كنائس بغدادتضم مدينة بغداد العشرات من الكنائس المسيحية المنتشرة في مختلف أنحائها، حيث تواجدت الطائفة المسيحية في بغداد منذ إنشائها في العصر العباسي. بل يُرجع بعض المؤرخين تواجد المسيحية في موقع مدينة بغداد الحالي إلى ما قبل إنشاء مدينة بغداد على يد الخليفة أبو جعفر المنصور، حيث أشار بعض المؤرخون إلى وجود أديرة مسيحية قديمة في أطراف موقع بغداد الحالي. حاليًا تضم بغداد أكبر تجمع مسيحي في العراق، ويتألف المسيحيون في بغداد من عدة طوائف غالبيتهم من الكلدان والسريان الكاثوليك لكن يوجد تجمع كبير للكنائس الآشورية المشرقية والسريانية الأرثوذكسية مع تواجد أكبر تجمع بروتستانتي في العراق في بغداد. تاريخالفترة العربية الإسلاميةأصبح بيث عابي خلال بطركية جيورجيس الأول (661-680) مركز ثقافي لكنيسة المشرق فألفت فيه العديد من الكتب وخاصة تراجم وأقوال النساك الأقباط والسريان. ولعب دير مار ماري جنوب شرق بغداد حاليًا دورًا بارزًا فأصبح موقع يأمه الحجاج كونه يحوي رفات ماري أول المبشرين بالمسيحية بالمنطقة بحسب التقليد. أدى انتصار العباسيين وتحول مركز الخلافة إلى بغداد إلى تقارب بين الخلفاء وبطاركة كنيسة المشرق. فأصبح بطريرك كنيسة المشرق القاطن في بغداد ممثلاً عن جميع المسيحيين ضمن الدولة العباسية على اختلاف مذاهبهم.[1] غير أن فترة العباسيين شهدت كذلك اضطهادات متفرقة عادة ما تزامنت مع فترات الحروب ضد البيزنطيين. كان أشدها في عهد الخلفاء المهدي وهارون الرشيد، والمأمون ما أدى إلى حدوث هجرات كبيرة لمسيحيي العراق إلى سواحل البحر الأسود الجنوبية وخاصة مدينة سينوبي حيث استقبلهم الإمبراطور ثيوفيلوس.[1][2] أدى انتصار العباسيين وتحول مركز الخلافة إلى بغداد إلى تقارب بين الخلفاء وبطاركة كنيسة المشرق. فأصبح بطريرك كنيسة المشرق القاطن في بغداد ممثلاً عن جميع المسيحيين ضمن الدولة العباسية على اختلاف مذاهبهم.[1] وسرعان ما اهتم الخلفاء بالمسيحيين المنتشرين حول بغداد بعض تأسيسها واختيارها عاصمة للدولة الإسلامية. فاستعمولهم بكثرة كحرفيين كما اهتم الخلفاء بالتدخل المباشر من أجل تعيين بطاركة وأساقفة مناسبين لمصالحهم.[3] على أنه بالرغم من مكانة المسيحيين المرتفعة لم يكن الحوار بين الطرفين بين ندين متساويين اجتماعيًا، فالمسيحيين وإن كانوا موضع تقدير لثقافتهم العالية غالبًا ما كانوا موضع شك وكراهية بسبب معتقداتهم الدينية.[4] كان للمسيحيين خاصًة السريان من يعاقبة ونساطرة دور مهم في الترجمة والعلوم، بخاصة في بغداد أيام الدولة العباسية، وأدت الترجمة مهمة رئيسة في ازدهار الحضارة العربية الإسلامية، وقد أتقن المسيحيون منهم خاصة، الترجمة واستوعبوا محتويات الكتب المترجمة، بعدما عربوها وأعادوا صياغتها وطوروا مضمونها وأجروا عمليات نقد عليها وأعادوا إنتاج الثقافات السابقة لهم ووضعوها بين يدي العالم في ما بعد. لقد ترجم المسيحيون من اليونانية والسريانية والفارسية.[5] وكان من أبرز مترجمي دار الحكمة المسيحيين كل من يوحنا بن ماسويه وجبريل بن بختيشوع وحنين بن إسحاق وكثير من العلماء النساطرة. عرف عهد المتوكل بشكل عام باضطهاده للمسيحيين فكان أول خليفة عباسي فرض على المسيحيين لبس الشارة الصفراء، كما منعهم من ركوب الخيل والتبضع بأسواق الجمعة وأمر بهدم قبورهم وعدد كبير من كنائسهم. غير أنه لم يقم بإعدام أي مسيحي كما استمر العديد منهم يشغرون مناصب هامة في الدولة العباسية.[6] أعاد سرجيوس (860-872) كرسي البطريركية إلى بغداد سنة 865. وفي عهد يوحنا الرابع (900-905) حصل أهالي بغداد المسيحيين على حق اختيار البطاركة. وحصل خلفه إبراهيم الرابع (906-937) على تأكيد من السلطات بأحقية كنيسة المشرق في تمثيل المسيحيين في الدولة العباسية.[7] وبنتيجة ضعف سلطة الدولة إلى قيام عدة اضطرابات في بغداد أدت أحيانًا إلى تدمير الكنائس من قبل العامة كما حصل في عهد يوحنا الخامس (1000-1011) حين قتل جمع كبير من المصلين بعد إحراق كنيستهم، غير أن الخليفة المقتدر بالله (908-932) قام بعقاب المتسببين بذلك حينها. خلال سقوط بغداد على يده سنة 1258 أمر بتأثير من زوجته بعدم التعرض للكنائس، بينما قامت قواته بتدمير باقي مباني المدينة وقتل الألاف من سكانها. غير أن الأذى لحق بالمجتمع المسيحي في بغداد كذلك حيث تناقص عددهم بشكل ملحوظ بعد المجزرة إلى بضعة آلاف. الفترة القرطوسيةأدى الغزو المنغولي لأوروبا بقيادة باتو خان وتأسيس القبيلة الذهبية على حدود أوروبا الشرقية إلى تدهور العلاقة بين المنغول والمسيحيين الغربيين. وتدهورت أحوال المسيحيين في بغداد بحيث أصبحوا لا يجرؤون على الظهور علنًا.[8] تمتع المسيحيون في بغداد في عهد الإلخان أبو سعيد بحماية من قبل أحد أمرائه غير أن أوضاعهم ساءت مجددًا بعد 1327. بعد وفاة أبو سعيد تصارع عدة أمراء على الحكم إلى أن تمكن الجلائري حسن برزج من بسط سيطرته على العراق. وفي عهده ظهر الأمير المسيحي المنغولي هجي توجي الذي تحالف مع الجلائيريين وقام باستعادة بعض الكنائس في بغداد كما دعم ترشيح دنحا الثاني (1336-1381) كرأس على كنيسة المشرق في بغداد.[9] العصور الحديثةفي أوائل 1915 اضطر الروس إلى الانسحاب من شمال غرب فارس مؤقتًا فقام العثمانيون لدى سيطرتهم على المنطقة بعدة مجازر استهدفت مسيحييها، غير أن ميزان القوى انقلب في ربيع نفس السنة فتقدم الروس باتجاه وان وحاولوا استمالة شمعون بنيامين مجددًا. وفي نهاية الأمر قرر البطريرك في ضوء المجازر العثمانية وخصوصًا قيامهم بإعدام أحد إخوته بالموصل والوعود الروسية من انضمامه للحلفاء، إلى إعلانه الحرب على الدولة العثمانية في 10 أيار 1915.[10] انقلب الوضع العسكري مجددًا فانسحب الروس وقامت قوات كردية غير نظامية بتركيز هجماتها على آشوريي حكاري مدمرين معظم قراهم، فاضطر هؤولاء للجوء لقمم الجبال ومن ثم الفرار نحو أورميا بقيادة بطريركهم بأواخر سنة 1915. دُرِّبَ من تبقى من الآشوريين على يد الروس وكانت للبطريرك حينها سلطة مطلقة عليهم عونه في ذلك والده والجنرال آغا بطرس. وحين تمكن البريطانيون من دخول بغداد بتشرين الأول 1917 قاموا بتشكيل جبهة من الأرمن والآشوريين والأكراد المنتمين لقبيلة شيكاك في شمال غرب فارس لوقف المد العثماني بعض أنسحاب الروس عقب الثورة البلشفية. سرعان من انهار هذا الحلف حين قام الزعيم الكردي إسماعيل سمكو الشيكاكي بالغدر بالبطريرك شمعون بنيامين واغتياله مع مرافقيه في 15 آذار 1918.[11] مع انتهاء حملات مذبحة سميل قامت الحكومة العراقية باحتجاز البطريرك شمعون إيشاي في بغداد ومن ثم ترحيله إلى قبرص فقضى عدة سنوات يتنقل بين جنيف وباريس لندن محاولاً عرض قضية اللاجئين الآشوريين على عصبة الأمم من دون نتيجة تذكر. تناقص عدد أتباع كنيسة العراق بشكل ملحوظ بعد مجزرة سميل سنة 1933 ليصل إلى 20,000 بقيادة المطران يوسب خنانيشو. وقطن معظمهم بقرى بشمال العمال بالإضافة إلى مدن أخرى كالموصل وأربيل وكركوك وبغداد. منذ بدء حرب العراق عام 2003 وبسبب الميليشيات العسكرية والتنظيمات الإرهابية التي انتشرت في البلد واستهدفت المسيحيين، تأزم الوضع الإنساني في العراق بصورة كبيرة حتى أن لجنة الصليب الأحمر الدولي وصفته في مارس 2008 بأنه الوضع الإنساني الأسوأ في العالم.[12] يُذكر أنه كانت تصل أعداد المسيحيين في منطقة الدورة حوالي 150,000 نسمة في عام 2003، لتنخفض حاليًا 1,500 بسبب الهجرة المسيحية على خلفية أعمال العنف والفلتان الأمني.[13] في كانون الأول/ديسبمر 2006 اختطف في بغداد سامي الريس الكاهن في الكنيسة الكلدانية وأطلق أيضاً، وبعد أيام من اختطاف الأخير أعلن عن مقتل القسيس البروتستانتي منذر الدير البالغ من العمر 69 عاماً. في عصر 31 تشرين الأول 2010 اقتحم مسلحون تابعون لمنظمة دولة العراق الإسلامية التابعة لتنظيم القاعدة في بلاد الرافدين كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك بالكرادة في بغداد أثناء أداء مراسيم القداس. انتهت الحادثة بتفجير المسلحين لأنفسهم وقتل وجرح المئات ممن كانوا بداخل الكنيسة.[14] قائمة بكنائس وأديرة وكاتدرائيات مدينة بغدادأدناه قائمة بالكنائس والأديرة الموجودة في مدينة بغداد المعاصرة وتشمل جميع الطوائف المسيحية في العراق.
مراجع
مصادر |