محامية بمركز حقوقي للنساء والأطفال. حيث تقول إنها تعرضت لتجربة الختان وهي في سن التاسعة، ورفضت أن يمر أخواتها بنفس التجربة، وأصبحت قادرة على نطق كلمة «لا» عندما بدأت حياتها العملية. وأوضحت «الطحاوي» أن الختان واحد من الانتهاكات التي تتعرض لها أجساد النساء بجانب الاعتداءات الجنسية التي تنتشر في الاحتفالات أو الاحتجاجات، مشيرةً إلى أن العنف الجنسي ليس قاصراً على مصر، ويجب دراسة أسبابه وتفاصيله، حيث أن الثقافة التقليدية تحرم مناقشة مثل هذه الاعتداءات الجنسية باعتبارها أمرًا «مخجلاً».[14][15] وفي يونيو من العام ذاته، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية مقالاً الطحاوي، قالت فيه إن هناك معركة شرسة تدور رحاها في مصر ليس فقط بين الإسلاميين والحكام العسكريين، وإنما بين النظام الذكوري والنساء اللاتي لم يعدن يتقبلن الوضع الراهن. تقول الطحاوي: «إن تلك المعركة بين النظام الأبوي الذي أنشأته وأيدته الدولة والشارع والبيت، وبين النساء اللاتي لن تقبلن بعد الآن هذا الوضع الراهن».
تقول الطحاوي، إن العنف الجنسي ليس حكرًا على مصر بالطبع، فجملة «ثقافةالاغتصاب» تستخدم لربط نماذج من العنف الجنسي حول العالم؛ لأنه من المهم ألا تختصر النقاشات على «رجالهم سيئين» و«رجالنا جيدين»، ولكنه من المهم دراسة تفاصيل العنف الجنسي في مصر. ترى الطحاوي: إنه لا يهم أي جانب تميل إليه المرأة في الساحة السياسية في مصر، «إذا كنتِ امرأة.. جسدك ليس آمن». وتشير إلى أن "المستشفيات لا تملك طقم الاغتصاب، والطاقم الطبي غير مهيأ للتعامل مع الناجيات من العنف الجنسي"، مضيفة أن الزج بالرجال في السجون يجب ألا يكون الترياق، فالمحاسبة ضرورية، ولكننا نحتاج إلى تحول مجتمعي يهدف لكل من العدالة واحترام المرأة، وهذا سيأخذ وقتًا طويلًا".[16]
وأشارت «الطحاوي» إلى أنه خلال الأسابيع الأخيرة، عانت النساء من عنف واعتداء جنسي. وخلال تلك الفترة، طالبت الطحاوي بضرورة شن حملة شاملة للتعامل مع العنفالجنسي، مع التركيز على مساعدة الناجيات بدلاً من إلقاء اللوم عليهن. وقالت: «يجب علينا ربط العنف الأسريوالاغتصابالزوجي وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، مع العنفالجنسي في الشوارع، ومثلما وقفنا بجانب الرجال للإطاحة بمبارك، فنحن بحاجة إلى الرجال للوقوف بجانبنا».[14]
وفي حوار آخر لمؤسسة طومسون رويترز، قالت منى الطحاوي: «أزحنا مبارك من قصر الرئاسة لكن ما زال علينا أن نزيح مبارك الذي يعيش في عقولنا وبيوتنا».
وأضافت: «نحن النسوة، كما يظهر من خلال نتائج الاستطلاع المأساوية، بحاجة إلى ثورة مزدوجة؛ ثورة على المستبدين الذين حكموا بلداننا، وأخرى على المزيج السام المكون من الموروث الثقافيوالدين والذي يدمر حياتنا».[17]
اعتقالها في الولايات المتحدة
في يوم 24 سبتمبر عام 2012 أثارت منى ضجة، خلال قيامها بطلاء إعلان اعتبرت أنه يحرّض على المسلمين في محطة مترو الأنفاقبنيويورك ويحمل عنوان «إنه في أي حرب بين الشخص المتحضروالهمجي عليك تأييد الرجل المتحضر.. أيد إسرائيل، واهزم الجهاد»،[18][19] فاعتقلتها شرطة نيويورك واحتجزت لمدة 22 ساعة، وهي فترة أطول من تلك التي أحتجزت فيها خلال الثورة على يد الشرطة المصرية حسبما ذكرت صحيفة «الغارديان».
وخلال قيام الطحاوي برش الإعلان، تشاجرت مع سيدة تدعى باميلا. وكما ذكرت صحيفة «الدايلى ميل» البريطانية، فإن باميلا هي إحدى الناشطات المحافظات المؤيدات لإسرائيل وصاحبة منظمة «محاربة أسلمةأميركا»، والممولة الرئيسية للإعلانات المؤيدة لإسرائيل والتي كانت قد قادت حملة ضد بناء مركز إسلامي بالقرب من موقع هجمات 11 من سبتمبر عام 2001، التي استهدفت مركز التجارة العالمي.
تصدت لها باميلا وهي تحمل كاميرا تصوير، وتقوم بتسجيل محاولات الطحاوي تشويه الإعلان العنصري في محطة مترو الأنفاق بنيويورك، الذي يصف أعداء إسرائيل من العرب أو المسلمينبالهمجية.[3]
قالت الطحاوي إن الاتهامات التي وجهت لها حينذاك تضمنت تعمد الأذى، بعد أن رشت «إسبراي» لطمس الإعلان، وقال أحد أفراد الشرطة إنها تسببت في «رش الاسبراي» على باميلا هول، التي كانت تقف حائلًا بين «الطحاوي» ولوحة الإعلانات، فحاولت هال اتهامها بتهمة الاعتداء بواسطة مواد طلاءسامة، فيما بررت «الطحاوي» ذلك بأن هول وقفت أمامها لمنعها من التعبير عن رأيها بشكل سلمي وغير عنيف، وتم توجيه تهمة «إفساد ملصقات إعلانية خاصة تعبر عن أراء حرة».
لكن في النهاية كانت التهمة التي وجهها الادعاء الأمريكي للطحاوي هي جنحة رش «اسبراي» على ملصق دعائي، وقضت المحكمة بالإفراج عنها طبقا للقانون الأمريكي الخاص بحرية التعبير.[3][20][21]
وأكدت الطحاوي عبر حسابها على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أنها ستواجه التهم المنسوبة إليها في المحكمة 29 نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وأنها فخورة بما فعلت وغير نادمة على الإطلاق، وأن ما فعلته يندرج تحت حرية الرأي والتعبير دون اللجوء للعنف.[9][22][23]
جدير بالذكر أنه قد أيد موقف الطحاوي عدد من الشخصيات اليهودية الشهيرة منها الحاخام راشيل خان الذي وجد في تلك الملصقات فعلاً مقصود به هو بث العنصرية وتقسيم الشعوب للقضاء على العلاقات الدولية – التي هي في الأساس هشة - بينهم وبين الآخرين.[3][24]
تدخل السلطات المصرية
عقب اعتقال الطحاوي وتداول جريدة الأخبار المصرية أنباءً تفيد بتدخل السلطات المصرية لحل أزمتها، قالت الطحاوي متوجهةً إلى الرئيس المصري محمد مرسي وقتذاك بالقول: «أنا خرجت لوحدي منذ 3 أيام لأنني مواطنة أمريكية وبدون أي تدخل منك». ولفتت منى الطحاوي انتباه محمد مرسي قائلة: «إذا كنت ترغب في عمل مواقف وتاريخ.. هذا شأنك، ولكن ليس على حسابي.. لأن هذا الكلام لا يمشي في أمريكا حيث لا يوجد مشروع النهضة». وتحدثت الطحاوي عن وجود بعض الإنجازات في مصر من جهة كارتفاع منسوب مياه نهر النيل، لكنها من جهة أخرى شددت على عدم وجود أي دور للرئيس بها، مشيرة في السياق ذاته إلى إن محطة كهرباءدمياط و«الإسعاف الطائر» وغيرها من الخطوات تم إنجازها في عهد الرئيس السابق، مضيفة أن بعض البسطاء في مصر قد يصدقون أن له يدًا في هذه الأمور، «إنما هنا في أمريكا.. دي ماما يا حبيبي، ومحدش يضحك على ماما».[25]
انتصار الطحاوي
بعد إطلاق سراحها أكدت «الطحاوي» في حسابها الشخصي على «تويتر» إيمانها بحق الآخر في الإساءة، وحقها أيضاً في الاعتراض والاحتجاج على تلك الإساءة ووصف المسيء بـ«المتعصب». ووصفت ما يحدث بأنه «عنصرية وكراهية»، مطالبة بحقوقها في التعبير عن رأيها بصفتها «مواطنة مصرية- أميركية».
وربما تأتي خطوة «الطحاوي» تالية للاحتجاجات التي وقعت في العالم الإسلامي على الفيلم المسيء للإسلام. إلا أن ما فعلته «الطحاوي» وما نتج عنه من منع تعليق الإعلانات المثيرة للكراهية في محطات الأنفاق في نيويورك لقي تشجيعاً على «تويتر»، بوصفها امرأة انتصرت ضد المسيئين للعرب والمسلمين. وبالإضافة إلى هذا الانتصار، وصفتها صحيفة «الإندبندنت» بـ«بطلة الربيع العربي» بعد محاولتها طمس الإعلان المسيء للمسلمين في محطة مترو الأنفاق في نيويورك.[9][26]
احتفاء عالمي
جاءت منى الطحاوي ضمن «أكثر 150 امرأةشجاعة في العالم» بحسب تصنيف مجلة نيوزويك لعام 2012. وأشارت المجلة إلى أن هذه القائمة تضم 150 امرأة من جميع أنحاء العالم، ممن يتحلين بالشجاعة ومواجهة الخوف، وساهموا في صنع الثورات. وبررت المجلة اختيارها للكاتبة والصحفية منى الطحاوي، لأنها أصبحت وجهًا معروفًا للثورة في نوفمبر 2011 بعدما رفضت السكوت على العنف والتخويف في أعقاب تعرضها للضرب والاعتداء والتحرش الجنسي خلال أحداث شارع محمد محمود.[27]
حصلت على الكثير من الجوائز والتكريمات، منها اختيارها ضمن «أقوى 500 شخصية عربية في عام 2012». وحصلت على الجائزة الخاصة بالمساهمة المتميزة في الصحافة من مؤسسة «آناليند» في عام 2010. كما فازت بجائزة «سمير قصير» لحرية الصحافة عن فئة «أفضل مقال رأي» في عام 2009.[9]
^ ابRabie، Passant (December 2009). "Egyptian-born، US-based Journalist Mona Eltahawy Challenges the Stereotype of the Arab Woman". Egypt Today 30. Archived from the original on 2013-12-07.
^ اب"Mona Eltahawy Reportedly Detained، Sexually Assaulted In Egypt"، The Huffington Post، November 24، 2011
^"Woman Arrested for Marring Anti-Jihad NY Subway Ad". ABC News. Associated Press. September 26، 2012. Archived from the original on September 29، 2012.
^جريدة الشروق، الرئيس مرسي يكلف قنصل مصر في نيويورك بمتابعة قضية منى الطحاوي، بتاريخ 27 سبتمبر 2011