مرفأ فوتامي (طوكيو)
ميناء فوتامي (ふたみこう) هو ميناء محلي يقع في جزيرة تشي تشي جيما، التابعة لقرية أوغاساوارا في طوكيو. وِفقًا للوائح قانون الإحصاء الخاص بتصنيف الموانئ، يُصنَّف الميناء كميناء من النوع "ب".[1] كما يُعتبر ميناءً للدخول والخروج بموجب قانون إدارة الهجرة واللاجئين، وميناءً للحجر الصحي بموجب قانون الحجر الصحي[2] وكذلك يُتناول في هذا المقام ذكر ميناء الصيد المجاور فوتامي (ふたみぎょこう)، بما يشمله من خصائص ومزايا، توضيحًا لما فيه من منفعة وبيانًا لموقعه المتصل بهذا الميناء توضيح و عرضيقع ميناء فوتامي في عمق خليج فوتامي الممتد على الجانب الغربي من جزيرة تشي تشي جيما، حيث يمتد مدخل الخليج لمسافة تُقارب 2 كيلومتر، ويتوغل في عمق الجزيرة لحوالي 4 كيلومترات. يتميز بمياهه التي تصل أعماقها إلى نحو 40 مترًا، مما يجعله ميناءً طبيعيًا بديعًا، قادرًا على استقبال السفن الكبيرة واحتضانها بأمان.[3][4] وعلى بُعد يقارب 1000 كيلومتر عن البر الرئيسي، تقف قرية أوغاساوارا، بلا مطار مدني يُمكن للناس استخدامه. وهكذا، تُصبح السفن الوسيلة الوحيدة للانتقال إليها .ولهذا السبب أصبح الميناء مركزًا للنقل يربط بين البر الرئيسي والقرية.[5] وهي كذلك ملاذٌ آمن، وقاعدة للإخلاء والاستراحة، وموئلٌ للإمداد بما يحيطها من مياه[5][6] " وفي رحاب هذا الميناء، ترسو زوارق الدورية التابعة لمكتب خفر السواحل للمنطقة الثالثة، ومنها الزورق الحارس (ميكازوكي)، والقارب المراقب (سازانكروس)،. وفي عام 2021 (العام الثالث من عهد رييوا)، بلغ عدد السفن التي أرسَت وأبحرت (8,424 سفينة)، بحمولة إجمالية (1,010,655 طنًا). أما الركاب، فقد بلغ عددهم (78,068 نفسًا)، منهم (38,884) ركبوا متن السفن، و(39,184) وطأت أقدامهم أرض الميناء. وأما تسمية خليج فوتامي، فقد اشتُقَّت من الصخور التي تُشبه تلك القائمة عند فوتامي أورا في مدينة إيسي بمحافظة ميه اليابانية، حيث تقف صخرة تشبه (صخرة الزوجين) داخل الخليج، شاهدة على هذا التشابه.[7] وقد أصبحت تلك الصخرة الآن جزءًا من حاجز الأمواج الذي يحمي ميناء الصيد. تاريخوفي عهد إيدو، سنة 1670 (كانبون العاشرة)، تحطمت سفينة محملة بالبرتقال كانت مبحرة من مقاطعة كي صوب إيدو، فانتهى بها المطاف إلى أن جنحت و جُرفت إلى جزيرة هاهاجيما الحالية.[8] وهذا يُعدُّ أول نزولٍ لليابانيين في جزر أوغاساوارا، مما دُوِّن في السجلات وحُفظ في كتب التاريخ. فقد قام صاحب البضاعة، "تشوإيمون" ومن معه من القوم، بصنع سفينة صغيرة جديدة، وعادوا بها إلى البر الرئيسي، وأخبروا بما جرى إلى حاكم شيمودا. روعلى ذلك بعثت حكومة إيدو الملاح "إيتشيزايمون شيماتاني"، وهو من ناغاساكي ممن تعلم فنون الملاحة على النهج الغربي، لاستكشاف جزر أوغاساوارا ومسح معالمها في عام 1675 ( [8][9] وقد سُمِّي خليج فوتامي بهذا الاسم في تلك الحقبة، مع تسمية جزيرة تشي تشي جيما وهها جيما وسائر الجزر معها.[8] جنب مع جزر أخرى مثل تشيتشي جيما وهاهاجيما. وغير أن الحكومة آنذاك (عزمت!) على إرسال بعثات لتفقد جزر أوغاساوارا، لكن الأمر لم يتحقق، [10] وظل الحال على فتورٍ في شأن استيطان الجزر أو إعلان سيادتها عليها.[11] ومع دخول القرن التاسع عشر، اشتد نشاط صيد الحيتان في المحيط الهادئ، وأصبحت المياه القريبة من جزر أوغاساوارا موئلًا مثاليًا لهذا الصيد، وتواترت السفن الأوروبية والأمريكية على ارتيادها، وفي عام 1827 أبحرت السفينة الحربية البريطانية "بلوسوم" بقيادة فريدريك ويليام بيتشي إلى أوغاساوارا، حيث أطلق على جزيرة تشي تشي جيما اسم "جزيرة بيل" (Peel Island)، وعلى جزيرة هها جيما اسم "جزيرة بيلي" (Bailey Island)، كما سمَّى خليج فوتامي باسم "ميناء لويد" (Port Lloyd).[10] فبلغت هذه الأخبار إلى جزر هاواي، فدعا ذلك الأمريكي ناثانيال سافري ومن معه من المقيمين هناك إلى النزول في جزيرة تشيتشيجيما، فكانوا أول من استوطن فيها استيطانًا دائمًا في أرض أوغاساوارا، وأُبلغ عن وجود سافري ومن معه من المستوطنين إلى حكومة الشوغون، وذلك عبر قوم من مقاطعة موتسو جرفتهم الأمواج إلى شواطئ جزيرة تشيتشيجيما في عام 1840 (السنة الحادية عشرة من عهد تينبو)، ثم عادوا إلى البر الرئيسي.[10] وفي عام 1853، أقبل ماثيو بيري، قائد البحرية الأمريكية، في رحلة جريئة ليضغط على حكومة الشوغون لفتح أبواب اليابان المغلقة، فنزل بجزيرة تشيتشيجيما في طريقه، واشترى من سافري قطعة أرض في ميناء لويد ليقيم فيها قاعدة لتخزين الفحم، وكتب في مذكراته قائلاً: إن دخول السفن إلى هذا الميناء ميسّر وآمن، وهو ميناء يُعد من أيسر المرافئ وأكثرها منفعة، وأعلن في تقاريره للبحرية: إن ميناء لويد هو الأنسب لتخزين الفحم ومرسى السفن البخارية. ومن أخبار بيري، تجلّت لحكومة الشوغون الحقيقة حول وجود مستوطنين أجانب في أوغاساوارا، فأعدّت عدتها لاستعادة سيادتها على الجزر، وفي عام 1862 (السنة الأولى من عهد بونكيو)، أرسلت الحاكم ميزونو تاداتوكو والمترجم ناكاهاما مانجيرو على متن السفينة كانرينمارو، وأمرتهم بتفقد جزيرة أوغاساوارا وإعداد تقرير مُفصّل عن حالها، وفي الوقت نفسه، أبلغت الدول الأجنبية أن أوغاساوارا تُعد أرضًا يابانية خالصة، وقد ورد ذكر ميناء فوتامي في سجل الرحلة البحرية الرابع الذي سُطّرت فيه مشاهدات ميزونو ورفاقه وفيما بعد، أُرسل من جزيرة هاتشوجيما ثلاثون من المستوطنين اليابانيين، ومعهم ثمانية من الحرفيين، بين نجارين وحدادين وغيرهم من أرباب المهن، فكانوا أول من استقر في جزيرة تشيتشيجيما من بني اليابان، كما قامت حكومة الشوغون تحت إشراف مانجيرو باستخدام ميناء فوتامي قاعدةً للقيام بصيد الحيتان، غير أن هجرة المستوطنين توقفت إثر تدهور العلاقات مع بريطانيا عقب حادثة ناماموجي، لكنها استؤنفت بجدية تحت حكم حكومة ميجي في عام 1876 (السنة التاسعة من عهد ميجي)، فتقدمت جهود استصلاح جزر أوغاساوارا وتوسعت، كما جرى تنظيم خطوط النقل البحري بين الجزر والبر الرئيسي، حيث كانت الرحلات البحرية ثلاث مرات سنويًا في عام 1876، وازدادت إلى أربع رحلات سنويًا في عام 1881 (السنة الرابعة عشرة من عهد ميجي). وفي المقابل، شهد ميناء فوتامي تطورات عسكرية، إذ أُنشئ فيه عام 1917 (السنة السادسة من عهد تايشو) مستودعٌ للفحم تابعٌ للبحرية، وفي عام 1941 (السنة السادسة عشرة من عهد شووا)، تمركزت وحدات من الحامية العسكرية بجزيرة تشيتشيجيما، وأقامت القوات البرية مدافع في محيط ميناء فوتامي، فغدت المنطقة حصنًا للذود عن اليابان [12] وبعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها المحيط الهادئ، خضعت جزر أوغاساوارا لسيطرة الاحتلال الأمريكي، وبقيت كذلك حتى عام 1968 (السنة الثالثة والأربعون من عهد شووا)، حيث أُعيدت إلى السيادة اليابانية. وعند استعادتها، لم يبق من مرافق ميناء فوتامي سوى أطلال منشآت رفع البضائع التي كانت قد أقامتها حكومة طوكيو في زمن ما قبل الحرب، وبعض الأرصفة التي شيدتها القوات الأمريكية، بينما غابت مرافق ميناء الصيد غيابًا تامًا. وفي مواجهة هذا الواقع، تحركت الحكومة اليابانية لإحياء هذه الجزر، وأقرت قانون الإجراءات الخاصة بإعادة إعمار جزر أوغاساوارا عام 1969 (السنة الرابعة والأربعون من عهد شووا)، وتبِعته بإصدار قانون الإجراءات الخاصة لتنمية وتطوير هذه الجزر، فانطلقت جهود مكثفة لتطوير المرافق والبنى التحتية، واستعادة حيوية الميناء كرمز للسيادة والوصل بين البحر والبر.[13] التحولات
تحية الوداعحين تُبحر السفينة "أوغاساوارا مارو" مغادرة الميناء، تعم الأجواء احتفالات وداع مهيبة، ترتفع فيها الأيدي بالتحايا، وتتردد في الأفق أصوات الهتاف والدعاء، وتتراقص الأعلام في وداع يليق بعظمة الرحيل.[14] قبل إبحار السفينة "أوغاساوارا مارو"، تُقام على الرصيف عروض رائعة، حيث تُقرع طبول أوغاساوارا بقوة، وتُؤدى رقصات النانبو البهية من جنوب اليابان ، ويجتمع العديد من سكان الجزيرة ليشهدوا هذا المشهد.[15][15] ومن اللافت أن أصوات سكان الجزيرة لا تنطق بـ"وداعًا"، بل تُعبّر عن أمل اللقاء مجددًا بقولهم "عودوا سالمين.[16] وفي جزيرة تشيتشيجيما، ترسخت عادة فريدة عند وداع الأحبة، حيث يُهدى المغادرون قلائد "لي" المصنوعة يدويًا بحب وإتقان، وعندما تُبحر السفينة "أوغاساوارا مارو"، يلقي الركاب هذه القلائد من فوق سطحها إلى أعماق البحر، ويُقال إنه إذا عادت القلائد إلى شاطئ الجزيرة، فإن ذلك المغادر سيعود يومًا إلى أرض تشيتشيجيما [17]
الممار البحريةتتعدد مسالك الملاحة المتصلة بجزر أوغاساوارا، إذ تتحرك السفن كأنها عروق تسري في جسد البحر، تربط بين اليابسة والجزر النائية، وفق نظام دقيق لا يحيد عن وجهته، فتنطلق سفينة "أوغاساوارا مارو"، التابعة لشركة أوغاساوارا للشحن، من ميناء طوكيو (مرسى تاكيشيبا) إلى ميناء فوتامي، بمعدل رحلة ذهاب وإياب كل ستة أيام تقريبًا، وإذا ما أقبلت مواسم الذروة مثل عطلة الأسبوع الذهبي والعطلات الصيفية ونهاية العام، تتسارع الوتيرة إلى رحلة كل ثلاثة أيام، كأن البحر يشتاق لحركة المراكب ويأنس بصداها، وأما السفينة "ههاجيما مارو"، التابعة لشركة تطوير جزر إيزو، فتجوب بين ميناء فوتامي وميناء أوكي في جزيرة ههاجيما، بمعدل خمس رحلات ذهابًا وإيابًا أسبوعيًا، وقد نُظم سيرها ليتوافق مع وصول ومغادرة "أوغاساوارا مارو"، وتسير سفينة الشحن "كيوشو مارو"، متحملة أثقال البضائع من ميناء طوكيو (مرسى تسوكيميشي) إلى ميناء فوتامي ثم ميناء أوكي، في رحلات غير منتظمة، لا تحمل الركاب، بل تحمل زاد الحياة ومؤن الأيام إلى تلك الجزر، وعلاوة على تلك السفن، تقصده بين الحين والآخر يخوت وسفن شحن وسفن حكومية وسياحية من البر الرئيسي لليابان، بل وحتى من خارجها، في تلاقي بين السفن الدولية، كما تبحر سفن الإمداد التابعة لقوات الدفاع الذاتي البحرية، حاملة المؤن من قاعدة يوكوسوكا، مارّة بجزيرة إيوو قبل أن ترسو في ميناء فوتامي، في حركة لا تنقطع.
مرافق الميناء
ميناء صيد فوتاميإن ميناء فوتامي لصيد الأسماك، القابع في أقاصي ميناء فوتامي، قد كُتب له أن يُرفع شأنه ويُصنّف ضمن مرافئ الصيد ذات المرتبة الرابعة، وذلك في السادس عشر من شهر يونيو لعام 1970.[13] فهو الان ميناء جوهري لقوارب الصيد المحلية، تُلقى فيه شباك الرجاء على أمل الظفر بخيرات البحر، وتتمثل مصادر الصيد الرئيسية فيه في سمك أبو سيف، وسمك التونة الجاحظ، وسمك التونة الصفراء، والدنيس، والحبار، والهامور الأحمر، والسلحفاة البحرية، وجراد البحر الشوكي.[3] يُعدُّ مأوى أساسياً لقوارب الصيد التي تجوب المياه المحيطة، إذ يتميز بقدرته الفريدة على الصمود أمام تقلبات الأحوال الجوية والبحرية طوال العام. فهو الملاذ الآمن الذي تُرسي فيه قوارب الصيد العاملة في المنطقة، حصنا منيعا يحتضنها عند اشتداد العواصف. كما أنه يؤدي دوراً محورياً كقاعدة تنطلق منها قوارب المتعة وقوارب الصيد المخصصة لمشاهدة معالم المدينة، مُستحضراً في وظيفته مزيجاً من الأمان والرحابة، ليكون محوراً للحياة البحرية والنشاط السياحي في آنٍ واحد . وسائل النقل من هذا الميناءيتشكل التجمع السكني الذي يُعد مركز جزيرة تشيتشيجيما حول هذا الميناء، حيث تتناثر المنازل والمحلات التجارية في محيطه. وعلى مقربة من صالة انتظار الركاب، تمتد الطريق المعروفة بـ"طريق الخليج" (طريق طوكيو 240، خط دوران تشيتشيجيما)، مشكّلة شريانًا يربط شرقي الجزيرة بغربيها، وتنتشر على جانبيه المطاعم ومحلات بيع التذكارات [20][21] تتوفر وسائل النقل العام انطلاقًا من هذا الميناء، حيث تقع محطة حافلات "صالة انتظار الركاب" التابعة لبلدية أوغاساوارا على مقربة منه، وترتبط هذه الحافلات بمرافق الجزيرة المختلفة، بما في ذلك مبنى البلدية والمواقع الرئيسية الأخرى[22] حينما يعزم المسافر على الإقامة في مرافق الضيافة المنتشرة في أرجاء الجزيرة، فإن من عادة العاملين في تلك النُزُل أن يتأهبوا لاستقبال الوافدين عند الميناء، متزامنين في ذلك مع وصول السفينة "أوغاساوارا مارو" [23] حاشية سفلية
مراجع
العناصر ذات الصلة
رابط خارجي |