انبعاثات غازات الدفيئة انبعاثات لغازات الدفيئة تنشأ عن مجموعة واسعة من النشاطات البشرية التي تسبب التغير المناخي، إذ تزيد تراكيزها في الغلاف الجوي للأرض. تضم هذه الانبعاثات بشكل رئيسي انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون من احتراق الوقود الأحفوري، كالفحم والبترول (يشمل النفط) والغاز الطبيعي بشكل رئيسي؛ ولكنها تشمل أيضًا إزالة الغابات وتغيرات أخرى في استخدام الأراضي. وجد استبيان أجري عام 2017 للشركات المسؤولة عن الانبعاثات في العالم أن 100 شركة كانت مسؤولة عن 71% من الانبعاثات العالمية المباشرة وغير المباشرة.[1][2][3]
هناك عدة أنواع من غازات الدفيئة، لذا تنتج انبعاثات مختلفة عن القطاعات المختلفة. على سبيل المثال: المصدر الرئيسي لانبعاثات الميثان الناتجة عن الأنشطة البشرية هو الزراعة، يتبعها بفرق قليل تنفيس الغاز في حقول الغاز الطبيعي والانبعاثات الهاربة من صناعة الوقود الأحفوري. حصاد الرز التقليدي هو ثاني أكبر مصدر زراعي للميثان بعد المواشي، بأثر على المدى القريب يكافئ انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون من كل قطاع الطيران. كذلك فإن الغازات المفلورة من وسائط التبريد تلعب دورًا كبيرًا في الانبعاثات الكلية الصادرة عن البشر.[4][5][6]
بمعدلات الانبعاثات الحالية، يمكن لدرجات الحرارة أن تزداد بمقدار درجتين مئويتين (3.6 درجة فهرنهايت)، وهو المقدار الذي عينته اللجنة الدولية للتغيرات المناخية التابعة للأمم المتحدة حدًّا أعلى لتفادي المستويات «الخطرة»، بحلول عام 2036.[7]
مصادرها
منذ نحو عام 1750، زاد النشاط البشري تراكيز ثنائي أكسيد الكربون وغازات دفيئة أخرى. منذ عام 2001، كانت تراكيز ثنائي أكسيد الكربون المقاسة في الجو أعلى بمئة جزء بالمليون من مستوياتها قبل المرحلة الصناعية. المصادر الطبيعية لثنائي أكسيد الكربون أكبر من المصادر الناتجة عن النشاط البشري بأكثر من 20 ضعف، ولكن على امتداد فترات أطول من بضع سنوات فإن المصادر الطبيعية توازنها بشكل كبير مصارف طبيعية لثنائي أكسيد الكربون، وأهمها التركيب الضوئي لمركبات الكربون من قبل النباتات والبلانكتون البحري. نتيجةً لهذا التوازن، فقد بقي الكسر المولي لثنائي أكسيد الكربون في الجو بين 260 و280 جزء بالمليون طيلة فترة 10,000 عام بين نهاية العصر الجليدي الكبير الأخير وبداية الحقبة الصناعية.[8][9][10]
من المرجح أن التدفئة الناتجة عن النشاط البشري (الأنثروبوجينية)، كتلك التي سببها ارتفاع مستويات غازات الدفيئة، كان لها أثر ملحوظ على العديد من الأنظمة الحيوية والمادية. لازدياد الحرارة عدة آثار، منها ارتفاع منسوب البحر، وزيادة عدد وقسوة الظروف الجوية المتطرفة، وضياع التنوع الحيوي، والتغيرات المناطقية في الإنتاجية الزراعية.[11][11][12][13]
المصادر الرئيسية لغازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري هي:
حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات اللذان يؤديان إلى ارتفاع تراكيز ثنائي أكسيد الكربون في الهواء. ينتج عن تغير استخدام الأراضي (بشكل رئيسي إزالة الغابات في المناطق الاستوائية) نحو ثلث انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون ذات المصادر البشرية.[14][15]
التخمر المعوي لدى الماشية، وتدبير الروث، وزراعة حقول الأرز، واستخدام الأراضي والتغيرات في المناطق الرطبة، والبحيرات بشرية الصنع، وفواقد خطوط الغاز، وانبعاثات مكبات النفايات المغطاة المهواة التي تؤدي إلى تراكيز أكبر للميثان في الغلاف الجوي. تشكل العديد من أنظمة التخمر اللاهوائي الحديثة المهواة بالكامل، والتي تحسن وتستهدف عمليات التخمر، مصادر أيضًا لميثان الغلاف الجوي.
استخدام الكلوروفلوروكربونات في أنظمة التبريد، واستخدام الكلوروفلوروكربونات والهالونات في أنظمة إطفاء الحرائق وعمليات التصنيع.
النشاطات الزراعية، بما فيها استخدام الأسمدة التي تؤدي إلى ارتفاع تركيز أكسيد النيتروس (N2O).
المصادر السبعة لثنائي أكسيد الكربون من حرق الوقود الأحفوري هي (مع النسب المئوية لمساهمة كل منها بين عامي 2000-2004):[16]
«وقود نواقل النفط الدولية» المستخدم في النقل وغير الوارد في جرد المستودعات الوطنية: 4%
ثنائي أكسيد الكربون، والميثان، وأكسيد النيتروس (N2O)، وثلاث مجموعات من الغازات المفلورة (هيكسافوريد الكبريت (SF6)، والهيدروفلوروكربونات (HFCs)، والبيرفلوروكربونات (PFCs)) هي أهم غازات الدفيئة الناتجة عن النشاط البشري، وتخضع لمعاهدة بروتوكول كيوتو الدولية، التي سرى مفعولها اعتبارًا من 2005. انتهت صلاحية القيود على الانبعاثات المحددة في بروتوكول كيوتو في عام 2012. تضم اتفاقية كانكون، المبرمة عام 2010، تعهدات طوعية من قبل 76 دولة للحد من الانبعاثات والسيطرة عليها. حين إبرام الاتفاقية، كانت هذه الدول الستة والسبعون مسؤولة عن 85% من الانبعاثات العالمية السنوية.[17][18][19][20]
مع أن الكلوروفلوروكربونات غازات دفيئة، فإنها تخضع لبروتوكول آخر هو بروتوكول مونتريال، الذي حفزته مساهمة الكلوروفلوروكربونات في نضوب طبقة الأوزون لا مساهمته في الاحتباس الحراري العالمي. يلاحظ أن نضوب الأوزون له دور ضئيل فقط في الاحتباس الحراري، مع أن الكثيرين في الإعلام يخلطون بين العمليتين. في عام 2016، وصلت المفاوضات بين أكثر من 170 دولة مشاركة في قمة برنامج الأمم المتحدة البيئي إلى اتفاقية ملزمة قانونيًّا بإيقاف العمل بالهيدروفلوروكربونات في تعديل على بروتوكول مونتريال.[21][22][23]
الانبعاثات وفق القطاع
يمكن أن تعزى انبعاثات غازات الدفيئة إلى العديد من قطاعات الاقتصاد. يوفر هذا صورةً عن المساهمات المتنوعة لأنواع مختلفة من النشاط الاقتصادي في الاحتباس الحراري، ويساعد في فهم التغيرات المطلوبة للحد من التغير المناخي.
يمكن تقسيم انبعاثات غازات الدفيئة بشرية الصنع إلى تلك الناشئة عن حرق الوقود لإنتاج الطاقة، وتلك الناجمة عن عمليات أخرى مختلفة. ينجم نحو ثلثي انبعاثات غازات بيت الدفيئة عن حرق الوقود.[24]
يمكن إنتاج الطاقة عند نقطة الاستهلاك، أو عند مولدة لتستهلك الطاقة فيما بعد من قبل آخرين. وبالتالي يمكن تصنيف الانبعاثات الناجمة من إنتاج الطاقة حسب مكان انبعاثها، أو حسب استهلاك الطاقة من عدمه. إذا كانت الانبعاثات منسوبةً إلى نقطة الإنتاج، فإن مولدات الكهرباء تساهم بنحو 25% من انبعاثات غازات الدفيئة في العالم. إذا نسبت هذه الانبعاثات إلى المستهلك النهائي، فإن 24% من الانبعاثات الكلية تنشأ من التصنيع والبناء، و17% من النقل، و11% من الاستهلاك المنزلي، و7% من المستهلكين التجاريين. نحو 4% من الانبعاثات تنشأ من الطاقة المستهلكة من قبل قطاع الطاقة والوقود نفسه.[25][26]
الثلث الباقي من الانبعاثات ينشأ من العمليات لا من إنتاج الطاقة. 12% من الانبعاثات الكلية ينشأ من الزراعة، و7% من تغير استخدام الأرض واستغلال الغابات، و6% من العمليات الصناعية، و3% من الهدر. نحو 6% من الانبعاثات انبعاثات هاربة، وهي غازات ضائعة مطروحة من عملية استخلاص الوقود الأحفوري.
اعتبارًا من عام 2020 فإن سيكوندا سي تي إل أكبر منتج انبعاثات في العالم، إذ تنتج 56.5 طنًّا من ثنائي أكسيد الكربون في العام الواحد.[27]
الطيران
نحو 3.5% من الأثر الكلي للإنسان على المناخ يأتي من قطاع الطيران. تضاعف أثر عذا القطاع على المناخ خلال العشرين سنة الماضية، ولكن نسبة مساهمته بالمقارنة مع القطاعات الأخرى لم تتغير لأن بقية القطاعات نمت أيضًا.[28]
البناء والإعمار
في عام 2018، ساهمت صناعة مواد البناء والمحافظة على الأبنية بنسبة 39% من انبعاثات ثنائي أكسيد الكربون المتعلق بالطاقة والعمليات. ساهمت صناعة الزجاج والإسمنت والفولاذ بنسبة 11% من الانبعاثات المتعلقة بالطاقة والعمليات. ولأن البناء استثمار مهم، فإن أكثر من ثلثي الأبنية الموجودة ستبقى موجودة في عام 2050. سيكون من الضروري إعادة تجهيز الأبنية الموجودة لتصبح أكثر كفاءة، وذلك لتحقيق أهداف اتفاقية باريس؛ سيكون من غير الكافي تطبيق معايير الانبعاثات المنخفضة على الأبنية الحديثة وحسب. تدعى الأبنية التي تنتج طاقة بمقدار ما تستهلك أبنية الطاقة المعدومة (صفر-طاقة)، في حين تسمى الأبنية التي تنتج طاقةً أكثر مما تستهلك أبنية الطاقة الزائدة. تصمم أبنية الطاقة المنخفضة لتكون شديدة الكفاءة باستهلاك كلي منخفض للطاقة وانبعاثات كربون منخفضة – من الأنواع الشائعة المنزل المنفعل.[29][30]
القطاع الرقمي
أنتج القطاع الرقمي في عام 2017 3.3% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، أكثر من الطيران المدني (2%). يتوقع أن تصل هذه النسبة إلى 4% في عام 2020، ما يكافئ انبعاثات الهند في عام 2015. ولكن القطاع يخفض الانبعاثات من القطاعات الأخرى التي لها حصة عالمية أكبر، كنقل الأشخاص.[31][32][33]
توليد الكهرباء
يسبب توليد الكهرباء انبعاث أكثر من ربع غازات الدفيئة في العالم. محطات الطاقة العاملة على الفحم أكبر مسبب انبعاثات في العالم، بأكثر من 10 غيغاطن من ثنائي أكسيد الكربون في عام 2018. ورغم كونها أقل تلويثًا بكثير من محطات الفحم، فإن محطات الطاقة العاملة على الغاز الطبيعي مصدر كبير أيضًا للانبعاثات.[34][35]
الصناعات الدوائية
أطلقت الصناعات الدوائية 52 ميغاطن من ثنائي أكسيد الكربون إلى الجو في عام 2015. وهذا أكثر من انبعاثات قطاع السيارات. ولكن هذه الدراسة استخدمت الانبعاثات المشتركة للمركبات التي تساهم في إنتاج الأدوية بالإضافة إلى منتجات أخرى.[36]
^ ابIPCC (2007d). "6.1 Observed changes in climate and their effects, and their causes". 6 Robust findings, key uncertainties. Climate Change 2007: Synthesis Report. A Contribution of Working Groups I, II, and III to the Fourth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC). Geneva: IPCC. مؤرشف من الأصل في 2012-11-06. اطلع عليه بتاريخ 2012-09-04.
^"3.3.1 Impacts on systems and sectors". 3 Climate change and its impacts in the near and long term under different scenarios. Climate Change 2007: Synthesis Report. A Contribution of Working Groups I, II, and III to the Fourth Assessment Report of the Intergovernmental Panel on Climate Change (IPCC). Geneva: IPCC. 2007d. مؤرشف من الأصل في 3 نوفمبر 2018. اطلع عليه بتاريخ 31 أغسطس 2012.
^Steinfeld، H.؛ Gerber، P.؛ Wassenaar، T.؛ Castel، V.؛ Rosales، M.؛ de Haan، C. (2006). Livestock's long shadow (Report). FAO Livestock, Environment and Development (LEAD) Initiative. مؤرشف من الأصل في 2019-03-11.
^Ciais, Phillipe؛ Sabine, Christopher؛ وآخرون. "Carbon and Other Biogeochemical Cycles"(PDF). في Stocker Thomas F.؛ وآخرون (المحررون). Climate Change 2013: The Physical Science Basis. IPCC. ص. 473.
^"Kyoto Protocol". United Nations Framework Convention on Climate Change. Home > Kyoto Protocol. مؤرشف من الأصل في 2021-04-13.
^King, D.؛ وآخرون (يوليو 2011)، "Copenhagen and Cancún"، International climate change negotiations: Key lessons and next steps، Oxford: Smith School of Enterprise and the Environment, University of Oxford، ص. 12، DOI:10.4210/ssee.pbs.2011.0003 (غير نشط 19 يناير 2021)، مؤرشف من الأصل في 2013-08-01، اطلع عليه بتاريخ 2021-04-21{{استشهاد}}: صيانة الاستشهاد: وصلة دوي غير نشطة منذ 2021 (link)"PDF available"(PDF). مؤرشف من الأصل(PDF) في 2012-01-13. اطلع عليه بتاريخ 2021-04-21.