مئةُ شاعرٍ وبيت (هياكونين إيشّو)"مئةُ شاعرٍ وبيت"، أو كما تُعرَف باليابانية "هياكونين إيشّو" (百人一首)، هي ديوانٌ شعريٌّ جامعٌ، جمع فيه مئة شاعرٍ مئة بيت فكان لكل شاعر بيت او قصيدة واحدة، وكلُّ بيتٍ منها يعبّر عن خوالج نفوسهم وأسرار زمانهم. يتألف الاسم من "هياكو" (百) التي تعني المئة، و"نين" (人) التي تعني الأشخاص أو الشعراء، و**"إيشّو" (一首)** التي تدل على القصيدة الواحدة، في إشارةٍ دقيقةٍ إلى تركيبة هذا الديوان الفريد.[1] يمكن اعتبار الديوان على انه مجموعة أنثولوجيا بوصف غربي حديث. أصل الديوان:قام فوجيوارا نو تييكا (藤原定家)، الشاعر والحافظ لفنون اللغة، في مطلع عصر كاماكورا، بجمع هذه القصائد في مكانٍ يُدعى أوغورا (小倉)، وهو جبلٌ في كيوتو تُنطق أحرف اسمه لتعني "الصغير المٌخزن"، وكأن هذا الجبل كان مأوى للأدب. خطّ تييكا هذه القصائد على "شيكيشي" (色紙)، وهي أوراق مُزخرفة، ليجمع فيها بين جمال الشعر وبديع التصوير. وقد تحوّلت هذه المجموعة مع الزمن إلى لعبة تُدعى "أوتا كاروتا (歌かるた)"، حيث إن "أوتا" (歌) تعني القصيدة أو الأغنية، و**"كاروتا" (かるた)** مستوحاة من الكلمة البرتغالية "كارد" بمعنى الورق، فصارت لعبة تجمع بين البراعة والمهارة اليدوية. أثرها على الفنون:كان لهذه المجموعة أثرٌ عميقٌ على الفنون اليابانية، إذ حملت معانيها بين طيّاتها رؤىً ألهمت المبدعين في شتّى المجالات:
موقعها في العصر الحديث:ما زالت هذه المجموعة تُستخدم حتى يومنا هذا في لعبة "كاروتا التنافسية (競技かるた)"، يتكون اسمها من "كيوغي" (競技) التي تعني المنافسة، وكاروتا، وتمزج بين الحفظ السريع وردود الفعل الحادّة. [2] . ملخصمجموعة أوغورا مئة قصيدة لشاعر واحد (小倉百人一首)، ديوان جمعه الشاعر فوجيوارا نو تييكا (藤原定家)، الذي عاش بين أواخر عصر هييان (平安時代)، أي "زمان السلام"، وبدايات عصر كاماكورا (鎌倉時代)، وهو زمان سلطة الساموراي الناهضة. هذا العمل لم يكن بأمر سلطاني كـ**"كوكين واكا شو" (古今和歌集)**، الذي يعني "مجموعة أشعار قديمة وحديثة"، بل كان اجتهادًا فرديًا من تييكا.[3] أصل المجموعة:ذكر العالم أوياما كازويا أن هذه القصائد جُمعت بطلبٍ من رجل يُدعى أوتسونوميا رينجو (宇都宮蓮生)، وهو فارس خاضع لسلطة كاماكورا (鎌倉幕府)، أي "دار الحكم في كاماكورا". أراد رينجو من تييكا أن يكتب على "شيكيشي (色紙)"، وهي أوراق تُزيَّن بألوان وزخارف، كلماتٍ تُزيّن بها "أبوابًا منزلقة" (襖)، لتُزين داره المعروفة باسم "أوغورا سانسو" (小倉山荘)، أي "دار أوغورا الصغيرة"، وهي في موضع يُسمّى ساغا (嵯峨野)، بمعنى "المروج الجبلية" في كيوتو. في سجلاته المسماة "ميغيتسوكي (明月記)"، أي "ذكرى القمر المضيء"، دوَّن تييكا ما فعله في اليوم السابع والعشرين من شهر مايو، سنة ألف ومئتين وخمس وثلاثين، وذكر أسماء شعراء كالإمبراطور تينجي (天智天皇)، الذي يعني "الإمبراطور العارف بالحكمة"، وفوجيوارا نو إيياسو (藤原家隆)، الذي يعني "فوجيوارا العريق"، وفوجيوارا نو ماساتسوني (藤原雅経)، أي "فوجيوارا صاحب الحكم الرفيع". أثبت الباحثون أن تلك القصائد وردت في سجلات تييكا، مما يقطع بصحة نسبتها إليه.[注 1] تطور المجموعة:النسخة الحالية تُرتَّب وفق عصور الشعراء، وكل قصيدة فيها تعود إلى شاعر واحد، ويبلغ عددهم مئة. أما النسخة الأصلية، وكانت تُسمّى "مئة قصيدة مميزة" (百人秀歌)، أي "شعر مختار لمئة شاعر"، فلم تكن مرتبة، بل كُتبت وفق طريقة "أوتا-آوازه (歌合)"، أي "مبارزة الشعر"، وهو أسلوب يقوم على مقارنة القصائد في سياق تنافسي. إضافات لاحقة:تقول الروايات إن ابن تييكا، فوجيوارا نو تاميئيه (藤原為家)، أدخل تغييرات بعد وفاة والده. ويُستدل على ذلك بإضافة قصيدتين للإمبراطورين [4](後鳥羽院)، أي "الإمبراطور الطائر إلى الوراء"، وجونتوكو إن (順徳院)، أي "الإمبراطور السالك للفضيلة"، وهما قصيدتان لم تظهرا في النسخ الأولى أو يوميات تييكا. المجموعة وأسماؤها الأولى:كانت المجموعة في أول أمرها بلا اسمٍ محدد، تُعرف بأسماء وصفية مثل "أوغورا سانسو شيكيشي واكا (小倉山荘色紙和歌)"، أي "قصائد مكتوبة على أوراق مزخرفة في دار أوغورا الجبلية"، أو "ساغا سانسو شيكيشي واكا (嵯峨山荘色紙和歌)"، أي "قصائد مكتوبة على أوراق زُخرفت لدار ساغا الجبلية"، أو ببساطة "أوغورا شيكيشي (小倉色紙)"، أي "أوراق أوغورا المزخرفة". ارتبط الاسم الحالي بالدار الجبلية التي أنشأها تييكا على جبل أوغورا (小倉山)، ومعناه "الجبل الصغير المخزن". نظريات حول نشأتها:اختلف أهل الرأي في أصل هذه المجموعة. قال بعضهم إنها جمعت بناءً على طلب أوتسونوميا رينجو (宇都宮蓮生)، وهو فارسٌ من فرسان كاماكورا (鎌倉幕府)، أي "دار الحكم في كاماكورا". وقيل إن الأوراق الزخرفية أُعدّت لزينة دار تييكا نفسه في منطقة ساغا (嵯峨)، أي "المروج الجبلية". أما القصائد المكتوبة عليها، فقد حملت معاني الحكمة والشجاعة والفخر. تطور المجموعة وانتشارها:في أواخر عصر موروماتشي (室町時代)، كان الشاعر سوغي (宗祇) أول من كتب شرحًا لمجموعة مئة قصيدة في كتابه "هياكونين إيشو شو (百人一首抄)"، أي "شروح مئة قصيدة لشاعر واحد". صار الكتاب مرجعًا لتعلم الشعر الياباني التقليدي "واكا (和歌)". ومع دخول عصر إيدو (江戸時代)، عمّت الطباعة الخشبية اليابان، فطُبعت القصائد برسومات تزينها، وسرعان ما أصبحت لعبة شعبية تُعرف بـ**"أوتا كاروتا (歌かるた)"**، وهي لعبة البطاقات الشعرية وتعرف بسرعتها.[4] مجموعة أوغورا مئة بيت لشاعر واحد (小倉百人一首) ترتبط بعملٍ آخر منسوبٍ للشاعر ذاته يُدعى "مئة قصيدة مميزة" (百人秀歌). هذا العمل يختلف عن المجموعة الشهيرة في طريقة الترتيب واختيار القصائد والشعراء، وهو جزءٌ من تاريخ أدبي وثيق الصلة بتطور الشعر الياباني. الاختلاف بين العملين:
مصير الأوراق المزخرفة (小倉色紙):أوراق أوغورا شيكيشي (小倉色紙)، التي تعني "الأوراق المزخرفة لدار أوغورا"، كانت كنزًا يُتداول بين الأجيال.
قيمتها واندثارها:
الشعراء وتركيب المجموعة:ضمت المجموعة شعراء من مختلف الطبقات والمنازل:
موضوعات القصائد:قسمت القصائد حسب موضوعاتها وأغراضها:
اختيار القصائد والمصادر:جُمعت القصائد من مختارات شعرية إمبراطورية مثل:
مراحل تطور الشعر الياباني في المجموعة:
الاستخدام التعليمي:في المدارس اليابانية، تُعرض المجموعة على الطلاب لتكون مدخلًا لفهم الأدب الكلاسيكي. القصائد كلها قصيرة، مكونة من 31 مقطعًا صوتيًا (5-7-5-7-7)، مما يسهل الحفظ. تُستخدم لتعليم قواعد اللغة وأسلوب الكتابة اليابانية التقليدية مثل:
تُحفّظ هذه القصائد للطلاب حتى تصبح ذاكرتهم مأهولةً بالشعر، كما أن النصوص تُدرَّس لتُظهر أمثلة على تركيب الجمل والأساليب البلاغية. لعبة الكاروتا (かるた):الكاروتا هي لعبة تعتمد على بطاقات مستوحاة من المجموعة. كل بطاقة تقسم إلى نوعين:
شرح الكانجي:
تُصنع البطاقات من ورق مقوًى، بحجم 74×53 مم. البطاقات كلها متشابهة من الخلف، لكن "بطاقات القراءة" تُزخرف بالألوان والصور، بينما "بطاقات الالتقاط" تُطبع عليها الكلمات فقط. القواعد العامة للكاروتا:
أنواع الكاروتا:
الارتباط بالتقاليد:ارتبطت الكاروتا بتقاليد الاحتفال بالسنة الجديدة (正月)، إذ كان الأطفال يجتمعون للسهر واللعب في هذا الموسم. هذا التقليد بدأ في عصر إيدو (江戸時代)، حين كانت القصائد تُقرأ كممارسة لتعليم الشعر والأدب. الاثر عبر العصور: ألهم هذا الديوان عصورًا لاحقة لتأليف مجموعات مشابهة، كل واحدة منها حملت غرضًا جديدًا وأسلوبًا مختلفًا، بعضها لتوسيع نطاق الشعراء، وبعضها لتخصيص الفئات أو الموضوعات. هذه المجموعات تُظهر تغيرًا في الاهتمامات الأدبية اليابانية مع مرور الزمن، وتكشف عن سعي دائم لإعادة تأطير الشعر ليتوافق مع قضايا كل عصر. المجموعات المشابهة قبل العصر الحديث:
المجموعات المشابهة في العصر الحديث:
الأعمال الموسيقية:
الأعمال الأدبية:
الأعمال البصرية (أنيمي وأفلام):
الألعاب الرقمية:
الأعمال التلفزيونية:
الترجمات والكتب:
كاروتالقد غدا "Hyakunin Isshu" في هذا الزمن يُذكر باسم الكاروتا أكثر مما يُعرف بأنه ديوان قصائد، واشتُهر بين الناس حتى صار مألوفًا، خصوصًا كونه تقليدًا متأصلاً في حياتهم وبالذات في كل بداية للعام الجديد . تتألف لعبة "Hyakunin Isshu Karuta" من مئتي بطاقة موزعة بالتساوي بين نوعين: مئة بطاقة قراءة تُعرف بـ"يومي فودا" (読み札) ومئة بطاقة التقاط تُسمى "توري فودا" (取り札). يُصنع كلا النوعين من ورقٍ متين يُلصق بإحكام في طبقات، مستوحى من تصميم بطاقات "هانافودا" التقليدية، ويبلغ حجم كل بطاقة عمومًا نحو 74 × 53 ملم. لا فرق بين يومي فودا وتوري فودا من حيث المواد أو الهيكل أو الخلفية، فكلاهما متطابق في شكله الخارجي. أما الوجوه الأمامية للبطاقات، فتختلف في تفاصيلها. بطاقة القراءة (يومي فودا) تزدان برسمٍ تقليدي بأسلوب "ياماتو إي" (大和絵)، وهو الفن الياباني العريق الذي يُحاكي اللفائف الشعرية القديمة. يُضاف إلى الرسم اسم الشاعر ونص القصيدة الكامل (واكا) مكتوبًا بخط متقن. وعلى العكس من ذلك، تحمل بطاقة الالتقاط (توري فودا) الجملة السفلية فقط من القصيدة مكتوبة بخطٍ بسيط ومجرد، خالية من الزخارف أو الألوان التي تميز يومي فودا. أما يومي فودا، فتُلون بعناية لتُبرز تفاصيلها، فيما تبقى توري فودا أكثر بساطة، حيث يقتصر دورها على تسهيل التقاط الجملة الصحيحة خلال اللعبة. هذا التمايز بين النوعين ليس عبثًا، بل يعكس جوهر اللعبة التي تدمج بين التنافس الحماسي والاحتفاء بالفن والشعر، مما يجعلها جزءًا حيًا من التراث الياباني. في عهد إيدو (江戸時代)، كانت بطاقات "هياكونين إيشو" تُعد بطريقة مختلفة عما هي عليه اليوم. إذ لم يُكتب على بطاقة القراءة (يومي فودا) سوى اسم الشاعر والشطر العلوي من القصيدة (هايكو)، بينما اقتصر نص الشطر السفلي على بطاقة الالتقاط (توري فودا)، وكان يُخطّ بأحرف متصلة، تُظهر طابع الخط التقليدي القديم. لم تكن القصيدة تُكتب كاملة على بطاقة القراءة كما يجري في العصر الحاضر.[5] صُممت لعبة "أوتا غاروتا" (歌ガルタ) حينذاك لأداء غاية محددة، وهي مساعدة اللاعبين على حفظ قصائد "هياكونين إيشو"، فجعلوا النصوص مختصرة ليسهل استذكارها واستحضارها. ولم يكن الاهتمام منصبًا على الزخارف أو الصور؛ لذلك استمر الناس آنذاك في استخدام بطاقات قراءة خالية من صور الشعراء، واعتمدوا على النصوص فقط ليختبروا ذاكرة اللاعبين. بقيت تلك البطاقات تُستخدم بهذه البساطة حتى منتصف عهد إيدو، حيث استمر اللاعبون يلتقطون بطاقات الالتقاط من الأرض بينما يُنصت الحكم إلى صوت الحفظ وهو يختبر قدرتهم. ومع تقدم الزمن، بدأت المجتمعات تُضيف الصور والزخارف إلى بطاقات القراءة، فحولوا هذه اللعبة من مجرد وسيلة للحفظ إلى لوحة تدمج الفن بالكلمة، وأعادوا تشكيلها لتلائم جماليات العصر الحديث، لكنهم حافظوا على روحها الأصلية التي تُعلي من قيمة الحفظ والذاكرة. [5] حتى يومنا هذا، في هوكايدو (北海道)، تُمارَس لعبة فريدة من نوعها ضمن ألعاب "هياكونين إيشو"، تُعرف باسم "شيمو نو هاي كاروتا" (下の句カルタ). في هذه النسخة الخاصة من الكاروتا، لا يُقرأ الشطر العلوي من القصيدة (الهايكو العلوي)، بل يقتصر الحكم على قراءة الشطر السفلي فقط (الهايكو السفلي). [5] تُعقد كذلك بطولات كاروتا تعتمد على "هياكونين إيشو" المترجمة إلى اللغة الإنجليزية، حيث تُمارَس اللعبة بنفس قواعدها التقليدية، مع استبدال النصوص اليابانية بالأبيات الإنجليزية المترجمة، مما يوسع نطاق اللعبة ويجعلها وسيلة لتعريف الثقافات الأخرى بالشعر الياباني القديم. ما كان لأوتا كاروتا أن تُصبح تقليدًا في رأس السنة بغير اعتياد الناس على اللعب بها في جمعاتهم، إذ نشأت تلك العادة في أصلها حين اجتمع الأطفال والشباب في مواسمهم ومناسباتهم، يتذاكرون "هياكونين إيشو" ويلهون بها. وفي يوم رأس السنة خاصة، أُتيح للصغار ما لم يُتح لهم في غيره من الأيام، فظلوا مستيقظين في سهرٍ ممتد، يلعبون ويترنمون بالقصائد. ومع أواخر عهد إيدو، شاع بينهم الاجتماع لأجل هذه اللعبة، فكانوا يُهيئون دوراتهم بأنفسهم، يُلقون الأشعار ويتسابقون في التقاط البطاقات، حتى صارت اللعبة عنوانًا لهذه الليالي. ثم توارثتها الأجيال، حتى غدت عادة متأصلة، يجتمع فيها الناس لا ابتغاء اللهو وحده، بل إحياءً للتراث وتثبيتًا للأواصر بينهم. وهكذا أضحت أوتا كاروتا جزءًا من طقوس رأس السنة المصادر
|