محمد معلم حسن
محمد معلم حسن (بالصومالية: maxamed macalin xasan) عالم مسلم ومفسِّر من كبار علماء الصومال[3]، يُعتبر الأب الروحي للصحوة الإسلامية في الصومال والحركات الإسلامية التي تبنت مبدأ الصحوة .[4] حياته المبكرةولد الشيخ محمد معلم حسن في بادية قرب مدينة بورهكبه في إقليم باي عام 1934م، وتعلم القرآن في الخلوة كعادة الصوماليين وحفظ القرآن وعمره تسع سنوات، مات أبوه وهو صغير ونشأ في بيت أخواله[4] ، ونبع وتعلم الفقه والعربية، ثم سافر إلى الصومال الغربي خاصة في جغجغا وقرأ على مشائخها الفقه والتفسير، وبعدما أنهى الشيخ دراسته للعلوم الشرعية في الحلقات التقليدية ذهب إلى هرجيسا وعاشها مدة من الزمن، ثم زاره الشيخ شريف عبد النور من علماء الصومال الكبار ونصحه أن يذهب [5] إلى مصر للزيادة من العلم الشرعى. رحل الشيخ من هرجيسا متَّجها إلى مصر، وبعد رحلة شاقة وطويله عبر السودان وصل إلى مصر عام 1958م،[6] وفور وصوله التحق بالأزهر الشريف، بعد أن اجتاز جميع الاختبارات؛ حيث لم يكن لديه شهادة تؤهله للجامعة. واستغرب الأساتذة والعلماء مكانة الشيخ العلمية في مختلف العلوم والمعارف، وحيوه تحية إجلال واحترام. التحق بجامعة الأزهر وخاصة كلية أصول الدين، ونال منها الإجازة العالية من الأزهر الشريف كما حصل على الدبلوم في التربية من جامعة عين شمس.[7] في خلال وجوده مصر نهاية الخمسينات وأوائل الستينات عاصر الشيخ محمد معلم بيئة نشطة للصراعات الأيدولوجية وخاصة صراع الأفكار والسياسة حيث تصادمت أفكار حركات كثيرة منها جماعة الإخوان المسلمين التى تأسست عام 1928م على يد الشيخ حسن البنا، وتأثر الشيخ محمد معلم بتلك الدعوة، وخاصة كتب روَّادها أمثال الإمام حسن البنا وسيد قطب وحسن الهضيبى وغيرهم من علماء الإخوان، وكان أغلب علماء الإخوان في السجن وكانت تنظمهم وكتبهم محظورة.[6] يقول عن حادثة إعدام سيد قطب حسب رواية تلاميذه:
شرع الشيخ في تحضير درجة الدكتوراة وكان موضوع رسالته ( الإيمان وأثره في حياة الفرد والمجتمع) وأشرف عليها الشيخ عبد الحليم محمود شيخ الأزهر حيث كان أستاذا له في قسم العقيدة والفلسفة من قبل، إلا أن الشيخ محمد معلم لم يتمكن من إكمال الرسالة.[8] نشاطه الدعويعاد الشيخ محمد إلى بلاد الصومال وخاصة العاصمة مقديشو في شهر فبراير عام 1968م؛ لتنطلق منها دعوة الشيخ ونشاطه الإسلامي. وصاحَبَ رجوع الشيخ إلى الوطن ظهورُ بعض الجمعيات والمنظمات الإسلامية والاجتماعية ذات الصبغة الدينية والدعوية، وأول هذه المنظمات الرابطة الإسلامية في الصومال بقيادة الشريف محمود شريف عبد الرحمن المشهور بشريف مريا عدي، وتلتها جمعية النهضة الإسلامية، التي شارك في تأسيسها، وكان أغلب الأعضاء رجعوا من الحجاز والقاهرة؛ مثل الشيخ عبد الغني بن الشيخ أحمد، والشيخ إبراهيم صولي، والشيخ محمد أحمد غريري، والشيخ شريف علوي، والشيخ علي بن عبد الرحمن الصوفي وغيرهم. بدأ نشاط الشيخ الدعوي في مسجد الشيخ عبد القادر المشهور بـ”مقام”؛ حيث عقد حلقة علمية كان يدرس فيها كل يوم تفسير القرآن الكريم، وكان يركز على الجانب التربوي، كما اشتغل بالوعظ والإرشاد وإلقاء المحاضرات المنتظمة في المراكز والنوادي العامة، وفيما بعد انضم إلى وزارة العدل والشئون الدينية، وعين رئيسًا بقسم الشئون الدينية.[5] وقد كان رجوع الشيخ حين كان عُمر جمهورية الصومال قصيرًا لم يتجاوز ثمانية أعوام بعد استقلالها من الاستعمار، وفي أواخر الحكومة المدنية. وكانت البلاد في ظل فوضى سياسية أدت بعد سنة إلى اغتيال رئيس جمهورية السيد عبد الرشيد علي شرماركي، وتولي العسكر على مقاليد الحكم في 21 أكتوبر عام 1969م، بقيادة اللواء محمد سياد بري[5] وحاولت الحكومة العسكرية الضغط على الشيخ محمد معلم حسن لإيقاف دروسه في التفسير إلا أنه رفض ذلك بشدة يقول الشيخ محمد معلم عن تلك الفترة:
السجنبعد رفضه إيقاف دروسه في التفسير عرضت عليه الحكومة تعيينه سفيرا في الخارج فرفض أيضا، ما أدى إلى اعتقاله وزجه في السجن عام 1976 ، ومكث فيه حتى عام 1984م [4] يقول الشيخ محمد معلم عن الفترة التي قضاها في السجن
وحين سئل عن طريقة معرفته للوقت ذكر الشيخ أنه كان حافظا فيختم القرآن في كل أسبوع مرة واحدة بالطريقة الصومالية المعروفة وعبرها يعرف أن الأسبوع قد إنتهي وكذا الشهر فإنه كان يقرأ في كل يوم جزءاً وبالتالي يختم القرآن في كل شهر مرة واحدة فيعرف أن الشهر قد إنتهى[8] يقول المؤرخ الدكتور محمد حسين معلم في مقال له
أُفرج عن الشيخ محمد معلم حسن عام 1984 وعاد إلى حلقته وانتظم في دروسه في التفسير، إلا أنه تعرض للضغوط مرة أخرى ورفض الاستجابة لمحاولات إيقاف درسه في التفسير، ما أدى إلى اعتقاله مرة أخرى[10]، يقول الشيخ محمد معلم :
الحركات الإسلامية في الصوماليُعتبر الشيخ محمد معلم الأب الروحي للحركات الإسلامية في الصومال كون روّادها تخرجوا من حلقته العلمية، يقول الدكتور أحمد حاج عبد الرحمن أحد طلبة الشيخ محمد معلم حسن :
بدأت الحركات السرية في بداية السبعينيات 1970، 1971، وكانت البداية من حركة (الأهل)، وكانت تهدف جمع الشباب ونشر الدعوة والوصول إلى السلطة واتخذت من وسائلها التشجيع على التعليم، المجلس الثوري الذي حكم البلاد انزعج من هذه الثورة المضادة والتي تتصاعد بوتيرة متسارعة ولم تستطع استيعاب الظاهرة،ومن هنا بدأ الصدام[11]، واشتدت ضراوتها مع إقدام العسكر على تبني أفكار مضادة للتقاليد الإسلامية. في احتفالات العيد الأول للثورة في أكتوبر 1970م أعلن سياد بري تطبيقه للإشتراكية العلمية معلنا رفضه لمفاهيم الإشتركية العربية والإفريقية والإسلامية، وبعد خمس سنوات من العمل والنشاط الدؤوب لمحاولة تعميق مفهوم الإشتراكية العلمية بلغ هذا الإتجاه ذروته عندما أعلن النظام العسكري عن مساواة المرأة للرجل بما في ذالك الميراث وصدر ذلك رسميا في قانون الأسرة الجديدة رقم 23 الصادر في 1\1\1975م كما نصت المادة 158 من ذالك القانون، [4] ما فجَّر الأوضاع وزادها احتقانا ، وكان من نتائجه انتفاضة العلماء [12] وضجّت المنابر برفض هذا القانون[13]، فردّت الحكومة باعتقال عدد منهم وحكمت بإعدام عشرة منهم[14]، يقول الشيخ محمد معلم حسن:
يقول الدكتور أحمد حاج عبد الرحمن في مذكراته:
لعب الشيخ محمد معلم حسن دورا كبير في نشأة الحركات الإسلامية في الصومال، وأبرز تلك الحركات: جهوده في إصلاح المجتمع بعد انهيار الحكومة الصوماليةبعد انهيار الحكومة المركزية، واندلاع الحرب الأهلية كان -رحمه الله- من بين الأوائل الذين بذلوا جهودًا كبيرةً في إخماد الفتنة. وأسس مجلسًا للعلماء سماه “مجمع علماء الصومال”، واختير الشيخ لرئاسة المجلس. وكان هدف المجلس مشاركة الأمة في معاناتها الحديثة من جراء الحرب الأهلية، ومحاولة خلق ظروف آمنة للبلاد، والإصلاح بين الناس؛ إضافةً إلى مواجهة التحديات الدينية والأخلاقية من قبل الهيئات والمنظمات التنصيرية التي هيمنت على المنطقة، في ظل غياب هيكل حكومي.[5] وأخذ دورا كبيرا في المصالحة بين الفرقاء الصوماليين حيث كان يجتهد في إصلاح ذات البين ، وكان من مؤسسي المحاكم الإسلامية في مقديشوا إبان الحرب إذ جاءت فكرة إنشائها من العلماء بقيادة الشيخ محمد معلم حسن . أثره على المدرسة التفسيرية في الصومالترك الشيخ محمد معلم مدرسة تفسيرية فريدة من نوعها بحيث لم يسبق مثلها أحد قبله في الصومال في القرن الماضي من حيث طريقة عرضه وأسلوبه الشيق الجذاب، وممن تأثر بمدرسته في التفسير:[16]
وآخرون كُثر [17] من أقواله
قيل عنه
وفاتهمرض الشيخ محمد معلم شهر فبراير عام 1999م، وأدخل مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض. وتحسنت حالته الصحية، ثم أصيب بعدها في حادث مرور تعرض له في الرياض، وأعيد إلى المستشفى مرة أخرى. وعندما استعصى شفاؤه نقل إلى أحد المستشفيات في تورينو[5]، توفي الشيخ محمد معلم حسن في مدينة تورينو الإيطالية عام 2000 بعد معاناة طويلة من المرض دامت عليه فترة ، ونقل جثمانه إلى العاصمة الصومالية مقديشو.[9] أنظر أيضاالمراجع
|