بيتي شباز
بيتي شباز (بالإنجليزية: Betty Shabazz) (28 مايو 1934 -23 يونيو 1997)، أو بيتي دين ساندرز [4]، والمعروفة أيضًا بـ بيتي إكس، كانت تعمل كمعلمةٍ أمريكيةٍ ومناصرةٍ للحقوق المدنية، وهي زوجة مالكوم إكس المتحدث الرسمي باسم منظمة «أمة الإسلام».
نشأت شباز في مدينة «ديترويت» بولاية «ميشيغان»، حيث بذل والديها أقصى جهدهما لحمايتها من العنصرية المتأصلة في المجتمع، إلا أنها لم تلبث أن واجهت العنصرية، ولأول مرةٍ، عند التحاقها بمعهد «توسكيجي» بولاية «ألاباما» بالولايات المتحدة الأمريكية.
لمّا لم يرُق لها الحال بولاية «ألاباما»، انتقلت شباز للعيش بمدينة «نيويورك». وفي «نيويورك»، عملت كممرضةٍ، وبعدها التقت بـ «مالكوم إكس»، ثم انضمت لمنظمة «أمة الإسلام» في عام 1956م، وفي عام 1958 م تزوجت من «مالكوم إكس» المتحدث الرسمي باسم المنظمة.
في عام 1964 م تخلّت بيتي شباز، بصحبة زوجها، عن عضويتها بمنظمة أمة الإسلام، ثم شهدت في العام الذي تلاه مقتل زوجها، ومن ثمّ أُلقى على عاتقها مهمة تربية بناتها الست، بصفتها أمهن والوحيدة المسؤلة عنهن. طفولتهاولدت بيتي دين ساندرز في الثامن والعشرين من مايو لعام 1934 م، وكانت أمها تُدعى أُولِي ماي وأبوها شيلمان ساندلين، والذي كان يبلغ من العمر آنذاك 21 عامًا بينما كانت أمها لم تتجاوز سن المراهقة بعد، وقد أقام كلاهما علاقةً دون زواجٍ شرعىٍ. وطوال حياتها، ظلّت بيتي ساندرز تدّعي أنها وُلدت بمدينة «ديترويت» بولاية «ميشيغان»، غير أنه بالنظر إلى مستنداتٍ قديمةٍ، كشهادتها الثانوية والجامعية، تبين أن مسقط رأسها هو مدينة «بيتيهرست -جمهورية جورجيا»، ولم تتمكن السلطات بولاية جورجيا أو ميشيغان من تحديد مسقط رأسها.[5] وأشارت معظم التقارير إلى أن أُولِى ماي ساندرز أساءت معاملة بيتي ساندرز وهي لا تزال في طور الطفولة بمدينة ديترويت، وما إن بلغت بيتي الحادية عشرة من عمرها حتى تبنّاها كلاً من «لورينزو» و «هيلين» مالوي، رجل أعمال معروف وزوجته. كانت هيلين مالوي عضوًا مؤسسًا برابطة «ربات البيوت» بمدينة ديترويت، وهي رابطةٌ تتألف من مزيجٍ من النساء الأفارقة والأمريكان، واللاتي قمن بشن حملاتٍ لدعم نشاطات ذوي البشرة السوداء ومقاطعة المؤسسات التي ترفض توظيف السود. بالإضافة إلى ذلك، كانت هيلين مالوي عضوًا بالمجلس القومي للزنجيات والجمعية القومية لدعم وتطوير السود. علاوةً على أن الزوجان كانا عضوين فعّالين في الكنيسة الأسقفية المنهجية الأفريقية المقدسة المتواجدة بالبلدة.[6] وعلى الرغم من دروسهما في الثقة والاعتماد على الذات للسود، لم يحدث أن تطرق الزوجان بالحديث إلى ساندرز عن العنصرية.[7] نعود إلى الوراء في عام 1995 م حين كتبت شباز «لم يحدث أن وُضِعت قضية الاختلاف في العرق للنقاش، وكنا نأمل أن ننحي المشاكل العرقية جانبًا لأن ذلك من شأنه أن يُنهي المشاكل بشكل كليّ. وما حدث أنه ما من شخصٍ ناقش قضية العنصرية علانيةً إلا وكان يُنظَر إليه على أنه شخصٌ مثيرٌ للشغب».[8] من بين الاضطرابات العنصرية التي واجهت شباز في طفولتها: عندما تم تطبيق نظام الدمج العرقي بمشروع الإسكان «سوجورنر تروث» وذلك في عام 1942، ثم ما حدث في العام الذي تلاه بجزيرة «بل» واللذان كان لهما دورهما فيما أطلقت عليه شباز فيما بعد «الخلفية السيكولوجية للأعوام التي تشكلت فيها شخصيتي».[9][10] شبابهابعد أن حصلت على الشهادة الثانوية، اضطرت ساندرز لترك منزل والديها بالحضانة بمدينة ديترويت للالتحاق بمؤسسة توسكيجي التعليمية (جامعة توسكيجى حاليًا)، وهي كليةٍ أُنشأت قديمًا للسود بألاباما، وكانت تزخر بتمثال «ألما ماتر Alma mater» للورينزو مالُوي. عقدت ساندرز عزمها على الحصول على درجةٍ تعليميةٍ عاليةٍ تؤهلها للعمل كمعلمة.[11] ووقت عزمها على الرحيل من مدينة ديترويت لـ ألاباما، وقفت أمها المربية على محطة القطار باكيةً، وذكرت شباز لاحقًا أن والدتها كانت تحاول أن تغمغم ببعض الكلمات إلا أن الكلام أبى أن يخرج من فيها. ما إن وصلت ساندرز إلى ألاباما حتى أدركت ما كانت أمها تحاول قوله، وعبّرت عن ذلك بقولها «في الوقت الذي كنت فيه على أعتاب مرحلةٍ جديدةٍ، كنت أعرف ما الذي تود قوله لي، كانت تحاول أن تلفت نظري في عشر كلماتٍ أو أقل إلى العنصرية المتأصلة في المجتمع».[12] لم تكن ساندرز مهيأةً للتكيف مع العنصرية المتأصلة في المناطق الجنوبية، ومن ثم كانت تتفادى التعامل مع ذوي البشرة البيضاء طالما أنها داخل الحرم الجامعي، غير أن الرحلات التي كانت تُقام بعطلة نهاية الأسبوع لـ «مونتغومري»، وهي أقرب مدينة لمكان الجامعة، كانت تستنفد صبرها، ذلك أنه كان على الطلاب السود الانتظار حتى ينتهي كل من هو أبيض من استيفاء حاجته، وحتى يحظى بخدمة خمس نجوم من قِبَل الموظفين العاملين بأي مؤسسةٍ أو محلٍ أو أو إلخ، ثم بعد ذلك يشرع العامل بالمؤسسة في خدمة السود، هذا إن راق له أن يقدم لهم الخدمة أساسًا. ولما اشتكت شباز من ذلك لأسرتها «مالويز» رفضوا أن يطرحوا القضية للمناقشة، وفي مقابلةٍ لها عام 1989 م لخّصت شباز اتجاههم هذا بقولها «لو أنّكم تلتزمون الصمت، فستمضي الحياة بشكلٍ طبيعي».[13] وقد واجهت حياة ساندرز الدراسية الكثير من العقبات التي نجمت عن إخفاقها المتزايد، مما دفعها للتحويل من مجال التدريس إلى مجال التمريض. وقد شجع عميد التمريض «ليليان هارفي» ساندرز على الدراسة في البرنامج الفرعي لتوسكيجي بمدرسة التمريض بولاية «بروكلين - نيويورك». عند ذلك انتقلت ساندرز، ضد رغبة والديها، من ألاباما للعيش بمدينة نيويورك في عام 1953.[14] وفي نيويورك واجه ساندرز شكلٌ جديدٌ من العنصرية، ففي مستشفى «مونت فوار»، حيث كانت تتلقى تدريبها الإكلينيكي، كانت الممرضات ذوات البشرة السوداء يأخذن اسوأ الأنشطة وأصعبها، في حين أن البيض كن مفضلات عليهن، ناهيك عن المعاملة البذيئة التي كانت تلقاها الممرضات الزنجيات أحيانًا على يد المرضى البيض. ولما كان جو العنصرية يجد مكانًا أكثر خصوبةً في نيويورك عنه في ألاباما، فقد كانت ساندرز تتساءل أحيانًا «هل هي بذلك فرت من عنصرية» جيم كرو «لتجد تحيزًا ارستقراطيًا أكثر إجحافًا في مواجهتها؟» [15] زواجها وحياتها العائليةلم تقم بين بيتي إكس ومالكوم إكس علاقةً عاطفيةً كالمتعارف عليها، إذ كان تبادل المشاعر واللقاءات العاطفية خارج نطاق الزواج مخالفًا لتعاليم أمة الإسلام، وعليه كان يشاركهم لقاءهم العشرات من الأعضاء إن لم يكن المئات. ودائمًا ما كان مالكوم إكس يشكل جماعاتٍ لزيارة المتاحف والمكتبات المتواجدة بمدينة نيويورك وكانت دعوته بالطبع تشمل بيتي إكس.[16] وبالرغم من أنه لم يتطرق أيًا منهما لمسألة الزواج إلا انّه كان يغلب على ظن بيتي إكس أن مالكوم إكس يُضمر ذلك في نفسه، وظلّت هكذا حتى جاء اليوم الذي طلبها فيه للزواج، وبالفعل تم الزواج يوم 14 يناير لعام 1958 م بمدينة لانسينج بولاية ميشيغان [17][18]، وبالمصادفة حصلت بيتي إكس على ليسانس التمريض في نفس اليوم.[19] وفيما يتعلق بطبيعة علاقتهما بعد الزواج، فقد كان الزوجان يطبقان تعاليم أمة الإسلام وذلك بأن يضع مالكوم إكس القواعد ثم تسير عليها بيتي إكس مطيعةً إياه باستسلام.[20] وفي عام 1969 م كتبت شباز «لقد كان تعليمه شاملاً لكل جوانب الحياة حتى أنه أصبح أسلوبًا نتبناه في حياتنا».[21] وبمرور الوقت حدثت تغيرات في أسلوب العائلة حتى أن مالكوم إكس بدأ يستجيب، على مضض، لمطالب بيتي إكس بالحصول على شيءٍ من الاستقلالية.[22] وفي هذا الشأن تقول بيتي إكس في عام 1969 م " لم يكن بيننا الكثير من النقاش أو الحوار الأسري، وقد أخبروني في البداية ما الذي ينتظره مالكوم مني كزوجةٍ، غير أنه ما إن حان الوقت لأخبره ما الذي انتظره منه كزوجٍ، كان وقع ذلك عليه كالصاعقة، ذلك أنه ذات ليلةٍ توجه إليّ بالحديث قائلاً " عزيزتي بيتي، لقد قلتِ شيئا شعرت له كمن صعقه طن من الحجارة، فقد قامت علاقتنا في الأساس على ما أقدمه من حلقاتٍ دراسيةٍ كنتُ فيها أنا المتحدث وأنت من تستمعين إليّ "، ثم اختتم ذلك بقوله " لا بد وأن يكون زواجنا قائمًا على الأخذ والعطاء المتبادل".[23] وقد أنجب الزوجان ست من البنات، وأسماءهن على التوالي: عطا الله (والتي كان ميلادها في عام 1958 م، وكانت تسميتها بهذا الاسم تيمنًا باسم أتيلا المغولي) [24]– قبيلة (1960 م، تيمنًا باسم قوبلي خان الملك الخامس للإمبراطورية المغولية) –إلياسا (1962 م، المسماة على اسم إليجا محمد قائد منظمة أمة الإسلام) –جميلة لومومبا (1964 م، تيمنًا باسم باتريك لومومبا الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس وزراء جمهورية الكونغو)-وأخيرًا التوأمان مليكة وملاك (1965 م بعد اغتيال والدهما وكانت تسميتهما تيمنًا بإسمه).[25] تخليها عن العضوية بـ " أمة الإسلاموفي الثامن من مارس لعام 1964 م أعلن مالكوم اكس تخليه عن عضويته بمنظمة «أمة الإسلام»[26] ، ثم ما لبث أن أصبح الزوجان مالكوم إكس وبيتي إكس، المعروفة حاليًا بـ بيتي شباز، مسلمَين على مذهب أهل السنة والجماعة. لمزيد من التفاصيل في هذا الموضوع أرجع لـ مالكوم إكس وتخليه عن عضويته بمنظمة «أمة الإسلام».[27][28] منظمة " أمة الإسلامخلال العام الثاني من دراستها بمدرسة التمريض، تلقّت ساندرز دعوةً لحضور حفل عشاءٍ ليلة الجمعة، وذلك بمقر منظمة «أمة الإسلام» بمدينة هارليم، علمًا بأن زميلةً لها هي من كانت وراء هذه الدعوة . وبشأن هذا الحفل تقول ساندرز في عام 1992 م «لقد كان الطعام لذيذًا حتى إنني لم أذق في حياتي كلها طعامًا كهذا».[29] بعد العشاء عرضت تلك الممرضة على ساندرز أن تحضر المحاضرات والندوات التي يقوم المسلمون بتنظيمها، وبالفعل وافقت ساندرز على ذلك . وبعد الخطبة التي قُدِمت في الحفل حاولت تلك الممرضة أن تقنع ساندرز بالانضمام لمنظمة أمة الإسلام، غير أن ساندرز رفضت ذلك بلطف .[29] ولمّا طلبت الممرضة بعد الزيارة تفسيرًا لذلك الرفض أجابت ساندرز بأنها لم تكن على علمٍ بأن الهدف من الزيارة هو الانضمام للمنظمة، ثم أضافت «الشيء الثاني أنه ما إن يتناهى إلى مسامع أمي أمرٌ كهذا حتى تمزقني إربًا، غير أنني لست على درايةٍ بطبيعة فلسفة المنظمة». ومن الجدير بالذكر في هذا الشأن أن أسرة ساندرز بالتبني كانت تتبع الميثودية ومن ثمّ عقدت ساندرز عزمها وهي في الثالثة عشرة من عمرها على أن تتبع هذه الديانة طيلة حياتها .[30] في ذلك اليوم تطرّقت الممرضة للحديث عن زعيم المنظمة والمتحدث الرسمي بإسمها، والذي لم يكن متواجدًا في تلك الليلة، وبدأت تستحث ساندرز على حضور خطبه ومحاضراته، ولجذب انتباهها قالت «انتظري فحسب حتى تستمعي لحديث الزعيم، فذلك الشخص منظمٌ للغاية، إضافةً إلى أنّ حسن مظهره يجعل كل الفتيات تتهافتن عليه».[29] بنهاية الحفل كانت ساندرز قد استمتعت إلى حدٍ كبيرٍ بالطعام ثم وافقت على المجيء مرةً ثانيةً لتلتقي بالزعيم . وفي زيارتها الثانية أخبرتها الممرضة أن الزعيم متواجدٌ هذه الليلة، وهنا قالت ساندرز لنفسها محدثةً «صفقةٌ رائعة» [31]> في عام 1992 م تحدثت ساندرز عن التغيير الذي طرأ على سلوكها وتصرفاتها بمجرد أن وقع بصرها على مالكوم اكس للوهلة الأولى، عبّرت عن ذلك بقولها «فجعلت انظر حولي لأجد ذلك الرجل في الجناح القابع أقصى يمين المكان يعدو في اتجاه المنصة (المنبر)، كان يتّسم بالطول والنحافة، والطريقة التي كان يعدو بها كانت توحي بأنه في طريقه لمكانٍ أكبر أهمية من المنبر، وما إن اعتلى المنبر حتى تنبهت له كل ذرةٍ في كياني، حقًا لقد كان له أثره الجم عليّ».[16] التقت ساندرز بمالكوم إكس للمرة الثانية بحفل عشاءٍ، وتبادل الاثنان الحديث عن حياة ساندرز فيما يتعلق بطفولتها التي قضتها بمدينة ديترويت والعنصرية التي واجهتها بـألاباما ثم دراستها بـنيويورك. عند ذلك أخذ مالكوم إكس طرف الحديث ليتحدث عن وضع الأمريكان الذين هم من أصل أفريقي وأسباب العنصرية الرخوة التي يقوم عليها المجتمع . بدأت ساندرز تنظر للأمور من منظورٍ مختلفٍ، [32] وفي لقاءٍ لها عام 1990 م تطرّقت للحديث عن ذلك قائلةً «كانت لدي مخاوفي التي لم أُفصِح عنها والتي نجمت عن تجربتي الشخصية في الجنوب، ولقد طمأنني مالكوم بأنه يعي تمامًا ما أشعر به حيال هذه التجربة»[33]، وعقب ذلك مباشرةً بدأت ساندرز تحضر كل ما كان يقدمه مالكوم إكس من دروسٍ ومحاضراتٍ في المسجد السابع بمدينة هارليم، وكان دائمًا ما يطلب الحديث معها بعد الانتهاء من الخطبة ويوجه لها العديد من الأسئلة[34] مما جعلها تتأثر كثيرًا بروحه القيادية وتفانيه في العمل . كانت دائمًا ما تراه يقدّم المساعدة لغيره مفضلاً إيّاهم على نفسه، في الوقت الذي لا يجد هو فيه من يقدم له المساعدة .[30] بدأ هو الآخر في الإلحاح عليها لتنضم للمنظمة ولبّت هي طلبه في عام 1956 م، وكبقية الأعضاء بمنظمة أمة الإسلام أبدلت ساندرز لقبها ليصبح «إكس» والذي يشير إلى عائلتها وأصولها الأفريقية والذين لم يكن لديها أدنى معلومةٍ عنهم .[34] اغتيال مالكوم إكسوفي 21 من فبراير لعام 1965 م بدأ مالكوم إكس في إلقاء خطبه ومحاضراته لجمع من منظمة الوحدة الأفروأمريكية بمسرح أودوبون – ولاية مانهاتن. وفي تلك الأثناء تناهى إلى مسامعه جلبةٌ وصخبٌ في وسط ذلك الجمع الذي كان يتألف من 400 فردا[35] ، وما إن تحرك مالكوم إكس وسط حراسه لتهدئة هذه الضجة حتى اندفع نحوه شخصٌ من وسط الجمع مُطلقًا عليه النار من مدفعه الرشاش في موضع الصدر تمامًا [36]، وعلى الفور قام شخصين آخرين بالهجوم على المنصة موجهين له 16 ضربة من المدافع اليدوية التي كانا يحملانها .[37]
ما بعد الاغتياللم يجد النوم طريقه لعيني شباز لأسابيعٍ بعد مقتل مالكوم إكس وكانت دائمًا ما تعاني من أحلامٍ مروّعةٍ وكوابيسٍ تذكرها بمقتل زوجها، علاوةً على أنها كانت تحمل على كاهلها حملاً ثقيلاً ألا وهو تدبير حالها وحال أسرتها ككل، غير أن نشر السيرة الذاتية لمالكوم إكس ساعد في حل المشكلة، إذ حصلت شباز على نصف حقوق المؤلف ،[42] والنصف الآخر كان لـ أليكس هيلي، والذي ساعد مالكوم إكس في كتابة وتخريج الكتاب . وبعد إصدار كتابه الأكثر مبيعًا «جذور: ملحمة عائلة أمريكية» تنازل هيلي عن الجزء الخاص به من حقوق النشر لشباز .[43][44]
في تلك الأثناء قامت كلاً من الفنانة والناشطة السياسية «روبي دي» و «جونيتا بواتير» (زوجة سيدني بواتير)بتشكيل لجنةٍ قاما من خلالها بتجميع الأموال اللازمة لشراء منزلٍ مناسبٍ وتوفير نفقات الدراسة لأسرة شباز .وبالفعل عقدت اللجنة عديدًا من الاجتماعات التي من خلالها جمعت ما يقرب من 17 ألف دولار ،[45][46] ومن ثَمّ تمكنت من شراء منزلٍ كبيرٍ يكفي لعائلتين بـ مونت فيرنون – نيويورك، والذي كانت تملكه بيلا أبزوج عضو الكونغرس.[47]
ذهابها للحج بمكةوبنهاية شهر مارس لعام 1965 م توجهت شباز لـمكة المكرمة لأداء فريضة الحج، وكان زوجها قد فعل الشيء نفسه قبل ذلك بعام .[48] وإحياءً لهذه التجربة كتبت شباز في عام 1992 م «حقًا لا أدري أي مكانٍ كان سيضمني اليوم إن لم أذهب للحج بمكة بعد مقتل مالكوم إكس مباشرةً، فقد دلتني هذه الزيارة على الطريق الصحيح . نعم لقد كان الذهاب لمكةَ وأداء شعائر الحج له عظيم الأثر في نفسي، إذ لفتت نظري إلى أُناس يحبونني حول العالم والذين دعوا الله لي أن ألملم شمل أسرتي وأن أعيش حياتي الطبيعية مجددًا، وبِتّ لا أسلط تفكيري على من حاولوا تشتيت عائلتي».[49]
توليها رعاية أسرتهابالنسبة لشباز، فإن تربية ستةٍ من الأطفال والإنفاق عليهم كان أمرًا منهكًا للغاية، ومن حسن حظها أن نصيبها من حقوق النشر للسيرة الذاتية لمالكوم إكس كان بمثابة دخلٍ سنويٍ لها ولأسرتها . وفي عام 1966 م قامت شباز ببيع السيرة الذاتية لمالكوم إكس للمنتج مارفين ورث لتتحول إلى عملٍ سينمائيٍ ثم حصلت على رخصةٍ لنشر خطابات مالكوم إكس، والتي كانت في حد ذاتها مصدرًا آخرًا للدخل .[51] وعند التحاق بناتها بحضانة رعاية الأطفال أصبحت شباز عضوًا فعالاً بتلك المنظمة في الوقت الذي أسهمت فيه بدور ممثل أولياء الأمور بمجلس الآباء بالمدرسة، وبعد بضعة أعوام احتلت منصب رئيس مجلس حضانة وِستشِستَر .[52]
تعليمها العاليبنهاية عام 1969 م التحقت شباز بكلية جيرسي (جامعة جيرسي الجديدة حاليًا) لإتمام شهادتها التعليمية التي لم تتمكن من إتمامها بعد مباشرة عملها كممرضة، ولم يمض عام حتى حصلت على شهادتها الجامعية، ثم واصلت المسيرة لمباشرة شهادة الماجستير في الإدارة الصحية . وفي عام 1972 م التحقت شباز بجامعة ماساتشوستس بمدينة أمهيرست بهدف تحصيل درجة الدكتوراه في الإدارة التعليمية العليا وتطوير المناهج الدراسية .
جامعة مِدجَار إيفَرزفي شهر يناير من عام 1976 م بدأت شباز العمل كمدرس مساعد في علوم الصحة - وتحديدًا في مجال التمريض - بجامعة مِدجَار إيفَرز بمدينة نيويورك، حيث كان السود والطبقة العاملة يشكلون 90 % من الطلبة، والذين كانت أعمارهم في حوالي السادسة والعشرين أو ما يقرب من ذلك . ومما شجع شباز على العمل بهذه الجامعة أن النساء السوداوات كن يشكلن السواد الأعظم من الكلية، حيث كن يشغلن نسبةً تصل إلى 75 % من بين الطلاب، ثلثين من بينهن أمهات .[57]
روحها التطوعيةفي الفترة ما بين سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، مضت شباز قُدُمًا في نشاطاتها التطوعية، ففي عام 1975 م دعاها الرئيس فورد للقيام على مجلس الذكرى المئوية الثانية للثورة الأمريكية، كما كان لها دورها في لجنةٍ استشاريةٍ لتنظيم الأسرة، والتي نظمتها الإدارة الصحية للخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة الأمريكية. بعدها في عام 1984م قامت على استضافة مؤتمر نيويورك للمجلس القومي للزنجيات بمنزلها، ثم ما لبثت شباز أن أصبحت أحد نشطاء الجمعية القومية للارتقاء بالسود والرابطة الوطنية للتخطيط العمراني .[59]
لويس فرخانلعدة سنواتٍ، باتت شباز تُضمِرُ بداخلها عداءً دفينًا تجاه منظمة أمة الإسلام، وبالأخص لويس فرخان، ذلك أنه كان يراودها شعورٌ بأنهم وراء مقتل زوجها [63]، وجاء فرخان ليثبت أن شكوكها كانت في محلها حين تباهى بمقتل مالكوم إكس في حديثٍ له قائلا ً" هل كان مالكوم خائنًا لكم أم لنا ؟ ولو أننا تعاملنا معه كما تتعامل أي منظمةٍ مع خائنٍ لها فما شأنكم أنتم بذلك ؟ ومن الطبيعي أن تحسن أي منظمةٍ التعامل مع الخونة والسفاحين والانتهازيين .[64][65]
وفاتهافي اليوم الأول من شهر يونيو لعام 1997 م قام حفيد شباز الأصغر «مالكوم» بإضرام النيران في شقتها مما أسفر عن إصابتها بحروقٍ خطيرةٍ وصلت إلى 80 % من جسدها، وظلت لثلاثة أسابيع ٍ في العناية المركزة بمركز جاكوبى الطبي بمدينة برونكس – نيويورك.[73][74] وقد خضعت شباز لخمسةٍ من عمليات زرع الجلد لتجديد خلايا الجلد التالفة، واضطر الأطباء لفعل ذلك إنقاذًا لحياتها، إلّا أنّ هذه الحروق قد أودت بحياتها، وذلك في 23 من يونيو لعام 1997 م ،[75] وحُكم على مالكوم بقضاء 18 شهرًا بسجن الأحداث بتهمة القتل الخطأ وإحراق الممتلكات .[76][77]
إحياء ذكراهافي أواخر عام 1997 م قامت المنظمة المجتمعية للعناية بالصحة، والتابعة لولاية بروكلين – مدينة نيويورك، قامت بتعديل اسم أحد عياداتها ليكون «المركز الصحي للدكتورة بيتي شباز»، وذلك تقديرًا لها .[81][82] وفي مدينة شيكاغو – ولاية إلينوي تم تأسيس مدرسة بيتي شباز الدولية المستقلة عام 1998 م، وذلك تيمنًا باسمها.[83] ثم في عام 2005 م أعلنت جامعة كولومبيا افتتاح «مركز مالكوم إكس والدكتورة بيتي شباز التعليمي التذكاري».
تقديمها في أعمالٍ سينمائيةدارت أحداث فيلم «بيتي آند كوريتا»، والذي تم إنتاجه عام 2013 م، حول حياة شباز، حيث قامت بدورها الفنانة ماري جين بلايج ،[87] كما أدّت دورها بفيلم «مالكوم إكس» الفنانة أنجلا باسيت ،[88] وذلك في عام 1992 م، ثم قامت أنجلا باسيت، للمرة الثانية، بدور شباز بفيلم «بانثر» عام 1995 م .[89]
المصادر
لم يتم العثور على روابط لمواقع التواصل الاجتماعي. في كومنز صور وملفات عن Betty Shabazz. |