الراجح أنه ولد ما بين سنة 1715م وسنة 1720م، ونشأ ببلاد القبائل التي اشتهرت في تلك الفترة بالعلم والفقه.[بحاجة لمصدر]
سيرته
ارتبطت «مدينة الجزائر المحروسة» بذكرى رجالها من أهل الدين والصلاح والذكر الذين جعلت منهم أولياءها الصالحين والذين أصبحوا أهم معالمها التي لا تذكر إلا بذكرهم، وهكذا فإن الجزائر البيضاء استمدت كنيتها «المحروسة» من سيدي عبد الرحمن الثعالبي وسيدي أمحمد بوقبرين.
ذهب سيدي أمحمد بن عبد الرحمن إلى الحج حوالي سنة 1734م.
مصر
في طريق عودة سيدي أمحمد بن عبد الرحمن من الحج، أعجب بالأوضاع العلميّة بمصر فاستقر فيها مجاورا الأزهر الشريف، وفيه تلقّى العلوم على أيدي علماء أجلاّء منهم: الشيخ أحمـد بن محمد بن أبي حامد العدويّ المالكيّ الأزهريّ الشهير بـ «الدردير» (تـ 1201هـ)، والشيخ عليّ بن أحمـد الصعيديّ العدويّ (تـ 1189هـ)، والشيخ علي العمروسيّ (تـ 1173هـ)، والشيخ محمّد بن عبد الله بن أيّوب المعروف بـ«المنوّر التلمسانيّ»(تـ 1173هـ).
وبعد تحصيل العلوم الإسلاميّة من هؤلاء الأعلام، اتّجه إلى شيخ مربٍّ يسلك على يده، ووجد ضالّته في الشيخ محمّد بن سالم الحفناويّ الخلوتيّ، وعنه أخذ الطريقة الخلوتية.
مكث العلامة الذي هو سيدي أمحمد بن عبد الرحمن الأزهري بالقاهرة زهاء 30 سنة وتتلمذ على يد شيخ الأزهر الحفناوي الذي أخذ عنه أصول الفقه، وأصول الصوفية "الخلوتية" المسماة لاحقا بالطريقة الرحمانية.[3]
وبعد أن ساقته المقادير صغيرا إلى المجاورة في الأزهر الشريف، تزوج سيدي أمحمد بن عبد الرحمن في القاهرة من امرأة حبشية.[4]
وكان شيخه في الجامع الأزهر هو سيدي محمد بن سالم الحفناوي المصري.[5]
السودان
ثم انتقل سيدي أمحمد بن عبد الرحمن إلى السودان بتوجيه من شيخه سيدي محمد بن سالم الحفناوي المصري وذلك لنشر الأوراد ونفع العباد.
وكلّفه شيخه الحفناوي بنشرها، والقيام بالدعوة في بلاد السودان ليقرئهم جميع الفنون وليعطيهم الورد، فشرع في تربية مريديه.
وأقام ست سنوات في دارفور يقرئ الناس ويدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، حتى صار له أتباع كثيرون.
الهند
ثم انتقل سيدي أمحمد بن عبد الرحمن من السودان إلى الهند بتوجيه كذلك من شيخه سيدي محمد بن سالم الحفناوي المصري وذلك لنشر الأوراد ونفع العباد.
ثم أمره شيخه الحفناوي المصري بالرجوع بعد ذلك إلى مصر فرجع وألبسه الخرقةالصوفية، وأمره بالعودة إلى القاهرة، وكلّفه بالعودة إلى وطنه الجزائر لنشر الطريقة الخلوتية بين مواطنيه، وكان ذلك سنة 1758م.[6]
جرجرة
استقرّ الشيخ أمحمد بن عبد الرحمن فترة ببلاد القبائل حول جرجرة كواعظ ومرشد.
فزاد بعد ذلك انتشار طريقته في كل أنحاء القطر الجزائري.
الطريقة الصوفية الرحمانية
أسس العلامة سيدي أمحمد بن عبد الرحمن الأزهري منهجه التربوي الصوفي من خلال الطريقة الرحمانية التي ظهرت في سنة 1774م.
وقد عرفت هذه الطريقة الخلوتية جمهورا كبيرا وتمكنت من ترسيخ نفسها بقوة وانتشرت انتشارا كبيرا في البلدان المغاربية.[9]
وقد كان نصف الزوايا القرآنية في القطر الجزائري من أتباع الطريقة الرحمانية قبل الاستقلال الوطني في سنة 1962م.[10]
أولاده
لم يترك سيدي أمحمد بن عبد الرحمن عقبا من صلبه، وأبناؤه هم شيوخ طريقته وخلفاؤه من بعده.
تلامذته
مـن أشهـر تلامـذته سيدي علي بن عيسى، سيدي عبد الرحمن باش تارزي، سيدي محمد بن عزوز البرجي، سيدي محمد العمالي والد حميدة العمالي، وآخرون.
مؤلفاته
ألف سيدي أمحمد بن عبد الرحمن العديد من المصنفات، ومن بين مـؤلفـاتــه نذكر:
رسالة فتح الباب: ألفها في آداب الخلوة، وشروطها ودخولها ونتائجها.[9]
رسالة طي الأنفاس: يتحدث فيها عن آداب الطريقة الخلوتية بشكل عام، وآداب الخلوة، وطي النفوس السبعة وهو المبدأ الذي تقول به الطريقة الخلوتية من الأسماء السبعة والنفوس السبعة التي يجب قطعها بالأسماء السبعة المعروفة.[11]
دفتر الدفاتر: وهو أيضا عبارة عن مجموعة رسائل في الطريقة، والذكروالخلوة، وهي امتداد للرسائل الخلوتية المكتوبة في هذا الشأن.[12]
شرح على الريفاوي: شرح لقصيدة (قوته قولي) لصاحبها عبد الله الريفاوي، ويجمع هذا الشرح بين أصول الطريقة وأركانها، وآداب المريد، انتهى من تأليفه سنة 1172هـ.[2]
شرح لامية الزقاق: في الأقضية، قال عنه أنه ألفه بإذن شيخه الحفناوي.[13]
لقب هذا العالم بعد وفاته بسيدي أمحمد بوقبرين لأن له مقامان، أي قبران، واحد بقريته الأصلية آيت إسماعيل قرب زاوية بونوح والآخر بمنطقة الحامةبالجزائر العاصمة.[15]
الضريح
كان ضريح سيدي أمحمد بن عبد الرحمن الأزهري موجودا في مسقط رأسه في قرية آيت إسماعيل بعرش قشطولة من منطقة بونوح في دائرة بوغني بولاية تيزي وزو حيث كان مدفونا.[16]
وبعد أن وافته المنية في مسقط رأسه بتيزي وزو، تم نقل جثمانه من طرف تلاميذه الذين كان منهم الشيخ محمد العمالي مفتي المالكية بالجزائر وأتوا به إلى الحامة حيث يوجد ضريحه إلى اليوم.[17]
وللإشارة، يعود تاريخ بناء المسجد والضريح إلى عهد حسين باشا (التركي)، والضريح موجود إلى يمين المحراب مفصول بحائط يرقد إلى جواره «سيدي لحسن» وهو أول من تولى الإشراف على الضريح وهو من تلاميذ سيدي أمحمد بوقبرين.[18]
توجد بداخل المقام خلوة عبارة عن 7 أقبية كان سيدي أمحمد يلجأ إليها ويخصصها للذكر ويلقن فيها تلاميذه الأذكار، ومن تلاميذه الشيخ سيدي عبد الرحمن بشطارزي دفين مدينة قسنطينة.[19]
ومن الأذكار التي كان يركز عليها سيدي أمحمد كثيرا أسماء الله الحسنى «والتي يرتقي فيها المريد من مقام إلى مقام»، وذكر «لا إله إلا الله» و«الله»، و«هو» و«حي»، و«قيّوم»، «حق»، «قهار».[20]