غصيبة

غَصِيْبَة هي واحدة من البلدات التاريخية التي تحمل في طياتها الكثير من الحكايات والتراث. تقع غصيبة في أعلى وادي حنيفة على بعد ثلاثة كيلو مترات شمال المليبيد، أي عند أقصى الطرف الشمالي لحدود الدرعية القديمة. يتميز موقع غَصِيْبَة بموقعه الحصين؛ حيث يقع على قمة جبل يتخذ شكل رأس مثلث. مما يمنحها رؤية واضحة على المناطق المحيطة، إذ أنها تطل من الجهة الجنوبية على التقاء شعيب قليقل بوادي حنيفة ثويتسع هذا المثلث كلما اتجه شمالاً نحو ظهرة ناظرة.[1]

تاريخ غصيبة

ظهرت بلدة غصيبة للوجود في بداية النصف الثاني من القرن التاسع الهجري، عندما قدِم مانع المريدي جدّ الأُسرة السعودية الحاكمة من بلدة الدروع من شرق الجزيرة العربية إلى أبناء عمومته في منطقة حجر اليمامة في منتصف القرن التاسع الهجري/ الخامس عشر الميلادي. وأعطاه موضعي المليبيد وغصيبة على ضفاف وادي حنيفة، فنزلهما وعمرهما واتسع بالعمارة والغرس في نواحيهما وزاد عمارتهما ذريته من بعده.[2]

كانت غصيبة مركز حكم الإمام محمد بن سعود بن محمد بن مقرن، عندما وصل إلى الحكم في عام 1139هـ/ 1727م وأجلى آل وطبان عنها. ثم أصبح الإمام محمد بن سعود حاكماً للدرعية كلها بعد أن كان آل مقرن يحكمون غصيبة. وذكر المؤرخ ابن عيسى هذه الحادثة بقولهم: "فاستقل بعد هذه الولاية بالدرعية كلها ومعها غصيبة"[3] وآلت غصيبة بعد ذلك إلى آل دغيثر الذين هم من آل يزيد من بني حنيفة.[4]

معالم غصيبة

سور غصيبة

يتألف حي غصيبة من ثلاثة أسوار تتسم بالمتانة والقوة.[5] تشمل هذه الأسوار سورًا شماليًا وسورًا غربيًا وسورًا شرقيًا، مما يمنحها شكل مثلث، من جهة الحي الجنوبية. توجد زاوية التقاء الرافد بالوادي. يبلغ طول السور الشمالي الشرقي 205 أمتار، ويتوسطه بوابة ضخمة كانت المدخل الرئيسي للبلدة. أما السور الشمالي الغربي فيبلغ طوله 308 أمتار، ويطل جزء منه على وادي حنيفة. بينما يبلغ طول السور الجنوبي الشرقي 312 مترًا.[6][7] تبلغ المساحة الإجمالية للأسوار 32،122 متراً مربعاً[8] وقد تميزت أسوار غصيبة وحصونها بالقوة والمنعة والإحكام المتقن.[9]

قصر غصيبة

كان القصر مقراً لأسرة آل سعود منذ عهد جدهم مانع المريدي الذي اتخذ الحي مسكنا له ونزل به وعمًره.[10] ثم بعد ذلك انتقلت الأسرة إلى حي الطريف منذ عهد الإمام محمد بن سعود وذلك بعد أن اكتظ حي غصيبة بالسكان، إلى أن تولى الإمام سعود(الكبير) بن عبد العزيز الذي بنى القصر وشدد في تحصينه بوضع أبواب من الحديد عليه. يذكر ذلك الرحالة الفرنسي فليكس مانجان بُني من قِبل الإمام سعود الكبير وقد عده مانجان من أكثر حصون الدرعية منعة وقوة، خاصةً وأنه يقع على مرتفع استراتيجي في هذه المنطقة.[11] تميز القصر بشدة التحصين إذ اتخذت أبوابه من الحديد كما أورد أن بعض أمراء آل سعود قد اتخذوا منه حصناً  أثناء حصار الدرعية وكان لهذا القصر دورٌ في قوته ومناعته أثناء حصار الدرعية، حيث تحصنت به القوات السعودية ضد القوات العثمانية المصرية[12][13][14] كذلك -ابن بشر- أورد ذكر القصر خلال سرده لأحداث حصار الدرعية، وذكر أن ابن عبد الله بن سعود أحد الأمراء الذين تحصنوا به.[15]

مسجد حي غصيبة

يقع مسجد غصيبة بالقرب من القصر في منتصف الجهة الغربية من الحي، وتبلغ أطواله ما بين 20 إلى 25 متر من الجهة الشمالية إلى الجهة الجنوبية، وما بين الجهة الغربية والشرقية ما يقارب 15 إلى 20 متراً[16] بني المسجد من المداميك الحجرية المرصوصة بشكل شبه منتظم، وكسيت جدرانه باللبن، ورصفت أرضيته بالآجُر ودعم بناؤه بأعمدة يقوم عليها قدرت بستة أعمدة كبيرة[17] وما زال محرابه المكسو بالحجارة وأساسات جداره الغربي وأماكن الوضوء في الجهة الشمالية الغربية باقية آثارها[18][19] وفي الجزء الشرقي من المسجد يوجد صحن غير مسقوف، وبه عدد غير محدود من الأروقة المطمورة التي تمثل ساحة للصلاة، وتحتوي على محراب نصف دائري يبدو واضحاً من خلال جدار القبلة الخارجي المطل على الوادي. أما حدود جدران المسجد الخارجية فتأتي من ثلاث جهات: الجهة الجنوبية والجهة الغربية والجهة الشمالية.[20]

انظر أيضًا

المراجع

  1. ^ عبد الله بن محمد المطوع (2004م). "التحولات السياسية والاجتماعية في الدرعية (850-1157ه/ 1446م-1744م)". مجلة جامعة الملك سعود، مجلد. ج. 16 ع. 2: 428-429.
  2. ^ إبراهيم بن صالح ابن عيسى (1999م). تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد ووفيات بعض الأعيان وأنسابهم وبناء بعض البلدان من (700ه- 1340ه) (ط. 1). الرياض: الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة. ص. 35.
  3. ^ ابن عيسى. تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد. ص. 77.
  4. ^ عبد الله بن محمد المطوع (2003). مجتمع الدرعية في عهد الدولة السعودية الأولى. الرياض: مطابع الخالد. ص. 45–46.
  5. ^ فيلكس مانجان. تاريخ الدولة السعودية الأولى وحملات محمد علي على الجزيرة العربية. ترجمة: البقاعي، محمد خير. الرياض: دارة الملك عبد العزيز. ص. 9–10.
  6. ^ وليام فيسي (1997م). الدرعية والدولة السعودية الأولى. الرياض: مؤسسة التراث. ص. 110.
  7. ^ بدر عادل الفقير (1424). تغير الأنماط السكنية في مدينة الدرعية دراسة تحليلية في الجغرافيا الحضرية. الرياض: دارة الملك عبد العزيز. ص. 15.
  8. ^ عبد الحكيم بن عبد الرحمن العواد (2019). الدرعية بين باب سمحان وباب سلمان. بيروت: جداول. ص. 40.
  9. ^ عبد الله بن محمد بن خميس (1978م). معجم اليمامة (ط. 1). الرياض: مطابع الفرزدق. ج. 2. ص. 225.
  10. ^ محمد بن عمر الفاخري (1419هـ). تاريخ الفاخري (ط. 1). الرياض: الأمانة العامة للاحتفال بمرور مائة عام على تأسيس المملكة. ص. 81–82.
  11. ^ فيلكس مانجان. تاريخ الدولة السعودية الأولى وحملات محمد علي على الجزيرة العربية. ص. 160.
  12. ^ فيلكس مانجان. تاريخ الدولة السعودية الأولى وحملات محمد علي على الجزيرة العربية. ص. 173.
  13. ^ وليام فيسي. الدرعية والدولة السعودية الأولى. ص. 109.
  14. ^ عبد الله بن محمد المطوع. مجتمع الدرعية في عهد الدولة السعودية الأولى. ص. 47.
  15. ^ عبد الحكيم العواد (الأحد 26 رجب 1427هـ/20 أغسطس 2006م.). "بلدة غصيبة التاريخية". صحيفة الجزيرة ع. 12379. مؤرشف من الأصل في 2023-09-18. {{استشهاد بدورية محكمة}}: تحقق من التاريخ في: |تاريخ= (مساعدة)
  16. ^ راشد بن محمد بن عساكر (2017). تاريخ المساجد والأوقاف في بلد الدرعية. الرياض: دار درر التاج للنشر والتوزيع. ص. 222.
  17. ^ راشد بن محمد بن عساكر. تاريخ المساجد والأوقاف في بلد الدرعية. ص. 223.
  18. ^ عبد الحكيم بن عبد الرحمن العواد. الدرعية بين باب سمحان وباب سلمان. ص. 40–41.
  19. ^ راشد بن محمد بن عساكر. تاريخ المساجد والأوقاف في بلد الدرعية. ص. 222.
  20. ^ منصور عبد العزيز الجديد (أكتوبر 2017م). "المساجد الطينية بمدينة الدرعية" (PDF). مجلة دارة الملك عبد العزيز ع. 4: 33–34.