معركة الجهراء
مَعْرَكَةُ الْجَهْرَاءِ هي معركة وقعت في 10 أكتوبر سنة 1920 خلال الحرب النجدية الكويتية بين الشيخ سالم المبارك الصباح حاكم الكويت وقوات الإخوان بقيادة فيصل الدويش شيخ قبيلة مطير في قرية الجهراء غرب مدينة الكويت بتاريخ 10 أكتوبر سنة 1920.[7] انتهت المعركة بانتصار باهظ الثمن للإخوان واستيلائهم على قرية الجهراء، فيما لجأ حاكم الكويت مع بعض قواته إلى القصر الأحمر وتحصن به، طوق الإخوان الحصن وفرضوا عليه الحصار، وعرضوا شروط الصلح على حاكم الكويت الشيخ سالم والتي رفضها؛ مما دفع الإخوان إلى مهاجمة القصر لكنهم فشلوا في اقتحامه، وبالرغم من النجاح الذي حققته القوات الكويتية في الدفاع عن القصر إلا أن نقص المياه قد فاقم مصاعبهم في تحمل الحصار وعندما أشرقت عليهم شمس في اليوم الثاني للمعركة، كاد أن ينفذ صبرهم لولا وصول سفن شراعية قادمة من مدينة الكويت لنجدتهم، مما رفع معنوياتهم، من جانبه حاول فيصل الدويش أن يجس نبض المحاصرين داخل القصر، فأرسل لهم أحد فقهاء الإخوان، لاستكمال شروط الصلح آنفة الذكر فتظاهر الشيخ سالم المبارك الصباح بقبول تلك الشروط دون أن يفكر بالأخذ بها جديًا ولم يكن يهمه يومئذ سوى الإفلات من الحصار، فأوعز إلى كاتبه أن يكتب جوابًا إلى فيصل الدويش يظهر فيه خضوعه لشروط الصلح على أن تنسحب قوات الإخوان عن القصر والجهراء، فرحل الإخوان عن الجهراء باتجاه الصبيحية جنوب الكويت في يوم 12 أكتوبر.[8] حاول الإخوان التفاوض مع الشيخ سالم لاستكمال الصلح، إلا أن انه رفضها وقام بطلب المساعدة العسكرية البريطانية.[9] وقام البريطانيون بجلب سفن عسكرية للكويت وألقوا منشورات فوق مخيم الإخوان بالصبيحية عن طريق الطائرات لتحذيرهم من مهاجمة الكويت، فيما أرسل ابن سعود إلى فيصل الدويش ينهاه عن مهاجمة الكويت الأمر الذي دفع الإخوان لمغادرة مخيمهم في الصبيحية عائدين إلى نجد، في نهاية المطاف قام الشيخ خزعل الكعبي حاكم المحمرة بالوساطة لاستكمال الصلح بين سلطان نجد عبد العزيز آل سعود وحاكم الكويت الشيخ سالم المبارك الصباح. الخلفية التاريخيةكانت معركة الجهراء إحدى نتائج الصراع الحدودي بين إمارة الكويت وإمارة نجد والذي تحول إلى صراع دموي شهد معارك بين الطرفين، بدأ الصراع بين الإمارتين نتيجة التوسع الذي شهدته إمارة نجد وضمها لأجزاء واسعة من الجزيرة العربية، إذ تمكّنت الرياض من ضم أغلب مدن وبلدات منطقة وسط الجزيرة العربية فيما عدا إمارة حائل إلا أن نقطة التحول حدثت عام 1913 حينما استولت إمارة نجد على لواء الأحساء العثماني في شرق الجزيرة العربية ونتيجة لذلك أصبحت حدود الإمارة النجدية متاخمة لإمارة الكويت، وكانت شرارة الصدام الحدودي بين الإمارتين قد اندلعت عام 1919 حينما أراد حاكم الكويت الشيخ سالم الصباح بناء مدينة صغيرة على حدوده الجنوبية في خور بلبول؛[10] وقد تسببت هذه الخطوة في نشوب أزمة سياسية بين الرياض والكويت نتيجة اعتراض الأمير عبد العزيز آل سعود على المشروع باعتبار أن خور بلبول من أراضي القطيف التابعة له، وسرعان ما تدخلت بريطانيا التي كانت تهيمن سياسيًا على منطقة الشرق الأوسط عقب سقوط الامبراطورية العثمانية ونتيجة للوساطة البريطانية توقف الشيخ سالم عن فكرة تعمير بلبول.[11] ما أن انتهت مسألة بلبول حتى ثار خلاف حدودي جديد بين الكويت والرياض عام 1920 يتعلق بملكية أبار قرية حيث شيد الإخوان من قبيلة مطير هجرة لهم في ذلك الموقع في مايو من نفس العام، الأمر الذي أثار الشيخ سالم باعتبار أن أبار قرية تدخل ضمن حدود الكويت حسب المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913[12] حاول الشيخ سالم أن ينهى الإخوان عن البناء إلا أنهم رفضوا التوقف ما لم يأتهم أمر صريح من الأمير عبد العزيز آل سعود فأدرك الشيخ أن أعمال أولئك الإخوان لم تكن إلا بإيعاز من ابن سعود. حاول الشيخ سالم في البداية حل المشكلة سياسيًا فعرضها على المندوب البريطاني السامي في بغداد، إلا أنه أهمل المسألة. فلجأ الشيخ سالم إلى الحل العسكري وأرسل سرية بقيادة دعيج الصباح مؤلفة من 300 رجل إلى الإخوان، وحال وصول دعيج الصباح إلى حمض أرسل يهدد الإخوان ويطلب منهم مغادرة أبار قرية أو يغزوهم،[13] فأرسلوا يستنجدون فيصل الدويش الذي سار إليهم وهاجم الكويتيين في معركة حمض. وبعد هزيمة السرية أرسل الشيخ سالم إلى حاكم حائل خصم عبد العزيز آل سعود يستنجده فأرسل له ضاري بن طوالة وأنزله الجهراء ثم أمره مع دعيج الصباح أن يقوما بمهاجمة قرية مرة ثانية،[14] وخلال المسير بلغ عبد العزيز آل سعود خبر مغزى ضاري الطوالة ودعيج الصباح فأمر فيصل الدويش بإنجاد أهل قرية[14] ولما علم كل من ضاري ودعيج خبر استعداد الإخوان أدركوا الصعوبة التي سيلاقونها فرجعوا إلى الجهراء[14][15] ثم أرسل الشيخ سالم 3 فرق الأولى بقيادة ابن طواله أغارت على أبار اللهابة والثانية بقيادة ابن ماجد أغارت على الرماح والثالثة بقيادة كران أغارت على الشباك، وكانت هذه الغارات ناجحة فقام الإخوان بتعقبهم حتى وصلوا إلى الجهراء وقبل وصولهم الجهراء خرج الشيخ السالم من مدينة الكويت وتوجه الجهراء حال علمه بأن الإخوان يتقدمون إليها.[14] الخلاف الحدوديأزمة خور بلبولشهدت سنة 1919 اضطرابًا في العلاقات، بين نجد والكويت وذلك بسبب خلاف حدودي نشب بينهما، بدأ الخلاف الحدودي حينما أبحر الشيخ سالم في 13 سبتمبر 1919 جنوبا باتجاه خور بلبول بالقرب من رأس منيفة من أجل بناء مدينة تجارية في ذلك المكان، وكان خور بلبول يتمتع بميناء طبيعي حصين للسفن الشراعية، وقريب من مغاصات للؤلؤ وبه آبار للمياه[10] وكان الشيخ سالم يخطط أن يبني لنفسه حصناً هناك[16]، ثم يسمح، ويشجع في بناء بلدة حدودية في جنوب الكويت، وبحسب المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913 فإن حدود الكويت تمتد جنوبا إلى رأس منيفة حيث تبدأ حدود لواء الإحساء العثماني. حينما بلغ الملك عبد العزيز ذلك خشي أن تنافس بلبول مدينة الجبيل بالتجارة والغوص على اللؤلؤ فكتب إلى الشيخ سالم ينهاه عن البناء إلا أن الشيخ سالم أجاب بالرفض، فقام الملك عبد العزيز بإبلاغ الوكيل السياسي البريطاني بالكويت، الرائد جون مور، احتجاجه على تعدّي الشيخ سالم على أراضي القطيف التابعة لنجد[17]، وعلى الرغم من إصرار الشيخ سالم على أن بلبول تقع ضمن أراضي الكويت، إلا أنه في نهاية المطاف تخلّى خطته في تعمير بلبول. أزمة هجرة قريةفي بداية سنة 1920 قامت بعض قبائل الإخوان من مطير ببناء هجرة لهم في آبار منطقة قرية التي يملكونها،[18] فلما بلغ ذلك الشيخ سالم المبارك الصباح حاكم الكويت، أرسل إلى قائدهم هايف بن شقير أحد أقاربه من مطير لكي يمنعه من البناء في أرض هي من حدود الكويت الجنوبية غير أنه رفض إلا أن يأتيه أمر ممن كانت له الكلمة النافذة عليه، مما أثار الشيخ سالم فامتنع عن تصدير الغلال والسلع الأخرى إلى اتباع ابن سعود[19] أرسل الشيخ سالم سرية بقيادة الشيخ دعيج بن سلمان الصباح مكونة من 200 رجل و100 خيّال إلى الإخوان، فنزلت السرية في حمض بالقرب من الإخوان، ويشير المؤرخ الكويتي عبد العزيز الرشيد المعاصر للواقعة إن الشيخ سالم أراد من إرسال السرية أن تدخل الرعب في قلوب الإخوان وأن تثنيهم عن مواصلة البناء في قرية.[20] فيما يذكر المؤرخ أمين الريحاني أن السرية حينما وصلت إلى حمض كتبت إلى الإخوان في قرية تهددهم بالقتل إن لم يخلوا المكان.[21] معركة حمضحينما جاءت السرية أرسل الإخوان يستنجدون فيصل بن سلطان الدويش أمير الأرطاوية الذي قدم إلى حمض بصحبة 2,000 رجل، ثم هاجم الإخوان السرية في حمض،[21] وحينما بلغت أخبار الهجوم سلطان نجد عبد العزيز آل سعود كتب يؤنب فيصل الدويش لتجاوزه الأوامر التي انحصرت بالدفاع لا الهجوم، فأجاب الأخوان أن الكويتيين جاؤوا معتدين وأنهم وصلوا إلى مكان لا يبعد عنهم إلا أربع ساعات فقط.[21] في الكويت قام الشيخ سالم بطلب ضاري بن طوالة وإنزاله ومن معه من شمر في الكويت وكانوا حين إذ في صفوان شمال الكويت فأنزلهم عنده وفرق عليهم المال، ورأى الشيخ سالم أن يغزو ابن شقير ومن معه من الإخوان في قرية، فأرسل ضاري بن طوالة مع الشيخ دعيج بن سلمان الصباح لغزو هايف بن شقير والإخوان في قرية العليا.[22] إلا أن القوات التي أرسلها الشيخ سالم لم تهاجم الإخوان في قرية، حيث قيل أن كل من ضاري بن طوالة والشيخ دعيج بن سلمان الصباح اختلفا بالطريق على القيادة فرجعوا للجهراء دون أن يهاجما أحدًا،[2] وقيل أن قوات الشيخ دعيج بن سلمان الصباح وضاري بن طوالة وبينما هم سائرون قد انفلت منها أحد الموالين للإخوان خفية وذهب لينذر ابن شقير وقومه فعلم الجيش بالصعوبة التي سيلاقيها فرجع أدراجه.[22] وبعد معركة حمض أرسل الشيخ سالم أكثر من وفد إلى الرياض طالب من خلالها بِردِّ ما نهبه الإخوان في الوقعة ودفع دية القتلى، وكان رد ابن سعود أنه قال «السبب في هذا الحادث تدخلكم فيما لا يعنيكم اعلموا أن لا حق لكم في بلبول أو قرية وإني أرى أن يقرر ذلك في عهد بيننا وبينكم فنرعاه. أما ما كان لآبائك وأجدادك حقًا على آبائي وأجدادي فإني معترف به». ورجع الوفد إلى الكويت دون تحقيق نتيجة.[23] بناء السور الثالثبعد معركة حمض، أصبح الاتجاه السائد والاهتمام الكبير منصبًا على ضرورة بناء سور يحمي الكويت من الأخطار القادمة ويصد عنها غارات الأعداء، وعلى أثر ذكر أمر الشيخ سالم الصباح ببنائه وبدأ العمل لبناء سور الكويت وهو السور الثالث للمدينة في يوم 22 مايو سنة 1920 وقد فرضت الضريبة على الناس، وتم توزيع العمل بين رجال المدينة البارزين، حيث عين شخص مسؤول عن الحفر، وشخص مسؤول عن الصلصال المادة الرئيسية في بناء السور، وشخص مسؤول عن النقل، وشخص مسؤول عن توفير الجص الملاط، وشخص مسؤول عن إطعام العمال، وشخص لتوفير المياه لهم، وانتهى بناء السور في شهر سبتمبر من نفس العام، وامتد السور أكثر من ثلاثة أميال وعزل المدينة تماما عن البر وقد وصل إلى داخل البحر لمنع أي شخص من الدخول إلى المدينة عن طريق البحر، وكان للسور ثلاثة بوابات وبوابة رابعة خاصة للأمير، وكانت كل بوابة أشبه بالحصن، بحيث عندما تغلق وتوضع خلفها المزاليج وألواح الخشب الكبيرة تتحول المدينة إلى قلعة لا يمكن اختراقها، وكان يطلق على الأبواب اسم «الدروازة»، وقد زُو؟ِد السور بأبراج وصل عددها إلى ستة وعشرين برجًا بها فتحات لإطلاق النار.[24] وفي شهر أكتوبر من نفس العام بلغ الشيخ سالم أن قوات كبيرة من الإخوان تتقدم في الجنوب فخرج من الكويت إلى الجهراء ومعه 500 رجل من أهلها وكان الإخوان قد وصلوا الوفراء جنوب الكويت في 7 أكتوبر ووصل عدد قواتهم إلى 4,000 رجل منهم 500 خيال، ثم انتقلوا من الوفراء إلى الصبيحية في 8 أكتوبر، ومنها إلى الجهراء فوصلوها في 10 أكتوبر حيث نشبت المعركة. إلغاء المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913استند حاكم الكويت الشيخ سالم المبارك في خلافه الحدودي مع نجد إلى المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913 والتي تقرر بأن حدود الكويت تنتهي عند رأس منيفة جنوبا، إلا انه لم يكن يعلم بأن معاهدة دارين الموقعة عام 1915 بين الحكومة البريطانية وبين إمارة نجد والتي اعترفت فيها بريطانيا بابن اسعود حاكما للأحساء والقطيف والجبيل لم تتضمن ترسيما لحدود الكويت[25] ٬ من جهة أخرى رفض الأمير عبد العزيز بن سعود الإعتراف باتفاقية 1913 معتبرة إياها غير ملزمة له لكونها وقعت مع الدولة العثمانية لا معه. وحسماً للخلاف قرر الحاكم الملكي العام في بغداد في 9 يوليو 1920 إخطار حاكم الكويت الشيخ سالم الصباح بأن المعاهدة الأنجلو-عثمانية لعام 1913 أصبحت ملغية وبأنها ألغيت بعد أن عقدت الحكومة البريطانية معاهدة دارين عام 1915 مع ابن سعود.[26] المعركةميزان القوىتراوحت قوات الشيخ سالم المبارك الصباح في الجهراء ما بين 1,500 إلى 3,000 مقاتل، منهم 500 من سكان مدينة الكويت [14] وانضاف إليه كل من شيخ الأسلم ضاري بن طوالة ومن معه من شمر ومبارك بن دريع ومن معه من العوازم والدياحين من مطير.[27] بينما تشكلت قوات الإخوان من أهالي هجر الأرطاوية وقرية العليا وقرية السفلى ومبايض والأثلة وفريثان، وتألفت قوة الأخوان من نحو 4,000 رجل منهم 500 خيال، وتضم تشكيلات الأخوان أربعة بيارق (رايات) وكل بيرق ينضوي تحته ألف مقاتل.[28] هجوم الإخوانشن الإخوان هجومهم على الجهراء في الساعة السادسة من صباح العاشر من أكتوبر[29]، وتوزع هجوم المشاة على عدة جهات من القرية بينما تكفل خيالة الإخوان بتشتيت خيالة المدافعين الذين أوكلت لهم مهمة حماية جناحي القوة المدافعة.[30] حيث وزع الشيخ سالم قواته في الجهراء، وجعل كل من ضاري بن طوالة والخيالة من شمر في الميمنة والشيخ دعيج الصباح وخيالته في الميسرة،[31] كان هجوم الإخوان عنيفًا ومستميتًا لدرجة لم يستمر معها القتال أكثر من ساعات معدودة حين فوجئ الشيخ سالم وقوته المتحصنة في الجزء الجنوبي الشرقي من القرية بالإخوان أمامهم وجهًا لوجه حيث جرت بين الطرفين معركة قصيرة اضطرت الشيح سالم للانسحاب إلى القصر الأحمر.[30] فانتشرت إثر ذلك الفوضى في بقية القوات المدافعة في مواضع أخرى واندفع أفرادها بغير نظام طلبا للسلامة،[30] وكانت قرية الجهراء قد سقطت بيد الاخوان في الساعة التاسعة فيما تحصن الشيخ سالم وحوالي 600 رجل داخل القصر الأحمر.[32] حصار القصر الأحمرأرسل فيصل الدويش منديل بن غنيمان إلى الشيخ سالم المبارك لعقد الصلح وإلا فإنه سيرخص للإخوان بمهاجمة القصر، وتمثلت الشروط التي عرضها الإخوان للصلح هي الإسلام وإبعاد الشيعة ومنع التدخين والمنكرات وتكفير الأتراك،[33][34] بالرغم من أن الأتراك كانوا قد غادروا المنطقة منذ سنوات الحرب العالمية الأولى. رد الشيخ سالم المبارك الصباح على الشروط يقول: «أما الإسلام، فنحن والحمد لله مسلمون، ولم نخرج عن الإسلام يومًا ما، والإسلام قائم على خمسة أركان ونحن محافظون عليها، ونؤديها كل فرض في ميعاده، ونحارب المنكر بكل صوره، أما عن الأتراك فلم يثبت عندنا ما يجعلنا نكفرهم».[34] غربت الشمس دون أن يحضر أحد من طرف الإخوان ولما مضى طرف من الليل ارتفعت رايات الإخوان للهجوم على القصر إلا أنهم قوبلوا بإطلاق نار كثيف من داخله، وأعادوا الكرة مرتين إلا أنهم فشلوا في اقتحامه.[34] إرسال قوة عسكرية من مدينة الكويت لنجدة المحاصرينقام نائب الأمير الشيخ أحمد الجابر الصباح في مدينة الكويت بتجهيز قوة عسكرية لنجدة المحاصرين في القصر الأحمر بالجهراء شملت عدة سفن شراعية مليئة بالرجال والمساعدات إضافة إلى قوة برية يقودها ضاري بن طوالة.[35] الصلح وانسحاب الإخوانكان من الصعب على فيصل بن سلطان الدويش أن يتقبل الهزيمة، حاول لمرات عديدة القيام بعملية التفاف ومناورات حربية وهجمات على القصر الأحمر ولكنه في كل مرة كان يكتشف أنه لا جدوى من سقوط القصر ولا فائدة ترجى من عمليات الكر والفر التي اتخذها أسلوبًا لتحقيق أهدافه، حيث كان يفشل في كل مرة من اختراق نيران المقاتلين في حصون القصر الذين صمموا على الذود عنه بالصمود والتحدي ونجحوا في صد كل المحاولات التي جرت لاستسلامهم، أو إخراجهم من القصر عنوة، على الرغم من معاناتهم الكبيرة جرّاء شح الماء. وعندما أشرقت عليهم شمس اليوم الثاني للمعركة، كاد أن ينفذ صبرهم لولا أنهم أبصروا وهم داخل القصر سفن شراعية قادمة من سواحل مدينة الكويت لإنقاذهم، مما رفع معنوياتهم وخفف سرعة تنامي اليأس في صدورهم. مع بداية اليوم الجديد، حاول فيصل الدويش أن يجس نبض المحاصرين داخل القصر، فأرسل لهم أحد فقهاء الإخوان، ويدعى عثمان بن سليمان، لاستكمال شروط الصلح آنفة الذكر. وأشتد على من في القصر العطش فلما وصلهم ابن سليمان أخرج من مخبئه رسالة من فيصل الدويش تتضمن شروط الصلح التي عرضها منديل بن غنيمان سابقًا فتظاهر الشيخ سالم المبارك الصباح بقبول تلك الشروط دون أن يفكر بالأخذ بها جديًا ولم يكن يهمه يومئذ سوى الإفلات من الحصار فأوعز إلى كاتبه أن يكتب جوابًا إلى فيصل الدويش يظهر فيه خضوعه لشروط الصلح على أن تنسحب قوات الإخوان عن القصر والجهراء، فرحل الإخوان عن الجهراء باتجاه الصبيحية في يوم 12 أكتوبر.[8] الاخوان في الصبيحيةرحل الاخوان عن الجهراء ونزلوا أبار الصبيحية في جنوب الكويت وكتب فيصل الدويش إلى الإمام عبد العزيز بن سعود في 13 أكتوبر يخبره بتفاصيل معركة الجهراء [36]
استكمال الصلحكتب فيصل الدويش بتاريخ 14 أكتوبر إلى الشيخ سالم المبارك الصباح يطلب منه إيفاد هلال بن فجحان المطيري إليه حتى يتم التفاهم حول استكمال الصلح، ورفض الشيخ سالم ذلك وذكر أن الدويش ان أراد التفاوض فعليه أن يرسل أحدًا من طرفه. فأوفد الدويش جفران الفغم فوصل إلى مدينة الكويت في 18 أكتوبر ورفض الشيخ سالم مقابلته. في أثناء ذلك قدمت قوات أضافية لدعم صفوف قوات الإخوان في الصبيحية، مما دفع الشيخ سالم لطلب المساعدة البريطانية.[9] وبعد أسبوع قابل الشيخ سالم جفران الفغم وحضر اللقاء الرائد جون مور، المقيم السياسي البريطاني في الكويت، وطلب جفران الفغم بتطبيق ما تضمنه الصلح ورفض الشيخ سالم الشروط وسلم الرائد مور الفغم رسالةً رسميةً تتضمن تهديدًا من الحكومة البريطانية للإخوان من أي هجوم تتعرض له الكويت وأُلقِيَت بعض من نسخ هذه الرسائل فوق مخيم الإخوان بالصبيحية عن طريق الطائرات وخرج الفغم راجعًا للدويش،[37] حيث أرسل رسالة إلى عبد العزيز آل سعود يشرح فيها ماتم في اللقاء، فقال: بسم الله الرحمن الرحيم وصول القوات البريطانيةوصلت السفينتان الحربيتان «اسبيكل» و«لورنس» إلى ميناء الكويت في 21 أكتوبر بالإضافة إلى طائرتين بريطانيتين.[39][40] وفي 22 أكتوبر وصلت سفينة حربية ثالثة على متنها السير أرنولد ويلسون المفوض المدني بالوكالة في العراق.[41] أرسلت بعدها طائرة حلقت فوق مخيم الإخوان في الصبيحية وألقت منشورات تتضمن تهديدهم من مغبة شن هجوم على مدينة الكويت، فقيل: «إلى الشيخ فيصل الدويش وجميع الإخوان الذين معه: ليكن معلومًا لديكم بأنه طالما أن أفعالكم ضيقت على البادية حتى على الجهراء أيضا وبما أن الحكومة البريطانية لم تُدع لتعمل أكثر مما هي في عادتها أن تسعى بحسب الصداقة وراء الإصلاح فأما الآن ما دام أنتم تهددون ليس فقط حقوق سعادة شيخ الكويت الذي تخالف تأميننا له بل وضد بريطانيا وسلامة الرعايا البريطانيين، ولا يمكن للحكومة البريطانية أن تقف على جانب بدون دخولها في المسألة ثم من التأمينات التي نطق بها من مدة قصيرة سعادة الشيخ عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل السعود إلى فخامة السير برسي كوكس المندوب السامي في العراق، تثق الحكومة البريطانية ان افعالكم هي بعكس إرادة وأوامر الأمير المشار إليه ولا شك ان سعادته سينبهكم بذلك عندما يعلم بأفعالكم، فبناء عليه ننبهكم بأنه إذا كررتم هجومكم على مدينة الكويت فحينئذ ستحسبون مجرمي حرب ليس عند شيخ الكويت بل عند الحكومة البريطانية أيضًا، فالحكومة البريطانية لن تتهاون معكم بل ستقوم بأفعال عدائية باستخدام القوة اللازمة هذا مالزم إعلامه لكم.
تاريخ 7 صفر 1339هـ» – الرائد جي سي مور، الوكيل السياسي لدولة بريطانيا في الكويت.[42] رد فعل الإخوانكتب فيصل بن سلطان الدويش كتاباً إلى الشيخ سالم قال فيه:
كما ارسل فيصل الدويش كتاباً إلى الامام عبد العزيز أل سعود في 27 أكتوبر نصها الآتي [44] ما بعد الجهراءانسحب الاخوان من الصبيحية إلا أنهم رجعوا من جديد في منتصف شهر ديسمبر بجموع كبيرة بقيادة فيصل الدويش وأغاروا على مزيد بن فيصل الدويش في شمال الكويت حيث قتل واستولوا على أمواله ثم واصل الإخوان مسيرهم شمالاً وأغاروا على الظفير.[45] وبعد أن غزا فيصل الدويش الضفير نزل بالقرب من الزبير وأرسل إلى حاكمها ابن إبراهيم ينبئه بمقدمه وأنه راغب بالمسابلة مع الزبير، وطالبا منه أرسال رجال من طرفه يتعرفون على ودائعهم التي كانت عند الضفير وقت غارة الدويش عليهم. إلا أن الحاكم السياسي البريطاني للبصرة بلغته أمور بطريقة أخرى فكتب رسالة إلى الدويش وأوصلها لحاكم الزبير ليعطيها الدويش دون أن يعلم ابن إبراهيم ما جاء فيها، فلما قرائها الدويش استاء منها وطرد رجال الزبير المكلفين بسترجاع ودائع أهلها واعلن الحرب عليها مما دفع ابن إبراهيم للذهاب إلى البصرة عند حاكم البصرة البريطاني الذي اسعفه بخمسمائة بندقية وفرقة من الجنود لحفظ الزبير.[46] وأرسلت طائرة فوق جموع الإخوان لترهيبهم، فرجعوا إلى نجد.[47] الصلح في الرياضتولى حاكم المحمرة الشيخ خزعل أمر الصلح بين الكويت والرياض فقدم للكويت والتقى مع الشيخ سالم لهذا الغرض، ثم تقرر أرسال وفد للصلح إلى الرياض مكون من الشيخ أحمد الجابر الصباح ولي عهد الكويت آنذاك حيث ترأس وفد الصلح وضم الوفد الشيخ كاسب ابن الشيخ خزعل وأيضًا كل من عبد اللطيف باشا المنديل وعبد العزيز البدر.[48] سافر الوفد على اليخت الخزعلي إلى البحرين وحل في ضيافة الشيخ عيسى آل خليفة حاكم البحرين ثم نزل إلى الإحساء في ضيافة الأمير عبد الله بن جلوي ثم إلى الرياض حيث قابل الوفد سلطان نجد عبد العزيز آل سعود، وقبل مغادرة الوفد للرياض والرجوع للكويت بلغهم وفاة أمير الكويت الشيخ سالم الصباح فابتهج الملك عبد العزيز آل سعود لذلك وقال للشيخ أحمد الجابر:[49] ترسيم الحدودفي 2 ديسمبر 1922 وقعت معاهدة العقير التي تضمنت ترسيم حدود بين الكويت ونجد. وقع المعاهدة كل من عبد الله الدملوجي نائبًا عن الملك عبد العزيز، والرائد جون مور الوكيل السياسي البريطاني نائبا عن الشيخ أحمد الجابر الصباح.[50] انظر أيضًاالمراجع
وصلات خارجية |