كمال قمازي
كمال قمّازي (يناير 1962) مسؤول وسياسي جزائري ذو توجه إسلامي ومُدرس وداعية إسلامي، شغل منصب رئيس بلدية باب الوادي بولاية الجزائر، ورئيس المجلس الشعبي لمدينة الجزائر العاصمة[1]، وهو عضو مؤسس في الجبهة الإسلامية للإنقاذ الجزائرية.[2] عمل في مجال التعليم المتوسط حيث درس مادة الآداب واللغة العربية في ولاية الجزائر، كما شغل منصب إمام مسجد السلام بالحمامات وإمام راتب وخطيب مسجد التقوى بباب الوادي، وحاضر ونشط دعويا في عدد من مساجد الجزائر العاصمة.[3] نشأتهولد في يناير 1962 ب قرية قوزة، بلدية تغزوت، ولاية وادي سوف، على بعد 615 كم جنوب شرقي الجزائر العاصمة. نشأ في بيئة بدوية في الصحراء الجزائرية[4][5]، حيث تعلم اللغة العربية الفصحى. كان جد الشيخ كمال قمازي لأبيه، الشيخ عبد الكريم قمازي، شيخ بلدة تغزوت. وقد ترك مكانا مخصصا لبناء مسجد في البلدة اُستكمل بناؤه بعد وفاته ويُعرف باسمه. أما جد الشيخ كمال قمازي لأمه، الحاج الصادق بن محمد تاتا، فكان مهتماً بالعلم والعلماء. ويتردد على مدينة قمار، حيث يتواجد العديد من العلماء المبرزين من أمثال الشيخ خليفة بن حسن والشيخ محمد الطاهر التليلي وهو الشيخ الذي يقول قمازي أنّه تأثر به كثيرا وكان يواظب على زيارته بانتظام.[5] قضى الشيخ كمال قمازي جزءًا من طفولته في مدينة بوسعادة، حيث عاش في بيت جده لزوجة الأب الشيخ الطاهر زقّاد وتأثر بمكارم الأخلاق التي كان يتصف بها.[2] التعليمبدأ كمال قمازي مسيرته التعليمية في بدايات الستينات، حيث حفظ القرآن الكريم بطريقة تقليدية معتمدة على اللوح والقلم والمداد. هذه الطريقة التقليدية، التي كانت شائعة في ذلك الوقت في منطقة المغرب العربي، غرست فيه حب التعلم وحفظ النصوص الشرعية، كما كان للطالب محمد العيد بسّي دور كبير في تعليمه الحروف العربية. انتقل بعد ذلك إلى العاصمة لدراسة المرحلة الابتدائية، حيث التحق بمدرسة الصومام ثم انتقل إلى مدرسة الفرابي. خلال هذه المرحلة، بدأ يتشكل لديه شغف بالقراءة والمعرفة، فكان يقضي وقته في مطالعة الكتب المختلفة، لا سيما كتب اللغة العربية والأدب.[3] واصل تعليمه في المرحلة المتوسطة بمتوسطة القطار، حيث حصل على شهادة التعليم المتوسط. وفي هذه المرحلة، بدأ يتأثر بالبيئة المحيطة به، خاصةً الأجواء الدينية السائدة في المدينة. بعد اجتياز شهادة البكالوريا، التحق بالجامعة المركزية لدراسة اللغة والأدب العربي. سنوات الصحوة الإسلامية[6]كانت فترة السبعينيات والثمانينيات فترة ازدهار للصحوة الإسلامية في الجزائر، وشهدت نشاطًا دينيًا كبيرًا. وقد اندمج الشيخ كمال قمازي في هذه الحركة، حيث كان يحضر دروسًا لعلماء جزائريين مثل الشيخ أحمد سحنون والشيخ عبد اللطيف سلطاني. وعددا من الدعاة من أمثال الشيخ محمد شارف في الجامع الكبير، والشيخ البشير بوعناني في جامع كتشاوة، والشيخ دوّاخ في مسجد السفير. عرفت الجزائر في السبعينات نشاطا مكثفا لملتقيات الفكر الإسلامي (1967-1990)[7] التي كانت ترعاها الدولة الجزائرية، وقد كان قمازي يواظب على حضور المحاضرات مولود قاسم نايت قاسم والدكتور محمد محمود الصوّاف وغيرهم من الدعاة والعلماء. كانت هذه الفترة حافلة بالفعاليات الدينية والثقافية، وساهم قمازي مع زملائه في الثانوية في تنظيم معارض للكتاب الإسلامي واستضافوا علماء دين بارزين. وقد تأثر بشكل كبير بالشيخ محمد سعيد، الذي كان يقدم محاضرة في ختام المعرض. في عام 1978، حضر لأول مرة خطبة الجمعة في مسجد بلال بحي الإدريسي التابع لبلدية بوزريعة، والتي ألقاها علي بن حاج. لاحقًا، ستتطور بينهما علاقة وثيقة. التأثير على مسار حياته:لقد شكلت هذه الفترة نقطة تحول وانعطاف في حياة قمازي، حيث تفرغ للعمل الدعوي والتربوي ولم يتم تعلمه الجامعي. ليجد نفسه منجذبًا إلى هذا المسار، حيث كان يشعر بأن لديه رسالة يريد إيصالها إلى الناس. رغم تركه للدراسة الأكاديمية، واصل الكاتب مسيرته التعليمية. فقد تفرغ للعمل في مجال التعليم والتدريس، حيث عمل أستاذا في المرحلة المتوسطة منذ سنة 1982.[5] كما أسهم في تعليم القرآن الكريم والعلوم الشرعية، وشارك في العديد من الأنشطة الدعوية والثقافية، وساهم في فتح مدرسة ليلية لدروس دعم التلاميذ في المدارس. النشاط الدعوي والتوعويبدأ اهتمامه بالعمل الدعوي في سن مبكرة، حيث كان ينتظم في حلقات الذكر والدراسة في مسجد علي بتشين القريب من منزله. وكان يساهم في الأنشطة المسجدية المختلفة، مثل ترتيب المكتبة وإعارة الكتب، مما أكسبه خبرة عملية في العمل الدعوي. عندما التحق بثانوية عقبة في عام 1978، أسس مع مجموعة من زملائه نشاطًا دعويًا داخل المدرسة، حيث قاموا بفتح مسجد صغير وتنظيم صلاة الجماعة. وكانوا يدعون زملاءهم إلى المشاركة في هذه الأنشطة. وقد كان له شراكة وثيقة مع الشيخ جمال الدين حمادي، الذي أصبح فيما بعد إمامًا لمسجد سكالا في الأبيار. وفي بدايات الثمانينات، تولى إمامة مسجد السلام ببينام (الحمامات). وقد شجعته هذه التجربة على المشاركة في أنشطة دعوية أخرى في عدة مساجد بالعاصمة، مثل مسجد بلال بن رباح ومسجد الدعوة، ومسجد العاشور الذي كان فيه الناشط الإسلامي والمجاهد في ثورة التحرير الجزائرية مصطفى بويعلي الذي يعتبره الكثير الأب الروحي للجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر[8]، ولم ينته عام 1981 حتى تم افتتاح مسجد التقوى بباب الوادي بالجزائر العاصمة فانتقل إليه، وأصبح خطيبا له ومديرا لشؤونه.
العلاقات مع الجماعات الإسلاميةأثناء نشاطه الدعوي شكل قمازي علاقة جيدة بالعديد من الجماعات والتيارات الإسلامية في ذلك الوقت، مثل السلفيين وجماعة الإخوان المسلمين وجماعة الشرق. إلا أنه استقل فكريا ولم ينضم إلى أي جماعة أوتنظيم، إلا أنّه لا يخفي ميولاته السلفية.[10] النشاط السياسيشهدت الجزائر في ثمانينات القرن العشرين تحولات اجتماعية وسياسية عميقة، كان للنشاط الإسلامي دور بارز فيها. قمازي أحد الشبان الذين عاصروا تلك الفترة، وشاركوا في الأحداث التي شهدتها بدأ من الجامعة المركزية إلى التعددية السياسية. أحداث الجامعة المركزية:في عام 1981 شهدت الجامعة المركزية الجزائرية[11]، أحداث طالبت بتغيير النظام السياسي القائم، وحضر كمال قمازي الخطابات والفعاليات التي نظمت داخل الجامعة. وبعد فترة وجيزة من هذه الأحداث، تم اعتقال العديد من الشخصيات الدينية والسياسية البارزة، من بينهم الشيخ عباسي مدني والشيخ محمد سعيد. الاعتقال والتحقيق:بتاريخ يناير 1983 اعتقل قمازي - أي بعد سنتين من أحداث الجامعة المركزية- لمدة أسبوع ، حيث تم توجيه أسئلة إليه حول مشاركته في هذه الأحداث وعلاقته بالمشاركين والبيان الذي صدر عنهم.[9][10] انتفاضة أكتوبر 1988في أكتوبر 1988، شهدت الجزائر احتجاجات واسعة بدأت في الرويبة بولاية الجزائر وانتقلت إلى مدن أخرى، بما في ذلك العاصمة. وفي حي باب الوادي، تصاعدت الأحداث في 10 أكتوبر مع إطلاق نار كثيف أدى إلى سقوط العديد من القتلى والجرحى.[12] بعد ذلك، أعلن الرئيس الشاذلي بن جديد فتح المجال للتعددية السياسية.[13] تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذوفي 18 فبراير 1989 أعلنت مجموعة من القيادات الإسلامية الدعوية والأكاديمية بمن فيهم كمال قمازي عن نيتهم تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وفي 10 مارس تم إعلانها بشكل رسمي، إلا أنّ اعتمادها في الجريدة الرسمية لم يصدر إلا بتاريخ يوم 6 سبتمبر[14][15]، وتم الاتفاق على تعيين الشيخ عباسي مدني ناطقا رسميا باسمها[16]، وفي أكتوبر 1989 تم إطلاق جريدة المنقذ[17] لسان حال الجبهة الإسلامية للإنقاذ ثمّ بعدها الهداية، والفرقان الناطقة باللغة الفرنسية. كما لعب قمازي دورًا مهما في الترويج لبرنامج الجبهة الإسلامية للانقاذ، عن طريق المشاركة في الفعاليات والاجتماعات في مختلف الولايات. في 21 ديسمبر 1989، قامت رابطة الدعوة الإسلامية بتنظيم مسيرة نسائية ضخمة في الجزائر العاصمة، وشارك في التنظيم كمال قمازي كممثل للجبهة الإسلامية للإنقاذ، إلى جانب ممثلين عن حركة النهضة وجماعة البناء الحضاري وجماعة نحناح. شارك في هذه المسيرة أكثر من 500 ألف امرأة، بهدف الدفاع عن الهوية والثوابت الإسلامية.[18] وبتاريخ 8 جانفي 1990 اجتمع الرئيس الجزائري الشاذلي بن جديد بممثلين عن الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ممثلين في الشيخ عباسي مدني وكمال قمازي ناقشوا فيها أجواء التعددية السياسية ومشروع الجبهة الإسلامية. المناصب الحكوميةرئيس بلدية باب الوادي بولاية الجزائرشاركت الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الانتخابات البلدية 12 يونيو 1990[19] وفازت بـ857 بلدية من أصل 1541 بلدية بعد دخولها فيما يقارب 1200 منها. وفي ولاية الجزائر فازت الجبهة الإسلامية في جميع البلديات الـ33، وفي بلدية باب الوادي فازت الجبهة الإسلامية للإنقاذ بــ19 مقعدا من أصل 23 مقعدا (أي بنسبة 82 بالمائة)، وانتخب كمال قمازي رئيسا لبلدية باب الوادي.[20] رئيس المجلس الشعبي لمدينة الجزائر العاصمةبتاريخ 27 جوان 1990 عقد لقاء بالمجلس الشعبي لمدينة الجزائر العاصمة لانتخاب رئيس المجلس وتم انتخابه رئيسا له[20]، وهو مجلس غير المجلس الولائي كان يتشكل من 15 بلدية في قلب العاصمة تشكل مدينة الجزائر. وتتكون من دائرة باب الوادي ودائرة سيدي امحمد وبلديتين من دائرة حسين داي وهي حسين داي والقبّة وبلديتين من بئر مراد رايس وهي حيدرة والأبيار. إنجازات وتحديات في باب الوادي ومدينة الجزائر.شهدت بلدية باب الوادي ومدينة الجزائر خلال فترة تولي كمال قمازي للمهام عليهما مجموعة من التطورات والإجراءات، والتي يمكن تلخيصها على النحو التالي:
التحديات:واجهت هذه الجهود مجموعة من التحديات، منها:
انتقادات:تتهم السلطات الجزائرية قمازي باستخدام الممتلكات العامة لصالح حزبه، الجبهة الإسلامية للإنقاذ. وقد كانت هذه التهمة من بين التهم التي أدت إلى الحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات.[3] محطات أخرى
المحاكمة العسكرية والسجنإضراب جوان (خلفية)بعد النجاح الكبير الذي حققه إضراب يونيو ضد تقسيم الدوائر الانتخابية، أعلنت السلطات حالة الطوارئ في 5 يونيو، مما أدى إلى انقطاع الاتصال بين الحكومة والمحتجين وبدء اعتقال أعضاء الجبهة الإسلامية للإنقاذ.[25] في 6 جوان، أعدت قيادات الجبهة وثيقة تنص على أنه في حال اعتقال قياداتها، يجتمع رؤساء المكاتب التنفيذية لاختيار قيادة جديدة لمواصلة المسيرة السياسية للجبهة الإسلامية. وفي 7 جوان، أعلنت الجبهة الإسلامية للإنقاذ عن إنهاء الإضراب[26] بعد اجتماعها مع حكومة غزالي والاتفاق على تعديل القوانين، إعادة العمال، إطلاق سراح المساجين، ومعالجة القضايا الاجتماعية المرتبطة. ومع ذلك، استمرت حالة الطوارئ والاعتقالات، ولم تنفذ السلطات بنود الاتفاق.[27] الاعتقالفي 29 جوان 1991، تم اعتقال الشيخ كمال قمازي والشيخ علي بن حاج من مقر التلفزيون العمومي الجزائري بعد محاولتهما الرد على اتهامات وجهها منشقون عن الجبهة الإسلامية عبر التلفزيون.[28] تلا ذلك اعتقال الشيخ عباسي مدني، علي جدي، عبد القادر بوخمخم، بالإضافة إلى مناضلي الجبهة نور الدين شيقارا وعمر عبد القادر.[29][30] أمام قاضي التحقيق المحكمة العسكرية بالبليدةتم اقتياد الشيخ كمال قمازي ومن معه من القيادات والمناضلين إلى المحكمة العسكرية[31] في ولاية البليدة، بالقرب من الجزائر العاصمة، حيث وُجهت إليهم تهم تتعلق بالمساس بأمن الدولة، الاعتداء على سلطة الدولة، تخريب الاقتصاد الوطني، وغيرها من التهم.[32] وبعد أسبوع، تم اعتقال محمد سعيد إثر إلقائه كلمة تطالب بإطلاق سراحهم، وأودع السجن معهم، إلا أنه أُفرج عنه بعد أربعة أشهر. في السجن العسكري بالبليدة.بتاريخ 02 جويلية 1991 تم نقل المتهمين إلى السجن العسكري بالبليدة، وفي السجن زارهم عدد من المحامين كان في مقدمتهم الأستاذ علي يحيى عبد النّور[33] وعبد الرزّاق الونّاس، ومحامي الشيخ عباسي مدني في فترة الاستعمار الأستاذ عمار بن تومي، ومحامي الرئيس العراقي صدام حسين وغيرهما من محامي الجبهة ومن خارج الجبهة، حيث وصل مجمل عدد المحامين 22 محاميا. الإضراب عن الطعامبتاريخ 08 سبتمبر 1991 دخل شيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ في إضراب عن الطعام لمدة 11 يوما بعد رفض السلطة تحديد قضيتهم بأنها قضية سياسية وتلبية مطالبهم في الافراج المؤقت. التضامن مع قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذأثارت قضية اعتقال الشيخ كمال قمازي وشيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ غضبا واسعا في الجزائر وخارجها، حيث تحرك الرأي العام الجزائري والعربي والإسلامي، وعدد من الأحزاب والشخصيات الوطنية والإسلامية.[34] وأصدر مجموعة من الشيوخ والشخصيات الجزائرية بيانا جماعيا بتاريخ يوم 12 سبتمبر 91، وعلى رأسهم الشيخ أحمد سحنون وبن يوسف بن خدة والشيخ محمد الطاهر آيت علجت ولخضر الزاوي والعقيد محمدي السعيد، والدكتور أحمد طالب الإبراهيمي وعبد الله جاب الله وآخرون، طالبوا فيه السلطات الجزائرية بتصفية الأجواء السياسية وأعلنوا إنشاء "اللجنة الوطنية لمساندة المساجين السياسيين"، وأعلنوا تضامنهم المادي والمعنوي مع ضحايا ما سموه بـ "القمع" في البلاد، وطالبوا بالإطلاق الفوري للمساجين السياسيين وعلى رأسهم قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ، خاصة بعد تدهور وضعهم الصحي جراء الإضراب عن الطعام منذ 08 سبتمبر 91. كما طالبوا بإعادة العمال المطرودين إلى مناصبهم، ودعوا القوى المحبة للسلم في الجزائر إلى الالتحاق والتضامن مع هذا النداء.[35] محاكمة شيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذوقف قمازي وشيوخ الفيس أمام قاضي المحكمة العسكرية[36] بالبليدة لعدة جلسات عبر فيها المحامون عن رفضهم محاكمة مدنيين أمام المحكمة العسكرية[37]، وفي أثناء تلك الجلسات تم اغتيال رئيس الدولة محمد بوضياف[38] واستقالة حكومة أحمد غزالي[39]، وبعد استقالة الأخير استدعي كشاهد أمام المحكمة مع مجموعة من الشخصيات من أمثال عبد الحميد مهري الذين صرحوا بأن المحاكمة سياسية. وفي مرافعته طالب النّائب العام العسكري بالسجن المؤبد للشيخ عبّاسي مدني وعلي بن حاج و20 سنة لعلي جدي وعبد القادر بوخمخم وكمال قمازي، وبعد المداولة حكم عليهم 12 سنة للشيخ عبّاسي وبن حاج و4 سنوات لجدي وبوخمخم وعمر عبد القادر و نور الدين شيقارة ، و6 سنوات لقمازي حيث أضيفت عليه تهمة استعمال وسائل عمومية لأغراض حزبية.[3][40][41] التعذيب والتغييبفي صباح يوم 15 مارس 1993، وبعد مرور عام على إعلان حالة الطوارئ وحل الجبهة الإسلامية للإنقاذ، تعرض شيوخ الجبهة، وفقًا لشهادة قمازي للشروق اليومي[3]، للتعذيب. تم غلق أبواب الزنازين، وحلق رؤوسهم ولحاهم، وضربهم، وإجبارهم على ارتداء ملابس السجناء. بعد ذلك، تم إحضار طبيب لهم وإرسال رسالة تظلم إلى وزراء المجاهدين والدفاع والعدل. إلا أنّ النائب العام العسكري طلب منهم رفع دعوى ضد مجهول. وبقي جميع شيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الحبس الانفرادي لمدة عشرة أشهر، باستثناء علي بن حاج الذي نُقل إلى سجن تيزي وزو في يونيو 1993.[42] التشريعيات ووقف المسار الانتخابيحرمانه من المشاركة في التشريعيات:على رغم من مشاركة الجبهة الإسلامية في تشريعيات 26 ديسمبر/كانون الاول 1991[43] إلا أنّ السلطة أقرت قانون جديد قبيل إيداع ملفات المترشحين تنص على أنّ إيداع الملفات يجب أن يكون يدا بيد من المترشحين، وهو ما فسر بقطع الطريق أمام قمازي وشيوخ الجبهة الإسلامية للإنقاذ من المشاركة في الانتخابات من سجنهم، وعرفت الانتخابات مشاركة وصلت 60% وفازت فيها الجبهة الإسلامية في دورها الأول بأغلبية ساحقة[44]، وهي الانتخابات التي وصفها رئيس الحكومة أحمد غزالي و وزير الداخلية العربي بلخير بأنها كانت نزيهة، ونشرت النتائج في أول جريدة رسمية لعام 1992.[45] توقيف المسار الانتخابيبتاريخ 11 يناير 1992 أعلن الرئيس الجزائري استقالته بعد حل المجلس الشعبي الوطني، وتم توقيف المسار الانتخابي[46] وهو الأمر الذي اعتبرته القوى الوطنية والإسلامية والديمقراطية الجزائرية انقلابا متكامل الأركان[47]، فيما اعتبرته القيادة العسكرية ولجنة إنقاذ الجزائر إنقاذا للجمهورية.[48]
الانزلاق إلى دوامة العنففي أعقاب ذلك، تم اعتقال عدد من قيادات الجبهة الإسلامية، بما في ذلك رئيس الجبهة عبد القادر حشاني[52] ورابح كبير[53]، بينما تمكنت بعض القيادات الأخرى من الفرار، مثل تاجوري وشراطي ومحمد سعيد. شهدت الجزائر في تلك الفترة حملة اعتقالات واسعة، ووجهت اتهامات حقوقية للسلطة بارتكاب عمليات قتل خارج إطار القانون والتعذيب. كما أعلنت السلطات الجزائرية عن فتح معتقلات في جنوب البلاد لاحتجاز قيادات ومناضلي الجبهة الإسلامية للإنقاذ[54]، وتم إنشاء محاكم استثنائية.[55] خلال هذه الفترة، تم تسجيل انتهاكات واسعة للحريات وحقوق الإنسان[56][57]، بما في ذلك حالات اختطاف وتعذيب.[58] إلا أنّ السلطات الجزائر تقدم رواية أخرى عن أسبقية الإسلاميين بالعمل المسلح حتى قبل توقيف المسار الانتخابي ومن أمثلة ذلك عملية قمار ضد ثكنة للجيش الشعبي الوطني الجزائري.[59] الحوار مع السلطة والخروج من السجنبتاريخ يناير 1994 شكلت السلطات الجزائرية لجنة الحوار التي رأسها الدكتور يوسف الخطيب، وكان من أعضائها الجنرال طيّب الدرّاجي وتواتي وعبد الوهّاب بوعديس نقيب المحامين في جهة عنّابة.[60][61] فشل الحواربعد سلسلة من المفاوضات بين الجبهة الإسلامية للإنقاذ ولجنة الحوار من جهة، ووزير الدفاع الجديد اليمين زروال من جهة أخرى، تم التوصل إلى اتفاق للإفراج المشروط عن أربعة من المعتقلين الذين اقترب موعد إطلاق سراحهم. هؤلاء المعتقلون هم الشيوخ عبد القادر بوخمخم وعلي جدي[62]، والمناضلان نور الدين شيقارا وعمر عبد القادر. إلا أن الأخيرين رفضا الخروج بشروط، وكان الهدف من إطلاق سراح جدي وبوخمخم هو تمهيد الطريق لإيجاد حل للأزمة السياسية والأمنية التي تعصف بالبلاد. ومع ذلك، لم تحظَ هذه الخطوة بترحيب جميع أجنحة السلطة، مما وضع أمامها العديد من التحديات والعراقيل ما أدى في النهاية إلى فشل المسعى.[63] استئناف الحواربتاريخ 06 أيلول / سبتمبر 94 وقع قمازي وشيوخ الجبهة الإسلامية رسالة وضحوا فيها تصورهم للحل واستعدادهم لذلك، وبعدها بأسبوع انطلقت جولة جديد من الحوار حيث جاءهم اتّصال من ثلاثة مسؤولين هم الجنرال الطيّب دراجي والجنرال بتشين ومعهما أحمد أويحيى لإجراء اللقاء، وتوصّلت السلطة في الأخير إلى اطلاق سراح ثلاثة هم قمازي ونور الدين شيقارا وعمر عبد القادر بتاريخ 13 أيلول/ سبتمبر 1994[64]، ووضع عبّاسي وبن حاج في إقامة تابعة للدولة[65]، حيث يمكن الاتّصال بمن يمكن أن يساهم في التوصل إلى حل للأزمة من السياسييين والمسلحين، والتنقّل والحصول على جواز السفر والاتّصال برابح كبير والمناضلين في الخارج، على أن يبق عباسي وبن حاج في الإقامة ويتعاون معهم قمازي والمطلق سراحهم.[66] الخروج من السجنفي إطار الجهود المبذولة لحل الأزمة الجزائرية، تم الإفراج عن قمازي من السجن.[64] التقى بعدد من الشخصيات داخل الجبهة الإسلامية للإنقاذ وخارجها، وأطلع الشيوخ على تطورات الأوضاع في الخارج ونتائج لقاءاته. أصدر علي بن حاج رسالة تناولت أحكام الهدنة والصلح[3]، وقبيل 1 نوفمبر 1994، كان شيوخ الفيس يعتزمون اقتراح هدنة.[3] إلا أن السلطات كشفت عن رسالة من علي بن حاج إلى الشريف قواسمي، أمير الجماعة المسلحة[67]، مما أدى إلى تعليق مسار الحوار. إلا أن قمازي استمر في زيارة شيوخ الفيس في إقامة الدولة بجنان المفتي، حتى استئناف الحوار في أبريل 1995، وجاء ذلك بعد رفض السلطات لعقد روما (اتفاق سانت إيجيديو 1995) الذي جمع أطياف المعارضة.[68] قمازي في معاقل المسلحينرغم تعليق مسار الحوار وتعهد الرئيس الجزائري اليمين زروال بسحق الإسلاميين[69]، واصل قمازي لقاءاته مع مختلف الأطياف، بما في ذلك المسلحين. في نوفمبر 1994، وفي إطار الجهود المبذولة لإيجاد حل، التقى قمازي بالشيخ محمد سعيد “بلقاسم لونيس”، القيادي في الجماعة الإسلامية المسلحة (الجيا)، الذي كان قد أعلن بشكل منفرد عن دمج الجبهة الإسلامية للإنقاذ في الجماعة الإسلامية، وهو ما رفضته الكثير من قيادات الجبهة الإسلامية في الداخل والخارج. وعندما عرض قمازي عليه مساعي إيجاد حل سياسي وشرعي، اكتشف أن هناك فجوة كبيرة بين تصور الجماعة وقيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ، وأن الأمر يتطلب وقتًا وجهدًا كبيرين للوصول إلى نتيجة.[3] التهديد بالاغتيالفي عام 1996، نشرت وسائل الإعلام الجزائرية بيانًا صادرًا عن إحدى الجماعات المسلحة، يهدد بتصفية كمال قمازي وعدد من قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ.[3] محطات ومواقفرئاسيات 1999في عام 1999، اتفقت قيادة الجبهة الإسلامية للإنقاذ بمن فيهم كمال قمازي على دعم المرشح أحمد طالب الإبراهيمي[70]، معتبرين أنه قد يكون الحل للأزمة التي تعصف بالبلاد. ومع ذلك، انسحب الإبراهيمي وجميع المرشحين الآخرين من السباق الرئاسي، بعد اتهامات بتدخل المؤسسة العسكرية لصالح المرشح عبد العزيز بوتفليقة،[71] الذي فاز في النهاية برئاسة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية. المصالحة الوطنيةرغم ترحيبهم بأي جهود تهدف إلى حل الأزمة وتطبيع الحياة السياسية في البلاد، إلا أن قمازي وقيادات الجبهة الإسلامية الأصيلة أبدوا تحفظهم على مشروع المصالحة الوطنية الذي طرحه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، معتبرين أنه لا يعالج الأزمة بل يورثها إلى الأجيال القادمة ودعت إلى ما سمتها مصالحة حقيقية تعالج جذور الأزمة.[72][73] وفي لقاء جمع قمازي وعلي جدي مع رئيس الحكومة الأسبق عبد العزيز بلخادم في عام 2004، أشارالأخير إلى أن الولاية الثانية لبوتفليقة ستبدأ بعفو شامل، وهو ما لم يتحقق. تضييقاتتعرض كمال قمازي لحملة مضايقات، كان من أبرزها تصريحات وزير الشؤون الدينية والأوقاف الأسبق محمد عيسى، الذي اتهمه بالاستيلاء على أملاك وقفية وتحويلها إلى ملكية خاصة، مشيرًا إلى شقته في باب الوادي. رد قمازي على هذه الاتهامات مؤكدًا أن الشقة ملكية خاصة، موثقة بعقد شراء من الجمعية الأسقفية بالجزائر، بعد جلسات مع أسقف الجزائر الكاردينال ديفال في عام 1986، أي قبل تأسيس الجبهة الإسلامية للإنقاذ.[74] المطالبة بعودة الفيس:طالب قمازي بإعادة النظر في قرار حظر الجبهة الإسلامية للإنقاذ، ودعا السلطات الجزائرية إلى تركه يعمل بشكل عادي ويمارس نشاطه السياسي بكل حرية.[75] رفع الرقابة القضائية:في 9 نوفمبر 2016، أبلغ القضاء كمال قمازي برفع الرقابة القضائية التي كانت مفروضة عليه منذ ثماني سنوات، وذلك بسبب مشاركته في مظاهرة لدعم غزة خلال الهجوم الإسرائيلي عام 2008.[76][77] المشاركة في الندوات السياسية:
المراجع
وصلات خارجية |