قانون جنائي دوليالقانون الدولي الجنائي هو قسم من القانون الدولي العام المصمم لحظر فئات معينة من السلوك، يُنظر إليها عادةً بوصفها فظائع خطيرة، ويجعل مرتكبي هذا السلوك مسؤولين جنائيًا عن ارتكابه. والجرائم الأساسية بموجب القانون الدولي هي الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجريمة العدوان. وتتناول هذه المقالة أيضًا الجرائم ضد القانون الدولي، التي قد لا تكون جزءًا من متن القانون الجنائي الدولي. ويحكم القانون الدولي «الكلاسيكي» علاقات الدول وحقوقها ومسؤولياتها. ويتعامل القانون الجنائي عمومًا مع المحظورات الموجهة للأفراد، والعقوبات الجنائية على انتهاك الحظر الذي تفرضه الدول الفردية. ومع أن مصادر القانون الجنائي الدولي هي نفس مصادر القانون الدولي، فإن عواقبه هي عقوبات جزائية تُفرض على الأفراد. التاريخيمكن العثور على بعض السوابق في القانون الجنائي الدولي في الفترة التي سبقت الحرب العالمية الأولى. ومع ذلك، لم يكن من المتصور إنشاء محكمة جرائم دولية حقيقية لمحاكمة مرتكبي الجرائم التي ارتُكبت في هذه الفترة إلا بعد الحرب. نصت معاهدة فرساي على إنشاء محكمة دولية لمحاكمة فيلهلم الثاني قيصر ألمانيا. لكن مُنح القيصر حق اللجوء إلى هولندا. وبعد الحرب العالمية الثانية، أنشأت قوات الحلفاء محكمة دولية لمحاكمة ليس فقط جرائم الحرب، بل الجرائم ضد الإنسانية التي ارتُكبت في ظل النظام النازي. وعقدت محاكمات نورمبرغ جلستها الأولى سنة 1945 وأصدرت أحكامًا في أكتوبر 1946. وأُنشئت محكمة مماثلة لجرائم الحرب اليابانية «المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى»، في الفترة 1946 - 1948. وبعد بداية حرب البوسنة، أنشأ مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة سنة 1993، وبعد الإبادة الجماعية في رواندا، المحكمة الجنائية الدولية لرواندا سنة 1994. وبدأ العمل التحضيري لإنشاء محكمة جنائية دولية دائمة سنة 1993. سنة 1998، في مؤتمر دبلوماسي في روما، وُقع على قانون روما المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية. أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أوامر القبض الأولى سنة 2005. مصادر القانون الجنائي الدوليالقانون الجنائي الدولي هو مجموعة فرعية من القانون الدولي. وعلى هذا النحو، فإن مصادره هي نفسها تلك التي تشكل القانون الدولي. ويرد التعداد الكلاسيكي لهذه المصادر في المادة 38 من النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية عام 1946، يتألف من المعاهدات والقانون الدولي العرفي والمبادئ العامة للقانون. ويحتوي نظام روما الأساسي الذي يحكم المحكمة الجنائية الدولية على مجموعة مماثلة، وإن لم تكن مطابقة، من المصادر التي قد تعتمد عليها المحكمة. أهمية ملاحقة الجرائم الدوليةمحاكمة الجرائم الدولية الخطيرة -متضمنةً الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، وجرائم الحرب- ضرورية لتطبيق القانون الجنائي الدولي وتحقيق العدالة للضحايا. وهذا عنصر مهم في العدالة الانتقائية، أو عملية تحويل المجتمعات إلى ديمقراطيات تحترم الحقوق ومعالجة انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي. والتحقيقات والمحاكمات للقادة الذين ارتكبوا جرائم وتسببوا في فظائع سياسية أو عسكرية جماعية هي مطلب رئيسي لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان. قد تؤدي مقاضاة هؤلاء المجرمين دورًا رئيسيًا في استعادة كرامة الضحايا، واستعادة علاقات الثقة في المجتمع. وتستطيع المحكمة الجنائية الدولية أن تؤدي دورًا مهمًا في مقاضاة الجرائم الدولية، حال عجز المحاكم المحلية أو رفضها تولي تلك القضايا.[1] ويخلص جيمس وولر إلى:
مؤسسات القانون الجنائي الدوليأهم مؤسسة اليوم هي المحكمة الجنائية الدولية، فضلاً عن العديد من المحاكم المخصصة:
بجانب هذه المؤسسات، توجد بعض المحاكم والهيئات القضائية المختلطة، أي هيئات قضائية تضم قضاة دوليين ووطنيين:
وأُنشأت بعض المحاكم المحلية للنظر في الجرائم الدولية، مثل محكمة الجرائم الدولية ببنغلادش. المحكمة الجنائية الدوليةهي محكمة تهدف إلى محاكمة الأفراد بتهمة الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وجريمة العدوان، وإن كانت لا تستطيع حاليًا ممارسة الولاية القضائية على جريمة العدوان.[5][6] ربما يشكل إنشاء المحكمة أهم إصلاح للقانون الدولي منذ 1945. فهو يعطي السلطة لمجموعتي القانون الدولي التي تتعامل مع الأفراد: حقوق الإنسان والقانون الإنساني. وُضعت المعاهدة التأسيسية، نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ودخلت حيز التنفيذ في 1 يوليو 2002،[7] وعلى هذا تستطيع تولي محاكمة الجرائم المرتكبة في ذلك التاريخ أو بعده.[8] يقع المقر الرسمي للمحكمة في لاهاي بهولندا، لكن قد تُنفذ إجراءاتها في أي مكان.[9] بحلول نوفمبر 2019، انضمت 123 دولة[10] إلى النظام الأساسي للمحكمة، متضمنةً جميع دول أمريكا الجنوبية وأوروبا.[11] كانت بوروندي والفلبين عضوين، لكنهما انسحبا في 27 أكتوبر 2017 و17 مارس 2019 تواليًا.[11][12] ووقعت 31 دولة أخرى للانضمام لكنها لم تصدق على قانون روما الأساسي. ويُلزم قانون المعاهدات هذه الدول بالامتناع عن الأعمال التي من شأنها إبطال الهدف والغرض من المعاهدة،[13] حتى تعلن أنها لا تنوي أن تصبح طرفًا في المعاهدة. وقد أبلغت أربع دول موقعة –إسرائيل والسودان والولايات المتحدة وروسيا[14] – الأمين العام للأمم المتحدة أنها لم تعد تنوي أن تصبح أطرافًا، ومن ثم ليس لديها التزامات قانونية ناشئة عن توقيعها على النظام الأساسي.[15] إضافةً إلى 41 دولة لم توقع ولم تنضم إلى قانون روما الأساسي. وينتقد البعض منهم، مثل الصين والهند، المحكمة. وقبلت أوكرانيا، وهي دولة موقعة لم تصدق، اختصاص المحكمة ابتداءً من 2013. تستطيع الحكومة عمومًا أن تمارس الاختصاص القضائي فقط في الحالات التي يكون فيها المتهم من مواطني دولة طرف، أو أن الجريمة المزعومة وقعت على أراضي دولة طرف، أو إذا أحال مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى المحكمة.[16] وهي مصممة لتكمل الأنظمة القضائية الوطنية القائمة، ولا يمكنها ممارسة اختصاصها إلا عندما تكون المحاكم الوطنية غير راغبة أو غير قادرة على التحقيق في هذه الجرائم أو مقاضاتها.[17][18] وعلى هذا فإن المسؤولية الأساسية عن التحقيق في الجرائم والمعاقبة عليها متروكة للدول.[19] حتى الآن، فتحت المحكمة تحقيقات في 12 حالة: بوروندي، جمهورية أفريقيا الوسطى، كوت ديفوار، دارفور، السودان، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جورجيا، كينيا، ليبيا، مالي، أوغندا، وبنغلادش/ميانمار.[20] ويجري مكتب المدعي العام تحقيقات أولية في عشر حالات في أفغانستان، بنغلاديش/ميانمار، كولومبيا، غينيا، العراق/المملكة المتحدة، نيجيريا، فلسطين، الفلبين، أوكرانيا، وفنزويلا حول الأحداث منذ أبريل 2017.[21][22] أُغلقت التحقيقات الأولية في غابون، هندوراس، جزر القمر واليونان وكمبوديا، كوريا الجنوبية، وفنزويلا بشأن الأحداث منذ يوليو 2002.[21] اتُهم علنًا 44 شخصًا، وأصدرت المحكمة الجنائية أوامر اعتقال لـ 36 فردًا واستدعت ثمانية آخرين، ستة أشخاص في الاحتجاز. إن الإجراءات ضد 22 دعوى مستمرة، منها 15 طليقًا هاربًا، واحد قيد الاعتقال لكن ليس في حجز المحكمة، اثنان في مرحلة ما قبل المحاكمة. وانتهت الإجراءات ضد 22 دعوى، اثنين يقضيان عقوبتيهما، وأربعة أنهوا مدة عقوبتهم، وبُرئ اثنان، وسُحبت التهم الموجهة إلى ستة منهم، وأعلن عدم قبول قضية أحدهم، وتُوفي أربعة قبل المحاكمة. منذ مارس 2011، لا تزال 3 محاكمات جارية ضد 4 أشخاص: محاكمتان بشأن الوضع في جمهورية الكونغو ومحاكمة واحدة تتعلق بجمهورية أفريقيا الوسطى. وقد قُدم شخصان آخران لمحاكمة رابعة في قضية دارفور. ومن المقرر أن تبدأ جلسة واحدة لتأكيد التهم ضد شخص واحد في حالة جمهورية الكونغو الديمقراطية في يوليو 2011، في حين ستبدأ قضيتان جديدتان ضد ستة أشخاص في كينيا، مع أول ظهور للمشتبه بهم في أبريل 2011. انظر أيضًا
مراجع
|