ملكة السماء

ملكة السماء لقبًا أُطلق على الكثير من آلهة السماء التي عُبدت في جميع أنحاء حوض البحر الأبيض المتوسط القديم والشرق الأدنى القديم . ومن بين الآلهة المعروفة التي كان يُشار إليها بهذا القب: إنانا ، وعنات ، وإيزيس ، ونوت ، وعشتروت ، وربما عشيرة (حسب النبي إرميا ). وفي العصر اليوناني الروماني، حملت هيرا وجونو هذا اللقب. وتعددت أشكال ومحتوى العبادات.

إنانا

ختم أسطواني أكدي يصور الإلهة إنانا تدوس أسد بينما تقف نينشوبور أمامها وهي تؤدي طقوسها، حوالي 2334-2154 ق.م

إنانا هي إلهة الحب والحرب السومرية. وعلى الرغم من ارتباطها بالتزاوج والخصوبة لدى البشر والحيوانات، إلا أنها لم تكن إلهة أم ونادرًا ما ترتبط بالولادة.[1] ارتبطت إنانا أيضًا بالمطر والعواصف وكوكب الزهرة .[2] يشير لوح فينوس لأمي صدوقا ، والذي يُعتقد أنه تم تجميعه في منتصف القرن السابع عشر ق.م، [3] إلى كوكب الزهرة بلقب "ملكة السماء الساطعة".[4][5][6][7][8][9]

على الرغم من أن لقب ملكة السماء كان يُطلق غالبًا على العديد من الآلهة المختلفة طوال العصور القديمة، إلا أن إنانا هي التي يُطلق عليها اللقب أكبر عدد من المرات. وفي الواقع، اسم إنانا مشتق بشكل عام من الكلمتين نين التي تعني "سيدة" و نا التي تعني "سماء" و حرفيًا "ملكة السماء" في السومرية القديمة [10]

تذكر إنانا بأنها ابنة نانا إله القمر السومري في العديد من الأساطير.[11] ومع ذلك، في نصوص أخرى، غالبًا ما توصف بأنها ابنة إنكي أو آن .[12][13][14] وقد دفعت هذه الصعوبات بعض علماء الآشوريات الأوائل إلى اقتراح أن إنانا ربما كانت في الأصل إلهة من الفترة ما قبل السومرية المسمى فراتية أولية ، وربما كانت مرتبطة بإلهة الأم الحورية خاناخانا ، والتي أُدرجت في وقت لاحق في مجمع الآلهة السومري، وهي فكرة دعمتها شباب إنانا، وأنها على عكس من الآلهة السومرية الأخرى، لم يكن لها أي مجال من المسؤوليات في البداية .[15]

تظهر إنانا في سومر باعتبارها "ملكة السماء" في الألفية الثالثة قبل الميلاد. وفي أكد إلى الشمال، تم عبادتها لاحقًا باسم عشتار . في قصة نزول إنانا السومرية ، عندما تم تحدي إنانا عند البوابات الخارجية للعالم السفلي، أجابت:[16]

أنا إنانا، ملكة السماء،

في طريقي إلى الشرق

كانت عبادة إنانا راسخة في بلاد ما بين النهرين وبين الكنعانيين في الغرب. يصف بروس تحول كوكب الزهرة من إله ذكر إلى عشتار، وهي إلهة أنثى عند الأكديين و يربط عشتار ، تموز ، إنيني، ما (كبادوكيا)، مامي ، دينجير-ماه، سيبيل ، أجديستيس ، بيسينونتيكا والأم الإيديية بعبادة الإلهة الأم الكبرى.[17]

عشتروت

عشتروت تركب عربة بها أربعة أغصان تبرز من السقف، على ظهر عملة جوليا ميزا من صيدا

من المحتمل أن الإلهة، ملكة السماء، التي عارض إرميا عبادتها بشدة، كانت عشتاروت . عشتار هو اسم إلهة معروفة من المناطق السامية الشمالية الغربية، وعشتاروت قريبة في الاسم والأصل والوظائف من الإلهة عشتار في النصوص الرافدينية . النقحرة الآخرة هي "عشتارت" ؛ وتشمل الأسماء الأخرى للإلهة فيالعبرية عشترت، والأوغاريتية "عثترت" (أيضًا "عاثترتوالأكدية " داس-تار-تو D As-tar-tú" (أي"استارتو ") واالإترورية "أوني- استره Uni-Astre" ( ألواح بيرجي ).

ارتبطت عشتروت بالخصوبة والجنس والحرب . كانت رموزها هي الأسد ، الحصان ، أبو الهول ، الحمامة ، ونجمة داخل دائرة تشير إلى كوكب الزهرة . في كثير من الأحيان تظهرها التمثيلات التصويرية عارية. دخلت عشتروت عند اليونانيين تحت اسم أفروديت . كانت جزيرة قبرص ، واحدة من أهم مراكز ديانة عشتروت.

في الكتاب المقدس العبري

ورد ذكر "ملكة السماء" في العهد القديم و جرى ربطها بإلهات مختلفة من قبل باحثين مختلفين، بما فيهن: عنات، عشتار أو عشيرة، أو عشتروت، أو كشخصية مركبة.[18] عبادة "ملكة السماء" (بالعبرية: מלכת השמים‏) ( ملكت هشميم ) ترد في سفر إرميا ، في سياق إدانة النبي لمثل هذه العبادة الدينية وكونها سببًا لإعلان الرب أنه سيزيل شعبه من الأرض.[19][20]

«17 ألا ترى ماذا يصنعون في مدن يهوذا وفي شوارع أورشليم؟ 18 البنون يلتقطون الحطب، والآباء يوقدون النار، والنساء يعجن الدقيق، ليصنعوا أقراصا لملكة السماء، ويسكبوا سكبا لآلهة أخرى، لكي يسخطونني»

في إرميا 44: 15-18:[21][22]

«15 فأجاب إرميا جميع الرجال العارفين أن نساءهم يحرقون البخور لآلهة أخرى، وجميع النساء الواقفات في جماعة عظيمة ( وكل الشعب الساكن في أرض مصر في فتروس)، قائلين: 16 (( إن الكلام الذي كلمتنا به بآسم الرب، لا نسمع لك فيه، 17 بل نعمل بحسب كل كلام يخرج من أفواهنا، محرقين البخور لملكة السماء. وساكبين لها سكبا، كما عملنا نحن وآباؤنا وملوكنا ورؤساؤنا في مدن يهوذا وشوارع أورشليم، فشبعنا خبزا وكنا بخير ولم نر شرا. 18 ولكن، منذ أهملنا إحراق البخور لملكة السماء وسكب السكب لها، صرنا محتاجين إلى كل شيء، وفنينا بالسيف والجوع ))»

في مصر في القرنين السادس والسابع ق.م كان هناك معبد ليهوه، وكان مركز عبادات المجتمع اليهودي في جزيرة إلفنتين حيث كان يُعبد يهوه بالاشتراك مع الإلهة عناة (التي سميت في برديات المعبد هناك باسم عناة بيت إيل وعناة ياهو).[23]

إيزيس

نقش برونزي لإيزيس وهي ترتدي تاجًا شمسيًا (القرن الثاني ق.م)

عُبدت إيزيس أولًا في مصر. ووفقًا للمؤرخ اليوناني هيرودوت ، الذي كتب في القرن الخامس ق.م، كانت إيزيس الإلهة الوحيدة التي يعبدها جميع المصريين على حد سواء، [24] وكان تأثيرها واسع النطاق في تلك المرحلة، حتى أنها أصبحت متوافقة مع الإلهة اليونانية ديميتر .[25] وبعد غزو مصر على يد الإسكندر الأكبر ، وبدء بطليموس الأول في إدخال الثقافة المصرية في الحضارة الهيلينية ، أصبحت تُعرف في النهاية باسم "ملكة السماء".[26] ويؤكد أبوليوس ذلك في روايته "الحمار الذهبي "، حيث تصلي شخصيته إلى "ملكة السماء". وتستجيب الإلهة بنفسها لصلاته، وتقدم مونولوجًا مطولًا تحدد فيه نفسها صراحةً على أنها ملكة السماء وإيزيس.

««ثم بوجه باكٍ، أديت هذه الصلاة للإلهة القوية، قائلًا: يا ملكة السماء المباركة... وهكذا فإن الهيئة الإلهية التي تتنفس البهارات اللذيذة من بلاد العرب الخصبة، لم تتردد بصوتها الإلهي في النطق بهذه الكلمات لي: انظر يا لوسيوس، لقد جئت، لقد دفعني بكاؤك وصلواتك إلى مساعدتك. أنا الأم الطبيعية لكل الأشياء، وسيدة ومربية كل العناصر، والنسل الأول للعوالم، ورئيسة القوى الإلهية، وملكة السماء... والمصريون الذين يتفوقون في كل أنواع العقائد القديمة، والذين اعتادوا على عبادتي وفقًا لطقوسهم المناسبة، ينادونني بالملكة إيزيس..»[27]

»

المراجع

  1. ^ Fiore, Silvestro. Voices From the Clay: the development of Assyro-Babylonian Literature. University of Oklahoma Press, Norman, 1965.
  2. ^ Jacobsen, Thorkild. The Treasures of Darkness: a History of Mesopotamian Religion. Yale University Press, New Haven and London, 1976.
  3. ^ Hobson، Russell (2009). The Exact Transmission of Texts in the First Millennium B.C.E. (PDF) (Ph.D. thesis). جامعة سيدني, Department of Hebrew, Biblical and Jewish Studies. مؤرشف من الأصل (PDF) في 2024-07-08.
  4. ^ Waerden, Bartel (1974). Science awakening II: the birth of astronomy. Springer. ص. 56. ISBN:978-90-01-93103-2. مؤرشف من الأصل في 2024-05-12. اطلع عليه بتاريخ 2011-01-10.
  5. ^ Buratti، Bonnie (2017). Worlds Fantastic, Worlds Familiar: A Guided Tour of the Solar System. Cambridge University Press. ص. 29. ISBN:9781107152748. مؤرشف من الأصل في 2023-06-25. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-22.
  6. ^ Goldsmith، Donald (1977). Scientists confront Velikovsky. Cornell University Press. ص. 122. ISBN:0801409616.
  7. ^ Sheehan، William؛ Westfall، John Edward (2004). The Transits of Venus. University of Michigan. ص. 43–45. ISBN:1591021758.
  8. ^ Campion، Nicholas (2008). The Dawn of Astrology: The ancient and classical worlds. Continuum. ص. 52–59. ISBN:978-1847252142.
  9. ^ Dilmun Culture. National Council of Culture and the Arts. 1992. مؤرشف من الأصل في 2024-09-20. اطلع عليه بتاريخ 2020-04-25.
  10. ^ Wolkstein, Diane and Noah Kramer, Samuel, "Inanna: Queen of Heaven and Earth" - a modern, poetic reinterpretation of Inanna myths
  11. ^ Wolkstein, Diane, and Samuel Noah Kramer. Inanna: Queen of Heaven and Earth: Her Stories and Hymns from Sumer. Harper &Row, Publishers, 1983, New York.
  12. ^ "Inana's descent to the nether world: Translation". مؤرشف من الأصل في 2012-06-30.
  13. ^ "Inana and Enki: Translation". مؤرشف من الأصل في 2021-11-09.
  14. ^ "Inana and Ebih: Translation". مؤرشف من الأصل في 2024-03-21.
  15. ^ Harris, Rivkah (1991), "Inanna-Ishtar as Paradox and a Coincidence of Opposites" (History of Religions, Vol. 30, No. 3 (Feb., 1991)), pp. 261-278
  16. ^ Wolkstein, Diane and Samuel Noah Kramer. Inanna: Queen of Heaven and Earth: Her Stories and Hymns from Sumer. Harper and Row, Publishers, 1983, New York. (Page 55)
  17. ^ Bruce, F. F. (1941), "Babylon and Rome" (The Evangelical Quarterly, Vol. 13, (Oct. 15, 1941)), pp. 241-261
  18. ^ Dr. Gerald Keown؛ Pamela Scalise؛ Thomas G. Smothers (29 مايو 2018). Jeremiah 26-52, Volume 27. Zondervan Academic. ص. 416–. ISBN:978-0-310-58869-6. مؤرشف من الأصل في 2023-04-08.
  19. ^ Biblegateway, Jeremiah 7, 17. نسخة محفوظة 2024-06-15 على موقع واي باك مشين.
  20. ^ J. A. Thompson (12 سبتمبر 1980). A Book of Jeremiah. Wm. B. Eerdmans Publishing. ص. 283–. ISBN:978-0-8028-2530-8. مؤرشف من الأصل في 2023-04-08.
  21. ^ Biblegateway, Jeremiah 44. نسخة محفوظة 2024-06-16 على موقع واي باك مشين.
  22. ^ Christopher D. Stanley (1 سبتمبر 2009). The Hebrew Bible: A Comparative Approach. Fortress Press. ص. 345–. ISBN:978-1-4514-0519-4. مؤرشف من الأصل في 2023-04-08.
  23. ^ Dr. Raphael Patai: "The Hebrew Goddess": Duke University Press: third edition
  24. ^ Histories 2.42
  25. ^ Histories 2.156
  26. ^ R.E Witt, "Isis in the Ancient World", 1997, (ردمك 0-8018-5642-6)
  27. ^ "The Golden Asse of Apuleius: The Eleventh Booke: The Forty-seventh Chapter". Sacred-texts.com. مؤرشف من الأصل في 2024-06-16. اطلع عليه بتاريخ 2014-02-13.