مبدأ الطرفينفي شبكات الحاسب، إنّ مبدأ الطرفين أو مبدأ العلاقة بين طرفين (بالإنجليزية: End-to-End Principle) هو هيكل بُنيوي مستعمل في تصميم الشبكة وتطبيقاتها.[1] بحسب هذا المبدأ، يجب أن تتواجد الميّزات المرتبطة بالتطبيقات العاملة في الشبكة في الطرفيّات، وليس في العقد التي تُشكّل بنية الشبكة كالموجّهات والبوابات. يقوم هذا المبدأ على افتراض أساسيّ هو أنّه لا فائدة من إضافة الميّزات إلى كل عقد الشبكة، خاصّةً عندما لا تكون هذه الميّزات مُستخدمة في كل العقد حيث ينتج عن إضافة ميّزة ما، سواء استعملت أو لا، استهلاكاً لبعض موارد العقدة، ويُسبب إضافة ميّزة ما إلى كل عقد الشبكة استهلاكاً في مواردها كُلّها، لذلك يقترح هذا المبدأ إضافة الميزات إلى الطرفيّات فقط. إنّ مبدأ الطرفين مُرتبط بشكل وثيق بمبدأ آخر هو حياديّة الشبكة،[2] وغالباً ما يُنظر إلى مبدأ الطرفين على أنه المبدأ الذي سبق مبدأ حياديّة الشبكة ومهّد له. نبذة تاريخيّةفي عام 1964، وضمن ورقة بحثيّة نُشرت بعنوان:[3] «عن شبكات الاتصال المُوزّع» (On Distributed Communications Networks)، علّق بول باران ودونالد ديفيس على الوثوقيّة في نموذج لشبكة اتصال سبقت شبكة الأربانت بأن: «الشبكة يجب أن تبنى مع توقّع وجود أعطال كبيرة، الوثوقية ومعدّل الخطأ هي أمور ثانويّة.»
لاحقاً في ورقة بحثيّة أخرى بعنوان:[4] «شبكة اتصال رقميّة للحاسوب من أجل إعطاء ردود سريعة في الطرفيات البعيدة» (A Digital Communication Network for Computers Giving Rapid Response at Remote Terminals)، أضاف ديفيس في تعليقه على التحكّم بالأخطاء في العلاقة الطرفين: «من المرجّح أن جميع مُستخدمي الشبكة سوف يُزوّدون أنفسهم بطريقة ما بآليّات للتحكّم بالأخطاء [...] لذلك، فإنّه من الإمكان التسامح مع فقدان الرزم إذا كان محدوداً.»
في عام 1973م، أنشئت شبكة سيكلاد، وكانت أول شبكة تبديل رزم تُطبق مبدأ الطرفين بشكلٍ عمليّ، حيث نُقلت فيها مسؤوليّة تأمين الوصول الموثوق للبيانات إلى الطرفيات بدلاً من كونها خدمة تقدمُها الشبكة.[6] لاحقاً، طبّقت شبكة الأربانت مبدأ العلاقة بين الطرفين. وظيفيّاً، قُسّم العمل في عُقد الشبكة إلى مستويين، مستوى أدنى يهتم بكيفية نقل الرزم بين العقد، ومستوى أعلى يختص بالعلاقة بين الطرفين الذين ينشأ الإتصال بينهما. إنّ تصميم شبكة الأربانت تضمّن دعماً لنقل موثوق للرزم لتجنّب أيّ فشل مُحتمل من خلال آليّات إشعار الإستلام الإيجابيّ (Positive Acknowledgment)[7] وإعادة الإرسال بين كل عقدتين مُتتاليين على المسار،[8] لكنّ التطبيق العملي للشبكة أثبت استحالة الوصول للوثوقيّة المرغوبة عند اتباع هذه الآليّات،[9] وبشكلٍ خاص مع توسّع الشبكة وزيادة طول المسار عن أربع عقد. إنّ شبكة الأربانت هي حالة دراسيّة هامة عن محدوديّة آليّات الوثوقيّة المُطبّقة بين العقد على طول المسار (Hop-by-hop) مُقارنةً بتلك المُطبّقة بين الطرفيّات.[10] مع تطوير حزمة بروتوكولات الإنترنت (TCP/IP)،[11] تمّ اعتماد بروتوكول الإنترنت (IP) كبروتوكول نقل رزم غير موثوق ليكون العمود الفقري للشبكة، لا يُؤمّن هذا البروتوكول أيّ ضمانة لوصول الرزم، ولكنه يعتمد على بروتوكول التحكّم بالنقل (TCP)[12] الذي يعمل في الطبقة الأعلى ويُؤمّن آليّة لضمان الوثوقيّة بين المُضيفَين المصدر والوجهة، تعتمد هذه الآليّة على مبدأ الطرفين. إنّ نجاح الرزم في الانتقال بين الطرفيات عبر شبكة الإنترنت هو دليل على نجاح مبدأ العلاقة بين الطرفين.[13] في عام 1981، نشر ديفيد كلارك وديفيد ريد (David Reed) وجيري سلاتزر (Jerry Saltzer) ورقة بحثيّة تناولت، ولأول مرّة، مبدأ الطرفين بشكل مُخصص تحت عنوان:[1] «جدليات مبدأ الطرفين في تصميم النظام» (End-to-End Arguments in System Design)، منذ ذلك الوقت تمّت إعادة صياغة هذا المبدأ وتجديده أكثر من مرة.[14] [15] شرح المبدأيُمكن أن يُصاغ المفهوم الأساسي المُرتبط بمبدأ العلاقة بين الطرفين كما يلي: من أجل عمليتين تتواصلان مع بعضهما البعض عبر وسط اتصال، لا يتوقّع أن تكون الوثوقيّة المُقدّمة من الوسط كافية لتلبية مطلب الوثوقيّة اللازم للعمليات. بشكلٍ خاصّ، إنّ تلبية مُتطلبات الوثوقيّة العاليّة للعمليات المُوزّعة عبر الشبكة والتي تتواصل من خلالها ذو كلفة كبيرة مقارنة بدرجة معتدلة من الوثوقيّة يمكن الحصول عليها من خلال آليّات تعمل في الطرفيات مثل طلب الإعادة الآليّ(ARQ)، خاصّة أن تأمين وثوقيّة مُعتدلة في الطرفيّات أسهل من تأمينها في العقد الوسطية في الشبكة التي لا تكون إدارتها مُتاحة أو مُمكنة.[16] إنّ الاعتماد على عدد غير محدود من إشعار الاستلام يُمكن أن يُؤمّن وثوقيّة عاليّة لنقل المُعطيات بين الطرفيّات عبر الشبكة مع احتمال ضعيف للفشل في إيصال الرسائل.[17] يجب أن يتّم تلبية متطلبات الاتصال مثل الإنتاجيّة وزمن التأخير بشكل متوافق مع هذا المبدأ، أيّ يجب أن تأخذ الآليّات الخاصّة بتلبية المتطلبات هذا المبدأ بالحسبان وتتكيف معه عند تصميمها لا العكس. في ورقة بحثيّة نشرت في العام 2001م بعنوان:[18] «إعادة التفكير في تصميم شبكة الإنترنت: حجج مبدأ الطرفين في مواجهة عالم جديد شجاع»(1) (Rethinking the Design of the Internet: The End-to-End Arguments vs. the Brave New World) ذكر المؤلّف: «من البداية، هناك جدلٌ مُتعلّق بالمتطلبات التي يمكن تنفيذُها بشكل ٍ صحيح في الطرفيّات، إذا كان التنفيذ في قلب الشبكة هو الطريقة الوحيدة لتلبية المطلب، فإنّ هذا المطلب غير مُناسب في المقام الأول.»
استثناءاتترجع محدوديّة هذا المبدأ إلى الفكرة الأساسيّة التي يرتكز عليها، وهي دفع أيّ شكل من أشكال الذكاء نحو أطراف الشبكة، فبعض التطبيقات لا تتوافق مع هذه الفكرة، خاصّة تطبيقات الشبكات المتحركة (Mobile Network) وبالإضافة لوجود خدمات لا يُمكن تنفيذُها إلاّ في قلب الشبكة وذلك بسبب طبيعة الخدمات نفسها. تمتاز الشبكات المُتحرّكة ببُنيّة مُتغيّرة حيث لا يوجد طوبولوجيا ثابتة، وبالتالي تكون العلاقة عبر مسار وحيد ثابت بين طرفيتين غير مُستقرة، ولهذا تنزع هذه الشبكات إلى إنشاء العلاقات بين كل زوج من العقد المُتتالية على المسار (Hop-by-Hop) عوضاً عن العلاقة المباشرة بين المصدر والوجهة.[19] بعض خدمات الشبكة مثل خدمة ترجمة العناوين (NAT)[20] لا تناسب مبدأ الطرفين، ولنجاح هذه الخدمات يجب أن تقوم عقدة ما في قلب الشبكة بوظائف لا ترتبط بتأمين نقل المُعطيات، وتشمل هذه الوظائف تعديل قيم بعض الحقول في ترويسة الرزمة. إنّ استعمال هذه الخدمة [21] في الشبكات التي تدعم الإصدار الرابع من بروتوكول الإنترنت (IPv4)[22] شائع جداً كحل لمشكلة نفاذ العناوين.[23] انظر أيضاًهوامش1 يحتوي عنوان المقالة على إشارة لرواية ألدوس هكسلي: عالم جديد شجاع. المراجع
وصلات خارجيّة
|