المقاومة المناهضة للسوفييت من قبل جيش المتمردين الأوكراني

 X كانت المقاومة المناهضة للسوفييت من قبل جيش المتمردين الأوكراني (المعروف اختصارًا باللغة الإنجليزية ب UPA اختصار ل Ukrainska Povstanska Armiya) حربَ عصابات شنتها التشكيلات الحزبية القومية الأوكرانية ضد الاتحاد السوفيتي في المناطق الغربية من جمهورية أوكرانيا الاشتراكية السوفيتية وفي المناطق الجنوبية الغربية من بيلاروس الاشتراكية السوفيتية أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية.

مع نجاح قوات الجيش الأحمر في الهجوم المضاد ضد ألمانيا النازية وانتقالها إلى غرب أوكرانيا في يوليو 1944، قاوم جيش المتمردين الأوكراني تقدم الجيش الأحمر من خلال إشعال حرب عصابات واسعة النطاق، وتمكن من احتجاز 200 ألف جندي سوفيتي لاسيما في المناطق الريفية. كان أفراد جيش المتمردين الأوكراني يزودون الشرطة الأمنية الألمانية بالمعلومات الاستخباراتية.

كان مقتل الجنرال السوفيتي رفيع المستوى، نيكولاي فيودوروفيتش فاتوتين، أحد أهم الانتصارات الرئيسية لجيش المتمردين الأوكراني ضد الاتحاد السوفيتي.

وفقًا للوثائق السوفيتية أثناء الصراع، قُتل ما يقرب مجموعه من 153 ألف شخص، واعتُقل 134 ألف شخص، ورُحّل 203 ألف آخرين من قبل السلطات السوفيتية، معظمهم في عامي 1944-1945. بالمقابل، قتل جيش المتمردين الأوكراني (في السنوات بين 1944-1953) 30676 شخصًا، بينهم 8340 جندي.

خلفية

تنظيم القوميين الأوكرانيين

تأسس تنظيم القوميين الأوكرانيين (OUN) في عام 1929 على يد القوميين الراديكاليين، وكان للفاشيين، الذين سعوا لإقامة دولة استبدادية مستقلة مطهرة ومتجانسة عرقيًا، دور في تأسيس التنظيم، مع حظر جميع الأحزاب السياسية الأخرى. قبل الحرب العالمية الثانية، كان تنظيم القوميين الأوكرانيين المتطرف أصغر حجمًا وأقل تأثيرًا في أوساط الأقلية الأوكرانية في بولندا مقارنة مع التحالف الوطني الديموقراطي الأوكراني (UNDO) المعتدل. تعاون تنظيم القوميين الأوكرانيين، الذي يحاكي الجهاز التنظيمي النازي، بشكل وثيق مع الدول والحركات الفاشية الأخرى في ألمانيا على وجه التحديد، وأيضًا في إيطاليا واليابان ورومانيا وإسبانيا، وكان العديد من العملاء التابعين للتنظيم من النازيين. تشكل تنظيم القوميين الأوكرانيين تحت تأثير مجموعة من المنظرين السياسيين من أمثال ديمترو دونتشوف المشهور بتعصبه القومي والذي تميز بأفكاره الشمولية والمعادية للسامية، وميكولا ستسيبورسكي وييفين أوناتسكي، كما تأثر التنظيم بالفاشية الإيطالية وبالنازية الألمانية. قبل الحرب، اعتبر تنظيم القوميين الأوكرانيين الجمهورية البولندية الثانية هدفًا مباشرًا له، لكنه حتى ذلك الحين، كان يعتبر الاتحاد السوفييتي عدوه الأول وأكبر مضطهدي الشعب الأوكراني، مع أنه لم يكن فاعلًا على الأراضي التي يعمل بها التنظيم. حتى قبل الحرب، ومتأثرًا بالنجاحات الفاشية، اتخذ التنظيم موقفًا راديكاليًا، واتخذ من ألمانيا النازية حليفًا رئيسيًا له في كفاحه لتحقيق الاستقلال.

منذ نشأته، واجه تنظيم القوميين الأوكرانيين انقسامًا حادًا بين مجموعتي «الشباب» و«كبار السن». نشأت مجموعة النشطاء الأكبر سنًا حوالي عام 1890، وشارك أعضاؤها بالقتال في الحرب العالمية الأولى، ومن بعدها في الحرب من أجل استقلال أوكرانيا، وكانوا نشطين أيضًا في المنظمة العسكرية الأوكرانية (UVO). بالمقابل، وُلد النشطاء الأصغر سنًا في فترة لاحقة، وترعرعوا في بولندا المستقلة (الجمهورية البولندية الثانية). كان النشطاء الشباب أكثر توجهًا للراديكالية، ودعوا لاستخدام الإرهاب في النضال السياسي، لكنهم اشتركوا مع مجموعة كبار السن بالأفكار الراديكالية الوطنية وبالدعوة لإقامة نظام شمولي. في رسالة لوزير الخارجية الألماني، يواكيم فون ريبنتروب في 2 مايو 1938، ادعى زعيم مجموعة «كبار السن»، أندريه ميلنيك، أن أيدولوجية تنظيم القوميين الأوكرانيين كانت شبيهة بأيدولوجية حركات مماثلة في أوروبا، ولاسيما الاشتراكية القومية في ألمانيا والفاشية في إيطاليا.

لم تتلقَ أساليب تنظيم القوميين الأوكرانيين الإرهابية وافتتانه بالفاشية ورفضه للديموقراطية البرلمانية وعمله ضد بولندا نيابة عن ألمانيا الدعم من أوساط المنظمات الأوكرانية الأخرى، وخاصة من النشطاء السابقين في جمهورية أوكرانيا الشعبية (المعروفين بلقب أتباع بتليورا). خلال الحرب، ومع اقتراب هزيمة ألمانيا النازية، عمل تنظيم القوميين الأوكرانيين، على الأقل في بياناته الرسمية، على تغيير صورته السياسية، وابتعد عن الرمزية الفاشية والاستبدادية، ومال نحو تبني الشعارات الديموقراطية. بدأ إنكار تنظيم القوميين الأوكرانيين لدوره في الهولوكوست في عام 1943، بعد أن أصبحت خسارة ألمانيا في الحرب أمرًا محسومًا. استمرت محاولات طمس الحقائق لفترة ما بعد الحرب حين بدأ التنظيم بالترويج لنفسه على أنه «حركة مقاومة أوكرانية بطولية ضد النازيين والشيوعيين».

اندلاع الحرب

قُسمت الأراضي الأوكرانية قبل عام 1939، بين بولندا والاتحاد السوفيتي ورومانيا وتشيكوسلوفاكيا. غزا الألمان بولندا في 1 سبتمبر 1939، وتلا ذلك الغزو السوفيتي في 17 سبتمبر، عندما استولى السوفييت على المقاطعات الشرقية للجمهورية البولندية الثانية. دُمجت الأراضي البولندية التي ضمها الاتحاد السوفيتي (فولينيا وشرق غاليسيا) في الجمهورية الاشتراكية السوفيتية الأوكرانية في 1 نوفمبر 1939.

بداية، قوبل الاحتلال السوفيتي لشرق بولندا بدعم محدود من السكان ذوي الأصول الأوكرانية. وُجه القمع بشكل أساسي ضد المواطنين من أصل بولندي، وشاعت عملية أوكرنة التعليم، وإصلاح الأراضي، وغيرها من التغييرات بين الأوكرانيين. استمر هذا الوضع حتى منتصف عام 1940، عندما وصلت عمليات القمع وتطبيق سياسة التنظيم الجماعي في الاتحاد السوفييتي للسكان الأوكرانيين. اعتُقل حوالي 2779 أوكرانيًا في عام 1939، وحوالي 15024 في عام 1940، و5500 تقريبًا في عام 1941، واستمر ذلك حتى الغزو الألماني للاتحاد السوفييتي.

كان وضع الأوكرانيين الأصليين في ظل الاحتلال الألماني أفضل بكثير. عاش حوالي 550,000 أوكراني في ظل الحكومة العامة في الجزء الذي احتلته ألمانيا من بولندا، وفُّضلوا عن البولنديين. هرب حوالي 20 ألف ناشط أوكراني من الاحتلال السوفيتي إلى وارسو أو كراكوف. استضافت ألمانيا النازية قادة تنظيم القوميين الأوكرانيين في أواخر عام 1939، في مدينة كراكوف، عاصمة الحكومة العامة وقدمت دعمًا ماليًا للتنظيم. ترأس الممثل القانوني للمجتمع الأوكراني في المنطقة النازية، فولوديمير كوبيوفيتش، مقر اللجنة المركزية الأوكرانية في كراكوف.

تأسيس تنظيم القوميين الأوكرانيين بي OUN-B والمذابح والانتفاضة ضد السوفييت

في 10 فبراير 1940، تأسس فصيل ثوري ضمن تنظيم القوميين الأوكرانيين في كراكوف، وًاطلق عليه اسم OUN-R أو (البانديريون) بعد تولي ستيبان بانديرا زعامة الفصيل. عارضت قيادة التنظيم آنذاك إقامة هذا الفصيل، فانقسمت، وأُطلق على المجموعة القديمة اسم OUN-M نسبة للزعيم أندريه ميلنيك (الميلنيكيون). سيطر الميلنيكيون على المهاجرين الأوكرانيين وعلى منطقة بوكوفينا، إلا أن البانديريون تفوقوا بشكل حاسم في أوكرانيا ذاتها (60% من شبكة الوكلاء في فولينيا و80% في شرق غاليسيا).

كان تنظيم القوميين الأوكرانيين بي OUN-B أكثر راديكالية، وفي عام 1940 بدأ استعداداته لبدء انتفاضة ضد السوفييت. أخّر القمع السوفييتي هذه الخطط، ولم تحصل المعارك الخطرة إلا بعد الغزو الألماني للاتحاد السوفيتي في يوليو 1941. امتلك تنظيم البانديريون حوالي 20 ألف رجل في 3300 موقع في غرب أوكرانيا وفقًا لتقارير التنظيم. شُكلت أيضًا كتائب ناشتيغال ورولاند الأوكرانية تحت قيادة ألمانية وكان عددهم حوالي 800 رجل. أُسست مفوضية الشعب للشؤون الداخلية من أجل تصفية الحركة السرية الأوكرانية، واعتُقل 4435 عضوًا بين أكتوبر 1939 وديسمبر 1940، وفقًا للتقارير السوفييتية. جرت محاكمات علنية ونُفذت أحكام بالإعدام. رُحّلت 3073 عائلة (11329 شخصًا) من أعضاء الحركة السرية البولندية والأوكرانية من شرق غاليسيا وفولينيا في النصف الأول من عام 1941. أجبر القمع السوفيتي حوالي الألف من أعضاء الحركة السرية الأوكرانية على تنفيذ أنشطة حزبية حتى قبل الغزو الألماني.

مراجع