جبنة التشيدر أو الشَّدَّر[1] أو جبن تشدر[2] هي جبنة صلبة القوام نسبياً، ذات لون أصفر شاحب يميل إلى البياض (أو أصفر برتقالي إن أضيفت له البهارات كالأناتو. ويكون الطعم حاداً أحياناً (حمضي). ويعود أصل هذا الجبن إلى قرية شيدر في مقاطعة سومرست،[3] يتم إنتاج هذا النوع من الأجبان خارج المنطقة وفي العديد من دول العالم.
التشيدر هي نوع الجبن الأكثر شعبية في المملكة المتحدة، وتمثّل حوالي 51% من سوق الجبن السنوي في البلاد والبالغ 1.9 بليون جنيه استرليني[4] وهو أيضاً ثاني أكثر أنواع الجبن شعبية في الولايات المتحدة الأمريكية بعد موتزاريلا، ويبلغ متوسط الاستهلاك السنوي حوالي 10 رطل (4.5 كـغ) للشخص.[5]
بلغ إنتاج الولايات المتحدة من التشيدر حوالي 1,443,470 طن عام 2010،[6] أما إنتاج بريطانيا فكان حوالي 262,000 طن عام 2008.[7] مصطلح "جبنة تشيدر" مستخدم على نطاق واسع، لكن ليس له تسمية منشأ محمية داخل الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك فالتشيدر المُنتَج من الحليب المحلي في أربع مقاطعلات في جنوبي غربي إنجلترا قد يستعمل الاسم "تشيدر بيت مزرعة.[8][9] جبن تشيدر المصنّع في جزر أوركني مسجل مؤشر جغرافي محمي تحت مسمى "تشيدر جزيرة أوركني الاسكتلندية".[10]
لمحة تاريخية
يصنع هذا النوع من الجبن في قرية تشيدر في مقاطعة سومرست في جنوب غرب إنجلترا وعلى بعد 48 كيلومتر من كاتدرائية ويلز حيث يحتوي مضيق تشيدر الموجود على حافة القرية على عدد من الكهوف التي وفرت درجة حرارة ثابتة ورطوبة مثالية لإنضاج الجبن. يعود أقدم نص مكتوب معروف لنا حتى الآن ذكر فيه جبن التشيدر إلى القرن الثاني عشر على الأرجح، فقد عُثر على وثائق ترجع إلى عهد الملك هنري الثاني في عام 1170 وتوثق عملية شراء كمية من جبن التشيدر بلغت 10.240 رطلاً (4640 كجم) بمبلغ 10.13 جنيهًا إسترلينيًا. كما أن تشارلز الأول الذي عاش ما بين عامي 1600-1649 كان قد اشترى هذا الجبن من القرية. ترجح بعض المصادر التاريخية أن الرومان كانوا هم أول من جلب وصفات صنع جبن التشيدر إلى بريطانيا من منطقة كانتال في فرنسا.[11]
لقب صانع الألبان البريطاني جوزيف هاردينغ في القرن التاسع عشر بالأب الروحي لجبن التشيدر،[12] حيث روج لنظافة منتجات الألبان، وقدم معدات جديدة للاستخدام في عملية صناعة الجبن مثل الكسارة الدوارة التي استخدمت لتقطيع الخثارة مما يوفر الكثير من الجهد اليدوي على العاملين،[13][14] كما طور أول نظام حديث لإنتاج جبن التشيدر مبني على أسس علمية.[15] أدخل جوزيف هاردينغ صناعة جبن التشيدر إلى اسكتلنداوأمريكا الشمالية، ثم دخل أبناؤه صناعة جبن التشيدر إلى أسترالياونيوزيلندا.[16]
استخدمت الألبان في بريطانيا خلال الحرب العالمية الثانية لصنع نوع واحد فقط من الجبن الذي أطلق عليه «جبن تشيدر الحكومة» كجزء من اقتصاديات الحرب.[17] أدى هذا إلى القضاء على جميع منتجات الجبن الأخرى هناك. كان هناك ما يزيد عن 3500 من منتجي الجبن في بريطانيا قبل الحرب العالمية الأولى، ثم انخفض عددهم إلى أقل من 100 بعد الحرب العالمية الثانية.[18]
يعتبر جبن التشيدر بحسب الباحثين في وزارة الزراعة الأمريكية هو أكثر أنواع الجبن شيوعًا في العالم، وأكثر أنواع الجبن التي تمت دراستها في المنشورات العلمية.[19]
التصنيع والإنتاج
تفصل الخثارة ومصل اللبن من الجبن باستخدام المنفحة، وهي مركب إنزيمي ينتج عادة من معدة العجول حديثي الولادة،[20][21] ثم تعجن الخثارة بالملح بعد تسخينها، وتقطيعها إلى مكعبات لتصريف مصل اللبن، ثم تكدس وتقلب،[20] ويجب أن تعتق لمدة 15 شهرًا أو أكثر في درجة حرارة ثابتة، وعادةً ما يتطلب ذلك مرافق خاصة. يتم تعتيق بعض أنواع جبن التشيدر في الكهوف التي توفر بيئة مثالية لإنضاج الجبن.[22][23]
يميل جبن التشيدر المصنوع بالطريقة الكلاسيكية إلى أن يكون ذو نكهة حادة لاذعة، وغالبًا ما تكون ترابية قليلاً. ترتبط حدة مذاق جبن التشيدر بمستويات الببتيدات المرة في الجبن. كانت هذه المرارة سمة مهمة لتمييز نكهة جبن التشيدر القديمة.[24] يكون ملمس جبن التشيدر متماسك مع وجود بعض الأنواع ذات ملمس متفتت بعض الشيء. تحتوي جبن التشيدر الناضجة على بلورات جبن كبيرة تتكون من لاكتات الكالسيوم التي غالبًا ما تترسب عندما تعتق لفترات أطول من ستة أشهر.[25]
يتميز جبن التشيدر بلون أصفر باهت أو أبيض فاتح، ويكون لونها أصفر برتقالي عند إضافة بعض المستخلصات النباتية مثل عصير البنجر. يعتبر الأناتو المستخرج من بذور شجرة أشيوت الاستوائية أحد التوابل شائعة الاستخدام في تحضير جبن التشيدر، والذي كان يضاف في الأصل لمحاكاة لون الحليب عالي الجودة من أبقار جيرسي وجيرنسي التي تتغذى على العشب،[26] وقد يضفي أيضًا نكهة حلوة وجوزية إلى الجبن.
قدم الرئيس الأمريكي أندرو جاكسون لضيوفه في أثناء حفل أقامه ذات مرة في البيت الأبيض 1400 رطلًا (640 كجم) من جبن التشيدر.[28]
أنتجت في مدينة إنجرسول في مقاطعة أونتاريو الكندية في عام 1866 جبن تشيدر وزنت 7000 رطلًا (3200 كجم)، وعرضت في نيويوركوبريطانيا.[29] وقد كتب الشاعر الكندي جيمس ماكنتاير عنها قصيدة أسماها قصيدة عن جبنة الماموث التي تزن أكثر من 7000 رطلًا.[30]
كان أكبر جبن تشيدر في العالم هو الذي صنعه أعضاء ولاية أوريغون في اتحاد صانعي الجبن الأمريكيين في عام 1989 حيث كان يزن 56850 رطلًا (25790 كجم).[31]
^Brown, Steve; Blackmon, Kate; and Cousins, Paul. Operations management: policy, practice and performance improvement. Butterworth-Heinemann, 2001, pp. 265–266.
^Blundel، Richard؛ Tregear، Angela (17 أكتوبر 2006). From Artisans to "Factories": The Interpenetration of Craft and Industry in English Cheese-Making 1650–1950. Enterprise and Society.
^Karametsi، K. (13 أغسطس 2014). "Identification of bitter peptides in aged cheddar cheese". Journal of Agricultural and Food Chemistry. ج. 62 ع. 32: 8034–41. DOI:10.1021/jf5020654. PMID:25075877.