احتلت ألمانيا النازية كامل أراضي بيلاروس الحديثة بحلول نهاية أغسطس من عام 1941.[5] تقدر المؤرخة الأمريكية لوسي داودوفيتش– مؤلفة كتاب «الحرب ضد اليهود»– أن نسبة 66% من اليهود الذين أقاموا في جمهورية بيلاروس الاشتراكية السوفيتية ماتوا خلال الهولوكوست، من أصل 375 ألف من يهود بيلاروس قبل الحرب العالمية الثانية وفقًا للبيانات السوفيتية؛ مقارنةً بنحو 90٪ من قتلى اليهود في البلطيق في نفس الفترة.[6]
بدأت المحرقة التي ارتكبها نظام الرايخ الثالث في أراضي بيلاروس الاشتراكية السوفيتية في صيف عام 1941، خلال عملية بارباروسا، غزو الاتحاد السوفيتي.[11][12] قُصفت مينسك واستولى الفيرماخت عليها في 28 يونيو من عام 1941.[10] من وجهة نظر هتلر، كانت عملية بارباروسا عبارة عن حرب ألمانيا ضد «البلشفية اليهودية».[13] في 3 يوليو من عام 1941، خلال «الاختيار» الأول في مينسك، سيق 2000 يهودي من المثقفين إلى إحدى الغابات وذبحوا فيها.[10] لخصت «تقارير أينزاتسغروبن» الأعمال الوحشية المرتكبة –بموجب معاهدة الحدود الألمانية السوفيتية– على جانبي حدود ما قبل الحرب بين جمهورية بيلاروس الاشتراكية السوفيتية وبولندا.[7] جعل النازيون من مينسك المركز الإداري لمفوضية الرايخ أوستلاند. اعتبارًا من 15 يوليو من عام 1941، وأُمر جميع اليهود بارتداء شارة صفراء على ملابسهم الخارجية تحت طائلة الإعدام؛ وفي 20 يوليو من ذلك العام، أنشئ حي اليهود في مينسك،[10] وأصبح في غضون عامين أكبر حي لليهود في الاتحاد السوفيتي الذي احتلته ألمانيا،[14] مع وجود أكثر من 100 ألف يهودي فيه.[10]
دعمت نسبة لا بأس بها من العرق البيلاروسي ألمانيا النازية،[15] وخاصة في سنواتها الأولى. أمل بعض القوميين من مينسك بما في ذلك الألمانوفيل إيفان يرماتشينكا في تشكيل دولة قومية بيلاروسية تحت حماية الرايخ. بحلول نهاية عام 1942، ضمت مجموعة يرماتشينكا المعروفة باسم «بي إن إس» 30 ألف عضو في عشرات المدن السوفيتية المختلفة.[16] أسست السلطات النازية «الشرطة البيلاروسية المساعدة» في صيف عام 1941.[17] كما حصل أعضاء «بي إن إس» على مناصب رفيعة المستوى في الشرطة.[16] «كتب مارتن دين عما يعرفه الألمان باسم «فرق الحراسة»، جُند المتطوعون في الشرطة المحلية في بداية الاحتلال؛ ولعب هؤلاء الرجال دورًا لا غنى عنه في عمليات القتل».[18] وفي النهاية، وصل عدد الشرطة المحلية المساعدة في الاتحاد السوفيتي الذي احتلته ألمانيا إلى 300 ألف رجل.[19]
ضُم الجزء الجنوبي من بيلاروس الحديثة إلى الإدارة العسكرية في أوكرانيا المُشكلة حديثًا آنذاك في 17 يوليو من عام 1941، بما في ذلك منطقة غومل في الشرق الأقصى لروسيا الاتحادية الاشتراكية السوفيتية،[20] وعدة مناطق أخرى؛ وأصبحوا جزءًا من «شيتومير جينرالبيزرك» (حي جيتومير العام) المتمركزة حول جيتومير. حدد الألمان هويات اليهود إما عن طريق التسجيل، أو عن طريق إصدار المراسيم. فُصل اليهود عن عامة السكان واقتصر سكنهم على الأحياء اليهودية المؤقتة بسبب فرار القيادة السوفيتية من مينسك دون أن تأمر بإخلائها؛ ولذلك، أُسر معظم السكان اليهود.[20][21] كان هناك 100 ألف سجين محتجز في الحي اليهودي في مينسك، و25 ألفًا في بابرويسك، و20 ألفًا في فيتيبسك، و12 ألفًا في موجيليف، وأكثر من عشرة آلاف في غوميل، وعشرة آلاف في سلوتسك، وثمانية آلاف في بوريسوف، وثمانية آلاف في بولوتسك.[22] في منطقة غوميل وحدها، أُنشئ 20 حي يهودي، وسُجن ما لا يقل عن 21 ألف شخص.[20]
جمع النازيون في نوفمبر من عام1941 «12ألف يهودي» في حي مينسك اليهودي لإفساح المجال لاستقبال 25 ألف يهودي أجنبي من المقرر طردهم من ألمانيا والنمسا ومحمية بوهيميا ومورافيا.[10] في صباح يوم 7 نوفمبر من عام 1941، شُكلت أول مجموعة من السجناء في أعمدة وأمروا بالمسير منشدين الأغاني الثورية؛ وأجبر الناس على الابتسام للكاميرات. في إحدى المرات، خارج مينسك، نُقل 6624 يهوديًا بواسطة شاحنات إلى قرية «توتشينكا» القريبة (توتشينكي) وأطلق أفراد من «أينزاتسغروبن إيه» النار عليهم.[23] تبعتهم المجموعة التالية التي تضم أكثر من 5 آلاف يهودي إلى توتشينكا في 20 نوفمبر من عام 1941.[24]
أبحاث ما بعد الحرب
قدرت مصادر الحقبة السوفيتية الشيوعية فقدان بيلاروس لربع سكانها الذين تواجدوا فيها قبل الحرب خلال الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك معظم النخبة الفكرية. يعتقد المؤرخون الغربيون اختلاق السكرتير العام بيوتر مشيروف خلال خطاب مؤرخ في 8 مايو من عام 1965 لدليل تلاعب اللجنة الحكومية الاستثنائية في أعداد الأسرى من غير مواطني الجمهورية من خلال تضخيم هذا العدد بشكل كبير.[25][26][27] تؤكد الرواية الرسمية التذكارية البيلاروسية على «النسخة المؤيدة لمقاومة السوفييت للغزاة الألمان».[28][29] يمنع دستور بيلاروس بموجب المادة 28 الوصول إلى المعلومات حول البيلاروسيين الذين تعاملوا وتواطئوا مع النازيين.[30] ذكر أندري كوتليارتشك وفاة 1.4 مليون شخص خلال الحرب.[26]
في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، أجرى المؤرخ والرافض السوفييتي دانييل رومانوفسكي –الذي هاجر لاحقًا إلى إسرائيل– مقابلات مع أكثر من 100 شاهد، بمن فيهم اليهود والروس والبيلاروسيين من المناطق المجاورة، إذ سجلوا قصصهم عن الهولوكوست بالرصاص.[31][32][33][34] كان من الصعب إجراء الأبحاث حول هذا الموضوع في الاتحاد السوفيتي بسبب القيود الحكومية عليها؛ ومع ذلك، خلص رومانوفسكي –بناءً على المقابلات التي أجراها– إلى نشوء الأحياء اليهودية المفتوحة في مدن بيلاروسيا نتيجة للتركيز المسبق على كل المجتمعات اليهودية في المناطق المحددة. لم تكن هناك حاجة لبناء الجدران.[31] نتج تعاون معظم غير اليهود مع الألمان بشكل جزئي عن مواقف طُورت في ظل الحكم السوفيتي؛ وهي ما يُعرف باسم ممارسة التوافق مع الدولة الشمولية؛ وتسمى أحيانا هوموسوفيتيكس (التماثل مع السوفيتية).[35][36][37]
^Doron Halutz (7 مارس 2013). "U.S. historian revives controversy in Holocaust studies". Yale professor Timothy Snyder examines the killing policy that entwined the Nazi and Soviet regimes. هاآرتس.com. مؤرشف من الأصل(Internet Archive print option) في 2015-03-17. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-17.
^Timothy Snyder (16 يوليو 2009). "Holocaust: The Ignored Reality". The New York Review of Books. مؤرشف من الأصل(Internet Archive) في 2014-01-09. اطلع عليه بتاريخ 2015-03-17.
^Eugeniusz Mironowicz. "Stosunki polsko-białoruskie pod okupacją sowiecką" [Polish-Belarusian relations under the Soviet occupation]. Przesiedlenia ludności z Białorusi do Polski i z Polski do Białorusi (بالبولندية). Bialorus.pl. Archived from the original on 2010-05-29. Retrieved 2015-03-17 – via Internet Archive.
^SMC "Khatyn" (2005). "Genocide policy". Khatyn.by. مؤرشف من الأصل في 2019-07-10. Memorial complex Khatyn built in 1969 by Central Committee of the Communist Party of Belarus is situated in Logoisk region of Minsk.
^Dawidowicz، Lucy (1986). The War Against the Jews. Bantam. ص. 403, 485. مؤرشف من الأصل في 2018-10-29 – عبر Google Books.
^Northeastern territories of Poland were attached to Belastok Voblast, Hrodna Voblast, Navahrudak Voblast (soon renamed to Baranavichy Voblast), Pinsk Voblast and Vileyka (later Maladzyechna) Voblast of Byelorussian SSR
^ ابجدهوARC (26 يونيو 2006). "Minsk Ghetto". Hilberg 2003, Gilbert 1986, Ehrenburg 1981, Arad 1987, Gutman 1990, Klee 1991, et al. Aktion Reinhard Camps. مؤرشف من الأصل في 2011-09-03 – عبر Internet Archive.
^Alexey Litvin (Алексей Літвін), Participation of the local police in the extermination of Jews (Участие местной полиции в уничтожении евреев, в акциях против партизан и местного населения.); (in) Местная вспомогательная полиция на территории Беларуси, июль 1941 — июль 1944 гг. (The auxiliary police in Belarus, July 1941 - July 1944). نسخة محفوظة 1 فبراير 2020 على موقع واي باك مشين.
^ ابجDr. Leonid Smilovitsky (سبتمبر 2005). Fran Bock (المحرر). "Ghettos in the Gomel Region: Commonalities and Unique Features, 1941-42". Letter from Ilya Goberman in Kiriat Yam (Israel), September 17, 2000. Belarus SIG, Online Newsletter No. 11/2005. مؤرشف من الأصل في 2018-09-05. Note 16: Archive of the author; Note 17: M. Dean, Collaboration in the Holocaust.
^Jewish Virtual Library. "Operational Situation Report no. 140". Activities of Einsatzgruppe A. مؤرشف من الأصل في 2016-08-07. The Chief of the Security Police and the Security Service, Berlin, December 1, 1941; OSR #140.
^ ابAndrej Kotljarchuk (2013). "World War II Memory Politics: Jewish, Polish, and Roma Minorities of Belarus"(PDF). Journal of Belarusian Studies. ج. 7 ع. 1: 10, 7–37. مؤرشف من الأصل(PDF) في 2020-01-31. On the basis of the claimed figures, a myth about 'every fourth inhabitant of the republic' who perished was created, which did not fit even the broadest mathematical calculations. The myth's author was Piotr Mašeraŭ, the leader of Soviet Belarus in the years 1965 to 1980.{{استشهاد بدورية محكمة}}: الاستشهاد بدورية محكمة يطلب |دورية محكمة= (مساعدة)
^Oleg Litskevich (2009). "Liudskie poteri Belarusi v voine". "Ničoha nie zabudziem (1943)" : Extraordinary State Commission for Ascertaining and Investigating Crimes Perpetrated by the German Fascist Invaders and their Collaborators. Bielaruskaja Dumka ع. 5 May: 92–97. The grossly inflated figure included 800,000 prisoners of war (most of whom were not citizens of the republic) and 1.4 million civilians .
^Rudling (2013). The Invisible Genocide. ص. 74, 78. مؤرشف من الأصل في 2020-01-31. Between 1941 and 1945, Belarusians in the various German collaborationist formations numbered between 50,000 and 70,000 men.{{استشهاد بكتاب}}: |عمل= تُجوهل (مساعدة)
Romanovsky، Daniel (1997)، "Soviet Jews Under Nazi Occupation in Northeastern Belarus and Western Russia"، في Gitelman، Zvi (المحرر)، Bitter Legacy: Confronting the Holocaust in the USSR، Indiana University Press، ص. 241 {{استشهاد}}: الوسيط |مسار أرشيف= بحاجة لـ |مسار= (مساعدة)