تخلق النسيج العصبي عند البالغين

تخلق النسيج العصبي عند البالغين هو عملية تشكل العصبونات بدءًا من خلايا جذعية عصبية عند البالغ. هذه العملية مختلفة عن عمليات تخلق النسيج العصبي خلال التطور الجنيني.

في معظم الثدييات، تنشأ العصبونات الجديدة خلال البلوغ في مناطق مختلفة من الدماغ:[1]

  • المنطقة جزئية التحبب (إس جي زِدْ)، جزء من التلفيف المسنن للحصين، حيث تُولد الخلايا الجذعية العصبية خلايا حبيبية (متخصصة بتكوين الذاكرة والتعلم).[2][3]
  • المنطقة تحت البطينية (إس ڤي زِدْ) من البطين الجانبي، تقسم لثلاثة أقسام (وحشية وظهرية وأنسية).[4] تهاجر الخلايا الجذعية العصبية إلى البصلة الشمية من خلال المجرى المنقاري الهاجر، حيث تتمايز لتصبح عصبونات بينية تشارك في حس الشم. عند البشر، يتشكل القليل من عصبونات البصلة الشمية -إن تشكلت- بعد الولادة.[5][6]

أعطى أنتونيو دافالوس لتخلق النسيج العصبي في التلفيف المسنن أهمية أكبر من التخلق العصبي في الجسم المخطط. عند القوارض، يموت العديد من عصبونات التلفيف المسنن عند الولدان خلال وقت قصير بعد الولادة، لكن البعض منها يصبح فعالًا ويندمج بالنسيج المحيط بالدماغ.[7][8][9] كمية العصبونات التي تنشأ في الحصين البشري خلافية؛ بعض الدراسات تشير لتشكل نحو 700 عصبون جديد عند الإنسان البالغ وتضاف إلى الحصين كل يوم،[10] بينما تشير بعض الدراسات الأخرى لعدم وجود تخلق نسيج عصبي في حصين الإنسان البالغ، أو، إن كانت تحدث، فهي تحدث بمستويات غير متوقعة.[11] ما زالت آلية عمل العصبونات الجديدة غير واضحة. تلعب عملية تخلق النسيج العصبي عند البالغين دورًا في التعلم والذاكرة، والعواطف، والتوتر، والاكتئاب، والاستجابة للأذية، وحالات أخرى.[12]

الآلية

الخلايا الجذعية العصبية عند البالغين

الخلايا الجذعية العصبية هي خلايا متجددة ذاتيًا ومتعددة التمايز، إذ يمكنها توليد الأنماط الظاهرية الأساسية للجهاز العصبي.

سلالة إعادة البرمجة (التمايز المتنقل)

تقترح الدلائل الحديثة أن خلايا المحيط الوعائية العصبية الدقيقة، وفق إرشادات من الخلايا الدبقية،[13] تُعاد برمجتها لتصبح عصبونات بينية وتغني تعصيب دوران الأوعية الدقيقة. تتوسع هذه الاستجابة بتخلق وعائي مرافق.

نماذج حية من التخلق العصبي

المستورقات

المستورقات هي من أقدم الكائنات الحية المستخدمة لدراسة التجدد مع بالاس، الذي يعتبر من أوائل من قاموا بدراسات على المستورقات. المستورقات هي كائنات لافقارية نموذجية استُخدمت مؤخرًا لاختبار عملية تخلق النسيج العصبي. الجهاز العصبي الأساسي للمستورقات بسيط، على الرغم من تشكله من فصين يقعان في الرأس وحبلين عصبيين بطنيين. يتكاثر هذا النموذج لاجنسيًا منتجًا جهازًا عصبيًا كاملًا وفعالًا بعد الانقسام، ما يسمح باستمرار اختبار تخلق النسيج العصبي.

عفريت الماء

تُستخدم عفاريت الماء بشكل أقل من الفقاريات الأخرى، لكنها ما تزال نموذج لاختبار التجدد والتخلق العصبي.[14][15] على الرغم من أنها قد حصلت على مكانتها في البحث الطبي الحيوي بسبب تجدد أطرافها، أظهر نموذجها قابلية لتشكل عصبونات جديدة بعد الأذية. قدمت عفاريت الماء جسرًا حيويًا بين اللافقاريات والثدييات، كون جنسها يمتلك قابلية تجدد تشمل عملية تخلق عصبي كامل مشكلةً نطاقًا واسعًا من الجمهرة العصبية غير المحددة بمكانة صغيرة، ناهيك عن الصعوبة والتصميم المعقد والمتماثل بعدة طرق في تطور الجهاز العصبي البشري.

دانيو المخطط (السمك المخطط)

لطالما كان دانيو المخطط نموذجًا تطوريًا بسبب شفافية تجدد الأعضاء واستخدامها بشكل كبير في بدايات تطور التخلق العصبي. يظهر دانيو المخطط قابلية قوية للتجدد العصبي قادرة على تجديد عدد متنوع من النسج وإكمال عملية تمايزها العصبية (ما عدا الخلايا النجمية، كونها لم تشاهد في دماغ دانيو المخطط بعد) استكمالًا لعملية التخلق العصبي خلال دورة الحياة. ترسخ دور هذا النموذج في العقود الأخيرة لقدرته على التجدد والتخلق العصبي عند البالغين بعد الأذية. ساهم دانيو المخطط، مثل عفاريت الماء، بدور أساسي بأن يكون جسرًا بين اللافقاريات والثدييات.[16][17][18] ينمو دانييو المخطط بسرعة، وهو غير مكلف نسبيًا للمحافظة عليه، في حين يوفر سهولة بالتلاعب الجيني والنظام العصبي المعقد.

الدجاج

على الرغم من استخدام الطيور في دراسة مراحل التطور الجنينية الأولى، لعبت الدجاجة المتطورة في العقود الأخيرة دورًا جوهريًا في اختبار التخلق العصبي والتجدد، إذ كانت الدجاجة اليافعة قادرة على التغيير العصبي في عمر مبكر، لكنها تخسر القدرة على التجديد العصبي في وقت البلوغ.[19] سمح خسارة القدرة على التجديد العصبي خلال النضوج للمختبرين بأن يختبروا منظمات جينية لعمليات التخلق العصبي.

القارض

كانت القوارض، الفئران والجرذان، العنصر والنموذج الأبرز منذ اكتشاف العصبونات الحديثة من قبل سانتياغو رامون واي كاجال. تمتلك القوارض تصميمًا وجهازًا عصبيًا معقدًا وقابلية تجدد ضئيلة مشابهة لتلك عند البشر. لذلك السبب، استخدمت بشكل كبير في الاختبارات ما قبل السريرية. تظهر القوارض نطاقًا واسعًا من الدارات العصبية المسؤولة عن التصرفات المعقدة، ما يجعلها مثالية لدراسة تشذيب التغصنات وجزّ المحاوير.[20] بينما تصنع العضوية تماثلات بشرية قوية، يمتلك هذا النموذج محددات لا توجد في النماذج السابقة: تكلفة حفاظ أعلى، وأعداد تكاثر أقل، ومحدودية إمكانيات التجدد العصبي.

التاريخ

اعتبر أوائل علماء تشريح الأعصاب، بمن فيهم سانتياغو رامون واي كاجال، الجهاز العصبي ثابتًا وغير قابل للتجديد. قدم جوزيف ألتمان أول إثبات على تخلق نسيج عصبي في الثدييات البالغة في قشرة المخ في عام 1962، مترافقًا مع إثبات على التخلق النسيجي العصبي عند البالغين في التلفيف المسنن للحصين في عام 1963. اكتشف جوزيف ألتمان المجرى المنقاري الهاجر وأطلق هذه التسمية عليه في عام 1969، معتبرًا إياه كمصدر لتولد خلايا حبيبية عصبية بالغة في البصلة الشمية. حتى الثمانينيات، تجاهل المجتمع العلمي هذه الموجودات على الرغم من الإثباتات وطرقها المباشرة في تجدد الخلايا، على سبيل المثال، الإشعاع الذاتي بـ3 إتش ثيميدين.[21] خلال ذلك الوقت، أظهرت شيرلي باير (وميشيل كابلان) مجددًا وجود التخلق العصبي عند الثدييات (الجرذان)، وأظهر نوتبوم الظاهرة ذاتها عند الطيور، ما جدد الاهتمام بالموضوع. بدأت الدراسات على البالغين في التسعينيات تساهم بنشر الأمر للإعلام.

المراجع

  1. ^ Ernst، A؛ Frisén، J (يناير 2015). "Adult neurogenesis in humans- common and unique traits in mammals". PLOS Biology. ج. 13 ع. 1: e1002045. DOI:10.1371/journal.pbio.1002045. PMC:4306487. PMID:25621867.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)
  2. ^ Dayer، A.G.؛ Ford، A.A.؛ Cleaver، K.M.؛ Yassaee، M.؛ Cameron، H.A. (2003). "Short-term and long-term survival of new neurons in the rat dentate gyrus". The Journal of Comparative Neurology. ج. 460 ع. 4: 563–572. DOI:10.1002/cne.10675. PMID:12717714.
  3. ^ Vadodaria، Krishna C.؛ Gage، Fred H. (2014). "SnapShot: Adult Hippocampal Neurogenesis". Cell. ج. 156 ع. 5: 1114–1114.e1. DOI:10.1016/j.cell.2014.02.029. PMID:24581504.
  4. ^ Fiorelli، Roberto؛ Azim، Kasum؛ Fischer، Bruno؛ Raineteau، Olivier (15 يونيو 2015). "Adding a spatial dimension to postnatal ventricular-subventricular zone neurogenesis". Development. ج. 142 ع. 12: 2109–2120. DOI:10.1242/dev.119966. ISSN:1477-9129. PMID:26081572.
  5. ^ Ernst A، Alkass K، Bernard S، Salehpour M، Perl S، Tisdale J، Possnert G، Druid H، Frisén J (2014). "Neurogenesis in the striatum of the adult human brain". Cell. ج. 156 ع. 5: 1072–83. DOI:10.1016/j.cell.2014.01.044. PMID:24561062.
  6. ^ Bergmann، O.؛ Liebel، J.؛ Bernard، S.؛ Alkass، K.؛ Yeung، M.S.Y.؛ Steier، P.؛ Kutschera، W.؛ Johnson، L.؛ Landen، M.؛ Druid، H.؛ Spalding، K.L.؛ Frisen، J. (2012). "The age of olfactory bulb neurons in humans". Neuron. ج. 74 ع. 4: 634–639. DOI:10.1016/j.neuron.2012.03.030. PMID:22632721.
  7. ^ Toni، N.؛ Teng، E.M.؛ Bushong، E.A.؛ Aimone، J.B.؛ Zhao، C.؛ Consiglio، A.؛ van Praag، H.؛ Martone، M.E.؛ Ellisman، M.H.؛ Gage، F.H. (2007). "Synapse formation on neurons born in the adult hippocampus". Nature Neuroscience. ج. 10 ع. 6: 727–734. DOI:10.1038/nn1908. PMID:17486101.
  8. ^ Vivar، C.؛ Potter، M.C.؛ Choi، J.؛ Lee، J.؛ Stringer، T.P.؛ Callawy، E.M.؛ Gage، F.H.؛ Suh، H.؛ van Praag، H. (2012). "Monosynaptic inputs to new neurons in the dentate gyrus". Nature Communications. ج. 3 ع. 1038: 1107. Bibcode:2012NatCo...3E1107V. DOI:10.1038/ncomms2101. PMC:4603575. PMID:23033083.
  9. ^ Toni، N.؛ Laplagne، D.A.؛ Zhao، C.؛ Lombardi، G.؛ Ribak، C.E.؛ Gage، F.H.؛ Schinder، A.F. (2008). "Neurons born in the adult dentate gyrus form functional synapses with target cells". Nature Neuroscience. ج. 11 ع. 8: 901–907. DOI:10.1038/nn.2156. PMC:2572641. PMID:18622400.
  10. ^ Spalding، Kirsty L.؛ Bergmann، Olaf؛ Alkass، Kanar؛ Bernard، Samuel؛ Salehpour، Mehran؛ Huttner، Hagen B.؛ Boström، Emil؛ Westerlund، Isabelle؛ Vial، Céline (6 يونيو 2013). "Dynamics of hippocampal neurogenesis in adult humans". Cell. ج. 153 ع. 6: 1219–1227. DOI:10.1016/j.cell.2013.05.002. ISSN:1097-4172. PMC:4394608. PMID:23746839.
  11. ^ Sorrells، SF؛ Paredes، MF؛ Cebrian-Silla، A؛ Sandoval، K؛ Qi، D؛ Kelley، KW؛ James، D؛ Mayer، S؛ Chang، J؛ Auguste، KI؛ Chang، EF؛ Gutierrez، AJ؛ Kriegstein، AR؛ Mathern، GW؛ Oldham، MC؛ Huang، EJ؛ Garcia-Verdugo، JM؛ Yang، Z؛ Alvarez-Buylla، A (15 مارس 2018). "Human hippocampal neurogenesis drops sharply in children to undetectable levels in adults". Nature. ج. 555 ع. 7696: 377–381. Bibcode:2018Natur.555..377S. DOI:10.1038/nature25975. PMC:6179355. PMID:29513649.
  12. ^ Cameron، Heather A.؛ Glover، Lucas R. (3 يناير 2015). "Adult Neurogenesis: Beyond Learning and Memory". Annual Review of Psychology. ج. 66 ع. 1: 53–81. DOI:10.1146/annurev-psych-010814-015006. ISSN:0066-4308. PMC:5612417. PMID:25251485.
  13. ^ Farahani, Ramin M.; Rezaei‐Lotfi, Saba; Simonian, Mary; Xaymardan, Munira; Hunter, Neil (2019). "Neural microvascular pericytes contribute to human adult neurogenesis". Journal of Comparative Neurology (بالإنجليزية). 527 (4): 780–796. DOI:10.1002/cne.24565. ISSN:1096-9861. PMID:30471080.
  14. ^ Carlson، B. M. (ديسمبر 1975). "The effects of rotation and positional change of stump tissues upon morphogenesis of the regenerating axolotl limb". Developmental Biology. ج. 47 ع. 2: 269–291. DOI:10.1016/0012-1606(75)90282-1. hdl:1874/15361. ISSN:0012-1606. PMID:1204936. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10.
  15. ^ Kragl، Martin؛ Knapp، Dunja؛ Nacu، Eugen؛ Khattak، Shahryar؛ Maden، Malcolm؛ Epperlein، Hans Henning؛ Tanaka، Elly M. (2 يوليو 2009). "Cells keep a memory of their tissue origin during axolotl limb regeneration". Nature. ج. 460 ع. 7251: 60–65. Bibcode:2009Natur.460...60K. DOI:10.1038/nature08152. ISSN:1476-4687. PMID:19571878.
  16. ^ Hentig، James T.؛ Byrd-Jacobs، Christine A. (31 أغسطس 2016). "Exposure to Zinc Sulfate Results in Differential Effects on Olfactory Sensory Neuron Subtypes in Adult Zebrafish". International Journal of Molecular Sciences. ج. 17 ع. 9: 1445. DOI:10.3390/ijms17091445. ISSN:1422-0067. PMC:5037724. PMID:27589738.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)
  17. ^ Gorsuch، Ryne A.؛ Hyde، David R. (يونيو 2014). "Regulation of Müller glial dependent neuronal regeneration in the damaged adult zebrafish retina". Experimental Eye Research. ج. 123: 131–140. DOI:10.1016/j.exer.2013.07.012. ISSN:1096-0007. PMC:3877724. PMID:23880528.
  18. ^ Kroehne، Volker؛ Freudenreich، Dorian؛ Hans، Stefan؛ Kaslin، Jan؛ Brand، Michael (نوفمبر 2011). "Regeneration of the adult zebrafish brain from neurogenic radial glia-type progenitors". Development. ج. 138 ع. 22: 4831–4841. DOI:10.1242/dev.072587. ISSN:1477-9129. PMID:22007133. مؤرشف من الأصل في 2019-12-10.
  19. ^ Fischer، Andy J. (مارس 2005). "Neural regeneration in the chick retina". Progress in Retinal and Eye Research. ج. 24 ع. 2: 161–182. DOI:10.1016/j.preteyeres.2004.07.003. ISSN:1350-9462. PMID:15610972.
  20. ^ Jones، Theresa A.؛ Schallert، Timothy (22 مايو 1992). "Overgrowth and pruning of dendrites in adult rats recovering from neocortical damage". Brain Research. ج. 581 ع. 1: 156–160. DOI:10.1016/0006-8993(92)90356-E. PMID:1498666.
  21. ^ Wolf، Susanne A.؛ Bick-Sander، Anika؛ Fabel، Klaus؛ Leal-Galicia، Perla؛ Tauber، Svantje؛ Ramirez-Rodriguez، Gerardo؛ Müller، Anke؛ Melnik، Andre؛ Waltinger، Tim P.؛ Ullrich، Oliver؛ Kempermann، Gerd (2010). "Cannabinoid receptor CB1 mediates baseline and activity-induced survival of new neurons in adult hippocampal neurogenesis". Cell Communication and Signaling. ج. 8 ع. 1: 12. DOI:10.1186/1478-811X-8-12. PMC:2898685. PMID:20565726.{{استشهاد بدورية محكمة}}: صيانة الاستشهاد: دوي مجاني غير معلم (link)