يشير مصطلح العلاقات المدنية العسكرية إلى طبيعة العلاقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع المدني، والعلاقة بين المؤسسة العسكرية والدواوين والمؤسسات الحكومية الأخرى، وكذلك العلاقة بين القادة بالمؤسسة العسكرية.[1] تتضمن العلاقات المدنية العسكرية تنوعًا في المجال، الذي كثيرًا ما يكون معياريًا، إذ يمتد عملها داخل وعبر تخصصاتٍ كالإدارة، والعلوم الاجتماعية، والمقاييس السياسية.[2] وعلى نطاقٍ أضيق، يشير المصطلح إلى العلاقة بين السلطة المدنية لمجتمع ما مع السلطة العسكرية لذاك المجتمع. «إن هدف أي دولةٍ يكمن في تسخير القوة المهنية العسكرية لخدمة المصالح الحيوية للأمن القومي، مع حماية رفاهية شعبها من أن تُهدد من جراء الاستخدام الخاطئ لتلك القوة».[3]
غالبًا ما ترتكز الدراسات في مجال العلاقات المدنية العسكرية على افتراض معياريٍ مفاده أنه من الأفضل أن تكون المسؤولية النهائية في صنع القرار الاستراتيجي للدولة في أيدي القيادة السياسية المدنية للبلاد، بما يعطي القيادة المدنية زمام أمور نظيرتها العسكرية، بدلًا من إدارة القيادة العسكرية للبلاد، الذي قد يؤول إلى ديكتاتورية عسكرية.
تهنالك مفارقة تشوب النظرية التقليدية للعلاقات المدنية العسكرية؛ وهي أن المؤسسة العسكرية المصممة لحماية النظام السياسي، يجب أن تكون قويةً كفايةً لتهديد الكيان الذي تخدمه، إذ يشكل انقلابٌ عسكريٌ للاستحواذ على السلطة أسوأ مثالٍ للسيناريو الذي قد ينتجه هكذا وضع. في نهاية المطاف، يجب على العسكر قبول حقيقة أن السلطة المدنية «لها الحق في أن لا تكون على حق».[4] بعبارةٍ أخرى، فإن مسؤوليتهم بصفتهم عسكريين تشمل تطبيق توجيهات سياسية قد لا يتفقون معها في الرأي. إن السيادة المدنية على الجيش مسألة شائكة، ويمكن أن يكون الصواب أو الخطأ في سياسةٍ ما أو قرارٍ ما غامضًا. قد يكون لصناع القرار المدنيين الحصانة ضد التقويم والمعلومات التصحيحية. في الممارسة العملية، فإنه من الواجب إنجاح العلاقة بين السلطات المدنية والقادة العسكريين.[5]
ورغم ما سبق، فإن المشكلة الرئيسة التي يعالجها المجال تعد تجريبية، بمعنى أنه لا توجد أطر محددة لمعالجتها، وكذلك في إعطاء شرح لآلية تمكين قبضة القيادات المدنية على الجيش، سواء من ناحية تأسيس التمكين أو إدامته.[6][7] وبمعنى أوسع، فإنها تدرس المواقف التي يتقاطع أو يتفاعل بها المجتمعان المدني والعسكري، وهو محور دراسة يتضمن موضوعات، مثل: (دمج المحاربين القدامى في المجتمع، والأساليب المستخدمة لتجنيد عناصر الجيش والإبقاء عليهم، وعدالة الأنظمة المتبعة لتحقيق ذلك وفعاليتها، وشؤون دمج الأقلياتوالنساءوالمثليين في السلك العسكري، وسلوك وعواقب تجنيد المتعاقدين الخاصين، ودَور العامل الثقافي في المنظمات العسكرية، والسلوك الانتخابي للجنود والمحاربين القدامى، ونقاط الضعف والثغرات في الامتيازات الممنوحة في السياسة العامة بين المدنيين والعسكريين).[8]
على الرغم من أن مجال دراسة العلاقات المدنية العسكرية لا يعد مجالًا أكاديميًا مستقلًا بذاته، فإنه يضم علماء ومختصين ممارسين من مجالات وتخصصات عدة.[9] مبتعدًا في المجال عن تخصصي العلوم السياسية وعلم الاجتماع، تتوسع وتمتد دراسة العلاقات المدنية العسكرية لمجالات ثانوية متنوعة كالقانون، والفلسفة، ودراسات المناطق، وعلم النفس، والدراسات الثقافية، وعلم الإنسان (الأنثروبولوجيا)، والاقتصاد، والتاريخ، والتاريخ الدبلوماسي، والصحافة، والعلوم والدراسات العسكرية، وغيرها. يتضمن المجال دراسة ومناقشة طيف متنوع من القضايا، متضمنةً، مثلًا: (السيطرة المدنية على الجيش، الكفاءة المهنية للعسكريين، والحرب، والعمليات المدنية العسكرية، والمؤسسات العسكرية، وغيرها من الموضوعات ذات الصلة). على نطاق دولي، تغطي العلاقات المدنية العسكرية الدولية مناقشات وبحوث بمشاركة من جميع أنحاء العالم، إذ يمكن أن تشمل المناقشات النظرية أقطابًا وكيانات غير حكومية فاعلة، إضافةً إلى الدول القومية الأكثر تقليدية.[10][11] تتضمن البحوث الأخرى التشخيص والدراسة التفصيلية للمواقف السياسية للجيش وسلوكه الانتخابي، [12][13][14] والتأثير المحتمل لتلك التفاعلات في المجتمع الديمقراطي وعلى عائلات العسكريين كذلك.[15][16][17][18][19][20]
^Shields, Patricia, (2015) "Civil Military Relations" in Encyclopedia of Public Administration and Public Policy, Third edition Taylor and Francis DOI: 10.1081/E-EPAP3-120052814
^Pion-Berlin D., Dudley D. (2020) Civil-Military Relations: What Is the State of the Field. In: Sookermany A. (eds) Handbook of Military Sciences. p. 1. Springer, Cham دُوِي:10.1007/978-3-030-02866-4_37-1
^Peter D. Feaver. 2003. Armed Servants: Agency, Oversight, and Civil-Military Relations. Cambridge: Harvard University Press
^Herspring, Dale. 2005. The Pentagon and the Presidency: Civil-Military Relations from FDR to George W. Bush (Lawrence, KS: University Press of Kansas) (ردمك 0700613552)
^Donald S. Inbody. 2008. "Partisanship and the Military." in Inside Defense: Understanding the U.S. Military in the 21st Century. Derek S. Reveron and Judith Hicks Stiehm[لغات أخرى] (eds). New York: Palgrave-Macmillan.
^Peter D. Feaver and Richard H. Kohn, (Eds.) 2001. Soldiers and Civilians: The Civil-Military Gap and American National Security. Cambridge: MIT Press.
^Brian J. Reed and David R. Segal. 2000. "The Impact of Multiple Deployments on Soldiers' Peacekeeping Attitudes, Morale, and Retention." Armed Forces & Society. 27(1): 57–78. نسخة محفوظة 2006-10-17 على موقع واي باك مشين.
^Richard T. Cooney, Jr., Mady Wechsler Segal, David R. Segal and William W. Falk. 2003. "Racial Differences in the Impact of Military Service on the Socioeconomic Status of Women Veterans." Armed Forces & Society. 30(1): 53.85. نسخة محفوظة 2009-03-31 على موقع واي باك مشين.